تخطى إلى المحتوى

جدل حول تأثير فيروس كورونا على الدماغ

جدل حول تأثير فيروس كورونا على الدماغ

تهدف أحد أكثر المناقشات المستمرة حول فيروس كورونا إلى محاولة معرفة السبب وراء الأعراض العصبية لمرض كوفيد-19.

ومنذ ظهور الجائحة في أواخر عام 2019، عُرف الفيروس بتأثيراته الجديدة على الدماغ، مثل الشعور بالتعب الشديد والتشوهات المعرفية وفقدان حاسة الشم والذوق وضبابية الدماغ. وتسعى الدراسات العلمية إلى محاولة تحديد كيفية تسبب كوفيد-19 في حدوث تلك الأعراض بالضبط.

في هذا الشأن، ظهرت فرضيتان حيث رجحت إحدى المدارس الفكرية أن هذه المشكلات العصبية ناجمة عن تسلل الفيروس مباشرة إلى الدماغ وإصابة خلاياه. ومن خلال هذه العملية، يتم تدمير الخلايا العصبية وتتسبب الاستجابة الالتهابية للجسم في مزيد من الضرر، بحسب ما نشره موقع New Atlas نقلًا عن دورية Nature Neuroscience.

فيما ترى الفرضية الأخرى أن الالتهاب الجهازي الثانوي هو مصدر هذه الأعراض العصبية.

ولا يدمر الفيروس الدماغ بشكل مباشر، وإنما تتسبب الاستجابة المناعية المفرطة للجسم نتيجة للإصابة بالعدوى في حدوث المشاكل.

آثار باهتة

ومنذ ذلك الحين ظهرت الأدلة التي تدعم كلا الفكرتين. على سبيل المثال، أظهرت الدراسات التي أجريت على الحيوانات والخلايا بوضوح أن الفيروس يمكن أن يصيب خلايا الدماغ نظريًا. وبطبيعة الحال، فإن إثبات حدوث ذلك عند البشر يكاد يكون مستحيلاً لأنه لا يمكن عمليًا وضع الدماغ الحي تحت المجهر. لذلك تعتمد تحقيقات التشريح في الغالب على البحث عن آثار باهتة لكورونا في عينات الأنسجة.

وقد نجحت بعض الدراسات في اكتشاف علامات وجود الفيروس في الدماغ، لكن لم تكن النتائج كافية لاستنتاج أن كوفيد 19 يصيب الخلايا العصبية بالفعل.

الفرضية الأكثر إقناعا

حتى الآن، كانت فرضية الالتهاب أكثر إقناعا بعض الشيء. بعد مرور أربع سنوات على ظهور وباء كورونا، أصبح من الواضح أن الفيروس ضار بالدماغ، وقد أثبتت العديد من الدراسات بشكل فعال علامات على حدوث ضرر التهابي كبير. ولكن مرة أخرى، ظهرت أسئلة حول ما الذي يسبب الضرر الالتهابي.

وقررت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين الأوربيين بقيادة علماء في شاريتيه، كلية طب منتسبة إلى جامعتي هومبولت وبرلين الحرة، معالجة لغز تأثير فيروس كورونا على الدماغ من خلال البدء من نقطة الصفر، أي أنهم بحثوا أولاً عن كثب في عينات أنسجة المخ من 21 شخصا ماتوا بسبب عدوى حادة من فيروس كورونا.

وكما هو الحال مع الدراسات السابقة، تم العثور على آثار لفيروس كورونا في عينات أنسجة المخ، ولكن الأهم من ذلك أن الباحثين لم يتمكنوا من اكتشاف أي علامات لعدوى الخلايا العصبية المباشرة.

الخلايا المناعية
وأوضحت الباحثة المشاركة في الدراسة هيلينا رادبروخ أنه يُفترض “أن الخلايا المناعية تمتص الفيروس في الجسم ثم تنتقل إلى الدماغ. وما زالت تحمل الفيروس، لكنها لا تصيب خلايا الدماغ”، لذا فإن فيروس كورونا لا يصيب الدماغ نفسه وإنما يغزو خلايا أخرى في الجسم.

ومن خلال التركيز على التأثيرات الجزيئية المحددة لفيروس كورونا، اكتشف الباحثون تغييرات كبيرة في الخلايا في نواة العصب القحفي.

هذه هي الخلايا العصبية التي تشكل جذع الدماغ، وتمتد عبر الرقبة والوجه إلى الدماغ. وتشير النتائج إلى أن التفاعلات الالتهابية الموضعية التي أثارها فيروس كورونا قامت بعد ذلك بتنشيط مسارات الاتصال هذه إلى الدماغ، مما تسبب في الأعراض العصبية التي نربطها بالمرض.

جذع الدماغ

وقالت رادبروخ: “بعبارات مبسطة، تفسيرنا لبياناتنا هو أن العصب المبهم “يستشعر” الاستجابة الالتهابية في أعضاء مختلفة من الجسم ويتفاعل معها في جذع الدماغ – دون حدوث أي عدوى فعلية في أنسجة المخ”، شارحة أنه “من خلال هذه الآلية، ينتشر الالتهاب من الجسم إلى الدماغ بطريقة يمكن أن تؤدي إلى تعطيل وظائف الدماغ”.

السلسلة الالتهابية

إن الطبيعة الضيقة للبحث تجعل من الصعب معرفة ما إذا كانت علامات الالتهاب هذه مسؤولة عن الأعراض طويلة المدى التي تظهر لدى مرضى فيروس كورونا لفترة طويلة. وبالنظر إلى مجموعة مقارنة من المرضى المتوفين، الذين توفوا بعد فترة من مرضهم الحاد، رأى الباحثون أن العديد من هذه المؤشرات الحيوية تعود إلى وضعها الطبيعي. ولكن سيكون من الضروري إجراء المزيد من العمل على مرضى كوفيد طويل الأمد لمعرفة ما إذا كانت هذه السلسلة الالتهابية باقية لدى أولئك القلائل الذين يعانون من أعراض مستمرة.

وأعرب كريستيان كونراد، وهو باحث آخر مشارك في الدراسة، عن اعتقاده بأنه “من المحتمل أنه إذا أصبح الالتهاب مزمنًا، فربما يكون هذا هو ما يسبب الأعراض العصبية، التي غالبًا ما يتم ملاحظتها في حالات كوفيد طويلة الأمد لدى بعض الأشخاص.

خللٌ في الدِّماغ مرتبط بكوفيد-19

يُسبب كوفيد -19 بشكل رئيسي أعراضًا مشابهة للزُّكام والأنفلونزا (مثل الحُمَّى، والسعال، والقشعريرة، والتهاب الحلق)، ولكن على عكس معظم حالات الزكام، يمكن لكوفيد-19 أن يُسبب فقدان حاسة التذوق والشم.ولكن، مع ازدياد عدد الأشخاص المصابين بالعدوى، فقد أصبح من الواضح أن كوفيد-19 يؤثر أحيانًا في أجزاء كثيرة من الجسم ويسبب العديد من الأعراض الأخرى.ويُمكن أن يُؤثِّر في الدماغ والأعصاب، مُسبِّبًا أعراضًا عصبية، مثل التَّخليط الذهنِي.كما يمكن لكوفيد-19 أن يُسبب اضطرابات في التفكير، و/أو العاطفة، و/أو المزاج، و/أو السُّلُوك، ممَّا يَتسبَّب في ظهور أعراض نفسية.

قد تحدث الأعراض العصبية والنفسية عند بداية إصابة الشخص بكوفيد-19، و/أو في أثناء التعافي من المرض، و/أو بعد التعافي من العدوى الأولية.
كما هي الحال مع حالات العدوى الأخرى، يمكن للأشخاص الذين يصابون بحالات مهددة للحياة من كوفيد-19، أن يُصابوا بالهذيان أو يتهيجوا أو يشعروا بالنعاس.
بعد التعافي من العدوى الأولية بكوفيد-19، يستمر لدى الكثير من الأشخاص عرض واحد على الأقل، مثل التعب، و/أو ضعف الذاكرة والإدراك، و/أو الصُّداع، و/أو التنميل وحس الوخز، و/أو فقدان الشم.
قد يُجري الأطباء تصويرًا بالرنين المغناطيسي لتحري التغيرات الدماغية واختبارات دموية وبولية لاستبعاد الإصابة باضطراباتٍ أخرى يمكن أن تسببَ أعراضًا مماثلة.
تُعالج الأعراض العصبية والنفسية بشكل رئيسي عن طريق الرعاية الداعمة، أما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب، فقد تكون مضادَّات الاكتئاب مفيدة.
قد تستمر الأعراض العصبية والنفسية لفترة طويلة – تتراوح بين أسابيع أو أشهر عديدة.تُسمَّى الأَعرَاض التي تحدث في الأسابيع الأربعة الأولى بعد العدوى الأولية بحالة كوفيد-19 حادة.تُسمَّى الأَعرَاض التي تستمرُّ لمدة 12 أسبوعًا أو أكثر باسم حالة كوفيد-19 مزمنة (مُتلازمة ما بعد كوفيد-19).

من غير الواضح كيف يمكن لفيروسات سارس-كوف-2 المُسببة لكوفيد-19 أن تُسبب أعراضًا عصبية ونفسية.يمكن أن تنجم هذه الأعراض عن:

العدوى بحدّ ذاتها

المشاكل الشائعة في أثناء المرض الشديد أو تلك التي تنجُم عن الرعاية في المستشفى، خُصوصًا في وحدة العناية المركزة (ICU)
ردات الفعل المناعية الذاتية – عندما يتعطل الجهاز المناعي للجسم ويهاجم أنسجة الجسم نفسها – المُثارة بفيروس
على سبيل المثال، إذا كان كوفيد-19 (أو أي مرض تنفُّسي) شديدًا، فقد يقلل من مستوى الأكسجين في الدم.إذا كان مستوى الأكسجين منخفضًا جدًا، فقد لا يحصل الدماغ على كمية كافية من الأكسجين، وقد يحدث خلل في وظائفه، ممَّا يُسبب مشاكل في التفكير، وفقدًا للذاكرة، وتغيُّرات في الشخصية، وصعوبة في المشي، وضعفًا في التنسيق.

تشتمل عوامل الخطر لتطور الأعراض العصبية والنفسية (مثل الهذيان والتهيج) بسبب كوفيد-19 على ما يلي

الإصابة بمرض مهدد للحياة، لاسيَّما إذا استدع العلاج في وحدة العناية المركزة ICU

كبار السن

الإصابة باضطراب آخر مثل داء دماغي وعائي، أو فشل قلبي، أو ارتفاع في ضغط الدم
من السهل أن يُصبح الأشخاص في وحدة العناية المركزة تائهين ومشوشين.غالبًا ما يجدون أنفسهم وحيدين وخائفين في مكانٍ غريبٍ لا يتضمن معالم مألوفة وروتينات اعتيادية.فلا توجد غالبًا أية نوافذ أو ساعات، ولا تتوفر لديهم أي من ممتلكاتهم التي تساعد على توجيههم.يتأثر كبار السن، سواء أكانوا مصابين بالخرف أم لا، بشكل خاص عندما يجري إخراجهم من وسطهم المعتاد ولا يحصلون على دعم العائلة والأصدقاء.يميل الأشخاص في وحدة العناية المركزة إلى الشعور بالنعاس لأنهم غالبًا ما يُعطَون المهدئات ويتقطع نومهم باستمرار بسبب الأصوات الصادرة عن أجهزة المراقبة وأعضاء فريق الرعاية الذين يفحصونهم، ويسحبون العينات الدموية منهم، ويعطونهم الأدوية.يكون الأشخاص المرهقون أكثر سهولة للتعرُّض إلى التخليط الذهني، وهو ما يؤدي بهم أحيانًا إلى الهذيان.

الأعراض

يعاني حوالى 80% من المصابين بكوفيد-19 المنومين في المشافي من أعراض عصبية.يُعاني العديد من الأشخاص من أعراض عصبية ونفسية في غضون 6 أشهر بعد التنويم في المستشفى بسبب كوفيد-19، خُصوصًا إذا كانت الحالة شديدة.

الأَعرَاض المبكرة
خلال الأسابيع الأربعة الأولى من العدوى، قد تشمل الأعراض العصبية لكوفيد-19 الصداع، والدوخة، وآلام العضلات، والتعب، والعرض الأكثر نوعية لكوفيد-19- وهو فقدان حاسة الشم والذوق.

بعد عدَّة أيَّام من الإصابة بالعدوى لأول مرة، تستمر الحالة بالتفاقم لدى بعض الأشخاص، وقد تتهدد حياتهم.من الشائع أن يشتكوا من الهذيان.لا يستطيع الأشخاص المصابون بالهذيان التركيز، وقد يُعانون من التخليط الذهني.وقد يتناوب لديهم التنبه في لحظة والنعاس في اللحظة التالية.قد يصبح الأشخاصُ المصابون بالهذيان متهيجين وعدوانيين أو خاملين وهادئين.

من حين لآخر، يُسبب كوفيد-19 مشاكل عصبية شديدة مثل السكتة الدماغية الإقفارية، و النزف داخل الدماغ، و التهاب السحايا، و التهاب الدماغ و الاختلاجات.تستمر بعض الأَعرَاض لأسابيع أو أشهر.وقد تحتاج المشاكلُ المستمرة إلى إعادة تأهيل شاملة.

قد تحدث عند الأشخاص المصابين بكوفيد-19 اضطرابات تؤثر في الأعصاب والعضلات، مثل متلازمة غيلان باريه.

الأَعرَاض اللاحقة

في أثناء التعافي و/أو كجزء من متلازمة ما بعد كوفيد، يعاني العديد من الأشخاص من عرض عصبي واحد طويل الأمد على الأقل، مثل التعب المزمن، وأوجاع العضلات العامة، والتنميل والوخز، والنوم غير المنعش.يكون لدى بعض الأشخاص، حتى أولئك الذين لديهم حالة خفيفة من كوفيد-19، ضبابية دماغية، والتي قد تنطوي على مشاكل في التركيز، والذاكرة، وفهم اللغة المنطوقة والمكتوبة، والتخطيط واتخاذ القرارات.يعاني الكثير من الأشخاص من أعراض صداع تشبه الشقيقة (والتي غالبًا ما لا تستجيب للعلاج).قد يستمر فقدان حاستي التذوق والشم لعدة أشهر أو أكثر بعد زوال الأعراض الأخرى.

وتكون اضطرابات المزاج شائعة، وبشكل رئيسي القلق والاكتئاب.

قد يحدث اضطرابُ الشدة ما بعد الصدمة (PTSD).قد يعاني الأشخاص المصابون باضطراب الشدة ما بعد الصدمة من ذكريات اقتحامية متكرِّرة.

من الضروري إجراء المزيد من الدراسات لتحديد مدى استمرار الأعراض العصبية والنفسية ومدى تعافي الأشخاص منها.

التشخيص

تقييم الطبيب
اختبارات للتحري عن أسباب أخرى
ويستخدم الأطباءُ التصويرَ بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي المحوسب للدماغِ لتقييم الأعراض العصبية و/أو النفسية الناجمة عن كوفيد-10 (أو غيره من الأسباب).يمكن لهذه الاختبارات الكشف عن تورم في الدماغ، وأورام الدماغ، والعدوى، وغيرها من الشذوذات.تُجرى الاختبارات الدموية والبولية للتَّحرِّي عن الاضطرابات الاستقلابية وحالات العدوى.يُجرى الاختبار العصبي النفسي لتقييم مشاكل التفكير والسلوك.

يستخدم الأطباء نفس المعايير المحددة لتشخيص اضطرابات المزاج (مثل الاكتئاب)، واضطرابات القلق، واضطراب الكرب بعد الصدمة (PTSD) عند الأشخاص المصابين بكوفيد كما هي الحال عند الأشخاص الآخرين.ينبغي استخدام أدوات التحري القياسية لتحري الاكتئاب، واضطرابات القلق، واضطرابات النوم، واضطراب الشدة ما بعد الصدمة، والإرهاق.قد يكون من الضروري إجراء تقييم عصبي نفسي أكثر شمولاً عند الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في التفكير تستمر إلى ما بعد تعافي العدوى الأولية.

العلاج

الرِّعايَةُ الدَّاعمَة
مضادَّات الاكتئاب في بعض الأحيان
تُعد الرعاية الداعمة هي العلاج الرئيسي للأشخاص الذين يعانون من أعراض عصبية ونفسية بسبب كوفيد-19.تنطوي الرعاية الدَّاعمة على تخفيف الأَعرَاض، وقد تنطوي على دعم كامل للحياة في وحدة العناية المركزة.ويتضمن ذلك

مراقبة الأشخاص عن كثب لاكتشاف المشاكل حال حدوثها
مساعدتهم على التنفس من خلال إعطائهم الأكسجين التكميلي

تخفيف الحُمَّى

الحفاظ على إماهتهم عن طريق إعطاء السوائل عن طريق الوريد
توفير العناية المركزة، بما في ذلك التهوية الميكانيكية، حسب الحاجة
إذا كان الأشخاص يُعانون من الاكتئاب أو القلق، فقد يكون من المفيد استعمال مُضادَّات اكتئاب محددة.يمكن لمُثبِّطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs) ومُثبِّطات استرداد السيروتونين والنورإيبينفرين (SNRIs) أن تساعد على الحدِّ من الالتهاب الناجم عن كوفيد-19 بالإضافة إلى مُعالَجَة الاكتئاب.

يجري تطوير علاجات لكوفيد-19 باستمرار والأمر يسير بوتيرة عالية.ولكن، في الوقت الحالي، لا يستهدف أيٌّ منها الأعراض العصبية والنفسية على وجه التحديد.

مرحلة “ما بعد كوفيد” على شيخوخة الدماغ

 مرحلة "ما بعد كوفيد" على شيخوخة الدماغ
مرحلة “ما بعد كوفيد” على شيخوخة الدماغ

قال مدير معهد أبحاث أنظمة البيولوجيا في هيئة “روس بوتريب نادزور” الروسية فاديم جوفورون،، إن ظاهرة “ما بعد كوفيد” غير مدروسة بشكل جيد وتأثيرها على شيخوخة الدماغ البشري مثير للجدل .

وقد ظهرت في وقت سابق في مجلة Medscape الطبية معلومات تفيد بأن دراسة أجراها العلماء البريطانيون من ليفربول، أظهرت أن بعض المرضى الذين أصيبوا بـ”كوفيد” يعانون من تغيرات في الدماغ تشبه عواقب إصابة الدماغ المؤلمة. وسجل أيضا أن مثل هذه العواقب لوحظت لدى 46% من المرضى، وكانت عيوب الدماغ المسجلة لدى المرضى تعادل 20 عاما من شيخوخته.

وقال الخبير:” إن مثل أي ظاهرة لم تتم دراستها بشكل كاف، فإن متلازمة ما بعد كوفيد تسبب الكثير من القلق وتتطلب مزيدا من الدراسة المتأنية لطبيعة الظاهرة. وفيما يتعلق بالتصريح حول العلاقة بين “شيخوخة” الدماغ ومرحلة ما بعد كوفيد، فهذا يفتح المجال للنقاش والجدل، لأنه على الرغم من طرح فكرة حول اختلاف معدلات الشيخوخة لمختلف أعضاء جسم الإنسان، إلا أن هذه العملية لم يتم بحثها بعد”. وأضاف قائلا: “في علم الأوبئة غير المعدية، هناك بالفعل “سنوات ضائعة من الحياة”، لكن هذا المصطلح لا يرتبط مباشرة بالشيخوخة، وهو مؤشر عام يستخدم لترويج المعلومات الطبية”.

وحسب الخبير فإن تقديرات درجة الشيخوخة مع التقدم في السن ليست مفيدة جدا من الناحية العملية، لأن كل شخص يتقدم في العمر بشكل مختلف. وأشار إلى أن “هذه العملية فردية، ومن الصعب تقييم مساهمة المرض في الشيخوخة كعملية بسبب الدراسة غير الكافية لعلامات الشيخوخة في حد ذاتها.

واستطرد الخبير قائلا:” لا يمكننا إلا أن نذكر أن بعض الذين عانوا بشدة من “كوفيد-19” يعانون من عدد من الاضطرابات العصبية، ولكن سبق أن تبيّن أن فيروس الإنفلونزا من النوع A يمكن أن يسبب كذلك التهابا مزمنا في الجهاز العصبي المركزي، مما يؤدي إلى اضطرابات وظيفية، وفي هذا السياق، فإن الإصابة بفيروس “كورونا” ليست فريدة من نوعها”.

دراستان تفسران أسباب متلازمة أثارت الجدل

دراستان تفسران أسباب متلازمة أثارت الجدل
دراستان تفسران أسباب متلازمة أثارت الجدل

توفر دراستان حديثتان تفسيرات محتملة لأسباب مرض كوفيد طويل الأمد، وهي متلازمة ما زالت كيفية حدوثها غامضة، إحداهما تستحضر التأثير المشترك اللاحق للفيروس في مختلف الأعضاء، والأخرى مسار تأثيره في خلايا الدماغ.

وقال كريستوفر برايتلينغ، المؤلف المشارك لدراسة نشرت الأسبوع الماضي في مجلة لانسيت لطب الجهاز التنفسي، إن هناك “أدلة ملموسة على حدوث تغييرات في مختلف أعضاء الجسم” بعد دخول المستشفى بسبب الإصابة بكوفيد.

اعتمدت الدراسة على التصوير بالرنين المغناطيسي الذي تم إجراؤه على 259 مريضًا تم إدخالهم إلى المستشفى بسبب كوفيد في عامي 2020-2021. وقورنت النتائج بفحوصات أجريت على حوالي خمسين شخصًا لم يصابوا بالعدوى على الإطلاق.

أظهرت الفحوصات لدى ما يقرب من ثلث مرضى كوفيد “تشوهات” في العديد من الأعضاء بعد عدة أشهر من مغادرة المستشفى. وتشمل هذه الأعضاء الدماغ والرئتين و الكليتين، وبدرجة أقل القلب والكبد.

هذه المتلازمة التي تفتقر إلى تعريف توافقي بين العلماء، ما زالت غير مفهومة على المستوى الفسيولوجي، مع وجود عدة تفسيرات ليست أي منها نهائية.

على سبيل المثال، لاحظ الباحثون تلفًا في المادة البيضاء في الدماغ، وهي ظاهرة يمكن أن تربطها الأدبيات العلمية بحدوث تدهور إدراكي طفيف، وقال مؤلفا الدراسة ومراقبون مستقلون إن هذه النتائج توفر تفسيرا محتملا لمرض كوفيد الطويل أو استمرار الآثار اللاحقة بعد عدة أشهر من الإصابة.

وتشير الدراسة الجديدة إلى أن كوفيد الطويل “لا يفسره قصور خطير يتركز في عضو واحد” بل “تفاعل بين اثنين على الأقل من حالات الخلل في أعضاء (مختلفة)”، كما يشير عالم أمراض الرئة ماثيو بالدوين الذي لم يشارك في الدراسة.

الدراسة الثانية نُشرت قبل أسبوع في مجلة eBiomedicine وركزت على تأثير المرض في الدماغ. وفحصت هذه الدراسة التي أجراها فريق من المعهد الوطني الفرنسي للصحة والأبحاث الطبية Inserm حالات نحو خمسين مريضًا عانى بعضهم من انخفاض في مستويات هرمون التستوستيرون لديهم على صلة بتغيير أحدثه الفيروس في بعض الخلايا العصبية التي تنظم الوظائف الإنجابية.

قام الباحثون بقياس الوظائف المعرفية لهؤلاء المرضى ولاحظوا ضعفًا في الأداء عندما تأثرت هذه الفئة من الخلايا العصبية بالمرض. وقال المعهد الوطني الفرنسي للصحة والأبحاث الطبية في بيان صحافي “تشير هذه النتائج إلى أن العدوى يمكن أن تؤدي إلى موت هذه الخلايا العصبية وتكون سببًا لأعراض معينة تستمر مع مرور الوقت”.

بدءًا من الشعور بالتعب والسعال وضيق التنفس والحمى المتقطعة وفقدان حاسة التذوق أو الشم والصعوبة في التركيز والاكتئاب… يظهر كوفيد الطويل على شكل واحد أو أكثر من الأعراض من قائمة طويلة، بشكل عام في غضون ثلاثة أشهر بعد الإصابة ويستمر مدة شهرين على الأقل. وهذه الأعراض لا يمكن تفسيرها بتشخيصات أخرى ولها تأثير في حياة المريض اليومية.

في فرنسا، شُخص كوفيد الطويل لدى 4% من البالغين أو 2,06 مليون شخص فوق 18 عاما. وقالت نسبة صغيرة منهم (1,2%) إنهم يواجهون عوائق جدية أمام أداء أنشطتهم اليومية، بحسب دراسة أجرتها هيئة الصحة العامة الفرنسية في خريف 2022 ونُشرت نتائجها في حزيران/يونيو.

ولكن الأعراض تتحسن ببطء بعد عامين لدى الغالبية العظمى من المرضى (90%) الذين يعانون من كوفيد الطويل، بينما يعاني الآخرون من تحسن سريع أو، على العكس من ذلك، استمرار اضطراباتهم، حسب دراسة نشرها في أيار/مايو الدكتور فيت ثي تران، عالم الأوبئة في جامعة باريس سيتيه وشملت 2197 مريضًا يعانون من كوفيد الطويل خضعوا لتابعة منتظمة.

توصية أميركية مفاجئة حول كورونا تثير الجدل

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد