تخطى إلى المحتوى

6 مقالات عن العراق بالصحف العربية يوم السبت

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
1  الاستفتاء على انفصال كركوك أم كردستان عن العراق

 

 حامد الكيلاني

 

 العرب
عبارة التوقيت غير المناسب التي تتردد كثيرا لإجراء الاستفتاء تطرح سؤالا: هل كان في العراق توقيت مناسب لمراجعة شاملة للعملية السياسية الفاشلة والمحكوم عليها بالإعدام منذ المربع الأول ونقطة الصفر؟

 

إضاعة الوقت؛ هو العنوان الأكثر صراحة في تقييم إصرار رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني على إقامة الاستفتاء وتحقيق حلم الشعب الكردي في الاستقلال بدولته عن العراق.

 

14 سنة مضت على الانقلاب الجذري في النظام السياسي للعراق منذ مجلس الحكم الذي تعاقبت عليه شهريا الشخصيات التي ارتبطت بالمعارضة العراقية بتنسيقها المشترك في مؤتمراتها المتتالية، وبالذات في مؤتمر لندن ومخرجاته مع الجانب الأميركي.

 

كان مسعود البارزاني واحدا من أعضاء مجلس الحكم مع أكراد آخرين ضمن حصتهم القومية التي أعطتنا مؤشرا لبداية عهد الانقسام في تمثيل المجتمع العراقي. الحصة الأخرى المفترضة بالمقابل هم عرب العراق، وهو طرح يتبنّى الفوارق بين العراق والأكراد وإن كانوا ضمن الحدود الجغرافية للدولة العراقية وكيانها السياسي المعترف به دولياً.

 

دينيا كان للمسيحيين توصيفهم في مجلس الحكم. الأقليات العرقية وجدت لها فرزا خاصا. العرب لم يتم تمثيلهم في مجلس الحكم رغم أنهم أهل البلاد وهويتها. لأن وجوه المعارضة كانت تابعة لأجندات دولية وإقليمية حتمت عليها الالتزام بحواضنها ورعاتها ماليا وسياسيا وعسكريا وعقائديا.

 

لذا لم ترد في ديباجة البيان الصادر عن مؤتمر لندن كلمة واحدة عن عروبة العراق، وترسخ ذلك في الدستور الذي كتب على عجالة ومعظم بنوده من كانت إعداد مكتب محاماة أميركي كمسودة تم تداولها ومراجعتها من مجموعة لها ذات الرأي، رغم الأصوات المرتفعة أو المنخفضة أو المعدومة داخل جلسات التداول بسبب سياسة القبول بالأمر الواقع. لم ترد كلمة في الدستور عن عروبة العراق إلا باستحياء في الديباجة.

 

القومية الكردية حضرت موحدة في لندن وفي غيرها رغم الانقسامات أو النزاعات في ما بينها، كما في اختلافات حاضر إقليم كردستان بما يتعلق بالاستفتاء. عرب العراق لم يحضروا إلى مؤتمر لندن. أنفار قليلة ربما غير مؤثرة بلا رأي ولا دور مع إن بعض أصواتهم استنكرت أو رفضت بعض الجزئيات، لكنها بعد كارثة أبريل 2003 هرولت لاستلام مستحقاتها من أدوار ومناصب ساهمت في تخريب العراق كدولة وكمجتمع متعايش تحت تقلبات الواقع السياسي والصعوبات التي مرت عليه.

 

من قرر مصير العملية السياسية ليست الإرادة المنفردة للحاكم المدني الأميركي بول بريمر كما يحاول الكثيرون إقناعنا نتيجة لما وصلنا إليه من مهزلة إنسانية. لم يعد هناك ما تغفله العين من انتكاسة في العراق. إسقاط تبعية الإرادات في بناء نظام المحاصصة على الإرادة الأميركية فقط لا يخضع للمنطق.

 

بول بريمر، كما زلماي خليل زاده، في مؤتمر لندن للمعارضة أوجدهم طائفيون مرتزقة بالكامل إلى النظام الإيراني بكل عُقدهم وازدرائهم لانتمائهم العروبي والوطني، فهم من حمل السلاح ضد جيش العراق وشعبه في زمن الحرب. أما الإخوان المسلمون فهم سابقا وحاليا كانوا ومازالوا ضمن سقف التوقعات كجزء من الإسلام السياسي الذي مهدت له إيران ويسرت له أمره بتقاسم بعض السلطة مع أتباعها في احتيال صريح وطلاق بائن مع الملايين من شعب العراق المدمرة مدنه وكرامته، الذين ارتبطوا قسراً بهم كممثلين عنهم في مسرحية التكتل المذهبي والطائفي المقابل. ولا ننسى دور السفير زلماي خليل زاده في إقناعهم بأن لا بديل إلا بالمحاصصة.

 

من حكم العراق منذ بدء العملية السياسية كانت إيران. مجلس النواب تكون في دورته الأولى من كتلة كردية، وكتلة أخرى تمثل المشروع الإيراني. الأصوات المنفردة في كل الدورات الانتخابية كانت حصتها التصريحات الإعلامية دون أي اختراق للحاجز الخراساني للإسلام السياسي الذي تقاسم السلطات، وتم إسكاتها بالقوة والتعسف والاغتيال وغالبا باللامبالاة، رغم إن بعض هؤلاء يدينون للولاء للمذهب العام للمحاصصة الطائفية بمنافعها، أما مبرراتهم فهي جاهزة بأنهم يمثلون المعارضة ولو بأضعف الإيمان.

 

السلطة الحاكمة في العراق هي نفس المعارضة التي حضرت مؤتمر لندن ومعظم من كان فيها منتسبين في الحرس الثوري الإيراني وقاتلوا تحت رايات جمهورية إيران وبأسلحتها وعقيدتها وتطرفها المذهبي.

 

ترى ماذا سيقول الأمين العام لجامعة الدول العربية لمسعود البارزاني ليثنيه كمحاولة ربما أخيرة لتأجيل الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان؟ هل بإمكان جامعة الدول العربية تقديم أي تعهدات أو ضمانات نيابة عن العراق العربي؟

 

الأكراد ليسوا عربا ولا تعني لهم جامعة الدول العربية إلا كيانا سياسياً تختفي خلفه حقوقهم التاريخية المسلوبة بالإرادة الدولية. وما يثار ضدهم في تطبيع العلاقات والتعاون مع إسرائيل يفندونه باستعارة جملة “فلسطين قضية العرب المركزية” أي إنها ليست قضيتهم.

 

ماذا وهبت المعارضة المذهبية في لندن مما لا تملك إلى الأكراد؟ كيف تم تقديم الوعود في قضية كركوك؟ وكيف وُضعت المادة 140 في الدستور المتعلقة بالاستفتاء فيها وحق تقرير المصير؟ لماذا استمر التسويف في تطبيقها 10 سنوات؟ وهل كان مسعود البارزاني دقيقا في اختياره رئاسة إقليم كردستان بدلاً عن المنصب البروتوكولي لرئاسة جمهورية العراق الذي تولاه جلال الطالباني؟

 

أكيد أن مستلزمات الحكم والسلطة وإدارة قضايا حساسة مثل قضية كركوك تختلف تماماً عن تسليم العراق للمجهول في إخوانيات المعارضة ما قبل احتلال العراق؛ رئيس وزراء العراق حيدر العبادي ذكرنا بذلك في هذه الأيام عندما نبّه القادة الأكراد أن الاستفتاء خطوة إلى المجهول.

 

حلم الدولة الكردية هو حلم الملا مصطفى البارزاني رغم واقعيته في قراءة الاستقلال. مسعود الابن ينفذ وصية والده إلى الأجيال الكردية. عبارة التوقيت غير المناسب التي تتردد كثيرا لإجراء الاستفتاء تطرح سؤالاً: هل كان في العراق توقيت مناسب لمراجعة شاملة للعملية السياسية الفاشلة والمحكوم عليها بالإعدام منذ المربع الأول ونقطة الصفر؟

 

فقدان الثقة يؤدي إلى إضاعة الوقت. حكومة بغداد أعلنت مرارا رفضها تجهيز كردستان بالأسلحة. كردستان عارضت صفقات بيع طائرات مقاتلة إلى حكومة المركز لأنها تظن أنها ستستخدم يوما ضد الإقليم. مسعود البارزاني يضرب مثلا في تجهيز الحشد الشعبي بالسلاح بأوامر تنفذ خلال ساعتين، بينما رصاصة واحدة لم يجهز بها الإقليم طيلة السنوات الماضية.

 

نتائج الاستفتاء في كل الأحوال ستكون ملفاً تحت اليد. ما بعد الاستفتاء مناطق تم تحريرها من داعش سيطرت عليها القوات الكردية ومناطق أخرى محل نزاع.

 

المعضلة هي كركوك وهي فعلاً بمثابة القلب الاقتصادي للدولة الكردية القادمة. حديث دائم للأكراد عن الأحقية التاريخية، مع ممارسات على الأرض في إعادة متكررة لسيناريوهات لعبة تبادل الكراسي بين الظالم والمظلوم. كركوك، كما كردستان الآن، تمنح حق الإقامة للمقيمين فيها من غير أهلها وبعض العوائل العربية غادرتها إلى بغداد تحسبا للطوارئ بعد جرائم عنصرية وانتهاكات. المافيات تتفق باستمرار وتنفذ الجريمة والسرقة، لكنها تختلف وتتقاتل عند تقسيم الغنائم.

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
2 دخلت الخمينية من باب باقر الصدر وتخرج الآن من باب مقتدى الصدر 

كافي علي

 العرب بريطانيا
 

يصعب الرهان على قدرة مقتدى الصدر وثباته على المواقف، لكن يمكن أن يكون تأييد مرجعية النجف لمشروعه سبيلا لخروج العراق من الوصاية الإيرانية.

أصدر مكتب رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني محمود الشاهرودي بيانا يقول فيه إن أسباب زيارة مرجع حزب الدعوة، المقرّب من مرشد الثورة الإيرانية، إلى العراق غير رسمية وإنها لغرض زيارة العتبات المقدسة. جاء البيان بعد رفض مرجعية النجف استقبال المبعوث الإيراني ليكون الطريقة الوحيدة لحفظ ماء الوجه، والتستر على اختلافات مرجعية النجف مع مرجعية قم التابعة لولاية الفقيه. أما عدم استجابة مقتدى الصدر لدعوة الشاهرودي ولقائه فقد بلورت موقف الأول الرافض للسياسة الإيرانية في العراق، وجعلت رفض السيد السيستاني استقبال الشاهرودي يبدو كتأييد للتوجهات السياسية الجديدة لمقتدى.

 

بعيدا عما تناوله الإعلام العربي في تفسير أسباب زيارة الشاهرودي إلى العراق كمحاولة إيرانية لتسوية الخلافات بين التيارات الشيعية، فإن أحداث الزيارة ونتائجها تشير إلى أنها محاولة إيرانية لتطويق مقتدى وكبح جماح تمرّده على أجندتها السياسية في المنطقة.

 

جميعنا يعلم بأن قاسم سليماني مسؤول عن إدارة التحالفات الطائفية في العراق وتسوية الخلافات بين أطرافها، لكن يبدو من زيارة الشاهرودي بأن مقتدى قد خرج عن الإرادة الإيرانية وأجبر خامنئي على الاستعانة بأستاذه في حوزة قم للتأثير عليه. الحقيقة هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها إيران للشاهرودي للتأثير على مقتدى، فقد لجأت إليه سابقا لإقناع مقتدى بالتخلي عن موقفه الرافض لنوري المالكي، والتصويت لصالح قرار ترشيحه لرئاسة الوزراء الثانية.

 

الخلاف بين إيران ومقتدى لم يعد مقتصرا على امتعاض الثاني وأتباعه من التدخل الإيراني في شؤون العراق، وقد فتحت زيارة مقتدى إلى السعودية، وطلبه من الرئيس السوري بشار الأسد التنحّي عن السلطة، ثم إدانته لصفقة حزب الله مع داعش، آفاقا لعودة آل الصدر إلى الواجهة السياسية لا في العراق وحسب ولكن في المنطقة.

 

القلق الإيراني القديم من آل الصدر وتأثيرهم على العرب الشيعة في المنطقة استفاق على صدى سياسة مقتدى الجديدة وتقاطعها مع توجهات المشروع الإيراني.

 

 

بالإضافة إلى الدور الوطني لموسى الصدر في لبنان وتقاطعه مع نظرية ولاية الفقيه، يعود الفضل للصدريين وتاريخهم في استقطاب شيعة العراق وتسخيرهم لمشروع ولاية الفقيه. من خلال استمرار تأزم العلاقة بين حكومة البعث السابقة وبين آل الصدر، تمكّن الخميني من ركوب موجة الغضب الشيعي على اعتقال وقتل المرجع محمد باقر الصدر، وجعل من ولاية الفقيه بديلا شيعيا للخلاص من التهميش والاضطهاد تحت وطأة دكتاتورية قومية سنية.

 

لازال تاريخ محمد باقر الصدر وموقفه من ولاية الفقيه السبب الرئيسي في توالي تقدم حزب الدعوة التابع لإيران في الانتخابات العراقية، وخروج مقتدى من تحالفات الحزب الطائفية التي تعتمدها إيران للهيمنة على القرار السياسي في العراق، يعني الانهيار الحتمي لمشروعها في المنطقة، العراق وشيعته قلب المشروع الإيراني النابض بالدم والثروة، ولن تسمح إيران لمقتدى بإسكاته وطنيا أو قوميا، حتى لو اضطرت للتآمر على قتله كما تآمرت على باقر الصدر ومنحت الحكومة العراقية الأسباب القانونية لإعدامه.

 

بعد عام من الثورة الإيرانية غيّب الموت باقر الصدر في معتقلات النظام السابق. مات الصدر تاركا خلفه عبارته الشهيرة “ذوبوا في الإمام الخميني كما ذاب هو في الإسلام”. هل الإسلام الذي ذاب فيه الخميني إسلام المذاهب والملل، أم إسلام الطائفة؟ وهل ذاب الخميني في الإسلام، أم أراد للإسلام أن يذوب فيه وفي نظريته ولاية الفقيه؟

 

رغم حجم وخطورة الأزمة الفكرية بين باقر الصدر ورئيس النظام السابق صدام حسين، ورغم دكتاتورية الثاني، كانت إيران ترسل برقياتها للمرجع الشيعي المحكوم عليه بالإقامة الجبرية في بيته عن طريق إذاعة إيران/ القسم العربي. كيف يمكن تفسير مثل هذا السلوك لدولة تعادي نظام البعث الحاكم في العراق من جهة، وحريصة على حياة مرجع شيعي مؤثر مثل الصدر من جهة أخرى؟

 

هل كانت الغاية من فضح العلاقة بين الصدر والخميني رمي الأول بين فكي أعدائه، كي لا يكون عقبة وطنية في طريق ثورة طائفية؟ وثورة الخميني التي أيدها باقر الصدر هل كانت دكتاتورية فقهية تمنح الفقيه دستوريا صلاحيات الحكم المطلق للدولة، أم ثورة إسلامية تتخذ من الشريعة دستورا لها؟ هل كانت ثورة على نظام الشاه العلماني، أم على باقي المذاهب الإسلامية؟ وهل تأييد الصدر لها كان من منطلق طائفي أم إسلامي؟

 

يقول باقر الصدر “ترفض النظرية الإسلامية النظام الملكي فضلا عن مختلف أشكال الحكم الدكتاتوري، كما أنها ترفض الأنظمة الأرستقراطية، وتقترح شكلا من أشكال الحكم الذي يحتوي على جميع الجوانب الإيجابية للنظام الديمقراطي”.

 

وهل نظرية الخميني إلا شكل من أشكال الدكتاتورية التي حررت المذهب من حدود الفقه والفتوى وقذفت به في متاهات السياسة والحكم؟ ومفهوم الفقيه الوارث للسلطة بعد أن أنتجته النظرية، وتبلور بوضوح في سيطرة أولاد المراجع على القرار السياسي في العراق، ألا يعتبر توريثا طائفيا للحكم؟ ماذا كان شكل الديمقراطية التي كان باقر الصدر يقترحها؟ هل هي الديمقراطية الأميركية التي يحكم بها حزب الدعوة والمجلس الأعلى والتيار الصدري العراق اليوم؟

 

الفكر الصدري كان فكرا فلسفيا إسلاميا قائما على الجدل مع الفكر العلماني بشقيه السائدين في ذلك الوقت، الماركسي والقومي. وعلى أساس جدلية الرؤى بين الأطراف كتب محمد باقر الصدر كتابيه “اقتصادنا” و“فلسفتنا”، وكتابا ثالث لم ير النور أطلق عليه “مجتمعنا”، لم يكتب الصدر في السياسة، ولم يجمع أفكاره عن الديمقراطية الإسلامية في كتاب، لأنه كان ملزما بشروط الرؤية المذهبية عن الحكم والسلطة. حتى حزب الدعوة الذي كان باقر الصدر من ضمن المجتمعين لتشكيله، انسحب منه وحَرّمَ الانتماء إليه لاحقا بعد تقديم مراجعة نقدية حول طبيعته وأهدافه.

 

اليوم هناك تجاذبات في الأوساط الشيعية حول النظرية الخمينية وشرعية ولاية الفقيه، وهناك رغبة واضحة عند مرجعية النجف بالابتعاد عن الحكم وحصر توجهاتها بالفقه، لكن ما هو دور مقتدى الصدر في هذا الصراع وهو الوريث الشرعي لدماء آل الصدر وأتباعهم؟

 

نعم من الصعب الرهان على قدرة مقتدى وثباته على المواقف، لكن يمكن أن يكون تأييد مرجعية النجف لمشروعه سبيلا لخروج العراق من الوصاية الإيرانية وعودته لعروبته، هويته الممهورة على لسان 80 بالمئة من شعبه.

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
3 دولة كردستان: لمن الغلبة لحدود الدم أم التعايش؟

 

 صباح علي الشاهر

 

 

 راي اليوم بريطانيا
 

بإستثناء إسرائيل أي حدود رسمت حديثاً بالدم ؟

نعم نشأت دول قديماً عبر إبادة شعوب.. حدث هذا قبل بضعة قرون ، لكن التأريخ المعاصر لم يشهد مثالاً لدولة حدود الدم إلا دويلة واحدة ، ستظل طال الزمن أم قصر لقيطة .

مسعود يرى أن دولته المعهودة دولة حدود الدم ، ويضيف أنه حيث وجدت البيشمركة تكون حدود كردستان . هو منطق ليس القوي القادر ، وإنما الكلي القدرة ، والمتناهي القوة ، هل مسعود قوي وقادر إلى هذه الدرجة ، أم مغامر يغامر بمصير شعوب المنطقة معتمداً على ضعف وهوان الآخرين ، الذين خبر هشاشتهم من خلال إبتزازه لهم ، هذا الإبتزاز الذي تجاوز فيه كل الحدود؟ ، ولو قال هذا المنطق جيرانه الأقوى تركيا مثلاً ، أو إيران ، لو أن الجيش التركي وصلت طلائعه إلى دهوك أو أربيل ، والجيش الإيراني إلى السليمانية ، هل يحق لهاتين الدولتين رسم حدودهما إعتماداً على ما وصلت إليه جحافلهم؟

في الماضي أسس بطرس الأكبر حدود دولته روسيا حيث وصلت سنابك خيله ، كان يغذ السير في سيبريا حتى أبعد نقطة ممكنة ، ذاك هو بطرس الأكبر ، وتلكم هي سيبريا التي تكاد تكون خالية من البشر، وليس مدن مابين النهرين العريقة ، حيث البشر تمتد أعراقهم مثلما الحجر لأزمان غابرة ، موغلة في القدم ، وحيث التأريخ الناطق جوارهم وتحتهم ، وإينما حطوا بأنظارهم ، هذا الواقع العسير على التزييف لا يلغية بضعة مئات أو آلاف من المسلحين الذين إحتلوا الأرض في ظروف صعبه مر به البلد .

ليس مسعود بطرس الأكبر، ولا كركوك والمدن الآشورية والعربية سيببريا، وإذ لم يكن خلف سيبيريا أحد ، فأن ثمة أمم كبرى وراء الشعوب التي تقطن أرض الرافدين، كان ينبغي وضعها بعين الإعتبار عند القيام بخطوة كهذه .. فإنت عندما تنطلق من منطلق قومي متعصب، متجاوزا على حقوق أقوام أخرى، فإنه من الطبيعي أن يكون رد هذه الأقوام من جنس عملك وفعلك، ولا أحد في الإقليم يتحمل الآن شن صراع قومي، لا يعرف أحد مداه، خصوصاً وأن هذه المنطقة لم تبرأ بعد من كارثة صراع طائفي أبله أحرق الأخضر مع اليابس .

لا أحد يتمنى الشر للأكراد ، فهم أبناء البلد ، وليسوا طارئين ، ولكن الساسة ، ليس الأكراد فقط ، بل العرب والفرس والترك ، سيجدون ذريعة لبقائهم على كراسيهم ، تماماً مثلما يفعل الآن مسعود ، الذي هو عملياً أقدم حاكم في المنطقة ، والذي لا يختلف عن الملوك الذين يرثون الحكم ويورثوه .

هل مسعود متأكد من أن حال الكرد سيكون أحسن في حال تجاوز الكرد على حقوق الآخرين؟ ، لماذا لم يقف مسعود عند الدعوة إلى إجراء الإستفتاء في المناطق الكردية المعترف بها كمناطق للأكراد، والمقرة من قبل المنظمة الدولية، والتي تمثل الإقليم الكردي للحكم الذاتي، وهي تشمل المحافظات الثلاث ( السليمانية ، أربيل، دهوك) ؟

كيف يتصور أن عرب العراق يمكن أن يسكتوا على سلب أراضيهم ومدنهم ، هل أغراه ضعفهم وتشتتهم ، ماذا سيكون الأمر لو أن فعلته هذه ستوحدهم ؟

وكيف يتصور أن التركمان يرضون بسلب مدنهم عنوة وضمها إلى كيانهم الكردي ؟  هل خدعته علاقة تركيا الاقتصادية به ، وإستفادتها من نهب نفط الإقليم ، فتصور أن تركيا ستوافقه على هضم حقوق أتراك العراق؟ يمكن أن يحدث هذا لو أنه لم يعتمد النعرة القومية الكردية المتعصبة ، ولم يستفز القوميات الأخرى ، لو أنه إختار التعايش ، وتبادل المنافع ، وليس التلويح بالقوة ، والتبجح بأن حدود كردستان رسمت بالدم، وأنه حيث توجد البشمركة تكون حدود كردستان، وبالمناسبة فأننا نذكر السيد مسعود ( وهو يعلم ) بأن الجيش التركي موجود الآن في بعشيقة، وعلى مقربة من دهوك، والجيش التركي ليس أضعف من البيشمركة ، وقانون “حدود الدم” البرزاني المسعودي ، سيكون ذريعة أيضاً للجيش التركي، وربما الإيراني، وحتى لو كانت حكومة بغداد ضعيفة ، ومتهاونة ، فإن ثمة قوى تفولذت الآن في خطوط النار بمواجهة داعش ستقول قولتها .

كان البعض يشير إلى أن ما بعد داعش أخطر من داعش ، فهل كان في ذهنه ما سيقدم عليه مسعود ؟!.

فتل العضلات ليس دليلا على القوة، والديك عندما ينفش ريشه فلا يعني هذا أنه سيرعب النسر، القوة مقرونة بالحق، وعندما تتجاوز الحق فأنك ضعيف مهما بلغت قوتك ، فكيف إذا كانت قوتك ليست بمصاف قوة غيرك .

إعتاد مسعود إبتزاز حكومة بغداد الخوارة ، وربما المتهاونة والمتواطئة ، وهذا ما ستكشفة الأيام ، لكنه الآن يؤلب الإقليم ضده، فكيف ينشد خدمة الكرد من يعرضهم للمصائب التي هم في غنى عنها ، ومن أجل ماذا ؟ من أجل أن يكون يكون مسعود أو إبنه أو أبن أخيه ملكاً أو رئيساً لدولة إسمها كردستان ، وما أكثر الدول التي يهجرها ناسها بسبب السلطة والسلطان ؟َ

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
4 هل جاء دور المغرب والجزائر بعد العراق وسوريا!

 

 محمد الفنيش

 

 

 راي اليوم بريطانيا
  

العراق دولة نفط وسوريا دولة فلاحة وتجارة محدودة والجزائر دولة نفط وغاز والمغرب دولة فلاحة وتجارة محدودة, في سوريا والعراق توجد أقلية كردية وفي المغرب والجزائر توجد أقلية صحراوية والباقي عرب وأمازيغ كانوا يؤمنون بالوطن الجزائري والوطن المغربي بعيدا عن الطائفية حتى بدأ مخطط بيرنارد ليفي في المنطقة!! العراق وسوريا دولتين قويتين لهم تاريخ ولهم مفهوم الأمة تم تدميرهما فهل إنتقل المخطط إلى المغرب والجزائر على نفس النحو؟

وأنا أكتب هذا المقال يوجد الرئيس الموريتاني في باريس في طاولة مستديرة لدعم التشاد! وليست موريتانيا!! ونتذكر القوة الفرنسية الإفريقية التي أنشئتها فرنسا في افريقيا من جيوش خمس دول وهي موريتانيا وبوركينافاسو والنيجر والتشاد ومالي بدون المغرب ولا الجزائر ولا تونس ولا جنوب افريقيا ولا سينغال!!! الدول الخمس المشكلة للقوة الافريقية لمحاربة الحركات الجهادية لم تستطع الدفاع حتى عن أمن بلدنها بشكل كافي ووضع استقرار حقيقي فيها فما أدراك محاربة الحركات الجهادية في رمال صحاري افريقيا التي تحركها الانقلابات والرشاوي وتغيير المواقف.

بعض القادة الأكراد لعبوا دورا حقيقيا في تدمير العراق وسوريا عن طريق اضعاف حكومتا البلدين والتحكم في مصير الاتفاقيات الدولية وربط علاقات مع باريس وأمريكا على حساب بغداد ودمشق,وانتشار الفساد في نظام صدام أنداك ونظام بشار حاليا مما سهل على المخطط النجاح بسرعة في تدمير البلدين. قوة بعض القادة الأكراد لم تأتي من حنكتهم وإنما من المخططين الكبار لتدمير العراق وسوريا وجدوا من ينوب عنهم في تفعيل المخطط وهم بعض قادة الأكراد إضافة إلى بعض قادة المعارضة العراقية لصدام أنداك الذين كسروا رؤوسنا قبيل حرب تدمير العراق ليختفوا في برك النفط العراقي المنهوب بعدما قاموا بتنفيذ مخطط أسيادهم تاركين العراق في ضياع بين الهوية والطائفية وتهديدات الجماعات الارهابية التي تدمر وطنهم. المعارضة السورية منها ما هو على حسن نية وتم جره لمستنقع إسقاط بشار ومنهم من ينفذ مخطط تدمير سوريا, فأسقطوا سوريا بدل إسقاط بشار لإن المخططين يهمهم إضعاف سوريا وليس بشار كشخص!! حتى في الأفلام لا يوجد شخص صرفت عليه كل تلك الأموال والأسلحة وبقي في الحكم!! الأموال هدفها تدمير سوريا وزرع  صراع الطائفية فيها وقد نجحوا للأسف الشديد!!! وليس إسقاط بشار.

المغرب والجزائر نتذكر أحداث لقبايل في الجزائر ونتذكر أحداث الحسيمة في المغرب هناك جمعيات ووبعض الشخصيات تم دعمهم في كلا البلدين بأموال طائلة من جهات خارجية في حين مستشفيات البلدين لم يطرق أيا كان بابهم لتغير ولو سرير واحد؟ الجزائر تفطنت على ما يبدوا للمخطط وأصبحت تراقب بشدة المال الخارجي,وقامت بتغيير كبير في الأجهزة الأمنية, أما المغرب ونحن نتابع أن القناة الثانية المغربية قد يشتريها رجل أعمال فرنسي يهودي قريب من إسرائيل ومن بيرنارد يوضح بجلاء أن هناك من يسارع إلى إهداء المغرب على طابق من ذهب لمن دمروا العراق وسوريا. ونتذكر جريدة هارتس الاسرائيلية التي نشرت تقريرا الأسبوع الماضي قالت أن إسرائيل دعمت جزء من المعارضة في سوريا ب32 مليون دولار ووفرت مستشفيات في اسرائيل لجرحى القتال في سوريا بحسب الجريدة! ونتذكر جريدة رأي اليوم التي قالت أن إمام مسجد في ليبيا اسمه أبوحفص وقائد مجموعة مسلحة في ليبيا اكتشف أنه اسرائيلي!!! وأنه يعمل لجهاد الموساد الأسرائيلي وأن إسمه الحقيقي بنيامين إفرايم!! بسحب موقع جريدة رأي اليوم!!!

هناك دول حديثة النشئة حباها الله بأموال هائلة من النفط لكن البعض منها يعاني من غياب مفهوم الدولة!! بل يجد إمتداد دولته مرتبط بتاريخ عائلته الحاكمة حديثا  (الدولة القبيلة),الدولة القبيلة مهما كان لها من المال لن تكون دولة امة نهائيا وعيلها إنتظار قرون وقرون لكي يكون لها موطئ في الأمم والحضارات!!! وهو مايجعل الدولة القبلية تتشارك مع إسرائيل التي ظهرت سنة 1948 على أرض فلسطينية, الدولة القبيلة ستظل تعاني وتعاني من الحساسية من الدول التي تملك تاريخ وحضارة مثل العراق وسوريا ومصر والمغرب والجزائر فبات على الدويلات التي تعاني من نقص في مفهوم الأمة!! تدمير من يملك تاريخ وبناء تاريخ جديد بدول جديدة ويصبح التاريخ القديم ينتهي ويبدأ عند سبعينيات القرن الماضي أو على أبعد تقدير سنة 1948 بداية ظهور الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. لهذا أصبح البعض لا يريد تدريس التاريخ لإنه عبئ ثقيل على مخططاتهم التي تفكك الأوطان.

أتمنى أن لا يتم استعمال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز  كورقة في لعبة قذرة لتدمير المغرب والجزائر كما استعمل بعض قادة الاكراد في تدمير العراق وسوريا.كما انصح النظام المغربي والجزائري ببناء لحمة وطنية داخلية تنبني على محاربة فساد الموظفين والسياسيين وخلق ثقة لشعب في مؤسساته. بدل أن ينتظروا تقريرا من مؤسسة أجنبية لكي يتحركوا!! كما أتمنى أن تتعاون المغرب والجزائر في الدفاع عن أمنهم الاستراتيجي وأن يتركوا قضية الصحراء تعالج في الأمم المتحدة. أخشى على المغرب والجزائر أن ” يفوتهم القطار” كما قال عالي عبدالله صالح الذي فاته القطار اليمني فنزل من القطار السعودي وركب القطار الإيراني وترك القطار يمني بدون قائد بل بدأ يدمر سكة القطار اليمني حتى لا ينطلق نحو التنمية والإزدهار. حفظ الله الوطن الجزائري والمغربي من كل شر في وقت أصبح فيه بعض من يدعون أنهم اسلاميون يناقشون مخططاتهم  مع أسيادهم على طاولة من الخمر!! وبعض الملحدين يصلون جنب الملوك والرؤساء وبعد ذلك يقولون أنها “تقية” من لم يحترم حرمة المسجد كيف سيحترم حرمة الوطن, كما أخشى ممن يدعون التحفظ ان يظهروا فتوى تحت تأثير الخمر أو تحت تأثير أموال النفط! وبين هذا وذاك حفظ الله الوطن المغربي والجزائري من مخطط العراق وسوريا.

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
5 السيستاني والصدر يديران ظهرهما للنظام الإيراني!

 

 د. محـمـــــد مـبــــارك

 

 

 اخبار الخليج البحرينية
 ثمة تطور لافت جدًا حدث في العراق خلال الأيام الماضية، ولعل بصمات مساعي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لإعادة العراق إلى الحضن والصف العربي قد بدأت تورق وتثمر. التطور الذي أتحدث عنه هو ما نقلته وكالات الأنباء عن مصادر عراقية تشير إلى أن زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر قد رفض استقبال محمود هاشمي شاهرودي ممثل المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.

 

كما أشارت الأنباء أيضًا إلى أن المرجع الشيعي في النجف علي السيستاني كان هو الآخر قد رفض استقبال ممثل خامنئي قبل يومين من رفض مقتدي الصدر استقبال نفس الشخص ومعه ممثل آخر، حيث ورد عن مكتب السيستاني تصريح يشير إلى أن علي السيستاني يعتقد أن قدوم ممثلي المرشد الأعلى الإيراني إلى العراق في ذلك التوقيت هدفه هو تخريب مساعي رئيس الوزراء العراقي من أجل العودة إلى الصف العربي فضلاً عن محاربة الفساد. كما ورد أن برلمانيًّا عراقيًّا يدعى أمير الكناني، وهو من كتلة الأحرار المحسوبة على التيار الصدري، قال في تصريح لوسائل الإعلام إن الصدر رفض استقبال ممثل خامنئي لأن إيران تتدخل في شؤون العراق، وتعمل على تنفيذ مشروع طائفي فيه. كما قال الكناني إن ما تريد إيران فعله في العراق هو العمل على استقطاب الشيعة وطأفنتهم بشكل لا يخدم العراق ويؤدي إلى تخندقات مماثلة لدى السنة والأكراد.

 

إذن، الصدر والسيستاني يضعان النظام الإيراني في ورطة، ويعرضان مشروعها الطائفي الاستعماري في العراق للخطر، وسط ما يمكن وصفه بصحوة عراقية عربية شيعية وطنية في اتجاه التعايش والتناغم مع باقي شركاء الوطن من السنة والأكراد بعيدًا عن المشاريع الإيرانية التي لم يجن العراق منها سوى الخسائر والتراجع والموت والدمار.

 

جميع هذه التطورات تشي بأننا مقبلون على تغيير يمكن وصفه بالجذري في المشهد العراقي، أساسه هو المزيد من التقارب بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي، نتيجة جهود ومساع واضحة من السعودية والإمارات، اللتين استقبلتا علنًا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وسط ذهول إيراني خلال الأيام الماضية.

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
6 عين الحقيقة في ملاحظات البارزاني

 

 عبدالله الأيوبي

 

 

 اخبار الخليج البحرينية
 

 

في حديثه إلى قناة «العربية» قبيل الاستفتاء المزمع تنظيمه يوم 25 سبتمبر الحالي في إقليم كردستان العراق بشأن استقلال الإقليم عن الوطن الأم قال رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني: إن «الشرط الوحيد الذي سيدفعه إلى إرجاء الاستفتاء على استقلال الإقليم هو ضمان أن يعيش أكراد العراق في دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية» أما الآن، على حد قول البارزاني «فنحن نعيش في ظل دولة دينية طائفية»، شرط البارزاني لإرجاء الاستفتاء هو شرط منطقي وعقلاني ومشروع أيضا، فمن حق الأكراد أسوة بجميع الشعوب أن يتمتعوا بكامل الحقوق التي يتمتع بها جميع المواطنين، ومن حقهم أيضا أن يطالبوا بدولة مدنية ديمقراطية، وليست دولة دينية، كما يصف المسؤول الكردي الوضع في بلاده العراق حاليا.

 

كما يعلم الجميع أن العراق وبعد جريمة الغزو الأمريكي عام 2003 تم توزيعه سياسيا وفقا لأجندة طائفية أعدها ونظمها وفصلها الحاكم العسكري الأمريكي للعراق بعد تلك الجريمة وهو بول بريمر، وكانت هذه بمثابة البَذرة الفاسدة التي أسست لمثل هذه الدولة القائمة الآن حيث المحاصصة الطائفية تهيمن على العملية السياسية القائمة في العراق منذ الإطاحة بنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، فالمحاصصة الطائفية أنتجت وأفرزت تكتلات طائفية كانت بمثابة الجاذب الأول والأكبر لجميع التكتلات الجماهيرية والبوصلة التي توجه العمل السياسي في البلاد الأمر الذي أدى إلى نشوء واستفحال الانتماءات المذهبية والعرقية على حساب الانتماء الوطني الذي تميز به الشعب العراقي منذ عهد الدولة الحديثة الملكية منها والجمهورية على حد سواء.

 

فالدولة المدنية الديمقراطية التي يطالب بها رئيس إقليم كردستان العراق كشرط لإرجاء الاستفتاء، هي وحدها بالفعل الدولة القادرة على وضع معيار واحد لحقوق المواطنين من دون النظر إلى انتماءاتهم العرقية أو الدينية والمذهبية، على عكس الدولة الدينية التي لا يمكن بحكم تركيبتها الأيديولوجية إلا أن تنحاز لبني أيديولوجيتها وأن تنظر إلى «المواطنين» من خارج هذه الأيديولوجية على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، هذه الوضعية لا يمكن للأكراد وغيرهم القبول بها، والأكراد من بين الأقليات العرقية التي عانت انتقاصا في حقوقها في أوطانها التي تعيش فيها.

 

القيادات السياسية في إقليم كردستان العراق التي ناضلت طويلا ضد مختلف الأنظمة السياسية في بغداد، انتهزت الظروف الصعبة التي دخلها النظام العراقي بقيادة صدام حسين بدءا من الحصار الجائر وإقامة منطقة حظر طيران في شمال العراق إضافة إلى جنوبه ومن ثم إسقاط النظام العراقي بعد غزو أمريكا عام 2003. انتهزت هذه الظروف المواتية بالنسبة للإقليم الكردي وبدأت في إقامة وتأسيس المؤسسات الدولية «المستقلة» وخلقت ظروفا ووضعا استقلاليا حقيقيا للأكراد في المناطق التي يعيشون فيها فزرعت بذلك في نفوسهم قوة العيش المستقل وحفزتهم على التمسك بهذا الخيار، خاصة وأن الدولة العراقية الأم فشلت، لظروف ذاتية وموضوعية، في خلق مظلة حقيقية تحتضن جميع المكونات العراقية من دون أي اعتبار لانتماءاتهم العرقية والدينية والمذهبية.

 

من الناحية النظرية فالعراق تقوده حكومة منتخبة ديمقراطيا وصناديق الاقتراع هي التي تحدد الحزب أو الكتلة السياسية التي تقود هذه الحكومة، ولكن من الناحية العملية فالعراق تحكمه عقلية دينية تفرض على مختلف مكونات المجتمع العراقي أنماط الحياة الاجتماعية والفكرية والثقافية، فليس مهما أن يعلن العراق عن هوية الدولة، فالعبرة بطبيعة الممارسة وصبغتها، هذه الصورة التي تشكلت في قيادة الدولية العراقية بعد التطورات الكبيرة التي أعقبت جريمة الغزو، هي التي أضفت الطابع الديني على هوية الدولة العراقية وهو ما يتحدث عنه زعيم إقليم كردستان العراق.

 

وعلى الرغم من ذلك ومع احترامنا للملاحظات التي طرحها زعيم الإقليم وخاصة هوية الدولة التي يريد أن يعيش الأكراد في كنفها، ورغم الاعتراف بمشروعية هذه المطالب إلا أن التوجه نحو فصل إقليم شمال العراق عن الوطن الأم هو توجه خاطئ وخطير في مثل هذه الظروف التي يمر بها العراق، خاصة التهديد الخطير الذي تتعرض له جميع مكونات الشعب العراقي من جانب المنظمات الإرهابية وعلى رأسها ما يعرف بالدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» ونجاح القوات العراقية في تحقيق انتصارات وإنجازات كبيرة في حربها ضد هذه الآفة الخطيرة.

 

فحق الأكراد في تقرير مصيرهم وإن كان حقا مشروعا ومقدسا، فإن حق الحفاظ على الوطن العراقي بجميع مكوناته العرقية والدينية والمذهبية هو حق مشروع ومقدس أيضا لجميع هذه المكونات، فالعراق حاله كحال أي بلد آخر، ليس ملكا لأبناء هذا العرق أو ذاك ولا لأبناء هذه الديانة أو تلك، وبالتالي فإن الجميع مسؤول عن تحديد هوية وطنهم ووحدته، فاستخدام الأكراد لحقهم المشروع لتحقيق الانفصال عن الوطن الأم من شأنه أن يفتح الباب أمام الأقليات العرقية والدينية، بل والمذهبية أيضا لسلوك نفس الطريق، وبالتالي يمكن أن يؤدي ذلك إلى فتح أبواب جهنم على مصاريعها مما قد يتسبب في إشعال نار فتنة خطيرة لن تقف ألسنتها عند حدود العراق الجغرافية وإنما قد تؤدي إلى إشعال المنطقة برمتها، خاصة وأن خريطة التكوينات العرقية والدينية والمذهبية العراقية هي امتداد لخريطة إقليمية واحدة ومتشابهة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد