تتضارب الآراء وتختلف الرؤى حول الأسباب الحقيقية وراء تعطل أحد البرامج المهمة في العراق وهو الـ”تليغرام” الامر الذي اثار الشك والريبة في العراق خلال ال 24 ساعة الماضية .
تيليجرام أو تلغرام (بالإنجليزية: Telegram) هو تطبيق للتراسل الفوري، حرّ ومجانيّ ومفتوح المصدر جزئيًا ومتعدد المنصات ويُركز على الناحية الأمنية. مستخدمو تيليجرام يستطيعون تبادل الرسائل بإمكانية تشفير عالية بما في ذلك الصور والفيديوهات والوثائق حيثُ يدعم كافّة الملفات. بدأ في عام 2013 كتطبيق صغير يركز على المراسلة الآمنة وتطور منذ ذلك الحين إلى منصة تضم أكثر من 500 مليون مستخدم. يُعد تيليجرام الآن ضمن قائمة أكثر 10 تطبيقات يتم تنزيلها واستخدامها حول العالم للبقاء على اتصال مع الأصدقاء. تيليجرام متوفر رسميًا على أندرويد وآي أو إس (بما في ذلك الأجهزة اللوحية والأجهزة التي لا تدعم واي-فاي)، بالإضافة لذلك فهناك برمجيات تيليجرام غير رسمية من مطورين مستقلين لأنظمة التشغيل الأخرى مثل: ويندوز، ويندوز فون، ماكنتوش، لينكس كما تُقدم الخدمة واجهات برمجة تطبيقات للمطورين المستقلين. أعلنَ تيليجرام في شهر مارس من عام 2018 عن وصول عدد مستخدمي الخدمة النشطين إلى 200 مليون شخص شهريًا. ووِفقًا للرئيس التنفيذيّ للشركة فقد كانت نسبة النمو السنوي لتليجرام اعتبارًا من أبريل 2017 أعلى من 50%.
يعودُ تأسيس تيليجرام إلى عام 2013 على يد الأخوين نيكولاي وبافيل دروف مؤسّسا موقع فكونتاكتي (أكبر شبكة اجتماعية روسية)، وقد نجحا في إطلاق برنامج تيليجرام ثمّ سجّلاهُ كمنظمة مستقلة تتخذُ من العاصِمة الألمانيّة برلين مقرًا لها. صَمَّم نيكولاي بروتوكولاً خاصاً للتطبيق يدعى MTProto، في حين قَدَّم بافيل دروف الدعم المالي والهيكلي الأساسي للمشروع، ويقوم تيليجرام بنفس الوظائف التي تقوم بها برامج التراسل الأخرى كـ: واتس آب، لاين، فايبر، تانغو.
لاقى النموذج الأمني الذي تعتمدهُ تيليجرام نقدًا بارزًا من قبلِ عدد من خبراء علم التعمية، حيث انتقدوا النموذج الأمني العام لقيامه بتخزين جميع بيانات الاتصال والرسائل والوسائط مع بعضها البعض مرفقةً بمفاتيح فك تشفيرها على خوادم الشركة بصورة مفترضة وليس عبر التفعيل الافتراضي لنظام التشفير حتى النهاية الخاص بالرسائل. فيما يفسر بافيل دوروف السبب في أن هذا يساعد على تفادي قيام أطراف ثالثة بعمليات نسخ احتياطي غير آمنة، ويُمكّن المستخدمين من فتح الرسائل والملفات من على أي جهاز كان. كما انتقد خبراء علم التعمية أو التشفير لجوء تيليجرام إلى استعمال بروتوكول تشفيرٍ خاصٍ لم يثبت مدى أمانه وموثيقته.
تعرّض تيليجرام في بعض البلدان للرقابة مثل حجبهِ في روسيا وكذا في إيران أو حتى الحجب على ضوء الاتهامات التي واجهها التطبيق بمساعدته على تسهيل حصول أنشطة مخالفة للقانون مثل الإرهاب بالإضافة إلى الطلب المتناقص لتسهيل وصول الحكومة إلى بيانات الأفراد واتصالاتهم ومعلوماتهم الشخصية.
كيف بدأت القصة ؟
منذ مساء يوم أمس السبت، وبشكل مفاجئ توقف تليجرام عن العمل في عموم العراق، وهو ما سبب صدمة في الساحة العراقية الشعبية منها والسياسية، متسائلين عن أسباب التوقف.
المثير للاستغراب، والى هذه اللحظة، لم يصدر أي بيان توضيحي من الجهات المسؤولة عن مواقع التواصل في العراق، والتي تتمثل بوزارة الاتصالات، أو حتى هيئة الاعلام والاتصالات
وفي وقت سابق، حذر الاعلام الرقمي DMC من خطر برنامج الـ” تليغرام” في العراق، معتبرته “خطرً جديداً” يتسبب بإرقة دماء الفتيات.
وذكر المركز في بيان ورد لصحيفة العراق ، انه “خلال الاشهر القليلة الماضية رصد تواجد عشرات قنوات التيليجرام المخصصة لتطوير التقنيات الاحتيالية والابتزاز الالكتروني، فضلا عن تسريبها الاف البيانات الخاصة بالمستخدمين العراقيين والاجهزة الامنية والحكومية”.
كما رصد المركز “وجود قنوات اخرى مختصة بابتزاز الفتيات العراقيات بعد قرصنة حساباتهن، ومن ثم التهديد بنشر الصور الخاصة عبر قنوات اخرى، الامر الذي تسبب بقتل بعض الفتيات وتشويه سمعة عشرات العوائل العراقية”.
وبين المركز ان “منصة تيليجرام تتجاهل باستمرار طلبات حذف القنوات المخالفة، وكان التعاون ضعيف من قبل الدعم الفني للمنصة رغم عشرات التبليغات التي تصلها حول المخالفات الاجرامية المرصودة”.
وأشار المركز الى، ان عدم الاستجابة والتعاون مع التبليغات التي ترصد الانشطة الاجرامية هي ظاهرة تميزت بها منصة تليجرام عكس المنصات الرقمية الاخرى مثل فيسبوك Facebook وواتساب WhatsApp التي تتعاون باهتمام مع التبليغات المتعلقة بالأنشطة غير المشروعة ويتم ازالتها بوتيرة سريعة”.
ويذكر المركز ان “تقاعد منصة تيليجرام وتأخرها في تقديم الدعم الفني والاستجابة لتبليغات الجمهور في العراق سهّل على الجماعات الاجرامية الاعلان والترويج لأنشطتها المختلفة وساهمت هذه الثغرات التنظيمية في تطوير وتسريع مهارات الجريمة الرقمية في العراق”.
ودعا مركز الإعلام الرقمي DMC منصة تيليجرام الى “الاسراع بتغيير سياستها ويحذرها من مغبة استمرار عدم التعاون مع المستخدمين في تبليغاتهم ضد القنوات المخالفة التي تنتهك المعايير والقوانين المحلية والدولية”.
تحذيرات مركز الاعلام الرقمي، تماشت مع رأي المواطن، حيدر الشمري، الذي طالب بضرورة الغاء هذا التطبيق.
ويقول الشمري في حديث لـ السومرية نيوز، إن “هذا التطبيق أصبحت أداة جديدة للقتل في العراق لاسيما مع الانفتاح الكبير الذي يتمتع به، وبدون وجود أي رقابة أو جهات تستطيع السيطرة عليه”.
ويضيف، أن “العديد من الفتيات لقن حتفهن نتيجة هذا التطبيق من خلال اختراق حساباتهن، ونشر صورهن في (كروبات) عديدة، وهو ما أدى الى مقتلهن”.
مواطنون آخرون أبدوا استيائهم، في حال اتخذت الحكومة، خطوة “حظر” البرنامج فعلياً في العراق، لاسيما أنه أهميته لديهم قد تكون أهم من التطبيقات الاخرى خصوصاً لفئات الطلبة والمواقع الإخبارية، وحتى بالنسبة لمن يكون رزقهم على هذا التطبيق من خلال قضايا الدعاية والاعلام.
ويقول هشام الحسناوي، في حديث خاص ، إن “حظر تطبيق التليغرام من قبل الحكومة، خطوة غير موفقة لاسيما هناك الكثير من طلبة المراحل المنتهية والجامعات يعتمدون في دراستهم على هذا التطبيق”.
بدوره، مواطن آخر، يدعى ضياء الجابري، رأى، أن “تليغرام مصدر رزقي الوحيد حالياً في العراق، فالصفحات التي امتلكها على بقية المواقع لن تعمل كما هو حال، على هذا التطبيق”.
من جهة أخرى، ترى مواقع وصفحات عديدة على مواقع التواصل لاسيما في “التليغرام” ان إغلاق التطبيق جاء نتيجة “قرار سياسي”، بطلب من السفارة الأمريكية في العراق.
ومن المعروف أن “التليغرام”، من التطبيقات الروسية التي تتيح نشر المواد التي تقوم بحضرها برامج أخرى مثل “الميتا” والـ”انستغرام”، باعتبار ان التطبيقات الأخيرة ذات عائدية أمريكية.
ويلفّ الغموض الأسباب الأساسية وراء توقف البرنامج في العراق، فبين العطل المفاجئ والتوقف السياسي اراء عديدة لم تتمكن من إثبات أي بينهم هو الأصح الى غاية الآن.
وصرّح التطبيق على صفحته “لقد ازعجنا ان نعلم ان تنظيم الدولة الاسلامية يستخدم قنوات تلغرام العامة لنشر دعايته”.
واضاف انه “نتيجة لذلك فقد قمنا هذا الاسبوع لوحده بحجب 78 موقعا مرتبطة بتنظيم الدولة الاسلامية ب12 لغة”.
وطبقا لمعهد ابحاث الاعلام في الشرق الاوسط فان هذا التطبيق يزداد انتشارا بين الجماعات الجهادية، حيث انشأ تنظيما الدولة الاسلامية والقاعدة العديد من القنوات عليه.