في لفتة جديدة أثارت من خلالها الجدل في العراق أذ أصدرت محكمة استئناف ذي قار، الاحد، حكما بالسجن المؤبد بحق الضابط المتهم والمتورط الرئيسي في قتل متظاهري تشرين، “عمر نزار”، على خلفية مجزرة الزيتون في محافظة ذي قار.
جاء الحكم وفق احكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، على خلفية مجزرة جسر الزيتون في محافظة ذي قار”.
جسر الزيتون، هو جسر رئيسي يربط شمال مدينة الناصرية بجنوبها، قطعه المحتجون في 25 تشرين الثاني 2019 بعوارض بلاستيكية وخشبية، ونصبوا خيامهم في وسطه، في خطوة تصعيدية للضغط على الحكومة لتعطيل الدوائر الحكومية عن العمل، مطالبين بتنفيذ مطالبهم بإصلاحات اقتصادية وسياسية.
لم يمر الأمر على خير. تعرّض المحتجّون بعد أيام لاقتحام عسكري من قبل قوة امنية قتالية فجر 28 تشرين الثاني لغرض انهاء الاحتجاجات بعدما شكلت تظاهرات الناصرية خطراً واضحاً على الحكومة وتحوّلها إلى ملهمة لساحات التظاهر الأخرى.
القوات العسكرية التي كانت تأتمر بأمرة قائد عسكري برتبة رفيعة فريق ركن جميل الشمري تم تكليفه من قبل رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي للإشراف على جميع القوى الموجودة في المحافظة.
القوة العسكرية بدأت بإطلاق النار بشكل مباشر على صدور المحتجين حتى سقط يومها 25 قتيلاً ومئات الجرحى وتراجعت أمام سيل المحتجين الذين اندفعوا من جميع أزقة المدينة لمواجهة هذه القوة العسكرية الشرسة، وأجبروها بالقوة إلى التمركز في الجزء الجنوبي من المدينة داخل مديرية الشرطة واستمرت المواجهة بين المتظاهرين العزّل والقوات المدججة بالسلاح، حتى تجاوز عدد القتلى الخمسين قتيلاً.
مجزرة جسر الزيتون خلفت حزناً كبيراً، إذ اتشحت معظم شوارع المدينة بالسواد وأقيمت مجالس العزاء في عدد من مساجدها وإغلاق أسواقها وإغلاق جسر الزيتون لعام كامل دون مرور المركبات عليه.
مستشار محافظ ذي قار علي مهدي ويعد أحد ابرز النشطاء في ساحة الحبوبي آنذاك، كشف عن أكثر من 300 دعوى قضائية تم تقديمها إلى القضاء ضد رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي ومثيلها ضد القائد العسكري جميل الشمري، فضلاً عن الدعاوى ضد بعض القيادات الأخرى إلا أنه لم تتم محاكمتهم حتى الآن على رغم صدور أمر إلقاء قبض بحق الشمري.
وأعلن رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي في 29 تشرين الثاني 2019 نيته لتقديم استقالته إلى مجلس النواب، في حين استقال في ذلك اليوم كل من محافظ ذي قار عادل الدخيلي، وقائد شرطة ذي قار محمد زيدان القريشي الذي أصدر أمر بسحب جميع القوات الأمنية إلى مقرها ومنع إطلاق الرصاص الحي قبل استقالته. لم تؤد كل هذه الاستقالات من تهدئة المتظاهرين، خاصة أن عمليات القتل ظلت مستمرة في الناصرية والنجف. إثر ذلك وافق البرلمان في 1 كانون الأول على إقالة عبد المهدي الذي كان قد قدّم استقالته لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في 30 تشرين الثاني 2019.
تظاهرات تشرين العراقية
تظاهرات تشرين العراقية أو الاحتجاجات العراقية 2019 أو ثورة تشرين هي تظاهرات اندلعت في 1 تشرين الأول سنة 2019، في بغداد وبقية محافظات جنوب العراق احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية للبلد، وانتشار الفساد المالي الإداري والبطالة. ووصلت مطالب المتظاهرين إلى إسقاط النظام الحاكم واستقالة حكومة عادل عبد المهدي، وتشكيل حكومة مؤقتة وإجراء انتخابات مبكرة. وندّد المتظاهرون أيضاً بالتدخل الإيراني في العراق وحرق العديد منهم العلم الإيراني. واجهت القوات الأمنية هذه المظاهرات بعنف شديد واستعملت قوات الأمن صنف القناصة واستُهدِف المتظاهرين بالرصاص الحي، وبلغ عدد القتلى من المتظاهرين حوالي 740 شخصاً منذ بدء المظاهرات، وأُصيب أكثر من 17 ألف بجروح خلال المظاهرات ومن بينهم 3 آلاف «إعاقة» جسدية، فضلاً على اعتقال العديد من المحتجين وأيضاً قطع شبكة الإنترنت. وتعتبر هذهِ الاضطرابات الأكثر فتكاً في العراق منذ انتهاء الحرب الأهلية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في كانون الأول/ديسمبر 2017. وتأجّلت التظاهرات لفترة لأجل مراسيم الزيارة الأربعينية للإمام الحسين، ثم تجددت في يوم الجمعة 25 تشرين الأول، وفي أعقاب حرق القنصلية الإيرانية في النجف في 27 تشرين الثاني 2019 سقط عشرات القتلى والجرحى وكانت أكثر أيام الاحتجاجات دموية، خاصة في محافظة ذي قار التي جرت فيها مجزرة الناصرية، والتي أدّت إلى إعلان رئيس الوزراء العراقي نيته تقديم استقالته. وفي 30 تشرين الثاني قدّم عادل عبد المهدي استقالته من رئاسة مجلس الوزراء استجابة لطلب السيستاني، وتمهيدا لإجراء انتخابات جديدة تعمل على تهدئة الأوضاع في البلاد. ولقد أعلنت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، ارتفاع حصيلة ضحايا الاحتجاجات خلال الشهرين الماضيين إلى 495 قتيلاً وأكثر من 21 ألف جريح.
- متظاهر يرفرف بعلم العراق وتظهر خلفه بناية المطعم التركي.
- متظاهرين يحملون جثة شهيد بعد إصابته بقنبلة مسيل الدموع في الرأس قرب جسر الجمهورية صورة توضح الذخيرة الحيّة المستخدمة في تفريق الاحتجاجات في اليوم الثاني من الاحتجاجات و متظاهر يقطع طريق ساحة الخلاني بحرق الإطارات كنوع من الاحتجاج والعصيان المدني.
صورة جوية للمطعم التركي تظهر تمركز المتظاهرين فيه.
مجموعة من المتظاهرين في ساحة التحرير ببغداد أذ و كما أعلنت المفوضية عن اختطاف 170 شخصاً من المتظاهرين ومن ساحات الاحتجاج، من دون أن يعرف مكان وجودهم حتى الآن
تسلسل الأحداث 2019
تمثلت بشرطة مكافحة الشغب بين المتظاهرين قبل يوم من بدء الثورة في وقفة تضامنية يوم 30 سبتمبر و إعلان بدأ العصيان المدني بقطع الطرق الرئيسية في شوارع بغداد المطعم التركي أثناء اعتلاءه من قبل المتظاهرين و هو مغلف بأسماء الشهداء و صورهم و منها إسعاف متظاهر جريح في إحدى خيم المسعفين قرب شارع السعدون.
تظاهرات أعضاء النقابة المحامين العراقيين وسط العاصمة بغداد لدعم “الشعب العراقي في الدفاع عن حقوقه الدستورية”، في 24 أكتوبر 2019.
في الأسابيع القليلة التي سبقت انطلاق تظاهرات تشرين الأول 2019، نشرت في الصحف والمواقع الإلكترونية العراقية عددا من المقالات والمنشورات التي دعت إلى التظاهر للمطالبة بالإعمار والخدمات ومكافحة الفساد، من بينها مقالة نشرت في جريدة الصباح العراقية بتاريخ 5 آب 2019 من قبل الناشط باسم محمد حبيب، وردت فيها مطالب عدة دعى الحكومة إلى تلبيتها أهمها: التركيز على ملف الإعمار والتحقيق في أسباب تلكؤه في بعض المحافظات، داعيا الناس إلى رفع الصوت عاليا للمطالبة بهذه الحقوق المهمة والمشروعة وعدم القبول بأي تبرير لهذا التلكؤ [1]، كما تضمن منشورا آخر للكاتب نفسه حمل عنوان (آن أوان المطالبة بالحقوق)، نشر في أحد المواقع الإلكترونية بتاريخ 25 أيلول 2019، الدعوة إلى التظاهر السلمي للمطالبة بالإعمار والخدمات وعدم الاكتفاء بالمناشدات والمطالبات.
1 تشرين الأول: في يوم 1 تشرين الأول/ أكتوبر جرت الدعوة للقيام بمظاهرات ضد الفساد والبطالة والدعوة لاستقالة عادل عبد المهدي وحكومته وتغيير النظام السياسي. واجتاحت التظاهرات بغداد ومدن الجنوب، وقوبلت التظاهرات برد فعل عنيف من القوات الأمنية بإطلاق الرصاص الحي، واستخدام القنابل الصوتية وإطلاق رشاشات المياه والغاز المُسيّل للدموع ضد المتظاهرين. ولقد ذكر رئيس الوزراء العراقي في بيان لهُ على القنوات العراقية حرصه على حل المشاكل وأعلن عن تشكيل لجان لاستلام جميع المطالب، وعن إجراء التحقيق عن الضحايا الذين سقطوا.
2 تشرين الأول: أعلنت السلطات العراقية عن حظر التجوال في العاصمة بغداد، وأغلقت الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير. وكذلك تم حظر مواقع التواصل الإجتماعي وقطع خدمة الإنترنت في جميع أنحاء البلاد باستثناء إقليم كردستان. وجرى اغتيال الناشط ورسام الكاريكاتير حسين عادل المدني مع زوجته سارة في منزلهم في البصرة بواسطة عدد من المسلحين الملثمين، وكان حسين وزوجتهِ من المشاركين في تظاهرات البصرة.
3 تشرين الأول: طالبت منظمة العفو الدولية بالكف الفوري عن استخدام العنف ضد المتظاهرين وطالبت السلطات العراقية بإجراء التحقيقات اللازمة في سقوط 18 قتيل من المتظاهرين وقوات الشرطة، وطالبت بإنهاء الحظر الفوري على شبكة الإنترنت وعلى كافة مواقع التواصل الاجتماعي. ووجهت الاتهامات لقوات مكافحة الشغب بإطلاق الرصاص الحي ضد المتظاهرين، كما وجهت الاتهامات للميليشات المرتبطة بإيران كسرايا طليعة الخراساني بإطلاقها النار عن طريق القناصة ضد المتظاهرين.
4 تشرين الأول: وجُهت المرجعية الدينية الشيعية في النجف أربع مطالب للحكومة، تقضي بتشكيل لجان حكومية لمحاربة الفساد، وتوفير فرص العمل للعاطلين، وتحسين الخدمات، وانهاء الفساد.
5 تشرين الأول: دعا رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي ممثلين عن التظاهرات للحضور إلى مقر مجلس النواب، والتقى ببعض المتظاهرين في مجلس النواب وبحث مطالبهم، فيما رفض عدد من ناشطي التظاهرت تخويل أي جهة لتمثيلهم بعد سقوط ضحايا في التظاهرات. ولقد داهمت القوات الأمنية مكاتب قنوات اعلامية في بغداد، ومنها مكاتب قنوات العربية الحدث وقناتي إن آر تي العربية ودجلة المحليتين، واعتدى مسلحون على صحفيين. وقامت قناة الحدث بتسريب إحدى الفيديوهات من كاميرات المراقبة لمسلّح يقتحم مبنى القناة ويحطّم أجهزة المكتب في بغداد.
6 تشرين الأول: وعد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بتنفيذ حزمة قرارات لمكافحة الفساد، ووعد بتوزيع قطع أراضي سكنية وتوفير رواتب للعوائل التي لا معيل لها، ووعد بفتح باب التطوع في الجيش. وذكرت وسائل الإعلام حرق المتظاهرين في مدينة الناصرية جنوب العراق لعدة مقرات تابعة للأحزاب السياسية الموجودة في المدينة، واقتحام المتظاهرين مكاتب حزب الدعوة الإسلامية وحزب الفضيلة الإسلامي العراقي ومنظمة بدر وتيار الحكمة الوطني وتدمير ممتلكاتها وحرقها، كما اقتحموا أيضاً مقر الحزب الشيوعي العراقي وتدمير ممتلكاته.
7 تشرين الأول: ارتفاع عدد القتلى إلى 110 شخص، بعد مقتل 15 شخصاً أثناء اشتباكات في مدينة الصدر شرق بغداد الليلة الماضية، وأقرّت القوات العراقية باستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين. وأشارت خلية الإعلام الأمني العراقي في بيان إلى أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وجّه «بسحب كافة قطعات الجيش من مدينة الصدر واستبدالها بقطعات الشرطة الاتحادية» وذلك نتيجة الأحداث التي شهدتها المنطقة.
8 تشرين الأول: توقّفت المظاهرات مؤقتاً بسبب مراسم زيارة الأربعين.
17 تشرين الأول ذكرت وسائل إعلام اعتقال الأجهزة الأمنية للناشط والمدوّن شجاع الخفاجي في بغداد. وقد أُطلق سراحه بعد 24 ساعة من اعتقاله عند تدخل مقتدى الصدر.
21 تشرين الأول خرجت تظاهرات في بغداد طالبت بالكشف عن مصير الناشط ميثم الحلو، والذي اعتقل من قبل قوات مجهولة قبل 12 يوم ومن دون معرفة مصيره.
22 تشرين الأول شكّلت الحكومة لجنة لأجل التحقيق في مقتل المتظاهرين، وكشف تقرير للجنة عن مقتل 149 مدني وثمانية عناصر من الشرطة، وأصدرت الحكومة قرارات بإعفاء قادة للشرطة في محافظات بغداد وذي قار والديوانية وبابل والنجف وواسط وميسان وتحويلهم للتحقيق، ولم تكشف اللجنة عن أسماء القناصين الذين استهدفوا المتظاهرين ولم تدن الفصائل المرتبطة بالحشد الشعبي والتي اتهمت بقمع التظاهرات.
24 تشرين الأول إطلاق سراح الناشط ميثم الحلو بعد دفعهِ الفدية للخاطفين. وتوافد المتظاهرين إلى ساحة التحرير بوسط بغداد، مساء الخميس، استعدادا لتظاهرات من المتوقع أن تكون حاشدة، ليوم الجمعة، فيما بدا أنه محاولة استباقية لأي إجراءات حكومية من شأنها عرقلة وصولهم إلى المنطقة المحاذية للمنطقة للخضراء شديدة التحصين في وسط بغداد. في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الداخلية حالة الإنذار القصوى. وبدأت المظاهرات في منتصف الليل بساحة التحرير وسط بغداد، وهتف المتظاهرين ضد التدخل الإيراني. واستخدمت قوات الأمن خراطيم المياه في تفريق جموع المتظاهرين فيما سمع دوي اطلاق الرصاص في أنحاء متعددة ضمن محيط المنطقة الخضراء، وأكّدت مصادر طبية إصابة المتظاهرين بعد إقدام القوات الأمنية على تفريق المظاهرات.
25 تشرين الأول حاول مجموعة من المتظاهرين اقتحام المنطقة الخضراء في بغداد، ولم تفلح الإجراءات الأمنية في وقف تدفّقهم، وأزالوا الحاجز الأمني الأول فوق جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء وأطلقت قوات الأمن القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع، ولقد فرقت القوات الأمنية العديد من المتظاهرين الذين عبروا باتجاه المنطقة الخضراء للمرة الثانية، وأدّى ذلك إلى مقتل عدد من المتظاهرين وأُصيب الآلاف بجروح وأغلبهم من حالات اختناق بسبب استخدام الغازات المسيلة للدموع،
ومن بينهم أفراد من القوات الأمنية.، كما أُصيب مراسل قناة السومرية الفضائية بجروح أثناء تغطيته لأحداث المظاهرات، بينما سادت التظاهرات معظم المحافظات الجنوبية ومنها محافظة المثنى. وأُحيطَ مبنى الحكومة في محافظة البصرة بالعلم العِراقي، وتظاهر العشرات في ساحة الحبوبي في وسط الناصرية وطالبوا بتغيير الدستور والنظام وإجراء انتخابات مُبكرة، ووصل المئات من المتظاهرين إلى ساحة الاحتفالات في محافظة المثنى، وكذلك تظاهر العشرات من المواطنين في قضاء الرفاعي في شمال محافظة ذي قار، مع تزايد أعداد المتظاهرين في ساحة الاحتفالات في محافظة المثنى، وقد اجتاز المتظاهرين حواجز أمنية تفصلهم عن مقر الحكومة في محافظة المثنى، ووصلوا إلى مقر الديوان، وتوجّه العديد إلى موقع المظاهرة أمام مباني حكومة البصرة، وهتف المتظاهرين بمحاسبة الفاسدين، وكان الآلاف من المتظاهرين يواصلون الإحتشاد في مبنى محافظة السماوة، وكذلك توجّه الآلاف منهم إلى مبنى محافظة الديوانية، وجرت عدة محاولات لاقتحام مبنى ديوان محافظة المثنى، وحاول بعض المتظاهرين تسلّق السياج الخارج لمبنى المحافظة،
خلال ساعات : وفاة الفنان رضا طارش بعد فلاح أبراهيم مباشرة