يعتبر شرب القهوة روتينا يوميا عند الكثر على اعتبار أنها تسهم بتحسين الحالة المزاجية، إلا أن التقارير الطبية مؤخرا تشير إلى أن الكميات القليلة منها حتى يمكن أن تؤدي إلى القلق وخفقان القلب، والسبب بالطبع هو الكافيين.
يقول الخبراء إن ردود الفعل المختلفة تجاه القهوة تكمن في حمضنا النووي، فالكافيين يمكن أن يبقى في الجسم لمدة تتراوح بين 90 دقيقة إلى 9 ساعات اعتمادا على مدى سرعة تحلله في الكبد.
اكتشف العلماء أن جينا محددا يسمى CYP1A2، يتحكم في سرعة معالجة الكبد للكافيين، وتشير بعض الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين ليس لديهم هذا الجين يمكن أن يصابوا بارتفاع ضغط الدم نتيجة لشرب القهوة.
لماذا قد تسهم القهوة في شعورك بالأرق؟
تعمل القهوة أو بالأحرى الكافيين عن طريق تغيير تدفق بعض المركبات والمواد الكيميائية إلى الدماغ.
من أجل النوم، ينتج الجسم مادة كيميائية تسمى الأدينوزين، عند امتصاصه في الدماغ، فإنه يجعل الناس يشعرون بالتعب ويبطئ معدل ضربات القلب، على مدار اليوم، تتراكم كمية الأدينوزين في الجسم، ولهذا السبب من الطبيعي أن تبدأ في الشعور بالنعاس في فترة ما بعد الظهر.
لكن الكافيين يمنع المستقبلات الموجودة في الدماغ والتي يتم من خلالها معالجة الأدينوزين ما يجعلك تشعر بالأرق.
ماذا عليك أن تفعل مع جرعة زائدة من القهوة؟
يقول العلماء أن هناك خطوات يمكن للناس اتخاذها لمواجهة الآثار غير المرغوب فيها للكافيين.
تشير الدراسات إلى أن شرب الكثير من الماء، حوالي كوب كبير تقريبا لكل فنجان قهوة يمكن أن يقلل من خطر التوتر.
تشير الأبحاث أيضًا إلى أن ممارسة التمارين الرياضية السريعة، على سبيل المثال الجري أو ركوب الدراجات لمدة 20 دقيقة – يمكن أن تقلل من القلق.
ويرى الخبراء أن هذا يرجع على الأرجح إلى حقيقة أن التمارين الرياضية تسرع عملية التمثيل الغذائي للكافيين بسرعة أكبر.
أصول “القهوة الصباحية”
أيا كان المُسمى الذي يُطلق على القهوة، فإنها بلا شك جزء كبير من الثقافة العالمية والقهوة المصنوعة من النوع (أرابيكا) هي الأكثر تفضيلا لدى عشاق ذلك المشروب.
فك باحثون في الآونة الأخيرة شفرة الشريط الوراثي (الجينوم) لبن أرابيكا وتعقبوا أصوله التي اتضح أنها ناتجة عن تهجين نوعين آخرين من البن قبل ما يُقدر بأنها 610 آلاف إلى مليون عام في غابات إثيوبيا.
وتتبع الباحثون أشرطة وراثية لتسعة وثلاثين صنفا من بن أرابيكا، منها صنف من القرن الثامن عشر، لتحديد الشريط الوراثي الأعلى جودة حتى الآن من أنواع البن، واسمه العلمي هو “كوفيا أرابيكا”.
وقال فيكتور ألبيرت عالم تطور النباتات في جامعة بافالو بولاية نيويورك الأميركية “(البن) أرابيكا واحد من محاصيل السلع الأولية المتميزة عالميا، إذ يشكل جزءا ضخما من الاقتصادات الزراعية في الدول التي يُزرع فيها”.
وأظهر البحث أن محصول “بن أرابيكا” زاد وتقلص على مدى آلاف الأعوام مع ارتفاع حرارة المناخ وانخفاضها. وزُرع ذلك النوع لأول مرة في إثيوبيا واليمن قبل أن يتشر في بقية العالم.
وقال باتريك ديكومب كبير خبراء علم الجينوم في مؤسسة (نستله ريسيرش) والمحاضر في معهد التكنولوجيا الاتحادي السويسري “البنو البشرية وثيقا الصلة على مدى التاريخ. وفي كثير من الدول المنتجة، يمثل بن أرابيكا أكثر من مجرد محصول، إنه جزء من الثقافة والتقاليد”.
ووُجد أن بن أرابيكا به تنوع وراثي منخفض بسبب عدم تهجينه وضآلة محاصيله.
ويمكن زراعة البن، المعرض للآفات والأوبئة، في عدد محدود من البيئات المحلية حيث تكون الظروف المناخية مواتية وتهديد الأوبئة منخفض.
وذكر ديكومب أن البحث “يمهد الطريق لطرق تهجين جديدة في البن، وهو ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى تطوير أصناف جديدة بمقاومة أفضل للأوبئة وتغيرات المناخ وبخواص (مذاق) جديدة في الأقداح”.
وقال الباحثون إن بن أرابيكا نشأ نتيجة تهجين طبيعي بين نوعين هما البن القصبي (كوفيا كانيفورا) و(كوفيا يوجينيويديس).
والبن القصبي يُسمى بن روبستا، وكشف العلماء شريطه الوراثي في 2014.
وينمو بن يوجينيويديس على ارتفاعات شاهقة في كينيا.
تناول القهوة
هوة قبل النوم بساعات لتجنب الأرق واضطرابات النوم، وهو الأمر الذي عارضه أحد علماء الأعصاب مؤخراً، مؤكداً أن تناول جرعة من الكافيين قبل النوم مباشرة هو أحد أفضل الوسائل للحصول على نوم جيد وجسم نشط وحيوي.
وبحسب صحيفة «ذا صن» البريطانية، فقد أكد بريس فاروت، عالم الأعصاب في مستشفى هوتيل ديو في باريس، والذي أجرى عدة أبحاث عن النوم، أنه تمكن خلال السنوات الماضية من التوصل إلى العديد من الحيل الممكنة لمكافحة الحرمان من النوم.
ويقول فاروت إن شرب القهوة مباشرة قبل النوم سيساعدك على التغلب على الترنح عند الاستيقاظ.
وأكد عالم الأعصاب أن هذا الأمر يكون أكثر فاعلية مع نوم القيلولة وأضاف: «يستغرق الكافيين نحو 20 دقيقة للمرور إلى الدماغ وتنشيطه، ومن ثم فإن شرب القهوة قبل القيلولة مباشرة لن يمنعك من النوم، وعند استيقاظك سيساعدك على البقاء منتبهاً ونشيطاً لمدة أربع إلى ست ساعات على الأقل».
وأشار فاروت إلى أن الدراسات تظهر أن القيلولة اليومية هي «علاج فعال للغاية لجميع مشاكل النوم وأنها تعالج التعب الشديد وضعف المناعة، والضغط، وارتفاع ضغط الدم، والسمنة، وأمراض القلب والأوعية الدموية».
إلا أن فاروت ينصح بعدم أخذ قيلولة بعد الخامسة مساءً، مشيراً إلى أن هذا الأمر قد يأتي بنتائج عكسية لأنه «قد يجعل النوم أكثر صعوبة في الليل».
وكقاعدة عامة، يوصي بفارق 6 ساعات على الأقل بين القيلولة ووقت النوم.
وكثيراً ما نصح الأطباء والخبراء بضرورة تجنب الكافيين قبل النوم بساعات تجنباً للأرق وللمشكلات الناتجة عنه مثل التوتر والضغط النفسي والتعب وعدم القدرة على أداء المهام المختلفة.
ووفقاً لمؤسسة النوم، يستغرق الجسم نحو أربع إلى ست ساعات للتخلص من نصف آثار الكافيين.