أخلت السلطات الفرنسية، الجمعة، الموظفين والطلاب من ثلاث مدارس قريبة في مدينة أميان بشمال فرنسا بسبب إبلاغ عن وجود عبوة متفجرات الامر الذي أثار جدلا واسعا على منصات التواصل ألإجتماعي
وذكرت إذاعة “فرانس إنفو” أنه “في يوم الجمعة 29 اذار، في حوالي الساعة 15.30، تم إخلاء مدرسة في مدينة أميان مرة أخرى بسبب تهديد بتفجير”.
ووفقا لوسائل إعلام فرنسية فإن السلطات أخلت 3 مدارس، مشيرة إلى أن هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها إجلاء الموظفين والطلاب من المدارس خلال أسبوع بسبب تهديدات بوجود قنابل.
وافادت صحيفة “باريزيان” في وقت سابق، نقلا عن وزارة التعليم، أن المؤسسات المدرسية الفرنسية تلقت ما لا يقل عن 323 بلاغا بوجود قنابل في 44 مؤسسة خلال الأسبوع الماضي.
وادعى أصحاب التهديدات أنهم يتصرفون نيابة عن تنظيم “داعش”.
هذا وقد أعلن رئيس الوزراء الفرنسي غابريال أتال، الأحد الماضي، رفع حالة التأهب الأمني إلى أعلى مستوى في أعقاب الهجوم الإرهابي في قاعة “كروكوس” بضواحي موسكو.
لماذا تخشى أوروبا من هجمات “داعش خراسان”؟
أثار الهجوم الذي تبناه تنظيم “داعش خراسان” وأودى بحياة 137 شخصا في قاعة للحفلات الموسيقية في موسكو، مخاوف غربية واسعة من موجة جديدة من العمليات الإرهابية التي تطل برأسها داخل القارة العجوز، وسط سعي لتشديد الإجراءات الأمنية، وتنشيط أجهزة الاستخبارات لجهودها في ردع تلك الخطط.
تلك المخاوف عبّر عنها صراحة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قال إن جماعة “داعش خراسان” التي تقف وراء إطلاق النار في موسكو حاولت أيضا ارتكاب عدة أفعال في فرنسا في الآونة الأخيرة.
وعلى وقع ذلك، قررت السلطات الفرنسية رفع مستوى التأهب الأمني إلى القصوى كإجراء احترازي، في الوقت الذي قال رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال إن باريس رفعت تحذيرها من “الإرهاب” إلى أعلى مستوياته “في ضوء إعلان تنظيم داعش مسؤوليته عن هجوم موسكو والتهديدات التي تلقي بظلالها على بلادنا”.
وحدد خبيران متخصصان في العلاقات الدولية وشؤون مكافحة الإرهاب، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أسباب تهديد “داعش خراسان” لأوروبا، ومدى نجاح دولها في إحباطها في مراحل التخطيط لها قبل التنفيذ الفعلي، في الوقت الذي يعتقد مراقبون أن فرنسا تأتي في مقدمة الدول الأوروبية التي يستهدفها التنظيم، ولذلك لجأت إلى رفع مستوى التأهب الأمني.
ماذا يحدث في أوروبا؟
اعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، أن تنظيم “داعش خراسان”، الذي أعلن مسؤوليته عن هجوم موسكو، وقبل ذلك في عمليات بأفغانستان وباكستان وإيران، وضع نصب عينيه مهاجمة أهداف في أوروبا وخارجها.
وسّع تنظيم “داعش خراسان” من عملياته في السنوات الأخيرة، مع شن ضربات عبر الحدود داخل باكستان وعدد متزايد من المحاولات في قلب أوروبا، حيث جرى إحباط معظم تلك الهجمات قبل وقوعها، مما دفع المخابرات الغربية إلى تقييم أن المجموعة ربما تكون قد وصلت إلى الحدود المميتة لقدراتها.
وبحسب “نيويورك تايمز”، فإن متخصصين في مكافحة الإرهاب أعربوا عن قلقهم من أن الهجمات في موسكو وإيران قد تشجع تنظيم “داعش-خراسان” على مضاعفة جهوده لضرب أوروبا، خاصة في فرنسا وبلجيكا وبريطانيا ودول أخرى تعرضت لهجمات متقطعة خلال العقد الماضي.
في يوليو الماضي، نسقت ألمانيا وهولندا اعتقالات استهدفت 7 أفراد من الطاجيك والتركمان والقرغيز المرتبطين بشبكة داعش-خراسان الذين يشتبه في تخطيطهم لهجمات في ألمانيا.
كما ألقي القبض أيضا على 3 رجال في ولاية شمال الراين وستفاليا الألمانية، بسبب خطط لمهاجمة كاتدرائية كولونيا ليلة رأس السنة الجديدة 2023، مع مداهمات أسفرت عن 3 اعتقالات أخرى في النمسا، وواحد في ألمانيا يوم 24 ديسمبر الماضي للاشتباه في دعمهم لـ”داعش خراسان”.
في حين، قالت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية، أفريل هاينز، أمام لجنة بمجلس الشيوخ الأميركي هذا الشهر “إن التهديد الذي يشكله داعش، لا يزال مصدر قلق كبير في مجال مكافحة الإرهاب”، مضيفة أن معظم الهجمات “التي نفذها داعش على مستوى العالم حدثت بالفعل من قبل مجموعات من داعش خارج أفغانستان”.
وبالتزامن مع تلك التصريحات، قال رئيس القيادة المركزية للجيش الأميركي، الجنرال مايكل كوريلا، أمام لجنة بمجلس النواب، إن تنظيم داعش-خراسان “يحتفظ بالقدرة والإرادة لمهاجمة المصالح الأميركية والغربية في الخارج في أقل من 6 أشهر دون سابق إنذار”.
فرنسا في المقدمة
من باريس، يقول المحلل الفرنسي المتخصص في العلاقات الحكومية والشؤون الدولية، فرانك فارنيل، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه جرى إصدار تحذير واضح بشأن التهديد المتزايد داخل فرنسا وربما في جميع أنحاء أوروبا من الأنشطة الإرهابية من قِبل داعش خراسان، في ضوء تحذير الرئيس ماكرون من هجمات محتملة، ورفع مستوى التأهب الأمني داخل البلاد.
وأوضح “فارنيل” أن الاعتراف الصريح بالمؤامرات الإرهابية التي جرى إحباطها عبر الدول الأوروبية يؤكد الخطر الشديد والمستمر الذي تشكله هذه الجماعات المتطرفة، إذ يُظهر الاتجاه الأخير للهجمات والخطط التي تم إحباطها في جميع أنحاء أوروبا بشكل لا لبس فيه أن الخطر من منظمات مثل “داعش خراسان” مباشر ومتطور.
ووفق المحلل الفرنسي المتخصص في الشؤون الدولية، فإن توظيف الأفراد المتطرفين محليا من قِبل هذه الجماعات، كما يتضح من حوادث مختلفة بما في ذلك مقتل سائح ألماني في هجوم بسكين نفذه رجل فرنسي في ديسمبر الماضي، يدل على تحول استراتيجي نحو استخدام عناصر محلية لتنفيذ عمليات إرهابية.
وأضاف: “علاوة على ذلك، فإن سلسلة التهديدات والاعتداءات في الدول المجاورة، بما في ذلك الأحداث المنسقة في 19 مارس الجاري، في ألمانيا، إلى جانب حوادث أخرى في النمسا والأحداث المتكررة في ألمانيا وهولندا، تؤكد أن هذا التهديد ليس مقتصرا عن فرنسا وحدها، ولكنه يمتد عبر القارة الأوروبية بأكملها”.
خطر الألعاب الأولمبية
وشدد “فارنيل” على أن دورة الألعاب الأولمبية الوشيكة في باريس تمثل هدفا بارزا بشكل خاص للكيانات الإرهابية التي تهدف إلى الظهور على نطاق واسع.
ويتفق مع هذا الطرح، المسؤول السابق عن مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، والذي يعمل مستشارا لمشروع مكافحة التطرف، إدموند فيتون براون، والذي أبدى قلقه البالغ بشأن دورة الألعاب الأولمبية في باريس، قائلًا إنها “ستكون هدفا إرهابياً ممتازًا”.
وعاد المحلل الفرنسي للقول إن التدابير الأمنية الحالية والاستجابات الحكومية تشير في جوهرها إلى موقف قوي ضد الإرهاب، مما يؤكد خطورة هذه التهديدات، ففي الوقت الذي تقف فيه أوروبا في منعطف حرج تواجه مستوى مرتفعا من التهديد، تصبح ضرورة اليقظة التي لا تتزعزع والاستعداد الشامل أمرا بالغ الأهمية لإحباط المساعي الإرهابية المستقبلية وضمان سلامة مواطنيها.
وأكد أن تهديد الجماعات الإرهابية وفي القلب منها “داعش خراسان” يتجاوز الحدود الوطنية، مما يستلزم استراتيجية أمنية تشمل الاعتبارات المحلية والدولية على حد سواء لحماية المصالح الفرنسية والأوروبية أينما كانت، وعلى الرغم من الاتجاه نحو هجمات منعزلة من جانب جهات فاعلة منفردة، فإن احتمال وقوع ضرر جسيم من هؤلاء الأفراد لا يزال يشكل مصدر قلق بالغ.
وتتطلب معالجة طموحات داعش العالمية بشكل فعال من الدول الأوروبية تعزيز قدراتها على التكيف استجابة لتكتيكات الإرهاب المتطورة، ويستتبع ذلك وضع إطار أمني شامل وذكي وقادر على التصدي ليس للخلايا الإرهابية المنظمة فحسب، بل أيضا على تحييد التهديدات الانفرادية، بحسب “فارنيل”.
لماذا يستهدف “داعش” أوروبا؟
حدد الباحث المتخصص في الحركات الجهادية المسلحة ومكافحة الإرهاب، أحمد سلطان، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، الأسباب التي تقف وراء سعي تنظيم داعش، وخاصة فرعه “داعش-خراسان”، إلى توسيع نطاق هجماته في أوروبا، بعدد من النقاط قائلًا إنَّ:
تهديد تنظيم داعش لم ينته من الأساس، لكن الفترة الأخيرة شهدت نشاطًا عملياتياً، إذ كان هناك توجيه من قيادة التنظيم المركزية بعد تولي أبو حفص الهاشمي إمارة التنظيم العام الماضي، بزيادة وتكثيف العمليات في مناطق النشاط التقليدية خاصة في سوريا والعراق والقارة الأفريقية مع تركيز مجموعة داعش خراسان على استهداف الدول الخارجية وتوظيف الخلايا والشبكات التي جندتها في تنفيذ هجمات ضد المصالح الغربية.
تنظيم داعش لا تزال لديه شبكات موجودة في أوروبا، لكنه يلجأ إلى الحفاظ على هذه الشبكات لأنها تلعب دورًا كبيرًا في مسألة الدعم اللوجيستي والتمويل.
هناك مرحلة جديدة بالتنسيق مع بين قيادة التنظيم وفرعه “داعش خراسان”، حيث جرى تجنيد العديد من الخلايا التي تلقت تدريبات وتوجيهات بتنفيذ هجمات في دول بعينها مثل روسيا ودول أوروبية.
شهدنا بالفعل في الفترة الماضية إحباط الكثير من العمليات التي خطط لها التنظيم في الدول الأوروبية، لكن ما زال هناك خطر قائم لتنفيذ هجمات أخرى، لأن داعش في النهاية يعتمد على خلايا صغيرة العدد وغالباً لا تكون متصلة ببعضها البعض ولا يتم الكشف عنها دفعة واحدة، وكذلك فهناك مخاوف من هجمات تعرف باسم “الذئاب المنفردة”، وهي أصعب في كشفها وإحباطها.
فرنسا تأتي على رأس الدول المهددة بتنفيذ هجمات إرهابية من تنظيم داعش خراسان، وفيما يتعلق بطموحات التنظيم الدولية، فداعش يسعى لإثبات وجوده مع قائده الجديد، وبالتالي فوتيرة زيادة الهجمات لا تزال مطروحة وتثير مخاوف واسعة.
أخيرًا، ما زال خطر تنظيم داعش قائماً، حيث يمر بحالة انتعاش عملياتية وهناك تحذيرات من الاستخبارات الغربية بأن التنظيمات الإرهابية تسعى لتنفيذ هجمات غير نمطية مستقبلًا.
فرنسا ترفع حالة التأهب ضد الإرهاب
أعلن غابرييل أتال رئيس الوزراء الفرنسي في وقت سابق عن رفع حالة التأهب الأمني في البلاد إلى أعلى مستوى، وذلك في أعقاب الهجوم الإرهابي على حفل موسيقي بالقرب من العاصمة الروسية موسكو.
وذكر أتال في منشور عبر منصة التواصل الاجتماعي “إكس”، تويتر سابقا، أن الخطوة، التي تم اتخاذها خلال اجتماع لمجلس الدفاع والأمن دعا إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جاءت في ضوء إعلان تنظيم “داعش” الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم والتهديد الذي يواجه فرنسا.
وقال أتال: “نظرا لإعلان تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم والتهديدات التي تلوح ضد بلادنا، فقد قررنا رفع وضع التعزيز الأمني إلى أعلى مستوى: حالة الطوارئ”. ويتألف الإنذار الإرهابي في فرنسا من ثلاثة مستويات، ويمكن رفع مستوى التأهب إلى الأقصى بشكل مباشر بعد وقوع هجوم أو عندما تنشط جماعة إرهابية محددة وغير محلية.
ويجري فرض أعلى مستوى للتأهب لفترة زمنية محدودة أثناء إدارة الأزمات. فهو يسمح بتعبئة الموارد بشكل استثنائي، كما يسمح أيضا بنشر المعلومات التي يمكن أن تحمي المواطنين في حالة الأزمات. وكان ما لا يقل عن 137 شخصا قد قتلوا عندما فتح عدة مسلحين النار على رواد حفل موسيقي في قاعة مدينة كروكوس في شمال غربي موسكو مساء الجمعة.
وألقي القبض على 11 مشتبها بهم، من بينهم أربعة رجال يعتقد أنهم متورطون بشكل مباشر في الهجوم. وبحسب ما ورد تم القبض على المشتبه بهم الرئيسيين الأربعة في منطقة بريانسك الروسية، المتاخمة لأوكرانيا وبيلاروسيا، وتم نقلهم إلى موسكو للاستجواب.
وأعلنت “ولاية خراسان”، فرع لتنظيم “داعش”، ومقرها في أفغانستان وباكستان، مسؤوليتها عن الهجوم، لكن السلطات الروسية لم تعلق بعد على هذا الادعاء. وبدلا من ذلك، أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين – دون تقديم أدلة – إلى وجود “أثر” يشير إلى تورط أوكرانيا، وهي الاتهامات التي سارعت كييف إلى نفيها.
بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية… الحكومة تنشر قوات أمام جميع الكنائس في عيد الفصح
قررت الحكومة الفرنسية نشر قوات الأمن أمام كل كنيسة في عيد الفصح الذي يصادف نهاية الأسبوع. وجاء هذا القرار، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية الخميس، في مذكرة ورسالة نصية وجهها وزير الداخلية جيرالد دارمانان إلى رؤساء الشرطة، بسبب “التهديد الإرهابي و”استمرار التوترات” الدولية، وخاصة مع الحرب في غزة واعتداء موسكو، وهو ما يستدعي “توخي اليقظة القصوى” في هذه المناسبة الدينية.
بمناسبة عيد الفصح الذي يصادف نهاية الأسبوع، طلب وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، في مذكرة ورسالة نصية قصيرة، من رؤساء الشرطة نشر عناصرها أمام جميع الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية، حسب ما كشفت عنه وكالة الأنباء الفرنسية الخميس.
وكتب الوزير في مذكرة أرسلها الخميس إلى رؤساء الشرطة أن المستوى “المرتفع جدا” للتهديد الإرهابي و”استمرار التوترات” الدولية وخاصة مع الحرب في غزة واعتداء موسكو “يتطلبان توخي اليقظة القصوى” بمناسبة عيد الفصح.
وكما يفعل عادة بمناسبة مختلف الأعياد الدينية، طلب الوزير منهم “حشد قوات الأمن” من أجل “توفير مشورة تتعلق باليقظة والأمن” للسلطات الدينية المحلية.
وأشار دارمانان “بشكل خاص، إلى ضرورة التأكيد” على “مراقبة القادمين بصريا للكشف عن الأفراد المشبوهين” وإيلاء “اهتمام خاص” لـ”المركبات المتوقفة بالقرب من أماكن التجمع أو دور العبادة”.
وفي مذكرة مكتوبة بخط اليد، أمر الوزير بتنظيم “وجود ملموس” للشرطة، “بشكل منهجي” أمام “جميع” الكنائس والمعابد، ولا سيما خلال قداس الجمعة وعطلة نهاية الأسبوع.
وأكد الوزير هذه التعليمات برسالة نصية قصيرة إلى رؤساء الشرطة.
وتم إحباط هجومين في طور الإعداد في فرنسا منذ مطلع العام. ويتعلق أحدها “بعمل عنيف ضد مبنى ديني كاثوليكي” على يد رجل “يبدو أنه يرتبط بالفكر الجهادي”، بحسب النيابة العامة لمكافحة الإرهاب.
وأشارت النيابة العامة إلى أن هذا الرجل البالغ 62 عاما اودع الحبس الاحتياطي في 8 آذار/مارس بتهمة “الارتباط بمجموعة إجرامية من أجل الإعداد لجرائم ضد الأشخاص”.
ويصادف عيد الفصح الذي يحيي ذكرى قيامة المسيح عند المسيحيين الأحد عند الكاثوليك والبروتستانت، وفي 5 أيار/مايو عند الأرثوذكس.