قال مدعون اتحاديون، اليوم الأربعاء، إن الشرطة الألمانية ألقت القبض على زوجين عراقيين يُعتقد أنهما عضوان في تنظيم “داعش” للاشتباه في ارتكابهما جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية بسبب استرقاق فتاتين إيزيديتين.
وألقي القبض على المتهمين أمس الثلاثاء، بسبب معاملتهما للفتاتين بين عامي 2015 و2017 في العراق وسوريا، ولم تفصح السلطات عن اسميهما بالكامل بموجب قانون الخصوصية الألماني.
وقال ممثلو الادعاء إن الفتاتين تعرضتا للإيذاء الجسدي والاغتصاب المتكرر ومنعتا من ممارسة شعائرهما الدينية. وقال ممثلو الادعاء في بيان إن الزوجين سلما الفتاتين إلى أعضاء آخرين في “داعش” قبل مغادرة سوريا في نوفمبر تشرين الثاني 2017.
وأضافوا أن “كل ذلك يخدم هدف التنظيم المتمثل في تدمير الديانة الإيزيدية”.
واستند المدعون العامون الألمان إلى قوانين الولاية القضائية العالمية، التي تسمح لهم بالنظر في الجرائم ضد الإنسانية في أي مكان في العالم لتقديم مثل هذه القضايا إلى المحاكمة.
وفي حكم تاريخي صدر عام 2021، قضت محكمة ألمانية على عضو سابق في “داعش” بالسجن مدى الحياة لضلوعه في إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية استهدفت إيزيديين.
وبعد ذلك بعامين، أقر المشرعون الألمان أن أركان جريمة الإبادة الجماعية تتوافر في الجرائم التي ارتكبها ارهابيو “داعش” ضد الإيزيديين في العراق في 2014.
وكان “داعش” الارهابي، قتل آلاف الإيزيديين واتخذ من سبعة آلاف امرأة وفتاة إيزيدية إماء، وشردت معظم أفراد الجماعة البالغ عددها 550 ألفا من موطن أسلافهم في شمال العراق.
والإيزيديون أقلية دينية قديمة في شرق سوريا وشمال غرب العراق استهدفها (داعش) بسبب عقيدتها التي تجمع عناصر من الزرادشتية والمسيحية والمانوية واليهودية والإسلام.
وأوضح البيان، أن المتهمين مواطنان عراقيان تم القبض عليهما الثلاثاء في ولاية بافاريا.
مكتب المدعي العام الألماني أشار إلى أن إحدى الفتاتين كانت تبلغ 5 أعوام والأخرى 12 عاماً أثناء اختطافهما، مبيناً أن المتهمين ارتكبا الجرائم المنسوبة لهما في العراق وسوريا خلال الفترة 2015 – 2017.
كما بيّن أن المتهمين سلما الفتاتين لمسلحي داعش الآخرين بعد مغادرتهما سوريا في تشرين الثاني 2017.
مكتب المدعي العام الألماني رفض تحديد هوية المتهمين وهما توانا وآسيا، لكن من الواضح أنهما متزوجان.
توانا من أهالي إقليم كوردستان ويواجه تهمة «الاعتداء الجنسي» على الفتاتين، في حين وضعت زوجته المكياج لإحداهن وأعدتها لزوجها.
ولفت مكتب المدعي العام الألماني إلى أن الفتانين تعرضتا للعنف والضرب وأرغمتا على القيام بأعمال منزلية أيضاً.
بيان مكتب المدعي العام الألماني نوّه إلى أن «كل الأفعال التي ارتكبت بحق الإيزيديين كانت ترمي إلى القضاء على الديانة الإيزيدية».
يشار إلى أن القضاء الألماني أصدر في تموز 2023 حكماً بالسجن 14 عاماً على امرأة ألمانية بعد إدانتها بـ «استبعاد» فتاة إيزيدية.
واختطف داعش 6.417 إيزيدياً منذ عام 2014، تم إنقاذ 3.575 منهم حتى الآن.
تصنّف ممارسات داعش في حق الإيزيديين
اعتبرت الحكومة البريطانية، يوم الثلاثاء، أن ممارسات ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي في حق الإيزيديين عام 2014 في العراق تشكل “إبادة جماعية”، وفقا لما قالته وزارة الخارجية البريطانية في بيان.
وأوضح البيان “أقرت المملكة المتحدة رسميا اليوم (الثلاثاء) بأن داعش ارتكبت ممارسات إبادة جماعية في حق الإيزيديين في العام 2014”.
وفي السابق، دانت الحكومة البريطانية فظائع داعش المرتكبة ضد الإيزيديين، لكن تلك الإدانات لم تصل إلى حد الاعتراف بهذه الجرائم على أنها إبادة جماعية.
وفي يناير الماضي، اعترف البرلمان الألماني (البوندستاغ) بالجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي بحق الإيزيديبن في العراق، كإبادة جماعية، موصيا بسلسلة من إجراءات الدعم للإيزيديين.
وتم اختطاف أكثر من 6 آلاف إيزيدي عندما هاجم داعش معقلهم في محافظة نينوى، وفقاً لمكتب حكومة إقليم كردستان لإنقاذ الإيزيديين المختطفين.
وهناك أكثر من 2000 لا يزالون في عداد المفقودين.
وبحسب المكتب فرّ أكثر من 120 ألف إيزيدي العراق منذ أن شن تنظيم داعش هجومه، ويعيش عشرات الآلاف ممن بقوا في المنطقة في مخيمات.
“مطلوب” محاكمة داعش على جرائم الأيزيديين
رحب الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، بقرار البرلمان الألماني الذي قضى باعتبار جرائم تنظيم داعش الإرهابي ضد الأيزيديين بمثابة “إبادة جماعية”، في خطوة يأمل أهالي الضحايا والمفقودين أن تسلط الضوء على قضيتهم.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية “واع” تغريدة رشيد على “تويتر” المرحبة بالقرار، ودعا خلالها المجتمع الدولي إلى ضمان معاقبة مرتكبي هذه الجرائم، وبذل الجهود للكشف عن مصير المختطفين، وعدم تكرار هذه الجرائم، وتأمين عودة النازحين.
وجاء قرار البرلمان الألماني، الخميس، بالتزامن مع مناقشة رئيس مجلس القضاء الأعلى بالعراق فائق زيدان، مع كريستيان ريتشر، المستشارة الخاص لفريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم التي ارتكبها داعش “يونيتاد”، إجراءات الفريق خلال عام 2022 وخطة عمله لعام 2023.
كان داعش اجتاح بشكل مفاجئ مدينة سنجار بمحافظة نينوى شمالي العراق، التي يتركز فيها معظم الأيزيديين، عام 2014، وأعمل فيها القتل والنهب والاغتصاب، وخطف أعدادا كبيرة من السكان، بينما فرَّت أعداد أخرى إلى خارج المدينة.
تطور مهم
المحلل السياسي العراقي، ياسين عزيز، يصف في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” قرار البرلمان الألماني بـ “التطور المهم”، على اعتبار أنه:
• يعد بداية للتحرك الجدي لمحاسبة المجرمين، واستصدار قرار أممي بهذا الصدد.
• صدور هذا القرار في ألمانيا يكتسب أهميته من أن ألمانيا يمكن أن تكون مأوى لبعض عناصر داعش بعد انهزامهم وتشتتهم في أرجاء عدة، منها دول في أوروبا.
• توالي التحركات الجادة سيدفع باتجاه تعقب تلك العناصر، وإعطاء نوع من الاطمئنان والراحة لذوي الضحايا.
• هذه الخطوة ستكون رادعة لمن يريد الانضمام لتلك التنظيمات التي تهدد السلم الأهلي والتعايش.
معاناة الناجين
في أغسطس الماضي، أصدرت الأمم المتحدة تقريرا يكشف حجم معاناة الناجين الأيزيديين من مذابح داعش، وجاء في التقرير أن أبعاد المعاناة تتمثل في:
• بعد 8 سنوات من شن تنظيم داعش هجومه على سنجار، ما يزال أكثر من 200 ألف ناجٍ في عداد النازحين، يعيشون داخل المخيمات وخارجها في إقليم كردستان العراق.
• ما يزال النازحون، وحتى العائدون إلى سنجار، يعانون للحصول على مأوى ملائم والخدمات الأساسية.
• تضطر العائلات إلى التركيز على تلبية احتياجاتها الأساسية بدلا من التركيز على إعادة بناء حياتها بشكل هادف.
• دمر داعش 80 في المئة من البنية التحتية العامة، و70 في المئة من المنازل في سنجار والمناطق المحيطة بها.
• اعتمد 85 في المئة من سكان سنجار على الزراعة قبل عام 2014، ولكن بعدها قضى مقاتلو داعش على الموارد الطبيعية بتخريب قنوات الري والآبار وسرقة أو إتلاف المعدات الزراعية وتجريف الأراضي.
• أكثر من 2.700 شخص ما يزالون في عداد المفقودين، بعضهم أسرى لدى داعش، والبقية يظل مكانهم غير معروف.
• الناجون من الأيزيديين، وكذلك من الشبك والتركمان والمسيحيين، غير قادرين على الحداد على ذويهم المفقودين، خاصة أن الكثيرين منهم مدفونون في مقابر جماعية لا تحمل أي شواهد، وما يزالون بانتظار استخراج الجثث لمعرفة هويتها.
سبق أن دعت الحكومة العراقية المجتمع الدولي عام 2017، بعد أن هزيمة داعش وطرده من نينوى، إلى مد يد العون في ضمان محاسبة التنظيم.
وجدت الدعوة استجابة بقرار مجلس الأمن رقم 2379 (2017) الذي تمّ تبنيه بالإجماع، وخلص إلى تكوين فريق للتحقيق يرأسه مستشار خاص لتتبع جرائم التنظيم ودعم جهود محاسبة أفراده.
بموجب القرار، أنشأ الأمين العام فريق خاص باسم “فريق التحقيق التابع للأُمم المتحدة لتعزيز المُساءلة عن الجرائم المُرتكبة من جانب داعش” (يونيتاد)، وتعيين كريستيان ريتشر مستشارة خاصة لقيادة الفريق اعتبارا من 31 مايو 2018.
المانيا تُوقف “إرهابيا داعشياً” ارتكب عدة جرائم في العراق