يستعد المتطرفون اليهود لذبح بقرة حمراء في أول أيام عيد الفطر بغاية الخلاص من ذنوبهم عند المسجد الأقصى مما يزيد المخاوف من انتقال التوترات في الأراضي المحتلة لمرحلة جديدة في حال أقبل الإسرائيليون على تلك الخطوة.
استقدمت إسرائيل 5 بقرات حمر عام 2022 بغاية ذبحهم قبالة الأقصى للتخلص من “نجاسة الموتى” كما يُذكر في التوراة، ورغم مرور وقت على قدوم البقرات التي خبأتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بعناية في مكان سري، إلا أن صدى قدومها لا يزال قويًا مع عقد كبار حاخامات اليهود اجتماعات مكثفة في تلك الآونة لبحث إمكانية ذبح البقرة في الـ2 من نيسان بالتوقيت العبري وهو الذي يوافق 10 إبريل، وقد يصادف أول أيام عيد الفطر.
جاء عقد المؤتمر الذي أجراه “معهد الهيكل” بناء على بلوغ البقرات عامين وهو السن المنشود لذبح البقرة، حيث عُقد المؤتمر في مستوطنة شيلو شمالي شرق رام الله في الضفة الغربية المحتلة.
طابع سياسي
رغم سيطرة الطابع الديني بشكل بحت على مؤتمر البقرة الحمراء والذي أشرفت عليه عدة منظمات منها منظمة “بوني” التي تضم اليهود المتطرفين، لكن الطابع السياسي طغى بوضوح على المشهد مع كون وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن جفير بين المشرفين على عملية البحث عن البقرة المنشودة في موطنها في ولاية تكساس الأمريكية.
ومع شهرة بن جفير بكراهيته للعرب برفعه سابقًا شعار “الموت للعرب” انضم له حاخام حركة “كاخ” الإرهابية يسرائيل أريئيل، والذي عُرف أيضًا بكراهيته الشديدة للعرب والمسلمين الذين طالب بسفك دمائهم من أجل ضمان تمتع اليهود بحريتهم على الأراضي المحتلة.
وكان أريئيل وهو رئيس منظمة معهد “ميكداش” من مؤيدي تصرف باروخ جولدشتاين الذي فتح النار على المصلين في صلاة الفجر بالحرم الإبراهيمي في شهر رمضان عام 1994 وهو ما تسبب في استشهاد 29 مصليًا بينهم أطفال.
لماذا يريدون ذبح البقرة ؟
يهدف اليهود الساعون لبناء الهيكل الثالث المزعوم محل مسجد قبة الصخرة في المسجد الأقصى، إلى الإسراع في بنائه لكن لا يمكنهم ذلك بموجب تعاليم كبار حاخامات اليهود الذين يحرمون دخول الأقصى والصلاة فيه لحين العثور على بقرة حمراء بمواصفات محددة يذبحونها وينثرون رمادها في المسجد الأقصى للتخلص من آثامهم ورائحة الموتى المتعلقة بهم، حسب ما ذكر في التوراة، وفق موقع “ذا ميسيانك بورفيسي بايبل بروجكت”.
وفي حال تم ذبح البقرة المذكورة التي يزعم اليهود المتطرفين أنهم مأمورون بذبحها بأمر إلهي إلى النبي موسى، سيتخلصون من جميع الذنوب التي تثقلهم ويستطيعون تشييد الهيكل المزعوم وهدم قبة الصخرة حسب زعمهم.
ويرى متطرفو اليهود أن قبة الصخرة هي العائق الوحيد أمام بناء الهيكل الذي جهزت إسرائيل كل شيء لأجل بنائه، بدءًا من الأدوات التي ستوضع في مكان الهيكل والملابس الكهنوتية لخدام الهيكل وصولًا إلى تدريب أكثر من 500 يهودي حتى يكونوا كهنة الهيكل إلا أن كل ذلك ينقصه خطوة واحدة وهي ذبح البقرة.
ما مواصفات البقرة؟
وفقًا للنصوص التوراتية فإن اليهود ينتظرون بقرة حمراء بمواصفات محددة لا ينبت فيها أي لون آخر إلا الأحمر ولم يسبق لها الخدمة في أي أرض ولم يُوضع أي رباط حول عنقها وعندما تبلغ العامين يتم ذبحها عند جبل الزيتون قبالة المسجد الأقصى وحرقها ونثر رمادها على حاملين الآثام ويُحفظ الرماد لتوزيعه في جميع أنحاء المسجد وغسله به تمهيدًا لبناء الهيكل.
ويعتقد بعض الحاخامات، أن أمر اليهود بذبح تلك البقرة جاء كمحاولة لتكفير خطيئتهم بعبادة العجل الذهبي في عهد النبي موسى عندما تركهم 40 ليلة ليعود ويجدهم يعبدون العجل.
ما هي قصة البقرات الحمراء ؟
البقرات الحمراء الخمس هي إحدى المعتقدات اليهودية التي عمل عليها اليهود المتطرفون سراً مؤخراً، من أجل التمهيد لهدم المسجد الأقصى. ويعتقد اليهود المتطرفون، أن ذبح البقرة يأتي للتطهر من “نجاسة الموتى” أي تطهير الأشخاص والأشياء بعد ملامستهم جثث الموتى أو أغراضهم، لتتجاوز الحاخامية الكبرى لدى الاحتلال المنع المفروض على اقتحام المسجد الأقصى بسبب “عدم توفر شروط الطهارة”.
ووفق المعتقدات الدينية في التوراة، فهي بقرة ينتظرها اليهود من أجل هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث، وتتلخص بأن تكون بقرة ذات لون شعر أحمر كامل، لا يوجد فيها أي لون آخر، لم تحمل ولم تحلب ولم يوضع برقبتها حبل وقد ولدت ولادة طبيعية وربيت على ما يقال إنه “أرض إسرائيل”. وعندما تبلغ العامين يمكن استخدامها في عملية تطهير ينبغي أن تجري فوق جبل الزيتون في القدس مقابل المسجد الأقصى، حيث يتم ذبحها بطريقة وطقوس خاصة، ثم حرقها بشعائر مخصوصة، واستخدام رمادها في عملية “تطهير الشعب اليهودي”.
وحسب المزاعم اليهودية فإنه بمجرد ظهور تلك البقرة سيأتي موعد نزول من يسمى بـ «المخلص». ووفقًا للشريعة اليهودية، فإن ذبح البقرة يكون في يوم محدد من العام وهو يوم الثاني من أبريل/نيسان العبري الذي سيوافق 10 أبريل/نيسان الميلادي القادم، والذي سيصادف على الأغلب أول أيام عيد الفطر. تربية البقرة الحمراء كرّس “معهد المعبد” نفسه منذ إنشائه عام 1987، للعثور على هذه البقرة. ومضى في جمع الأموال لزرع أجنّة مجمدة في رحم بقرة تربى في حظيرة محلية في محاولة لاستخدام التكنولوجيا الحيوية لتحقيق نبوءة الكتاب المقدس في برنامج أطلق عليه اسم “تربية البقرة الحمراء في إسرائيل”. وعندما باءت محاولاته بالفشل، نقل المعهد البحث إلى ولاية تكساس الأمريكية، وتلقى تبرعات من جماعات صهيونية محلية بتمويل من المسيحيين الإنجيليين. وجرى بعد ذلك اختيار أفضل خمسة مرشحين وشحنهم جواً إلى “إسرائيل” في 15 سبتمبر/أيلول 2022، وجرى تربيتهم سراً في مزرعة تابعة لمعهد المعبد في بيسان شمالي الأغوار الأردنية.
ماذا سيحدث بعد ذبح البقرة؟
بعد الانتهاء من ذبح البقرة الحمراء، ستُلغى فتوى تحريم دخول اليهود إلى المسجد التي تتبناها الحاخامية الكبرى “لإسرائيل” بسبب وجود نجاسة الموتى التي تمنعهم من دخول المكان حسب العقيدة اليهودية،
وسيصبح الشعب قادرًا على الصعود إلى المعبد (المسجد الأقصى) بعد أن أصبح طاهرًا. وقال الباحث المقدسي عبد الله معروف، إنه في حال تمكنت الجماعات المتطرفة من تنفيذ ما تفكر فيه وتخطط له بإجراء طقوس التطهير من خلال ذبح بقرة حمراء فإن المواجهة ستنتقل إلى مستوى مختلف تماما، لأن إجراء عملية التطهير سيفتح المجال من الناحية الدينية لإلغاء فتوى الحاخامية الكبرى بمنع اليهود من دخول منطقة المعبد، حسب رؤيتها، وبالتالي سيتضاعف عدد المستوطنين الذين يقتحمون المسجد الأقصى إلى أضعاف مضاعفة. وأكد معروف، أن هذا الأمر سيفتح مواجهات كبيرة، وعلى مستويات كبيرة بين المسلمين والمستوطنين خلال الأيام القادمة. وفي منتصف يناير 2024؛ حذر الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، من أن البقرات الحمراء لدى الاحتلال “الإسرائيلي” قد أصبحت جاهزة.