في الوقت الذي ما يزال فيه الشارع العراقي تحت وقع جريمة مقتل الطفل “موسى ولاء” تعذيباً على يد زوجة أبيه، صُدِم من جديد بجريمة لا تقل بشاعة عن تلك، فالطفل “حيدر زيد عمار” تعرض لتعنيف استمر نحو أربعة أشهر من قبل والده وزوجته وذلك في منطقة الحسينية شمال شرقي بغداد.

*تفاصيل القصة

يقول جد الطفل المعنف، صلاح جاسب، انه تلقى اتصالاً من ضابط مركز شرطة الزهور في منطقة الحسينية، يطلب منه حضوره مع والدة الطفل حيدر إلى المركز.

*تفاصيل القصة
*تفاصيل القصة

ويضيف، “بعد وصولنا خاض معنا الضابط تحقيقاً وسأل ما إذا كان حيدر يعاني من أمراض داء الثعلب أو البهاق أو الحساسية، واخبرناه بأنه لا يعاني من هذه الأمراض”.

ويتابع، “بعد أن ذهبنا إلى المستشفى لرؤية حيدر صدمنا بآثار تعذيب تملئ جسمه.. جزء من اذنه وجلد من رأسه مقطع”.

ويردف جاسب: “علمنا أنه كان يعنف على يد أبيه وزوجته ولمدة أربعة أشهر.. كان يضرب بـ”كتر” وآلات حادة أخرى”، مبيناً أن “الطفل يعاني من فطر بالجمجمة ونزيف بالرأس”.

ويؤكد، أن “والد حيدر منع امه من إعطائها حق الحضانة من أجل تسقيط النفقة”.

*ليست الأولى

ولم تعد هذه الحالة الأولى من نوعها، إذ سبق وشهدت العاصمة بغداد، وتحديداً منطقة الخطيب التابعة لمدينة الشعلة، مقتل طفل يدعى “موسى ولاء” على يد زوجة أبيه بعد أن صعقته بأسلاك كهربائية وطعنته بسكين ثم صبت الملح على جراحه.

وتمكنت القوات الأمنية، من الإطاحة بالجانية وإحالتها للتحقيق.

العنف ألاسري لايزال محور جدل في العراق

العنف ألاسري لايزال محور جدل في العراق
العنف ألاسري لايزال محور جدل في العراق

ويتصاعد العنف الأُسري في العراق، على نحو متسارع، إذ أصبحت جرائم القتل العائلية تتكرّر أسبوعياً، حتى باتت مثارَ قلق حقيقي في المجتمع العراقي. وبينما يؤكّد مختصّون أنّ دوافع اقتصادية ونفسية تقف وراء تلك الجرائم، فإنهم حمّلوا الحكومة والجهات المختصّة مسؤولية إيجاد الحلول لتلك الأزمات، والبرلمان لتشريع قانون العنف الأسري المعلّق منذ سنوات.

وتسجّل المحافظات العراقية، بشكل عام، جرائم شبه يومية، داخل العائلة الواحدة، إذ يمكن أن تتطوّر الخلافات البسيطة حول قضايا الإرث أو فسخ خطوبة أو انفصال بين زوج وزوجته مثلاً، إلى استعمال السلاح الناري أو غيره.

 تنامي الظاهرة وقانون حبيس البرلمان

رغم استمرار ارتفاع معدلاته، لا يزال العراق يفتقر لقانون ضد العنف المنزلي، بعد تصويت الحكومة العراقية في شهر أغسطس من عام 2020، على مسودة مشروع قانون الحماية من العنف الأسري، حيث لا يزال المشروع ينتظر المصادقة في مجلس النواب وسط تجاذبات حادة حوله تشريعيا و سياسيا.

تنامي الظاهرة وقانون حبيس البرلمان
تنامي الظاهرة وقانون حبيس البرلمان

وتتزايد حالات العنف الأسري في العراق بصورة مقلقة ومضطردة، دون أن تلوح في الأفق بوادر انفراج في ظل عدم وجود قانون يحد منها ويحمي ضحايا هذا العنف، وهم في غالبهم من النساء و الأطفال.

ويرى حقوقيون وناشطون في مجال الدفاع عن حقوق المرأة والطفل، أن الأزمة السياسية الحالية باتت عاملا معرقلا جديدا لاحتمال تمرير قانون مناهضة العنف الأسري، كون مجلس النواب العراقي معطل.

وما يزيد المشهد تعقيدا أن النساء المعنفات لا يجدن من يحتمين بهم، في ظل عدم وجود ملاذات آمنة كافية لاستقبال الأعداد الكبيرة والمتزايدة من ضحايا جرائم العنف الأسري في البلاد، والتي بالكاد تبلغ عدد أصابع اليد الواحدة.

وحول تصاعد ظاهرة العنف الأسري بالعراق والمطلوب لكبحها قانونيا ومجتمعيا، تقول نور نافع العضو بالبرلمان العراقي في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “تتزايد بشكل مخيف حالات العنف الأسري المسجلة وما يتعرض له النساء والأطفال تحديدا، سواء داخل محيط أسرهم وعوائلهم أو في الفضاء المجتمعي العام. ثمة الكثير من الحالات التي تظل مجهولة وتبقى طي الكتمان، الأمر الذي يدفعنا باتجاه المطالبة بتشريع قوانين وعقوبات تعالج هكذا حالات”.

وتضيف البرلمانية العراقية: “مع الأسف خلال الدورة البرلمانية السابقة لمجلس النواب العراقي، وحين بادر عدد من الأعضاء بطلب تشريع قانون العنف الأسري واعتماده، وجدنا أصواتا متشددة وقفت ضد تمرير هذا القانون تحت قبة البرلمان، بعضها بحجة الدين وبعضها الآخر بحجة تقاليد المجتمع وأعرافه، وهكذا بقي مجمدا على رفوف مجلس النواب على مدى شهور طويلة ولا زال”.

من جهتها تقول سارة الحسني مديرة منظمة “ساندها لحقوق المرأة” بالعراق، في حديث خاص انه و “منذ 8 سنوات يسعى المجتمع المدني بالعراق بشتى السبل لإقرار قانون مناهضة العنف الأسري، الذي لا زال موضوعا على رفوف البرلمان رغم التصويت الحكومي على مسودته منذ عامين، وإن كان قد أقر في إقليم كردستان العراق مع توفير ملاذات آمنة للمعنفات هناك، لكن في بقية المناطق العراقية فالوضع مزر للغاية”.

وأضافت الحسني: “بعض أعضاء البرلمان لم يطلعوا على مشروع القانون حتى، ويجهلون ما يحتويه وما يهدف له، ليظل معلقا ويذهب ضحية مواقف متعنتة مسبقة منه”.

وتابعت: “نحن بحاجة لعدد كبير من الملاذات الآمنة يتناسب مع الحالات الكثيرة المعنفة أسريا وخاصة من النساء، حيث يتم الآن دمج تلك الحالات لنساء أو أطفال مثلا في دور المشردات والأيتام، ويتم بذاك تجاهل خصوصية ضحايا العنف الأسري ممن هم بحاجة لإعادة تأهيل ودعم وعلاج نفسي وسلوكي. كمنظمات نحاول جاهدين الضغط باتجاه تمرير القانون من قبل البرلمان، لكن الأزمة السياسية الحالية هي أكبر العوائق التي تواجهنا الآن، كما ونسعى لفتح محاكم مختصة بالبت بقضايا العنف الأسري، وتوفير مراكز إيواء للناجين من جرائم العنف الأسري، وتأهيل الجهات التنفيذية المعنية بمكافحة هذه الظاهرة عبر زيادة صلاحيات كل من الشرطة المجتمعية ومديرية حماية الأسرة وتفعيل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، والذي ينص على معاقبة كل من يجري عقد زواج خارج المحاكم، كون زواج القاصرين يندرج تحت بند العنف والقسر”.

عقوبة التعنيف الاسري بالعراق

وتنص المادة (43) من قانون العقوبات العراقي في فقرته الأولى على المعاقبة بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تزيد على 100 دينار على كل من اعتدى عمداً على آخر بالجرح أو الضرب أو بالعنف أو بارتكاب أي فعل آخر، فيما تنص في فقرتها الثانية بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وغرامة 300 دينار 
عقوبة التعنيف الاسري بالعراق
عقوبة التعنيف الاسري بالعراق
أولاً- بالغرامة التي لا تقل عن (500,000) خمسمائة ألف دينار ولا تزيد على (1,000,000) مليون دينار، وفي حالة عدم الدفع تكون العقوبة الحبس البسيط مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على (6) ستة أشهر.
ثانياً- بالغرامة التي لا تقل عن (3,000,000) ثلاثة ملايين دينار ولا تزيد على (5,000,000) خمسة ملايين دينار، في حالة العود،  أو إذا ارتكبت الجريمة من الفروع على الأصول، أو إذا كان الضحية صغيراً، أو حدثاً، أو كبير السن، أو حاملاً، أو من ذوي الإعاقة أو خرق قرار الحماية باستخدام العنف ضد أي من المشمولين به، وفي حالة عدم الدفع تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن (3) ثلاثة أشهر ولا تزيد على(1) سنة واحدة.
 

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد