أصبحت ظاهرة السخرية والتنمر في المغرب ملذة للكثيرين على منصات الاجتماعية، صغارا وكبارا، وهو الأمر الذي بات مخيفا حول تنامي الظاهرة ومطالب بتجريمها
كما هو واضح فقد باتت صفة «التنمر» تأخذ أشكالًا مختلفة في عالم الفضاء المفتوح دون الوصول إلى طريقة للحد من خطورتها أو تعقب مرتكبوها، ما جعل من التنمر يأخذ منحنى آخر، ليتحول من العادي إلى «التنمر الإلكتروني».
وتحولت السوشيال ميديا في المغرب من منصات للتواصل والنقاش ونشر الأخبار، إلى ساحة للتنمر والإساءة إلى الأشخاص وإيذائهم والتشهير بهم والتطفل على خصوصياتهم.
وفي ظل غياب أي إحصائيات رسمية عن عدد ضحايا التنمر في المغرب، فقد تعرض أكثر من 62% من الشباب المغربي إلى التنمر والمضايقة عبر الإنترنت، و58% كانوا شهودا على أعمال العنف ضد الآخرين، فيما اعترف 47.7% منهم بأنهم اقترفوا أحد أشكال العنف، وفق دراسة أجرتها جمعية “ابتسامة رضا ” غير الحكومية في ديسمبر 2021.
“لم أختر إعاقتي”
وتروي واحدة من مشاهير المنصات الاجتماعية لـ”العربية.نت” معاناتها اليومية مع السخرية والتنمر على حسابها بـ “تيك توك”، قائلة لم أختر لا إعاقتي ولا ما أنا عليه”.
وبحرقة ومرارة، تقول حفصة وهو اسم مستعار، البالغة من العمر 23 سنة، إنها كثيرا ما تعرضت للسخرية والمضايقات ونشر صورها وإرفاقها بمحتوى ساخر من إعاقتها على مستوى كف يديها.
أصبحوا وحوشاً ومجرمين
وأضاقت “لم تتوقف الإساءة فقط لي عبر التشهير بصوري وبإعاقتي فكثيرا ما كنت أقذف بعبارة جارحة تصل إلى حد الإذلال بي وبعائلتي وأنا في المباشر على “تيك توك”، الأمر الذي أزعج والدي وقرر معاقبتي بغلق حسابي على هذه المنصة”.
وتحدثت حفصة قائلة: “ربما لم أكن أنا الضحية الوحيدة التي تعاني من تنمر إلكتروني”، بل هناك ضحايا كثر عاشوا أياما صعبة مثلي، وغادروا هذه المنصات كما غادروا مدارسهم، وربما فكروا في الانتقام وأصبحوا وحوشا ومجرمين”.
التنمر سلاح يقتل ضحاياه
ويقول أحلوى عزيز، الأستاذ الباحث في علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، في تصريح لـ “العربية.نت”، إن التنمر يعتبر من الظواهر القائمة بذاتها، والتي يمارس فيها الفرد نوعا من المضايقات والتمييز تجاه شخص معين أو تصل أحيانا إلى حد وضع قيود لإدماجه في المجتمع”.
وأضاف الباحث المغربي أن عملية التنمر تكون بين شخصين أحدهما يتنمر على الآخر، ويستعمل ألفاظا معينة لبلوغ هدفه، وهذه العملية تحتاج إلى تحليل الخطاب لمعرفة إن كانت ألفاظ قدحية أو جارحة أم خارج القانون أم معيبة، أو تستعمل بشكل قصدي لتجريح الأشخاص والنيل منهم بشكل مباشر.
إلى جانب ذلك، يرى عزيز أن التنمر لا يكون دائما بإنتاج خطاب أو كلام، بل قد يكون أيضا بالحركات والنظرات، وبالعزل الرمزي، أو بالازدراء أو الاستهزاء به عن طريق سلاح التنمر ليصبح شخصا غير مرغوب فيه.
التنمر إذلال وتهديد
وأشار الأستاذ الباحث في علم الاجتماع إلى “أن التنمر عند البالغين ليس أقل خطورة من الصغار والشباب، خاصة في عالم النساء بينهن، وقد تجد في “يوتيوب” العديد من الفيديوهات التي يتم تسجيلها بشكل ذاتي من أجل النيل من زميلة في العمل أو صديقة أو العائلة أحيانا”.
وتابع قائلا: “الغريب في هؤلاء النسوة أنهن يستعملن لغة غير مفهومة وغير مقصودة وغير مباشرة، تخاطب بها الأخرى بما قدمته لها من خدمات، أي أنها تصنع خطابا تمارس فيه الإذلال، ويشمل الملابس والأكل والشرب والعمل والسلوك وأحيانا يطال هذا التنمر لأفراد العائلة”.
وعلى الرغم من ما قدمه العالم الرقمي للمرأة وبروزها في مجالات عدة، فإنه تحول إلى فضاء لنيل وتصفيات الحسابات علانية على “تيك توك” و”إنستغرام”، “ويوتيوب”، قد تصل إلى حد تسمية الشخص باسمه، أي “صديقتها أو عدوتها” وأحيانا لا تسميها لكن تنال منها عن طريق التنمر المباشر وإعطائها بعض الأوصاف حتى تفهم الضحية أنها هي المعنية.
وللإشارة، فإن ثلث مجموع الشباب المستخدمين للإنترنت وقعوا ضحايا للتنمر إلكتروني في 30 دولة من العالم، بما فيها “تويتر” و”سناب تشاب” والفيسبوك” و”إنستغرام”، وذلك حسب استطلاع رأي أجرته الأمم متحدة في سبتمبر/أيلول 2019.
التنمّر عبر الإنترنت
جمعنا أخصائيين من اليونيسف، وخبراء دوليين في مجال التنمّر عبر الإنترنت وحماية الطفل، وأقمنا شراكة مع مواقع فيسبوك، وإنستغرام، وسناب شات، وتيك توك، وإكس للإجابة عن الأسئلة الأكثر شيوعا حول التنمّر عبر الإنترنت وتقديم نصائح بخصوص طرق التعامل معه.
ما هو التنمّر عبر الإنترنت؟
التنمّر عبر الإنترنت هو التنمّر باستخدام التقنيات الرقمية. ويمكن أن يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنصات التراسل، ومنصات الألعاب الإلكترونية، والهواتف الخلوية. وهو سلوك متكرر يهدف إلى تخويف الأشخاص المستهدفين أو إغضابهم أو التشهير بهم. ومن بين الأمثلة على هذا النوع من التنمّر:
نشر الأكاذيب أو نشر صور محرجة لشخص ما على وسائل التواصل الاجتماعي
إرسال رسائل أو صور أو مقاطع فيديو مؤذية أو مسيئة أو تهديدات عبر منصات التراسل
انتحال شخصية أحد ما وتوجيه رسائل دنيئة للآخرين باسمه أو من خلال حسابات وهمية
وكثيراً ما يحدث التنمّر الشخصي والتنمّر عبر الإنترنت متزامنين. بيد أن التنمّر عبر الإنترنت يترك بصمة رقمية — أي سجلاً يمكن أن يكون مفيداً وأن يوفر دليلاً من أجل إيقاف الإساءات.
. أشخاص انتحروا بسبب السخرية منهم على الإنترنت
وتعرف منظمة «اليونيسف» التنمر الإلكتروني هو كل كلمة أو صورة ترسل عبر الإنترنت بهدف مضايقة أو تهديد أو نشر إشاعة ضد شخص آخر، وحذرت المنظمة بأن التنمر الإلكتروني يفوق التنمر المباشر تأثيره النفسي على الأفراد خصوصًا على الأطفال.
وأدى التنمر الإلكتروني إلى إصابة آلاف الأشخاص بأمراض ومشاكل نفسية جراء تعرضهم لرسائل سلبية، كثير منهم لم يتحملوا الضغط الواقع عليهم من مواقع التواصل الاجتماعي، وأخذوا خطوة إنهاء حياتهم بطريقة مأساوية بعد أن نالت منهم سخرية المجتمع.
براندي فيلا.. متنمرون من وراء الشاشات
أقدمت طالبة في إحدى ثانويات ولاية تكساس على الانتحار أمام أفراد أسرتها الذين حاولوا إقناعها بالتراجع عن قرارها، لكن من دون جدوى، وفضلت براندي فيلا «18 عاما»، وضع حد لحياتها من أجل التخلص من مضايقات كانت تتعرض لها باستمرار في العالم الافتراضي بسبب وزنها، بينما مرتكبوا ما يعرف بـ«التنمر» ضدها مجهولون، ولم تتمكن السلطات من كشف هوياتهم.
وإثر الحادث المأساوي، كشفت أسرة الشابة أنها كانت تتعرض لمضايقات على الإنترنت، وأنها أبلغت إدارة ثانويتها بذلك، لكن التحقيقات كشفت أن التطبيق الذي استخدمه المتنمرون لا يتيح تعقبهم.
نجمة إعلانات.. قتلتها السخرية
أقدمت فتاة في الـ14 من العمر كانت في السابق نجمة إعلانات شركة القبعات الأسترالية الشهيرة «أكوبرا»، على الانتحار بعد تعرّضها للمضايقات الشديدة من المتنمّرين عبر الإنترنت، وفق ما ذكر موقع «ميرور».
وقد أشار والد الفتاة التي تدعى إيمي «دولي إفيريت» في منشور مؤثّر عبر موقع «فايسبوك»، إلى أنه يجب نشر مزيد من التوعية حول المعاناة التي يمكن أن يسبّبها التنمّر أو الاستقواء، فيما وجّه دعوة إلى المتنمرين الذين ضايقوا ابنته لحضور مأتمها.
صديقاتها وصفوها بأنها «قبيحة»
لم تجد طفلة أمامها سوى الانتحار للتخلص من سخرية أصدقائها، حيث سلطت صحيفة nbcnews الضوء على قصة طفلة تبلغ من العمر 13 عاماً، انتحرت فى غرفة منزلها بولاية كاليفورنيا الشهر الماضي، وتركت عدة رسائل كتابيه لعائلتها عندما عثروا على جسدها.
ووفقاً لـ nbcnews تركت الطفلة التي تدعى «روزالى أفيلا» رسالة لوالدتها، وقالت: «أنا أحبك أمي، وأنا آسفة اذا رأيتينى في هذا الوضع، ومن فضلك لا تنشري أي صور لي في جنازتي»
السبب وراء انتحار الطفلة “روزالي” هو سخرية أصدقائها من لونها وأسنانها قائلين إليها إنها قبيحة، مما شكل ضغطًا نفسيًا كبيرًا عليها، حيث كانت الطفلة لا ترغب في النظر إلى المرآة لأنها تشعر بالحزن من شكل أسنانها ولونها الداكن، والتي طالتها على مواقع التواصل الاجتماعي ما جعلها تنهي حياتها بصورة مأساوية.
كراهية المتنمرون تنهي أحلام عارضة أزياء
تخلت عارضة أزياء حسناء شهيرة عن حياتها بالانتحار شنقاً، بسبب التعليقات الكارهة من المتنمرين الذين دأبوا على انتقادها بقسوة، وتوجيه السباب والشتائم والكلمات الموجعة لها عبر حساباتها على مولقع التواصل الاجتماعي.
فقد أعلنت وسائل إعلام باكستانية أن شرطة مدينة «لاهور» قد كشفت لغز العثور على جثة عارضة الأزياء «أنام تانولي» – 26 عاماً في غرفة نومها داخل منزلها، وقد فارقتها الحياة تماماً، حيث تم العثور على رسالة انتحار مسجلة بالفيديو للراحلة قبل دقائق من تنفيذها عملية التخلص من حياتها عبر الشنق.
أوضحت وسائل إعلام وصحف باكستانية أن والدة العارضة الراحلة اعترفت أن ابنتها كانت تتعرض للتنمر بشكل يومي، وإنها كانت تحت ضغط «عقلي»، واتفقت بالفعل مع طبيب نفسي على مباشرة حالتها السيئة التي وصلت إليها مع الاكتئاب بسبب المتنمرين، وكان لديها موعد محدد في نفس يوم انتحارها مع الطبيب، وذلك قبل أن تتخذ قرارها وتنفذه في لحظة يأس.
وبحسب المركز الوطني لمكافحة المضايقة «التحرش» تشهد أعداد عمليات المضايقة عبر الإنترنت ازدهاراً، والأطفال عرضة لها بشكل دائم. وتقول بعض المصادر إن المراهقين والأطفال لا يطلبون المساعدة عندما يقعون ضحايا لمثل هذه الأعمال إلا في حالات نادرة.
فيما لا يتوفر إحصاء رسمي لعدد عمليات الانتحار، بينما أعرب مراقبون بأن نسبة انتحار المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين خمسة عشر عاماً وأربعة وعشرين عاماً تزداد في السنوات الأخيرة.
أحكام التنمر في الفقه الإسلامي
يتناول هذا البحث أحد الظواهر التي انتشرت في هذا العصر وخاصة مع تتطور وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي واختلافها، ووصولها إلى مختلف طبقات المجتمع ومختلف الأعمار، وهذه الظهرة قديمة وتطورت مع التطور التكنولوجي، ألا وهي ظاهرة التنمر الالكتروني، وجاء هذا البحث ليكشف عن صورها وأحكامها في الفقه الإسلامي وهذا يدل على أن الفقه الإسلامي صالحًا لكل زمان ومكان، فلا توجد حادثة أو ظاهرة في المجتمع إلا ولها حكم في كتاب الله ، وسنة نبيه ، وجاء هذا البحث في مقدمة ومبحثين، تناولت في المبحث الأول منه تعريف التنمر الإلكتروني وآثاره، وجاء المبحث الثاني تحت عنوان صور التنمر الإلكتروني وأحكامها.
بعد ذلك توصلت إلى عدد من النتائج أهمها:
1- التنمر بصفة عامة يعد ظاهرة قديمة موجودة في جميع المجتمعات منذ زمن بعيد، والتنمر الإلكتروني ما هو إلا امتداد لهذه الظاهرة تبعا لاختلاف الوسائل.
2- التنمر الإلكتروني قد يشترك أكثر من شخص في التنمر عن جهل، ويقعون هم ضحية المتنمر الأصلي؛ لذا يجب أن يتثبت الإنسان بكل ما يقال، ولا ينشر إلا ما يتوثق منه، حتى لا يكون ألعوبة في يد المتنمرين ليلحقوا الأذى بآخرين.
3- وجود علاقة طردية بين التمسك بتعاليم الدين، والتربية السليمة وبين السلوك التنمري، حيث إن غرس المفاهيم الصحيحة للدين يعد أهم الجوانب الوقائية لظاهرة التنمر الإلكتروني.
4- حرمة التنمر الكتروني بكافة صوره في الفقه الإسلامي سواء كان ذلك عن طريق ( السخرية والاستهزاء أو السب والشتم أو التشهير).
رئيسة وزراء إيطاليا تقاضي أب وابنه و السبب ؟