تخطى إلى المحتوى

“مدافئ النفط” تغزو بيوت العراقيين رغم خطورتها

مدافئ النفط

كما في كل فصل شتاء، تسجل العديد من حوادث الاختناق واندلاع النيران في العراق بسبب وسائل التدفئة المعتمدة على الغاز والمازوت، وخاصة في المناطق التي تتميز ببرودة طقسها، كما في محافظات إقليم كردستان، حيث تتدنى درجات الحرارة لما دون الصفر.

وفي أحدثها، ما شهدته محافظة دهوك الشمالية، قبل أيام، من مصرع 3 أفراد من عائلة واحدة جراء انفجار مدفأة غازية في منزلهم، وما شهدته مطلع الأسبوع الجاري إحدى القرى في محافظة السليمانية شمالي البلاد، من وفاة طالب يبلغ من العمر 12 عاما، وإصابة عدد آخر من طلاب مدرسة ابتدائية بضيق تنفس، جراء استنشاق الغازات المنبعثة من مدفأة نفطية داخل الصف الدراسي، وفق ما أعلن سامان نادر، مدير مركز الإسعاف والطوارئ في السليمانية.

وتزيد مثل هذه الحوادث المطالبات بضرورة معالجة مسبباتها، وأبرزها شح الطاقة الكهربائية، ما يدفع الناس للاعتماد على طرق تدفئة تقليدية بدائية وغير آمنة، نتيجة انبعاثات الغاز والدخان منها في أماكن مغلقة وبلا تهوية في ظل البرد القارس.

في هذا الصدد، تقول الخبيرة في مجال التوعية الصحية، شاتو جمال، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”:

لا شك أن النقص الحاد في الكهرباء هو السبب الأول وراء وقوع هكذا حوادث، حيث يتم اللجوء لوسائل تدفئة تعتمد على المشتقات النفطية، وهو ما ينطوي على مخاطر صحية جمة تصل للتسمم والموت حرقا أو اختناقا.
لكن على الأقل بالنسبة للمستشفيات والمدارس والمخيمات والمرافق العامة، يجب تزويدها بالطاقة بشكل متواصل وكاف على مدار الساعة، بحيث يتم توفير التدفئة عبر الأجهزة الكهربائية كالمكيفات الهوائية، والتي هي خيار آمن.
ويبقى غياب الوعي الصحي بخطورة المدافئ النفطية والغازية وسوء استخدامها، هو الآخر سببا في وقوع حوادث الموت بفعل الحرائق والغازات والأبخرة السامة مثل أول أوكسيد الكربون، التي تنفثها أجهزة التدفئة تلك، والتي ترتفع درجة خطورتها مع استخدامها على مدى ساعات ولا سيما خلال الخلود للنوم، أو في غرف وبيئات مغلقة لا يتم تهويتها.

“لا بديل”

بدوره، يقول المواطن العراقي روند محمد، في حديث لموقع “صحيفة العراق”:

لا بديل أمام الناس غير اعتماد هذه التدفئة رغم مخاطرها، حيث أنها قياسا بارتفاع أسعار الكهرباء التي توفرها المولدات الأخرى، تعد خيارا مناسبا خاصة في ظل تأخر صرف الرواتب وارتفاع الأسعار على وقع الفارق بين سعري صرف الدولار الرسمي والموازي.
فمثلا كي تتمكن من تشغيل مكيف الهواء من خلال كهرباء المولدات، فإنك بحاجة للاشتراك بما لا يقل عن 15 أمبير، وهو ما يعني أن تدفع شهريا ما يقارب 200 دولار وهو رقم ليس باليسير بالنسبة لمحدودي الدخل وحتى لمتوسطيه.

ولهذا فالمطالبة بالكف عن استخدام وسائل التدفئة النفطية غير واقعية، وبدلا من ذلك فالمطلوب هو تعريف الناس بالطريقة الأمثل للتعاطي معها، والتخفيف قدر المستطاع من تأثيراتها السلبية الضارة على الصحة والبيئة.
هذا ويعاني العراق طيلة العقود المنصرمة من عجز في توفير الطاقة الكهربائية، حيث ينتج نحو 26 ألف ميغاواط من الكهرباء، في حين أن حاجة البلاد تصل لقرابة 35 ألف ميغاواط.

بنية العراق التحتية في مرمى المسيرات

بنية العراق التحتية في مرمى المسيرات
بنية العراق التحتية في مرمى المسيرات

مع ارتفاع الطلب عليها بفعل الأجواء الشتوية الشديدة البرودة والثلوج التي تجتاح مناطق واسعة في إقليم كردستان العراق، جاء الهجوم على حقل خورمور لإنتاج الغاز في قضاء جمجمال بمحافظة السليمانية، ليحرم ملايين المواطنين في كردستان العراق من الطاقة الكهربائية .

وأصدرت وزارة الكهرباء في حكومة الإقليم، بيانا أكدت فيه توقف عمليات الإنتاج بسبب الهجوم وهو ما نجم عنه نقص كبير في معدل إنتاج الطاقة الكهربائية يصل لأكثر من 2800 ميغاواط .

لجنة تحقيق

وجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بفتح تحقيق حول الهجوم، وقالت خلية الإعلام الأمني في بيان إنه “في الوقت الذي تسعى الحكومة العراقية لتطوير البنى التحتية للبلاد وتوفير العيش الكريم للمواطنين وحفظ الاقتصاد الوطني، أقدمت عناصر تخريبية على استهداف حقل غاز كورمور جنوبي محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق، بقصف بطائرة مسيرة”.

وأضافت أنه “على إثر هذا الاعتداء الغاشم وجه القائد العام للقوات المسلحة بإجراء تحقيق لمعرفة ملابسات هذا الحادث على أن ينجز خلال 48 ساعة”.

وشدد السوداني بحسب البيان، على “اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق الجهة التي أقدمت على هذا الفعل الإجرامي الذي يهدد مشاريع الطاقة في إقليم كردستان العراق والمحافظات الأخرى”.

وأضاف أن “هكذا أعمال تخريبية متعمدة تحاول استهداف اقتصاد الشعب العراقي من قبل هذه الفئة التي ستنال جزاءها العادل”.

واشنطن تندد

كما قالت السفيرة الأميركية في العراق ألينا رومانوسكي، على منصة أكس: “أدين الهجوم الذي وقع على خورمور في إقليم كردستان العراق”.

وأوضحت: “أسفر الهجوم عن تدمير البنية التحتية وتسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن الملايين في منتصف فصل الشتاء”.

وتقع قرية خورمور التي تضم الحقل الغازي المستهدف في ناحية قادر كرم في قضاء جمجمال في محافظة السليمانية، والذي يعد من أكبر الحقول الغنية بالغاز في العراق .

وفيما لم تتبنى أي جهة بعد الهجوم، لكن مراقبين يشيرون بأصابع الاتهام إلى الفصائل المسلحة الموالية لإيران، والتي صعدت من وتيرة استهدافاتها بالصواريخ والمسيرات لإقليم كردستان خلال الأسابيع القليلة الماضية .

يقول مدير المركز العراقي للدراسات غازي فيصل، في لقاء مع موقع “صحيفة العراق” :

هذا الهجوم يشكل تحولا خطيرا في مسلسل الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة، عبر استهداف البنية التحتية المنتجة للطاقة الكهربائية في إقليم كردستان العراق، وهو ما ينعكس سلبا على مختلف القطاعات الحيوية والانتاجية والخدمية.
وهكذا فاستهداف البنى التحتية والمطارات والمنشآت والمرافق المدنية والسكنية، هي محاولة لتقويض تجربة فيدرالية كردستان، التي حققت نجاحات لافتة في توفير الأمن والخدمات والاستقرار والتنمية الاقتصادية واجتذاب الشركات والرساميل العربية والخليجية منها خاصة والأجنبية.
ولهذا لا بد من موقف صارم من بغداد حيال هذا الاستهداف للبنى التحتية من قبل هذه الجماعات، والتي يبدو أنها مدفوعة لضرب هذه التجربة التي تشكل مثالا وعامل جذب للأكراد في إيران وتركيا وسوريا، للحصول على حقوقهم في إطار تلك البلدان وتمتعهم بالحكم الذاتي على غرار ما في العراق .
بدوره يقول الصحفي العراقي إبراهيم خضر، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية” :

في درجات حرارة تلامس ما تحت الصفر، فإن هذا الاستهداف الجبان لا يعبر سوى عن الحقد والسعي لتحويل حياة الناس هنا لجحيم، وإلا فما الجدوى من ضرب حقل غازي يوفر أكثر من 70 بالمئة من حاجة الإقليم من الكهرباء .
وما يزيد من معاناة الناس في ظل هذا البرد القارس، هو أن إنتاج الكهرباء لا يسد أصلا الحاجة الماسة لها في أوقات ذروة فصلي الشتاء والصيف، ومع هذا الهجوم فإن الإنتاج يكاد يتوقف تماما حيث انخفضت ساعات التزويد إلى أقل من 3 ساعات في اليوم، ما يثقل كاهل المواطنين ويضطرهم للجوء لوسائل تدفئة مكلفة وغير آمنة .

هذا الهجوم وقبله قصف أربيل قبل أيام قليلة، دلالة على أن المستهدف هم العراقيون وأمنهم واستقرارهم، تحت يافطة شعارات متناقضة ومزاودات مكشوفة، فقطع الكهرباء عن السليمانية وأربيل لن يعيد الكهرباء لغزة .

أسعار الذهب عالمياَ خلال تعاملات الأربعاء

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد