تخطى إلى المحتوى

ثلاث مقالات عن العراق اليوم الخميس بالصحف العربية

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتبمكان النشر
2ما بعد «داعش»: ثلاث قضايا

 

السيد أمين شلبي

 

 

الحياة السعودية  
  

 

 

عندما لاحت مؤشرات هزيمة تنظيم «داعش» في الموصل وقرب هزيمته في الرقة، ثار السؤال في شأن مستقبل المنطقة التي سينسحب منها، وعن مصيره هو كتنظيم هدَّد المنطقة والعالم، وهل ستكون هزيمته العسكرية نهاية له، أم أنه سيظل معنا لفترة قد تطول. عن القضية الأولى كانت إعادة إعمار المدن والمناطق التي انسحب منها «داعش» في مقدم الاهتمامات، ما دفع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الى أن يخاطب مبكراً المجتمع الدولي ليتحمل مسؤولياته السياسية والأخلاقية في هذا الشأن، باعتبار أن أعباء هذا الإعمار تفوق قدرات الحكومات المحلية، كما أنها تتصل مباشرة بإعادة الحياة الطبيعية والاستقرار السياسي والاجتماعي. وفي مسؤوليات المجتمع الدولي، علينا تذكر تجارب مماثلة حين عقدت مؤتمرات دولية لإعادة إعمار بعض المناطق، مثل غزة، إذ قدمت وعود بالبلايين لم يتحقق منها إلا النذر اليسير.

 

إعادة الإعمار، في العراق وسورية، وكذلك دور ليبيا، ينبغي التخطيط لهما في شكل جاد ووفقاً لالتزامات وتوقيتات محددة وآليات متابعة وتنفيذ ذلك من خلال الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.

 

في ما يخص مصير «داعش»، يتوقع مراقبون، ومنهم هيلاري كلينتون، أن التنظيم سوف «يتأقلم» مع تراجعه العسكري وانسحابه من المناطق التي انطلق منها وتوسع فيها، وسيحاول أن يثبت وجوده بالانتشار في مناطق أخرى بخاصة العواصم والمدن الكبرى، وهو التحول الذي بدأ بعمليات إرهابية في باريس وبروكسل ولندن وموسكو والقاهرة، ما سينقل التهديد الذي يمثله هذا التنظيم إلى مرحلة جديدة تتطلب أقصى درجات التنسيق بين الأجهزة الأمنية والاستخباراتية العالمية، ويتصل بذلك العناصر التي حاربت في صفوف التنظيم وإلى أين ستتجه، وهو ما شكَّل هاجساً للدول الأوروبية باعتبار أن الآلاف انضموا إلى «داعش»، وقد يعودون إلى بلدانهم وهم يحملون فكر ذلك التنظيم.

 

في هذا، من المهم أن نستعيد تجربة «العائدون من أفغانستان» بعد الانسحاب السوفياتي، وكيف عادوا بتجربتهم وأفكارهم الجهادية، وانضم بعضهم، كما حدث في مصر، إلى الجماعات الجهادية.

 

أما القضية الثالثة، فتتعلق بالمصدر الرئيسي الذي غذى جماعات التطرف ثم الإرهاب ونشر به الأفكار والأيديولوجيات ويتصور الكثير من المحللين، أن من يعتقدون أن «داعش» سوف يظل معنا، ومنهم ممثل الولايات المتحدة في التحالف ضد «داعش»، يقصدون أنه سيظل بأفكاره وأيديولوجيته التي استطاع من خلالها أن يجذب آلاف الشباب ويقنعهم بأن يفجروا أنفسهم ويقتلون وهم يرفعون راية الإسلام. والحقيقة أن ما سميناه «حرب الأفكار» في مقال سابق ستظل هي الجبهة الرئيسية التي ستحسم مصير هذا التنظيم من حيث تجفيف منابعه الفكرية، وعلى رغم الجهود التي بذلتها وتبذلها المؤسسات الدينية والثقافية إلا أن العالم العربي ما زال يعاني من ثغرات في نظمه التعليمية ومناهجه الدينية تمكن الفكر المتطرف من أن يخترق عقول الشباب، وهو ما يتطلب استراتيجية شاملة على المستوى الوطني والقومي لتحصين الشباب حيث البناء والتنوير الثقافي في جوهرها. وهذا ما جعل السيد أحمد أبو الغيط يكتب مقالاً يدعو إلى تجديد الثقافة العربية، ويعتبر أن مأزق الواقع العربي الراهن يرتبط بالثقافة قبل كل شيء.

 

 

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
3  الحركة العراقية المباركة

 

 مشاري الذايدي

 

  الشرق الاوسط السعودية
 

هناك إشارات مضيئة تأتي من العراق هذه الأيام، إشارات تهدي للطريق القويم والصراط المستقيم.

 

في غضون أيام أعلن عمار الحكيم، زعيم المجلس الإسلامي الأعلى، وحفيد المرجع التاريخي العراقي محسن الحكيم، وابن أخ «شهيد المحراب» كما يلقبه الأنصار، محمد باقر الحكيم، عن تركه المجلس، وتكوينه معماراً سياسياً جديداً، أطلق عليه لقب «تيار الحكمة الوطني».

 

لنشاهد بعدها زيارة لافتة للسعودية قام بها زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، صاحب الثقل الشعبي العراقي الواضح، ونجل المرجع «الشعبي»، أيضا، «الشهيد الثاني» حسب تلقيب الأنصار، محمد صادق الصدر. باعتبار الأول، محمد باقر الصدر.

 

هذه خطوات تكشف عن بحث عراقي من قبل قادة الشيعة، أصحاب الحيثيات الدينية – السياسية، عن بدائل أخرى للاحتكار الإيراني.

 

استقبال السعودية، وهو ليس الأول، لمقتدى الصدر، حركة فيها بركة، والرجل له هامش مستقل واضح عن بقية القوى الشيعية الدينية، أثبت نفسه في أكثر من مثال، ومنها قيادته للحراك الشعبي المحتج ضد الفساد الحكومي في ساحات بغداد. كما أن للرجل تعليقات ناصعة حول رفض التفتيت الطائفي في العراق، وبذلك احتفظ لنفسه وأنصاره بمسافة كبيرة عن ميليشيات إيرانية صريحة مثل: «عصائب الحق»، و«النجباء»، و«فيلق بدر»، وغيرها، وشخصيات مغموسة في الصيحات الطائفية والثقافة الخمينية، ومرتهنة لقاسم سليماني، مثل المهندس والعامري والخفاجي.

 

هل ينجح عمار الحكيم في مغادرة تركة المجلس، وهو الكيان الذي نشأ في المهجر الإيراني، وكان قادته جزءا عضويا من الحرس الثوري الخميني؟

 

حين عاد باقر الحكيم، الزعيم الأول للمجلس، للعراق، قرّر أن يتحول لمرجعية دينية خالصة، وترك لأخيه عبد العزيز الحكيم، والد عمار، تدبير شؤون المجلس والحركة السياسية والميدانية. كان في ذلك حسب رأي بعض المتابعين، يعدّ نفسه ليكون صاحب مرجعية عراقية مستقلة، لكنه اغتيل لاحقا في عملية شهيرة بالنجف ذات المكانة المقدسة لدى الوجدان الشيعي أغسطس (آب) 2003.

 

هل كان الراحل السيد باقر الحكيم قادرا على الاستقلال الروحي والسياسي آنذاك؟ وهل يستأنف سليل البيت الديني الشهير، عمار، هذا المشوار؟ أم أن ما يفعله عمار ليس إلا «مناورة» سياسية وإعلامية لإعادة إنتاج الصورة، بعد الضرر الفادح الذي أصاب الطبقة السياسية العراقية، ومنها طبقة الإسلاميين الشيعة، بسبب فاتورة الحكم والحصاد المرّ للعراقيين؟

 

الأيام كفيلة بكشف هذا، غير أن الذي لا ريب فيه هو أنه لا غنى عن العراق، البلد العظيم في هذا الشرق المضطرب، النبع الثرّ للتاريخ والهوية بالماضي، والركن الركين للسلام والتنمية بالحاضر.

 

بغداد الفخر… والشعراء والصور… ذهب الزمان وضوعه العطر.

تعنوان المقالة او الافتتاحيةاسم الكاتبمكان النشر
4 حراك الكيانات الشيعية العراقية عريب الرنتاوي

 

 

   الدستور الاردنية
  

 

لم يعد الحديث عن “مكون شيعي” في العراق جائزاً من دون تحفظ، فما أصاب “المكون السنّي” من انقسامات عصفت به خلال السنوات التي أعقبت سقوط بغداد، يكاد يعصف اليوم بـ “المكون الشيعي”، الذي اعتاد التوزع على ثلاثة كيانات أساسية: الدعوة والتيار الصدري والمجلس الأعلى، فضلاً بالطبع عن بعض الكيانات الأقل وزناً وتأثيراً … وداخل كل كيان من هذه الكيانات، تجري اليوم عمليات مراجعة واصطفاف وانشقاق يتعين مراقبتها لفهم مستقبل هذه البلاد التي ابتليت بآفتين خطيرتين: الإرهاب والفساد المستشري في الإدارة والطبقة السياسية على حد سواء.

 

زيارة مقتدى الصدر للسعودية، تتوج جملة من التحولات في مواقف التيار الصدري، لم تؤسس لهذه التحولات، بيد أنها توجتها، وهي مواقف تقترب من التعبير عن المدرسة “العروبية” في الشيعية السياسية والدينية في العراق والإقليم … وهو أمر يعبر عن ميل تيار وازن من الشيعة للإبقاء على مسافة من “مدرسة ولاية الفقيه” الإيرانية، ويتطلع لإعادة التوازن والاتزان للعلاقات العراقية – الإيرانية من خلال الانفتاح على الجوار القومي والإقليمي للعراق.

 

الزيارة لافتة في توقيتها كذلك، فهي تأتي في ذروة احتدام الحرب على اليمن، كجزء من الانقسام الأعمق والأوسع إقليمياً بين معسكرين، واحد تقوده السعودية وآخر تقوده إيران … وربما لهذا السبب بالذات، استُقبلت الزيارة بترحيب واسع من السعودية وحلفائها، وانتقادات متفاوتة من داخل إيران وفي أوساط حلفائها … البعض نظر للمسألة بوصفها “إنزالاً خلف الخطوط الدفاعية لإيران”، كما لو أن الزعيم الشيعي العراقي قد نقل بندقيته من كتف إلى كتف، أو كما لم من قام الزيارة هو “عقاب صقر” وليس مقتدى الصدر … والبعض الآخر، أدرجها في عداد الحرب على “محور المقاومة والممانعة”، ومن ضمن مخطط مدروس ومعد سلفاً لهذه الغاية.

 

أما السؤال حول أهداف السعودية من مسعاها هذا، فظل بدوره عرضة لتباين التقديرات والتأويلات … منهم من رأى أنها مدخل لدرء شبهة “الطائفية” عن الخطاب السعودية، ومنهم من رأى فيها محاولة للعب على التناقضات العراقية، واختراق المنزل الشيعي من داخله، ومنهم من أدرجها في سياق الاستعداد – ربما – لاستدارة في المقاربات السعودية حيال عدد من ملفات المنطقة، ومن بينها العلاقة مع إيران، بعد الاستعصاء اليمني وتراجع دور اللاعب السعودي في الملفين السوري والعراقي إثر التدخل الأمريكي – الروسي المباشر في الأزمتين معاً.

 

في ظني أن زيارة الصدر للرياض، تأتي من ضمن تفاعلات أوسع، تجري علناً وخلف الأنظار داخل “المكون الشيعي” بمختلف كياناته … فالدعوة أقدم الأحزاب وأوسعها تمثيلاً داخل البرلمان العراقي، يُقاد اليوم برأسين: حيدر العبادي على رأس الحكومة، ونوري المالكي على رأس الحشد الشعبي ومن موقعه في الحزب وكنائب لرئيس الجمهورية … الأول، أولى بالرعاية الأمريكية وأكثر انفتاحاً على البعد العربي، والثاني، بات ركناً ركيناً من “محور المقاومة” بتقربه الشديد من إيران وانفتاحه على دمشق والضاحية الجنوبية، وقيامه بدور الأب الروحي للحشد الشعبي.

 

كذا الحال بالنسبة للمجلس الأعلى الذي يواجه تحدي انشقاق رئيسه عمار الحكيم عنه، وتوجهه لتأسيس حزب جديد، بمرجعية مدنية لا دينية، وطنية لا طائفية، أقله كما يقال، وبالضد من مواقف وتوجهات كثرة من أقطاب الحزب وآبائه المؤسسين، وبالتضاد – ربما – مع الإرث الروحي – التاريخي لعائلة الحكيم.

 

هذه التحولات، تثير حفيظة إيران وقلقها، فإن استمرت الحال على هذا المنوال، فإن النفوذ الإيراني في العراق سيصبح مهدداً في أدواته، ولذلك استحقت هذه الأطراف أشد الحملات الانتقادية من قبل طهران وحلفائها، واستقبلت بحفاوة بالغة ومبالغ فيها، لدى عواصم المحور الإقليمي الآخر … والأرجح أن إيران ستعمل على تعزيز أذرعتها وأدوات نفوذها الأخرى في العراق بدءاً بالحشد والأجنحة الأقرب إليها في المعادلة الشيعية العراقية في قادمات الأيام.

 

كثيرة هي محركات الرياح الجديدة التي تضرب في الكيانات الشيعية العراقية، منها التزاحم والتدافع على السلطة والنفوذ والقيادة (واستتباعاً الثروة)، منها ضيق العراقيين، بمن فيها الشيعة، من “التغول” الإيراني على المشهد العراقي، وهو ضيق له سنده التاريخي والعقيدي في اختلاف مدارس التشيع العربي والفارسي، ومنها الإحساس باستحالة استمرار حال العراق على هذا المنوال، سيما بعد أن آلت تجربة التفرد بالحكم إلى تفاقم النزعات الانفصالية لدى الكرد والسنّة على حد سواء، مدعومين بأطراف عربية وإقليمية ودولية… ومنها تنامي حركات الاحتجاج المدني والشبابي التي عبرت عن نفسها بالتظاهرات والاعتصامات المنددة بفساد الطبقة السياسية وفشل الأحزاب الدينية وبؤس نظام المحاصصة الطائفية وانهيار الخدمات وتدني مستوى الأداء والكفاءة وتراجع الاقتصاد.

 

لا ندري أين ستنتهي هذه التحركات ولا كيف، لكن من أخطر ما يمكن أن يواجه الترويكا الشيعية المؤلفة من العبادي، الصدر والحكيم، هو الذهاب بعيداً في الرهان على واشنطن أو التقرب منها، أو الغوص في أوحال “عروبة جديدة”، تضع إسرائيل في مصاف الصديق وإيران في لائحة الأعداء.

 

الإعلاء من قيمة السيادة والاستقلال والوطنية العراقية أمرٌ بالغ الأهمية في مواجهة الاستتباع والاستباحة و”التطيف” و”التمذهب”، حتى وإن تم ذلك في مواجهة إيران وتركيا … الانفتاح على العرب والعروبة أمرٌ بالغ الضرورة، ولكن بعيداً عن مدرسة “الحلف الشرق أوسطي الجديد” والعروبة المتساوقة مع إسرائيل وإدارة ترامب … الخطاب المدني في مواجهة الخطاب الديني الذي أثبت فشله في إدارة الدولة وتدبير شؤون الحكم … وحدة العراق الفيدرالي القائمة على التنوع والتعدد، في مواجهة نزعات الهيمنة والتفرد والاستئصال والإقصاء… الكيانات الشيعية العراقية أمام تحدي مواجهة هذا الاختبار، بل ويمكن الجزم بأن مختلف الكيانات والمكونات العراقية تجابه التحدي ذاته، سيما مع دخول العراق مرحلة ما بعد داعش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد