أيتهما ستحمل اللقب؟

وتقاطرت التدوينات على  منصات التواصل بالسؤال والتي تحمل في بعض منها نوعا من السخرية، فيما رأى البعض الآخر إنه يعد نجاحا ثاني يضاف إلى نجاح بسيرو فاي في الانتخابات.

وسألت سيندي كراني عبر حسابها على مصنة “إكس”: “لقد تم تحطيم الرقم القياسي لرئيس السنغال المنتخب لديه زوجتان.. السؤال هو من ستكون السيدة الأولى؟”.

 وعلق الدكتور بينكينج: “نجاح مزدوج.. رئيس السنغال المنتخب مع زوجتيه الجميلتين. يا شباب تعدد الزوجات هو المفتاح. وراء كل رجل ناجح، هناك امرأة. الآن تخيل زوجتين”.

وأظهرت النتائج فوز بسرو فاي باكثر من خمسين في المئة من أصوات الناخبين، واعترف منافسه الرئيسي بالهزيمة. 

تقليد إفريقي

تقول الناشطة الاجتماعية السنغالية، ناتالي يامب، إن وظيفة السيدة الأولى غير موجودة في الدستور أو في أي نص سنغالي آخر، ليس هناك سيدة أولى أو ثانية أو غيرهن، وبموجب القانون فإنهن مواطنات عاديات، ولذلك فإن مصطلح “السيدة الأولى” يعد تسمية خاطئة شائعة جدًا، ليس فقط في أفريقيا، ولكن في كل مكان في العالم تقريبًا.

وتضيف يامب، لموقع “سكاي نيوز عربية”، “على حد علمي، فإن الولايات المتحدة والأنظمة الملكية فقط هي التي قدمت وضع السيدة الأولى/الرجل المحترم الأول (وكذلك الملكة/الملك القرين، وما إلى ذلك) في نصوصها، علاوة على ذلك، لن يكون باسيرو أول ولا آخر رئيس دولة لديه زوجتان رسميتان أو أكثر، فهناك بارو وزوما وأوليغوي نغويما جميعهم ملتزمون بتعدد الزوجات، وكان والد موبوتو وإدرريس ديبي كذلك”.

وتشير إلى أن “لم يشكل أي مشكلة على مستوى البروتوكول، وسيتم وصف الزوجة التي ترافقه بـ “السيدة الأولى”، وإذا كان برفقة كليهما، فستكون “السيدات الأوائل”.

ثقافة إفريقية

ويتفق معها الباحث في العلوم السياسية إدريس آيات، بقوله “ليس هناك مهامٌ خاصة موكلة إلى زوجة الرئيس، ولا راتبٌ مخصص لها استنادًا لهذا الدور، وإذا تولت إدارة جمعية خيرية أو مؤسسة، فتُمنح راتباً كأي موظفة أخرى تخدم الوطن، ومع ذلك، في تقاليد الإمبراطوريات الإفريقية كانت تعطي اعتباراً خاصاً للزوجة الأولى، ومعاملتها كأم للرعية، ولأبنائها وأبناء الأمة جمعاء، معتبرين كل نساء الإمبراطورية سيدات على قدم المساواة”.

ويضيف “تُعد زوجتا الرئيس مواطنتان مثل سائر النساء، تُعينان زوجهما في تحمل أعباء المسؤولية، كما تعين أي زوجة في البلاد زوجها في تحمّل مسؤولية/ أو مسؤوليات الأسر، مشيرا إلى أن “ثقافة التعدد في إفريقيًا هي ثقافة راسخة، مستقلة عن الديانات، تعود لعصور موغلة في القدم، والرئيس السنغالي الجديد، ديوماي فاي، ليس بدعاً في هذا السياق؛ فقد سبقه رؤساء كمحمد إيسوفو من النيجر، وإدريس ديبي من تشاد، وكذلك الرئيس الغامبي بارو، وجاكوب زوما من جنوب إفريقيا، موبوتو من الكونغو وغيرهم، ممن اتخذوا أكثر من زوجة بشكل رسمي، وهذه الثقافة لم تثر قط مشاكل بروتوكولية”.

ويرى آيات، أنه بخصوص الحاجة لتحديد “السيدة الأولى” من باب التسهيل على البروتوكول الدولي في حال السفر، فيمكن تطبيق المسمى على الزوجة التي ترافق الرئيس في مناسبات رسمية، أو ربما تُعرف كلتاهما بـ”السيدات الأوليات” إن رافقتاه معاً”.

مهام مجتمعية

بدوره يقول الباحث السنغالي، عبدالأحد عبدالرشيد، إن “هذا الوضع جديد على السنغال التي لم يسبق لها وجود رئيس مارس تعدد الزوجات، ولكن لا أظن أنه سيشكل مشكلة، فسيتم اعتبار كل واحدة منهما سيدة أولى للبلاد، دورها في البلاد عادة ما تساعد رئيس الجمهورية في الشؤون الاجتماعية، والقيام بأعمال خيرية لمساعدة الفقراء والمحتاجين.

ويضيف عبدالرشيد ، أن دور السيدة الأولى منحصر في الشؤون الاجتماعية والحفاظ على التماسك الوطني، من خلال تأسيس مؤسسات خيرية لتقديم مساعدات للفقراء والمحتاجين بجانب تحسين العلاقات بين المسؤولين في البلاد وخاصة بين الحكومة والشخصيات الاجتماعية والدينية”.
كما يعتقد “أن وجود سيدتين أولتين في البلاد لن يشكل أي مشكلة بدل سيكون لكل واحدة منهن دورا مهما في تحقيق الاستقرار الاجتماعي وتحسين الأوضاع المعيشية الهاشة للفئات الضعيفة”.

10 أيام غيرت حياة رئيس السنغال الجديد

10 أيام غيرت حياة رئيس السنغال الجديد
10 أيام غيرت حياة رئيس السنغال الجديد

تم إسدال الستار على فصل شديد التوتر في تاريخ السنغال الحديث، بإقامة الانتخابات الرئاسية يوم الأحد الماضي، بعد محاولات تأجيل من قبل الرئيس ماكي سال صدق عليها البرلمان، ولكن المحكمة الدستورية رفضتها وقضت بتنظيمها في أسرع وقت وهو ما كان.

لكن الأمر الأكثر دهشة كانت نتيجة الانتخابات التي أسفرت عن فوز ساحق من الجولة الأولى لمرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي، الذي خرج من السجن قبل موعد الانتخابات بعشر أيام فقط، وبعد أسبوع من بدء الحملة الانتخابية.

وهنأ الرئيس السنغالي ماكي سال، الإثنين، ديوماي افاي، على فوزه في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، كما أقر منافسه الرئيسي ومرشح التحالف الحاكم أمادو با بالهزيمة، واتصل بديوماي فاي لتهنئته بالفوز.

من السجن للقصر

الرئيس الجديد كان أصغر المرشحين الذين بلغ عددهم 19 مرشحا في السن، ولا يتجاوز عمره 44 سنة.
قضى 11 شهرا في سجن “كاب مانوال” بالعاصمة السنغالية داكار، حيث زج به في السجن في أبريل الماضي بتهمة ازدراء المحكمة وإهانة القضاء، لينضم لقيادات حزبه “باستيف”، الذي تم حظره بعد ذلك بشهرين فقط.
خرج من السجن إثر عفو عام أصدره الرئيس سال في سياق محاولة تهدئة المشهد السياسي بالتزامن مع انتهاء ولايته، رفقه زعيم حزبه عثمان سونكو وقيادات أخرى.

وينتمي فاي إلى منطقة أمبور (غرب السنغال)، وتحديدا لقرية ندياجانياو الزراعية، حيث عاش جزءا من طفولته ومراهقته، قبل أن يحصل على الثانوية العامة سنة 2000، بعدها انضم لجامعة الشيخ آنتا جوب (كبرى الجامعات السنغالية) التي نال منها شهادة الماجستير في القانون في 2004.
بعدها التحق بالمدرسة الوطنية للإدارة وتخرج منها بعد ثلاث سنوات ليصبح موظفا في إدارة الضرائب والعقار، وهناك تعرف على صديقه عثمان سونكو.
وفي عام 2014، شارك رفقة صديقه في تأسيس حزب باستيف.
تولى بصيرو الأمانة العامة للحزب، وملف السنغاليين في الخارج، ومكنت جولاته المتعددة في أوروبا بشكل خاص من حشد التأييد والدعم السياسي والمالي للحزب الذي استطاع في فترة وجيزة أن يستحوذ على نصيب الأسد من دعم الجماهير الشبابية في بلاده.
خيار الصدفة

قاد عثمان سونكو حزب “الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة” المعروف اختصارا “باستبف” وسبق له أن خاض انتخابات 2019 منافسا للرئيس وحل في المركز الثالث.

ووجهت له عام 2021 تُهم بالاغتصاب لكنه دفع ببراءته منها ووصف الاتهامات بالكيدية، وعمت السنغال احتجاجات واسعة آنذاك، تجددت مع محاولات ماكي سال تأجيل الانتخابات.
بعد قرار المجلس الدستوري إبعاد سونكو عن قائمة المرشحين لوجود حكم قضائي بحقه، وقع الخيار على ديوماي فاي، الذي كان بدوره في السجن، مرشحا عن الحزب، وبهذا انتقل الرجل، الذي لا يملك خبرة سابقة في خوض الاستحقاقات السياسية، إلى رئيس واحدة من أبرز الديمقراطيات في أفريقيا.

أدار عثمان سونوكو معركته مع الحكومة بحنكة سياسية، وكان تبنيه ترشيح ديوماي فاي حجر الزاوية في الفوز بأرفع منصب سياسي في السنغال، حضر في جميع الفعاليات الانتخابية ووجه تصويت مناصريه لصالح ديوماي فاي، واستفاد من أخطاء الرئيس المنتهية ولايته على المستوى السياسي ومصاعب الاقتصاد لقيادة حملة انتخابية يبدو أنها أتت أكلها.
من مواطن مجهول إلى الرئاسة

الباحث في العلوم السياسية إدريس آيات، يقول إنه “حينما تولى فاي منصب الأمين العام للحزب بعد اعتقال سونكو بأمر على خلفية اتهامات بالاغتصاب، وجد مخططو حزب باستيف في قضية الاغتصاب فرصة لتعزيز مكانتهم، موحدين صفوف المعارضة والاستعداد للانتخابات التشريعية في 2022، والتي شهدت انتصارًا مبهرًا للمعارضة التي انتزعت 56 مقعدًا في إطار تحالف “تحرير الشعب”.

ويضيف آيات، “بحلول انتخابات 2024، وبعد قرار حل حزب باستيف ومنع سونكو من الترشح، وُضع فاي في السجن بتهم متعددة. وفي يناير الماضي، عندما نشر المجلس الدستوري القائمة النهائية للمرشحين، لم يكن اسم سونكو مدرجًا، الأمر الذي لم يكن مفاجئًا بالنظر إلى المعارك القانونية التي خاضها. ومع ذلك، كان لسونكو خطة بديلة، حيث ترشح رفيقه فاي، الذي كان في السجن وتم الإفراج عنهما 14 مارس بعفو رئاسي، بغية تهدئة البلاد”.

وتابع “الشعب السنغالي، كان مؤهلًا مسبقًا لاحتضان برامج حزب باستيف، لم ينس السنوات القاسية لنظام ماكي سال، ومن خلال مظاهرات عديدة والتضحية بأرواح الكثيرين دفاعًا عن مبادئ سونكو وحزبه، اعتنق السنغاليون هذه المبادئ كطريق تستعيد به السنغال مكانتها”.

وأشار إلى أن “باسيرو وحليفه سونكو لم يتركوا سبيلاً إلا وسلكوه لترسيخ برنامجهم في صناديق الاقتراع، من خلال الاحتجاج السلمي وحتى العنيف، إلى استخدام القضاء وإيجاد قوة واضحة في الحضور الإعلامي والاستغلال الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي، تمكنا من تقديم برنامج يعكس رؤية جيل الشباب، الذي لم يختبر الاستعمار ويسعى لإزالة آثاره وتطوير السنغال بأطر جديدة، وهكذا، منح الشعب ثقته لباسيرو فاي، ليتحول من مواطن مجهول إلى قائد الدولة”.

 حكم مشترك

بدروه يقول الباحث في شؤون غرب إفريقيا، تشارلز أسيجبو، إن فوز ديوماي فاي يمهد الطريق لباقي دول القارة والقوى السياسية في دول الجوار من أجل السعي للوصول إلى السلطة بطرق سلمية بعيدا عن آفة الانقلابات التي تضرب دول القارة، ويؤكد ذلك قدرة المعارضة السلمية على إحداث تغيير حقيقي اعتمادا على مشروع سياسي له ظهير شعبي.

وأضاف أسيجبو، لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن تجرية ديوماي فاي وسونكو أصبحت حالة خاصة يتم النظر لها بإعجاب من دول الجوار وهو ظهر جليا من الترحاب الشديد على مواقع التواصل بفوز ديوماي فاي وهو مرشح المعارضة الذي قضى فترة السجن ولم يخرج سوى قبل أيام من الانتخابات، ليخوض حملة انتخابية قصيرة حققت فوزا ساحقا من الجولة الأولى”.

وحول مستقبل الحكم، يرى “أنه من المتوقع أن يتولى سونكو وهو زعيم باستيف صاحب الكاريزمية منصب رئيس الوزراء في الحكومة القادمة، على غرار تجرية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وديمتري ميدفيدف من قبل، وأن سونكو سيكون له حضورا كبيرا في صنع القرار وإدارة دفة السنغال في الفترة القادمة.

افتتاح السنغال لقنصلية في صحراء المغرب