تخطى إلى المحتوى

السؤال هنا .. من المستفيد من تضارب أسعار الدولار في العراق ؟

 تقرير أمريكي يكشف عمليات تهريب الدولار في العراق
*عجز
وعلى مدار الأزمة، اتخذت الحكومة قرارات عدة كان القصد منها خفض قيمة الدولار مقابل الدينار، لكن عجزت تلك القرارات عن إيجاد الحلول، والأزمة ما تزال مستمرة.
البنك المركزي العراقي يصدر بياناً بشأن سعر الدولار
 

يرى الخبير الاقتصادي، ضياء المحسن، أن البنك المركزي العراقي “عاجز” عن إيجاد الآلية الحقيقية للسيطرة على ارتفاع أسعار الدولار، لافتاً إلى أن “المركزي يعمل بآلية تتيح عملية التهرب وتهريب العملة، مثلاً توزيع البنك المركزي عبر نافذة العملة نحو 30 مليون دولار يومياً لمكاتب الصيرفة لكن لا يعلم هذه المكاتب اين تصرف المبالغ، بالإضافة إلى تعزيز الاعتمادات الخارجية بملايين الدولارات دون أن يعلم هل فعلاً دخلت بضائع بهذه المبالغ، ناهيك عن التهريب يومياً بنحو 70 مليون دولار الى الخارج منها عبر اربيل الى تركيا”.

ويضيف، “نحتاج معرفة المشكلة الحقيقية حتى نجد الحل”، مبيناً أن “الحل يكمن بقيام البنك المركزي بإلغاء نافذة بيع العملة وغلقها ويكون هو المتصدي عن طريق دائرة التحويلات الخارجية لتسديد مستحقات التجار الى نظرائهم خارج العراق”.

أما فيما يتعلق بالدول “المعاقبة”، يرى المحسن، أن “التعامل معهم يكون عبر العملات المحلية، من اجل التخلص من تبعات الفيدرالي الأمريكي الذي يمنع التعاملات الدولارية مع هذه الدول”.

*حصر التعاملات

ويشدد الخبير الاقتصادي، على ضرورة “تفعيل دور دائرة التحويلات الخارجية في البنك المركزي، اما حصر تعاملات الدولار بمصرف واحد فذلك غير مقبول؛ كون ستكون هناك جهة تفرض سيطرتها وتكون المستفيدة من هذا الموضوع” وربما يقف وراء ذلك المضاربين بالأسعار.

ويضيف، أن “المصارف الخاصة تتعامل مع المصارف الموضوعة على اللائحة السوداء مقابل عمولات”، مردفاً: “أفضل حل هو حصر التعاملات بدائرة التحويلات الخارجية”.

*مسارات غير صحيحة

ويواصل مسلسل ارتفاع سعر الصرف الدولار في الاسواق العراقية، وسط تضارب الآراء الاقتصادية والحكومية حول الاسباب الحقيقية الواقفة وراء هذا الارتفاع، حيث يشتد الصراع ما بين السوقين الموازي (السوداء) والرسمي (الحكومي)، والفرق بينهما يجتاز الـ28 نمرة!،

رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب، عطوان العطواني، يؤكد أنه “لا يوجد مصطلح سوق موازي، فالسوق الموازي هو الذي يتبناه القطاع الخاص أي مصدر تمويل الدولار يكون من القطاع الخاص”، مبيناً أن “ما يحصل في العراق هو سوق سوداء على اعتبار ان ما يتداول فيما يسمى السوق الموازي هو أصلاً من أموال الدولة وتحديداً من البنك المركزي ويأتي ضمن مسارات غير صحيحة”.

وحتى نقلص الفرق بين أسعار الرسمي والسوداء، رسم البنك المركزي آلية لشراء الدولار من خلال المنصة الالكترونية؛ من أجل تجفيف منابع التهريب والفساد على اعتبار ان هناك “يوز” لمستلم الدولار النهائي، وفق العطواني.

ويرى، أن “الشيء الإيجابي في المنصات انه لا توجد محددات لشركة معينة ان تقتني الدولار دون غيرها، وانما الساحة مفتوحة لكل الشركات”، مضيفاً “كل شركة لها حق اقتناء الدولار حسب الحاجة لكن يجب أن تلبي المتطلبات التي رسمها القانون البنك المركزي”.

وينوه العطواني، بأن “بعض الشركات لسبب التهرب الضريبي ومن أجل عدم الكشف عن مصادر تمويلها ترفض التعامل مع نظام المنصة فتذهب الى السوق السوداء، ما يؤدي ذلك إلى وجود التفاوت في أسعار الصرف”، داعياً الشركات، إلى “الإفصاح عن طبيعة عملها ومصادر تمويلها واقتناء الدولار من البنك المركزي”.

ومنذ بدء عمل البنك المركزي بالمنصة الإلكترونية ونظام التحويل المالي الدولي “سويفت” (SWIFT)، لم تشهد أسعار صرف الدولار في العراق استقراراً رغم محاولات الحكومة والبنك المركزي السيطرة على سعر الصرف في الأسواق الموازية (السوداء).

وفي شباط الماضي، ألزم البنك المركزي العراقي، المصارف المجازة وشركات الصرافة، وشركات التوسط ببيع وشراء العملة الاجنبية، التقديم عبر المنصة الالكترونية للحصول على حصتهم المقررة من العملة الاجنبية “الدولار”.

وجاء في وثيقة صادرة عن المركزي العراقي: “توجب اعتماد المنصة الإلكترونية للبيع النقدي للعملة الأجنبية (FITR) اعتباراً من يوم الاثنين الموافق 20 شباط 2023”. وأضافت الوثيقة، أنه “سيتم حرمان المصرف أو الشركة التي لا تستخدم المنصة المذكورة من الحصول على حصتها الأسبوعية من النقد (الدولار)”.

*سيطرة تدريجية

يقول الخبير الاقتصادي، حازم هادي، إن “السوق محكوم بالعرض والطلب، إذا كان الطلب فوق العرض سيؤدي ذلك لارتفاع الدولار، لكن البنك المركزي سيحاول بالتدريج وبكل الوسائل والطرق الحد من الارتفاع غير المبرر”.

ويشدد على، أهمية “حصر التعامل بالدينار كونه العملة الوطنية”، معتبراً التعامل بالدولار داخلياً “حالة شاذة، كون أن أغلب الدول تتعامل بعملتها المحلية في الداخل، على أن تكون التعاملات الخارجية والحوالات بالدولار او اليورو او غيرها”.

ويلفت هادي، إلى أن “اجراءات حصر التعامل بالدينار داخلياً ستؤدي إلى تقليل الطلب على الدولار، وطالما انخفض الطلب سيؤثر على العرض. لكن المشكلة الرئيسية، ليست بالطلب الداخلي وانما بالطلب الخارجي فالدول المجاورة تحاول ان تستثمر الحصول على الدولار من خلال السوق الموازي”.

ويستدرك، بالقول: “غياب السيطرة على الكمارك والحدود وغيرها سيؤدي الى استمرار الأزمة”، مشدداً على ضرورة “الحد من عمليات الاستيراد العشوائية التي لا مبرر لها فالسوق العراقية اصبحت سوق “بالة” واغلب المعروض من السلع والخدمات ليس لها جدوى اقتصادية”.

وحول كثرة إجراءات المركزي دون السيطرة على سوق العملة، يبين الخبير الاقتصادي، أن “هناك تعاملات لم يسيطر عليها البنك العراقي وهي خارج صلاحياته، كما هناك مصارف كانت تستخدم محال صرافة تتولى هذه العملية والمركزي متراخٍ باتخاذ الاجراءات المناسبة للحد منها”.

ولكن المتغيرات الدولية وإجراءات الخزانة الامريكية، بحسب هادي، “بدأت تشدد على العراق لذلك نرى ان أكثر من مصرف عراقي منع من استخدام الدولار وهذه مؤشرات بوجود تعاملات مع الخارج لتهريب العملة”.

*مؤشرات

ويتوقع هادي، أنه “خلال الفترة القصيرة المقبلة سيستمر سعر الدولار الواحد على وفق ما يتراوح حالياً من 1500 الى 1590 ديناراً، لكن في المستقبل بالتأكيد سينخفض؛ كون التعاملات بالدولار ستقتصر على الحوالات والاعتمادات المستندية”.

وقبل يومين، أعلن محافظ البنك المركزي علي العلاق، المضي “للاستغناء عن التحويلات الخارجية السنة القادمة واعتماد المصارف المجازة في العراق على بنوك مراسلة في عمليات التحويل الخارجي، إذ بلغت الحوالات عن طريق البنوك المراسلة 60% من إجمالي الحوالات (خارج المنصة الإلكترونية الخاصة بالبنك المركزي)، فيما وصلت نسبة تنفيذ الحوالات المحقّقة إلى أكثر من 95%”، مبينا أن “ذلك جاء بعد اتفاق بين البنك المركزي العراقي والبنك الفيدرالي الأمريكي، اُسوة بدول العالم، حيث لا تمارس البنوك المركزية أعمالاً تنفيذية، ويتركز دورها في الإشراف والرقابة”.

كما كشف العلاق عن سعي البنك لفتح قنوات تواصل مباشر للمصارف العراقية مع نظيرتها الأجنبية في المراسلات والتبادل التجاري، وفتح قنوات التحويل بعملات مختلفة منها (الدرهم الإماراتي، الليرة التركية، الروبية الهندية، اليورو)، فضلا عن تشديده على أن السّنة المقبلة ستشهد حصر كافة التعاملات التجارية الداخلية وغيرها بالدينار العراقي، بدلاً من الدولار، عدا تلك التي تسلّم للمسافرين.

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد