ربما سوف تجد أجهزة الشرطة والأمن صعوبة في وضع حدٍّ للنشاطات الجرمية في عالم «ديب فيرس» (الميتافيرس العميق)؛ إذ ومع اكتمال تكوّن «الميتافيرس» في السنوات المقبلة، سيبدأ الكثير من المشاكل التي تطال العالم السيبراني حالياً في الانتشار على الفضاء الافتراضي أيضاً.
ومصطلح ميتافيرس هو كلمة تتكون من شقين الأول «meta» (بمعنى ما وراء، أو الأكثر وصفاً) والثاني “Verse” (مُصَاغ من «Universe») وتفيد (ما وراء العالم). وقد كان أول استخدام لهذا المصطلح في رواية الخيال العلمي تحطم الثلج (Snow Crash) عام 1992 التي كتبها نيل ستيفنسون، حيث يتفاعل البشر كشخصيات خيالية (بالإنجليزية: avatar) مع بعضهم البعض ومع برمجيات، في فضاء افتراضي ثلاثي الأبعاد مشابه للعالم الحقيقي، وقد تم تطوير استخدام المصطلح مع الزمن وقد كانت استخداماتها الأولى في منصات العالم افتراضي كمنصة سكند لايف، بدأ المؤلفون في دي سي كومكس في استخدام مصطلح «ميتافيرس» اعتبارًا من عام 2019 للإشارة إلى نسخة مركزية من الواقع تؤثر على الإصدارات الأخرى في الخطوط الزمنية البديلة. وقد استغل هذاالمصطلح لأغراض تطوير وتضخيم العلاقات العامة لمختلف التقنيات والمشاريع من نفس النوع. نظرًا لأن العديد من الألعاب الجماعية عبر الإنترنت تشترك في الميزات مع الميتافيرس ولكنها توفر الوصول فقط إلى الحالات غير الدائمة، التي يشاركها ما يصل إلى عشرات اللاعبين، فقد تم استخدام مفهوم الألعاب الافتراضية متعددة الأكوان لتمييزها عن الميتافيرس. يستخدم المصطلح عادةً لوصف مفهوم الإصدارات المستقبلية المفترضة للإنترنت، المكون من محاكاة ثلاثية الأبعاد لا مركزية ومتصلة بشكل دائم. هذه العوالم الإفتراضية يمكن الولوج إليها والوصول لها عبر نظارات الواقع الافتراضي أو الواقع المعزز والجوالات والحواسب المكتبية ومنصات الألعاب.
خلال مؤتمر «آر أس إي 2023» الذي أقيم في 26 أبريل (نيسان) الماضي في سان فرانسيسكو، اعتبر باحثان من شركة «ترند ميكرو»، أنّ نشوء «دارك فيرس» جديد واحد من أكبر هذه التهديدات، حيث يستطيع المجرمون التحرّك بحصانة وخطورة أكبر مما هم عليه حالياً في شبكة الإنترنت المظلمة. وتنعقد خلال هذا المؤتمر سلسلة من الندوات حول أمن تكنولوجيا المعلومات، يحضرها نحو 45 ألف شخص سنوياً.
«ميتافيرس» إجرامي
«الميتافيرس» هو مصطلح مستخدم بشكلٍ فضفاض لوصف فضاء افتراضي يتفاعل الناس فيه مع الآخرين، أفراداً ومنظّمات، في نسخة صنعها الكومبيوتر من العالم الحقيقي. فمثلما تتيح الألعاب الإلكترونية المتعدّدة اللاعبين للأفراد ابتكار شخصياتهم الافتراضية الخاصة والتفاعل مع لاعبين آخرين في عوالم خيالية، سيتيح «الميتافيرس» المكتمل لمستخدميه التبضّع، والعمل، والتخالط الاجتماعي، بالإضافة إلى نشاطات أخرى كثيرة في نسخة افتراضية من العالم الحقيقي.
وحذّر الباحثون من أنّ هذه الظاهرة نفسها ستحصل في أقبية عالم الجريمة السيبرانية، وشرحوا أنّه كما تتواجد الشبكة المظلمة على عمقٍ غير مرصود في شبكة الإنترنت العميقة، سيعمل «دارك فيرس darkverse» (عالم مظلم) في «ديب فيرس deepverse» (عالم عميق) غير قابلٍ للرصد إلى درجة ستعجز أجهزة إنفاذ القانون عن اختراقه، لافتين إلى أنّ «هذا الفضاء سيوفّر جنّة آمنة للفضاءات الجرمية، والمساحات المتطرّفة، وصانعي المحتوى الإباحي عن الأطفال، والمتحرّشين».
شارك نعمان هوك وفيليب لين، باحثان متخصصان في التهديدات السيبرانية من «ترند ميكرو»، في أعداد تقرير العام الماضي عن نشوء وتطوّر مخاطر الأمن والخصوصية في «الميتافيرس» مع ازدياد مستخدميه. وتحدث الباحثان عن تهديدات كثيرة في التقرير، وأبرزها تعاظم بعض المشاكل القائمة كالهندسة الاجتماعية، والاحتيال المالي، ومخاطر الخصوصية، بالإضافة إلى أخرى جديدة كالمخاطر المرتبطة بالرموز غير القابلة للاستبدال، والتهديدات التي تطال العالمين الحقيقي والسيبراني في وقتٍ واحد، وغيرها الكثير.
«دارك فيرس» متين
وفي مقابلة مع موقع «دارك ريدينغ»، قال الباحثان إنّ التهديدات قريبة جدّاً من التحقّق. من جهته، حذّر لين من أنّ «المعنيين بالمجال المظلم بدأوا بمناقشة كيفية الاستفادة من (الميتافيرس)، وأنّ الكيانات الإلكترونية قد تخسر الكثير في المستقبل إذا قرّرت تجاهل التهديدات وعدم الاستثمار في محاولة القضاء عليها قريباً».
قد لا تشير «ميتافيرس» بالمعنى الأوسع إلى العوالم الافتراضية فحسب، بل الى الانترنيت ككل، بما في ذلك النطاق الكامل للواقع المعزز .
هناك العدد من التطبيقات الفعلية المحتملة للميتافيرس، فحين الوصول إلى ميتافيرس مثالي سيكون بمقدور المستخدم أن يخوض أي تجربة أو نشاط وسيكون بمقدوره التعامل مع أي أمر يحتاجه من مكان واحد، إذ أن الميتافيرس عند وصولها الحالة المثالية الكاملة يمكن تطبيقها على أي شيء
تصف شركة «ترند ميكرو» «الميتافيرس» بأنّه «بيئة غامرة وتفاعلية متعدّدة السحب، والباعة، يستطيع المستخدمون الوصول إليها عبر أنواعٍ مختلفة من الأجهزة المتصلة». سيستخدم «الميتافيرس» تقنيتي «ويب 2.0» و«ويب 3.0» لتأمين طبقة تفاعلية إضافية إلى الإنترنت الحالي. وتضيف الشركة أنّ «(الميتافيرس) هو منصّة مفتوحة للعمل واللعب داخل بيئة واقع ممتدّ، فضلاً عن أنّه سيمثّل طبقة اتصالات لأجهزة المدن الذكية».
أمّا «دارك فيرس»، فهو فضاء مظلم سيتواجد داخل هذا العالم، كالشبكة المظلمة القائمة اليوم، لتأمين مساحة آمنة لحرية التعبير، ولكنّه سيكون أيضاً مكاناً للأنشطة غير القانونية والجرمية مع أسواقٍ تقدّم خدماتها لجمهور واسع.
يرى لين أنّ ما سيجعل «دارك فيرس» مكاناً شديد الخطورة هو الصعوبة التي ستواجهها أجهزة إنفاذ القانون في محاولتها اختراق النشاطات الجرمية التي ستحصل فيه. وتوقّع الأخير أن يستخدم المجرمون رموزاً للمصادقة لضبط الوصول إلى مساحاتهم على «الميتافيرس»، وسيتمكّنون من منع الآخرين من الوصول إلى هذه الرموز وذلك من خلال الطلب إلى المستخدمين الدخول إلى مواقع محدّدة في العالم الحقيقي في إطار زمني معيّن للحصول على الرمز.
قد يسعى المجرمون أيضاً إلى تطبيق ضوابط تعتمد على الموقع والمسافة الفاصلة بينهم وبين المستخدم للسماح بالوصول إلى مساحات «الميتافيرس». ويشرح هوك، أنّ هذا النوع من الوسائل قد يصعّب على أجهزة إنفاذ القانون القضاء على هذه النشاطات؛ لأنّه لا يشبه إقفال الخوادم وحجب محدد موقع الموارد المُوحّد.
الميتافيرس والسياسة
شفقنا-اُستخدم مصطلح الميتافيرس أول مرة في رواية الخيال العلمي التي حملت عنوان “تحطم الثلج” عام 1992 لكاتبها نيل ستيفنسون، هذه الرواية تظهر شخصية كانت طيلة النهار شخصية عادية أما في الليل كانت تتحول إلى هاكرز قوي في العالم الافتراضي. اليوم لم تعد فكرة فضاء انترنت دائم ومن دون توقف وثلاثي الأبعاد وشامل يمكن للأشخاص التعامل معا وان يصنعوا الأشياء ويقوموا بشرائها وبيعها، لم تعد مجرد موضوع للقصص الخيالية، فقد يقضي الأجيال القادمة زمنا أطول وقد يقضون نصف عمرهم في العالم المجازي، وعبر هذا العالم يقومون بمواصلة الدراسة والعمل وقضاء الأوقات الممتعة، هذا يعني بأنه كلما تمر الأيام تقل معها الحدود الأرضية وان العالم المجازي بمختلف أشكاله داخل عالمنا الحقيقي يشكل معتقدات وسلوكيات الجيل القادم، فإذا كان التركيز منصب اليوم على كيفية تأثير الجغرافيا السياسية على الميتافيرس ففي المستقبل يجب ان نفكر كيف يترك الميتافيرس تأثيره على الجغرافيا السياسية.
فبينما لا يتمتع مفهوم الميتافيرس بعد بالتماسك الكافي، هناك اجماع بان مجموعة من التقنيات ومنها الواقع المجازي والمعزز والعمليات المشفرة والتبادل غير المركزي تشكل أسس عالم رقمي شامل، يعد بإمكان الناس التفاعل وتبادل التجارب المشتركة مع بعضهم البعض، وكذلك القيام بشراء أموال رقمية وبيعها، ان الميتافيرس هي رؤية لكيفية عمل الجيل القادم للشبكة العنكبوتية والخطوة القادمة في تكامل الإنترنت من العالم المجازي ثنائي الأبعاد إلى ثلاثي الأبعاد بتجربة شاملة في العالم الحقيقي، وبشكل عام تمنح للمستخدم في هذا المجال هوية رقمية تمكنهم من الوصول إلى نظام رقمي موحد وهذه البيئة تمتلك عملتها والأموال الخاصة بها.
أخيرا، بمجرد بناء الميتافيرس الكامل، يجب التحكم فيه؛ ويجب الحفاظ على ترتيبه وشرح القواعد حول كل الأشياء التي يمكن أن تحدث، بالإضافة إلى آليات حل النزاعات بين الناس. ومن المتوقع أنه في المستقبل القريب ومع انتشار الميتافيرس، ستدخل الحكومات رغما عنها الساحة وتغطي كل شيء من الأنشطة الاقتصادية إلى السلوك الإجرامي أو الشؤون السياسية وذلك من خلال إنشاء أطر معينة فيها. بالطبع، وفقا لبعض الخبراء، فإن عصر “دبلوماسية الميتافيرس” على وشك أن يبدأ، وسرعان ما تطبق الحكومات الدبلوماسية وتبني علاقات في عالم الميتافيرس. في النصف الثاني من عام 2021، أصبحت بربادوس أول دولة تنشئ سفارة في منطقة ديسينترالاند ميتافيرس. يمكن لمثل هذا الإجراء أن يدفع الحكومات الأخرى قريبا إلى استخدامه لتقليل التكاليف، أو تسهيل الاتصال أو أغراض ومصالح أخرى.
4 ابتكارات حديثة لعالم «ميتافيرس»
حصلت «ميتا» («فيسبوك» سابقاً) أخيراً، على براءات اختراع جديدة قد تجعل العالم الافتراضي حقيقياً بشكلٍ لا يُصدَّق. وحقَّقت شركة «ميتا» نجاحاً باهراً في الفترة الأخيرة، بحصولها على عددٍ كبيرٍ من براءات الاختراع التي ستتيح لها تحقيق رؤيتها لعالم «الميتافيرس».
براءات اختراع
كشف تقرير حديث لموقع «إنسايدر»، أن الشركة حصلت في الأشهر الأربعة الأخيرة على مئات براءات الاختراع التي تهدف إلى تعزيز واقعية عالمها الافتراضي التفاعلي الذي تخطط له. تتيح التقنيات الجديدة للشخصية الافتراضية التي تجسِّد مستخدم «الميتافيرس» رفع ووضع الأشياء مثلاً، أو ارتداء ملابس يبدو عليها التجعيد أثناء الحركة. ويلفت الموقع إلى أنه لا توجد ضمانات لتطوير الشركة لهذه المنتجات الجديدة، ولكنها تشكل دون شك إشارة واضحة إلى استراتيجيتها.
وكان الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ، قد قال سابقاً إن العالم الافتراضي الجديد سيتحوَّل إلى وضعٍ شائع ومألوف، خلال من 5 إلى 10 سنوات.
في المقابل، أكد خبراء لـ«إنسايدر» أن التحديات التي تواجه العالمين الافتراضي والمعزَّز كثيرة، وأبرزها أجهزة الرأس غير المريحة، وقلَّة الأشياء التي يمكن للمستخدم أن يقوم بها حقاً في العالم الافتراضي، فضلاً عن أن التقنية التي يحتاجها لا تتقدم بالسرعة المطلوبة. ولكن «ميتا» –التي طالما كانت من أبرز داعمي الواقع الافتراضي– تبدو مصممة رغم المخاوف الكثيرة التي يثيرها مشروعها لناحية الخصوصية.
وكان زوكربيرغ قد قال في مؤتمر «كونكت 2021» الذي يركِّز على الواقعين الافتراضي والمعزز في أكتوبر (تشرين الأول) الفائت: «هذا هو المستقبل الذي أريده، وسأدفع باتجاه تحقيقه».
1- رمي الأشياء واستخدام «اللابتوب» أثناء الوجود في «الميتافيرس»: تظهر براءات اختراع عدَّة أن الشركة تريد أن يصبح الناس قادرين على التفاعل مع الأشياء بواقعية في «الميتافيرس»، الأمر الذي قد يحصل في الوقت الحقيقي. ويبدو أيضاً أن «ميتا» تريد تسهيل رمي الأشياء وتلمُّسها على المستخدمين، وبالتالي السماح لهم بالتفاعل مع الأشياء الموجودة في «الميتافيرس» عبر ميزة «الرمي المدعوم بالإيماءة والتلاعب بالمحتوى الافتراضي».
وتتيح تقنيات أخرى حائزة على براءة اختراع للمستخدمين، نقل شيء من العالم الحقيقي إلى «الميتافيرس». تخيَّلوا مثلاً إجراء اتصال عبر تطبيق «زوم» بواسطة اللابتوب في العالم الحقيقي، والبقاء في الوقت نفسه في العالم الافتراضي مع زملائكم.
2- الشخصية الافتراضية تشبه صاحبها الحقيقي: تعود واحدة من براءات الاختراع إلى تقنية «إنتاج ملابس دقيقة وواقعية» تتجعَّد مع حركة الشخصيات الافتراضية، بمساعدة أجهزة استشعار ترصد حركة الجسد. صُممت تقنية أخرى، حائزة أيضاً على براءة اختراع، لصناعة «شخصية افتراضية شبيهة ومخصصة»، ما يرجِّح أن الشخصيات الافتراضية في «الميتافيرس» ستشبه أصحابها في العالم الحقيقي إلى حدٍّ بعيد.
مشاركة الحفلات والبيانات
3- مشاركة الآراء ووجهات النظر: تركِّز إحدى براءات الاختراع على ما يُسمَّى «صور المُشاهد» وقد تتيح للمستخدم دعوة أحدهم لتبادل الآراء حول موضوع محدَّد، كحفلة مثلاً، ولو لم يكن حاضراً شخصياً. وذهبت إحدى براءات الاختراع أيضاً لتقنية «توجيه بؤبؤ العين» التي تتابع حركات العين وتستخدمها لتحريك المستخدم في العالم الافتراضي، وتشغيل «محفَّزات الإشعار» –أي الإشعارات التي يمكنكم التخلُّص منها بالنظر إليها- ما يعني أن العينين ستتمتعان بكثير من القوة في «الميتافيرس».
4- مشاركة مزيد من البيانات: يشير المقال المنشور في موقع «إنسايدر» إلى أن الدخول إلى «الميتافيرس»، قد يتطلَّب من المستخدم مشاركة مزيد من البيانات الشخصية، وأكثر من التي يشاركها حالياً. صُممت براءات الاختراع الأخيرة لتعقُّب كلَّ شيء من العينين إلى حركات الجسم؛ أي أن «ميتا» ستصبح قادرة على الوصول إلى جميع هذه البيانات. في المقابل، يلفت المقال إلى أن أياً من براءات الاختراع الصادرة لم تلحظ سلامة أو خصوصية المستخدم.
* «مانسويتو فنشرز»
– خدمات «تريبيون ميديا»
تنافس القوى العظمى
ومع ذلك، فإن المنافسة بين القوى العظمى -كما رأينا بالفعل في التكنولوجيا بين الولايات المتحدة والصين -من المرجح أن تمتد إلى الميتافيرس. في الوضع الحالي، أصبحت الصين، التي كانت من الرواد في بناء وتطوير شبكة الإنترنت من الجيل الخامس، الآن المطور الأول لشبكة الجيل السادس، وهذه القضية يمكن أن تغير اللعبة في المستقبل لصالح هذه الدولة. وفقا للخبراء في هذا المجال، طالما أننا لا نستطيع الوصول إلى شبكات الجيل السادس، فلن نتمكن من تطوير الميتافيرس على نطاق واسع جدا؛ حاليا، نظرا لضعف المعدات الصلبة، فإن التفاعلات في الميتافيرس تقتصر على بضعة آلاف من الناس.
بطبيعة الحال، فإن التقدم أو التخلف في فضاء تفاعلي مؤثر بشدة على جيل المستقبل، يعتبر تهديدا وفرصة للحكومات من وجهة نظر المصالح الوطنية والأمن القومي. ففي الماضي، رأينا نماذج على مثل هذه المنافسة في الولايات المتحدة التي تحظر التطبيقات الصينية الصنع مثل تيك توك. بالإضافة إلى ذلك، تحظر بكين أيضا أي تحرك للسماح للاقتصاديات اللامركزية القائمة على بلوكتشين بالعمل داخل الصين إذا ما كانت خارجة عن سيطرتها.
مستقبل الميتافيرس
وغني عن القول، وعلى عكس ما تُعرف به شركات مثل “ميتا” (فيسبوك سابقا) أو حتى الشركات الموجودة في الصين مثل “علي بابا” كونها رائدة في هذا المجال، تحتاج الميتافيرس حرفيا إلى مساحة لا مركزية. تعني المساحة اللامركزية التي تعتمد على بلوكتشين، أن هذا الفضاء لا يعتمد على أي مؤسسة أو حكومة أو شخص معين، ولا يمتلكه أي شخص ويديره مستخدموه. في حين أن معظم الشبكات الرئيسية الحالية تقع في أيدي الحكومات ومالكي وسائل الإعلام والسلطة وتراقبها وفقا لقوانينها وإرشاداتها (على سبيل المثال، قانون إزالة المنشورات المؤيدة للمقاومة في معظم الشبكات الأمريكية). علينا أن ننتظر ونرى ما إذا كانت الحكومات أو من أصحاب السلطة سيسمحون بظهور الميتافيرس اللامركزي؟ على أي حال، تماما كما رأينا الانتقال من البريد والفاكس والهاتف إلى عالم الإنترنت والهواتف الذكية في العصر الراهن، سنخطو حتما وتدريجيا إلى عوالم الميتافيرس ثلاثية الأبعاد الجديدة من هذا الفضاء.
لا شكّ أن «دارك فيرس» سيشكّل تهديداً بارزاً، ولكنّه لن يكون المشكلة الوحيدة التي ستضطرّ المنظّمات للتعامل معها في «الميتافيرس». يتوقّع هوك ولين أنّ الشركات ستبدأ في السنوات القليلة المقبلة في استخدام «الميتافيرس» في حالات كثيرة. ويشير هوك إلى أنّ مشغّلي البنى التحتية مثلاً قد يبتكرون توائم رقمية للتقنيات التشغيلية أو لبيئات أنظمة التحكّم الصناعية؛ ما سيتيح لمهندس يعمل لصالح شركة في نيويورك حلّ مشاكل الدعم في منشأة في أريزونا كما لو أنّه موجود شخصياً. بدوره، يستطيع تاجر التجزئة ابتكار متاجر رقمية يستطيع فيها الزبائن التبضع بطريقة غامرة كما لو أنّهم في متجر حقيقي.
تأتي تلك الخطوة مع انتشار وتوسّع هذه الحالات، سنشهد توسعاً للمخاطر أيضاً. يتوقع الباحثان أن يبتكر المعتدون وسائل جديدة لاختراق هذه البيئات وتسميمها لخدمة أهداف كالتجسّس، والسرقة، ونشر الفوضى، وأن تستهدف بعض هذه الاعتداءات الخوادم والبنى التحتية التي سيعتمد عليها «الميتافيرس»، بينما قد تستهدف أخرى عناصر خاصة بـ«الميتافيرس» كإكسسوارات الرأس التي يرتديها المستخدمون للوصول إلى العالم الافتراضي والأشياء الموجودة فيه.