تخطى إلى المحتوى

3 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الثلاثاء

1 «طشّار» حزبي يأخذ العراقيين إلى الانتخابات
عدنان حسين
الشرق الاوسط السعودية

اختارت الصحافية والروائية العراقية، الزميلة إنعام كجه جي، لروايتها الثالثة عنواناً مُختصَراً للغاية ومُعبِّراً تماماً، هو «طشّاري». هذه كلمة من اللهجة العراقية منحوتة من كلمة «طشّار» التي تعني التشتّت أو التفرقّ أو التناثر، وترد في مقولة شعبية متداولة في الحياة اليومية على نسق الأمثلة السائرة: «صار طشّارهم ما له والي»، أي أنهم أصبحوا شذرَ مذر.
كجه جي جسّدت في روايتها الجميلة هذه محنة العراقيين الذين «صار طشّارهم ما له والي» منذ أربعينات القرن الماضي تحت وطأة التمييز الجائر، الديني والقومي والمذهبي والسياسي، والانقلابات العسكرية والحروب الداخلية والخارجية الطاحنة.
عنوان رواية كجه جي هذه يُمكن استعارته الآن لإيجاز ما آلت إليه الحال السياسية في العراق عشية الانتخابات البرلمانية والمحلية المُفترض إجراؤها في مايو (أيار) المقبل. كل الانتخابات السابقة كانت تشهد عمليات تمركز وتركيز على أساس طائفي (شيعي، سني)، أو قومي (عربي، كردي، تركماني، كلداني – آشوري). لكنّ الانتخابات الجاري التحضير لها الآن تتميز بـ«طشّار ما له والي» بين القوى السياسية، فالائتلافات الشيعية تشرذمت هذه المرّة، وكذا السنيّة والكردية، بل إن الطشّار ضرب التيار المدني الأحوج من الآخرين إلى الائتلاف والوحدة، والأضعف تمثيلاً في العملية السياسية التي أنشأها الأميركيون والبريطانيون بعد إسقاطهم نظام صدام حسين على قاعدة المحاصصة الطائفية – القومية.
الثلاثاء الماضي أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أنها سجّلت رسمياً لغرض خوض الانتخابات 27 تحالفاً تضمّ 143 حزباً وكياناً سياسياً، وهما رقمان قياسيان نجما عن عملية تشرذم واسعة النطاق ضربت الائتلافات والأحزاب التي خاضت الانتخابات السابقة (أربعة برلمانية وثلاثة محلية) وكانت فيها موحدة إما على الأساس الطائفي أو على الأساس القومي.
هذا الطشّار يُمكن ردّه إلى عاملين اثنين رئيسيين، الأول: زيادة عدد الطامعين في الوصول إلى مصادر السلطة والنفوذ، وفي الغالب فإن الهدف من مسعى الوصول هذا ليس الانخراط في خدمة الشعب والوطن، إنما الحصول على المال، فقد بقي المال العام في العراق على مدى الأربع عشرة سنة الماضية سائباً، مما تسبّب في التشجيع المفرط على السرقة، بل النهب المعروف في اللهجة العراقية بـ«الفرهود»، حتى أصبح العراق في مقدمة الدول التي تفشّت فيها ظاهرة الفساد الإداري والمالي ليس فقط على وفق ما يتردّد دورياً في تقارير المنظمات الدولية ذات العلاقة (الأمم المتحدة، منظمة الشفافية الدولية، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي)، بل كذلك باعتراف قادة العملية السياسية. ومن القضايا الكبيرة التي تُعلن الحكومة هذه الأيام الاهتمام بها، بمساعدة هيئات دولية، تقصّي مصير ما يزيد على ثلاثمائة مليار دولار في الأقل من عائدات النفط كانت مخصّصة لبرامج التنمية والخدمات العامة، اختفى كل أثر لها.
أما العامل الثاني لهذا الطشّار السياسي – الحزبي فيكمن في أن العملية السياسية التي اعتمِدت على أساس المحاصصة الطائفية – القومية قد أثبتت فشلها الذريع ووصلت إلى طريق مسدودة، فبدلاً من أن تجلب الوحدة إلى مكوّنات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية، وتحقّق الاستقرار والتنمية للعراق الذي طبع العنف الدموي تاريخه على مدى أكثر من نصف قرن، صارت هذه العملية السياسية الهجينة من العوامل المحرضّة على الصراعات والنزاعات الطائفية والقومية والسياسية الدامية، وكان نجاح تنظيم داعش الإرهابي في اجتياح ثلث العراق، بمدنه الكبيرة ومساحاته الواسعة، بسهولة شرب الماء، إعلاناً صارخاً بفشل هذه العملية السياسية، بل عدم صلاحيتها في الأساس وخطر الاستمرار بها. هذا بالذات ما أدى إلى ارتفاع نبرة المطالبة بالتغيير والإصلاح في أوساط المجتمع العراقي وحتى داخل الأحزاب الحاكمة نفسها. وعكست نزعة التغيير عملية الانشقاقات الداخلية للأحزاب والائتلافات السياسية، وكذا الحركة الاحتجاجية التي انطلقت في أواسط 2015 وتستمرّ حتى اليوم في العاصمة بغداد وسبع محافظات أخرى في الوسط والجنوب.
هذا الطشّار ليس إيجابياً بالمطلق ولا هو سلبي بالمطلق كذلك. السلبي فيه أن أصوات الناخبين ستتشتّت أكثر من ذي قبل لتتوزع على 27 ائتلافاً و143 حزباً وجماعة، وستكون الكتل في البرلمان المقبل أقل قوة، مما يزيد من مشقّة تشكيل الحكومة المقبلة لصعوبة تحقيق التوافق وتأمين الأغلبية السياسية، فيما العراق في الظرف الراهن تمسّ حاجته إلى حكومة قوية تشرع في الحال بعملية الإصلاح السياسي والإداري المطلوب ومكافحة الفساد وإعادة إعمار المناطق المُدمّرة وتوفير الخدمات العامة وإعادة الحياة إلى الاقتصاد شبه الميّت لاستيعاب البطالة الكبيرة في صفوف الشباب خصوصاً والتخفيف من مستويات الفقر المتفاقمة.
لكنْ في المقابل، فإن الإيجابي في حال الطشّار الراهنة أنها تدفع مستقبلاً في اتجاه تفتيت القوى والأحزاب الطائفية – القومية التي فرضت ديكتاتوريتها «التوافقية» في السنين الأربع عشرة الماضية لصالح القوى والائتلافات الوطنية العابرة للطائفة والقومية، فسيكون لزاماً على القوى الحاكمة من الآن فصاعداً، للبقاء على قيد الحياة، تنظيف أنفسها من الداخل وتبنّي برامج سياسية وطنية، أي نابذة لمبدأ المحاصصة الطائفية والقومية الذي سمّم حياة العراقيين في العهد الجديد بمثل ما كانت عليه الحال في عهد صدام، وأزهق من أرواح العراقيين بقدر ما أزهقت حروب صدام، ودمّر بقدر الدمار الشامل في ذلك العهد.
2 كردستان وفلسطين… تشابه أم تناقض؟
صلاح عصام أبوشقرا
الحياة السعودية

شهد إقليم كردستان العراق زلزالاً جيو سياسياً، إثر الاستفتاء لنيل الاستقلال عن العراق، غيّر معالمه بصورة شبه كلية. وينتظر الإقليم هزات ارتدادية قد تعيده إلى المربع الأول، أي إلى عهد الحكم المركزي المباشر من بغداد، لاسيما بعد استعادة الحكومة المركزية مدينة كركوك وكل المناطق المتنازع عليها، الأمر الذي أفضى إلى حرمان الإقليم من معظم ينابيع النفط الذي يغذي خزينته. كما تطالب حكومة بغداد باستعادة النقاط الحدودية للإقليم مع دول الجوار، ما يقضي على ما يتبقى من مصادر تمويل تلك الخزينة من العائدات الجمركية.

في ظل هذا المشهد لفت المراقبين الموقف الإسرائيلي، الداعم الوحيد والحصري لاستقلال إقليم كردستان العراق، بخلاف الموقفين الأميركي والأممي، الأمر الذي يطرح تساؤلاً عن سبب هذا الدعم العلني للاستقلال، ومصلحة إسرائيل الحقيقية في تحرر الشعوب.

تقابل هاتين الإشكاليتين فرضيات عدة، أبرزها الفهم المبسّط والسطحي، عن قصد أو غير قصد، للموقف الإسرائيلي، باعتبار ان مجرد التأييد العلني للاستقلال هو بحق دعم حقيقي له، وبالطبع يتبنى هذه الفرضية الدول المحيطة بكردستان، والتي لا يناسبها قيام دولة كردية على حدودها، أي تركيا وإيران والعراق.

أما الفرضية الأخرى فهي أن الغاية الحقيقية من إعلان التأييد والمجاهرة به، هو لحصول العكس، أي إجهاض الاستقلال. وهكذا تصبح المجاهرة والدعم الإعلامي للاستقلال «حتى يصل الصوت» طبعاً إلى حيث يجب أن يصل، أي إلى الدول المحيطة بكردستان، كي تثيرها وتستنهضها للقضاء على آمال قيام دولة كردية، إذ يكفي أنه سلّح معارضي الاستفتاء باتهام الأكراد بالسعي إلى ضرب وحدة العراق والتفريط بسيادته وتأمين مصالح إسرائيل بإدخالها إلى العراق، وهي الفرضية الأقرب إلى الواقع، لا سيما أن ما يصدر عن إسرائيل يتناقض في معظم الحالات مع حقيقة مواقفها وخلفياتها.

وهكذا إن صحت الفرضية الثانية، يبقى للبحث عن حل الإشكالية الثانية جدوى، وهو البحث عن مصلحة إسرائيل في إبطان العمل على إطاحة الطموحات الكردية في تأسيس دولة مستقلة. ويبدو أن خوف اسرائيل من إعلان استقلال دولة فلسطين على أراضي الضفة الغربية، ومن ضمنها القدس الشرقية، إضافة إلى قطاع غزة، هو بسبب التشابه الكبير بين إقليم كردستان والسلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. فكلا الشعبين الكردي والفلسطيني موجود في أرضه قبل احتلالها، وكلا الشعبين حصل على حكم ذاتي بعد سنوات طويلة من النضال والتضحيات، وكلاهما يسعى إلى استعادة عاصمته التاريخية، فكركوك عند الأكراد بمنزلة القدس عند الفلسطينيين والعرب، وكلاهما يستمر في النضال السياسي للحصول على الاستقلال التام والاعتراف الدولي. والأهم من ذلك كله هو تركيبة الشعبين المتنوعة، والتي لم تشهد نزاعات طائفية أو مذهبية إلا ما ندر، وهو ما يتناقض تماماً مع التركيبة العنصرية لإسرائيل.

إذا كان الفلسطينيون بأكثريتهم الساحقة مسلمين ومسيحيين أرثوذكس، فإن أكراد العراق يتوزعون على ديانات ومذاهب مختلفة، وإن كانت الأكثرية الساحقة على المذهبين السني والشيعي، والأخيرون هم الأكراد الفيليون. حتى ان بين أكراد العراق يهوداً، وهم من سلالة اليهود الذين سباهم البابليون. وتجدر الإشارة إلى أن الأكراد اليهود هم من رفع الأعلام الإسرائيلية في أربيل دعماً للاستقلال.

في السياق نفسه إن رغبة إسرائيل في إضعاف العالم العربي وتفتيت دوله، وخلق الفتن الدينية والمذهبية والإثنية بين أبنائه حقيقة غير قابلة للشك، إلا أن دعمها العلني للاستفتاء هو إجهاض له ومحرقة لاستقلال كردستان. وما يعزز هذا الطرح هو استمرار فكرة الاستقلال في العديد من الأقاليم والمناطق، مثل إسكوتلندا، من خلال استفتاء سنة 2014، وإرلندا الشمالية من قبلها. ومن ثم تعمل إسرائيل بكل قوتها التحريضية على منع انتقال عدوى الاستقلال إلى الضفة والقطاع، إذ إن قيام دولة كردية في شمال العراق والحصول على الاعتراف الدولي، سيقابلهما تحرك للساحات الفلسطينية للمطالبة بالاستقلال، وقد يؤدي الأمر إلى تجاوز للخطوط الحمر، وعودة الانتفاضات، الأمر الذي تخشاه إسرائيل حتماً. ألم تنتقل عدوى الاستقلال إلى كاتالونيا بعد استفتاء أربيل بأيام قليلة، وهي أبعد بأضعاف المرات من فلسطين؟

أخيراً، إذا كانت ثمرة الاستقلال لم تنضج بعد، فإن إسرائيل قد ساهمت في قطفها عجراء، أملاً منها في القضاء على طموحات الأكراد، المتشابهة مع طموحات الفلسطينيين. وإن كانت ثمرة 2017 قد قُطفت في غير أوانها، فستأتي الأيام جالبة معها عزماً وإرادة وثماراً، إلى أن يحين موسم القطاف.
3 لعبة «الطائفية والمذهبية» في… الانتخابات العراقية واللبنانية
محمد خروب
الراي الاردنية
لا حديث في العراق وخصوصاً لبنان, يطغى على ملف الانتخابات، رغم ما يعانيه البلدان من مشكلات متفاقِمة.. معيشية وأمنية واقتصادية وارتفاع المديونية وصراع بين المكونات السياسية, التي ما أن تلتقي على مسألة ما, أو تجد لنفسها فرصة للتحالف أو التوافق على ملف أو قضية ما, حتى تنزلق الى دائرة السجال المُفضي الى انفراط التحالفات, التي هي هشَّة وعابِرة, ولا تعبِّر عمّا يُبيّته كل طرف للآخر, لتشهد تراشقات كلامية وضربات تحت الحزام, تنحو في اتجاه الطائفية والمذهبية والبحث عن ادوار ونفوذ, يراه البعض انه بات ممكناً, فيما يسعى اخرون لتعزيزه وتصدّر المشهدين السياسي والحزبي.

في العراق ما يزال الصراع على مسألة استمرار او تأجيل موعد الانتخابات, التي تحدّد في الثاني عشر من ايار القريب… على أشدِّه, بين المكونات والكتل السياسية والبرلمانية «الحالية», وتلك التي اعلنت خوضها الانتخابات، لكن الصراع في النهاية (الذي حسمته المحكمة الاتحادية يوم امس بإجراء الانتخابات في موعدها) اتّخذ طابعه المعتاد, والذي «طبع» العراق منذ الاحتلال الاميركي في العام 2003، وهو الطابع الطائفي والمذهبي, حيث تُعارِض القوى «الشيعية» مطلب التأجيل, سواء في ما خصّ الانتخابات البرلمانية, ام تلك الخاصة بالحكم المحلي (البلديات), فيما المكونات والقوى «السُنيّة», التي ازداد وزنها وتأثيرها بعد انضمام القوى «الكردية» اليها, تُصرّ على التأجيل.. حيث نجحت الاخيرة في تطيير «النصاب» في مجلس النواب, ما حال دون حسم مسألة التأجيل، الأمر الذي دفع بالقوى الشيعية للتهديد باللجوء الى المحكمة الاتحادية.

لا تختلف الحال في العراق على تلك الذي تجري في لبنان, المحكوم هو الآخر بلعنة الطائفية والمذهبية, والتي تتّخذ في «المواسم الانتخابية» بُعداً اكثر حدة واستعداداً للمواجهة, كون الانتخابات المتوقَّعة في السادس من ايار المقبل, ستكون «الاولى» منذ تسع سنوات, هي عُمر مجلس النواب الحالي, الذي مَدّد لنفسه دورة كاملة (على فترات) لاسباب تم «اختراعها»من قِبل القوى المُمْسكة بقرار المجلس، تارة بِذريعة الاوضاع الأمنيّة، وطورا لانعدام القدرة على اجرائها لاسباب اجرائية ولوجستية مثل البطاقة الممغنَطة، واحيانا في اشتراط التوافق على قانون انتخابات جديد يطوي القانون المُسمّى «قانون الستين», والذي اكتسبت الاحزاب والقوى السياسية الراهنة مكانتها ودورها.. منه، لكنها تلعنه في العَلَن وتتمسك به في الخفاء، الى ان نجحت الضغوط والتحالفات ذات الطابع المؤقت, في استيلاد قانون جديد, يجمع بين النسبية والدائرة المنفرِدة, بديلا من القانون «الأكثري» الذي يمثّله قانون الستين.

يزيد من حدة الازمة المتدحرجة في لبنان, والتي تتخذ طابع «العناد» بين الرئاسة الاولى اي رئاسة الجمهورية والرئاسة الثانية التي يمثلها رئيس مجلس النواب نبيه بريّ، هو اعتماد القانون الذي وقّعه الجنرال عون كرئيس للجمهورية، ورئيس الحكومة (الرئاسة الثالثة) سعد الحريري, بمنح الاقدمية لضباط دورة العام 1994، عندما كان الجنرال عون رئيساً مؤقتاً للحكومة, قبل ان يضطر للجوء الى السفارة الفرنسية في بيروت وقتذاك.

سجال الصلاحيات و»الميثاقِية» التي يتذرّع بها كل سياسي او طائفي او مذهبي في لبنان (لا تستثني احدا) متواصِل, بإصرار وزير المالية المحسوب على بري (ولنقل الشيعي) التوقيع على القانون، ما يزال يتصدّر المشهد، ودخل عليه مؤخرا «اقتراح» من رئيس التيار الوطني الحر (التيار العوني) وزير الخارجية جبران باسيل، لتمديد فترة تسجيل المغتربين في سجِل الناخبين, ما يستبطن تأجيلا لانتخابات السادس من ايار لاعتبارات «تقنية», وهو ما يعارضه بشدة رئيس مجلس النواب الذي يرفض فتح قانون الانتخابات او المس بالمهل الانتخابية تحت اي ظرف, وهي لعبة عض وعِناد, ما تزال متواصلة ولا تجد لنفسها مخرجا بعد، وخصوصاً ان رئيس الحكومة سعد الحريري يلتزم الصمت (وليس الحياد في ما يبدو). ما يترك الامور في خانة «التعويم» المرشح للتصعيد, لأن طرفي المعادلة يرفضان النزول عن الشجرة العالية التي صعدا إليها.

العراق (كما لبنان) بات أسير المعادلة الطائفية المذهبية، وهو – كما لبنان دائماً – لم يعد قادرا على مغادرة هذا المربع الخانق، بعد ان استمرأت القوى والمكونات السياسية والحزبية هذه اللعبة الكريهة، وبنت امجادها السياسية والشخصية, على مخاطبة الغرائز والتحشيد المتكئ على إثارة النزاعات ذات البُعد الإنقسامي الآخذ في التجذر, على النحو الذي رأيناه في التحالفات الانتخابية التي سبقت اغلاق باب تسجيل الكتل والتحالفات, للانتخابات لدى الهيئة المعنية، حيث برزت الخلافات والانتهازية بين المكونات والقوى الطامحة لتصدر المشهد, وخصوصاً في استغلال هزيمة داعش لاستثمارها سياسياً وحزبيا,ً ولم ينج اي مكون سياسي او حزبي من هذه الآفة, سواء كان شيعياً أم سُنيّاً أم كرديّاً أم عابراً للطوائف والمذاهب, وان كان هؤلاء قلّة وأضعف من التأثير في المهشد الطائفي والمذهبي المُتغوِّل.

لبنان كذلك لن يخرج من «اللعبة» إياها الممتدة منذ سبعة عقود ونيف, وما يزال كثيرون يرفضون تطبيق أهمّ احد بنود الطائف الذي ينص على «إلغاء الطائفية السياسية»، ويرى البعض منهم انه «غطاء» لإعادة رسم «خريطة القوى» وِفق أبعاد «ديموغرافية» غيَّرَت عميقاً في المشهد اللبناني لصالح «المسلمين» رغم ان هناك من يتعهّد بالإبقاء على مبدأ «المناصَفة» بين عنصري بلاد الأرز.. المسلمين والمسيحيين.

لهذا ليس مفاجِئاً أن ينخرط البلدان المُبتلَيان بالصِراع الطائفي والمذهبي في لعبة تطيير أو تأجيل الانتخابات, وتوظيف «الساسة» لها لتعزيز نفوذهم, حتى لو استمر شعبا البلدين في معاناتِهما المعيشية وتراكم الأعباء الحياتية الهائلة.. عليهما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد