بعد أيام من انطلاقة عملية طوفان الأقصى، بدأت الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين تخرج في مختلف دول العالم، حمل الكثير من الحشود خلالها شعار “من النهر إلى البحر”، في إشارة إلى مطالب بتحرير كامل دولة فلسطين، في حين اعتبر مسؤولون غربيون هذا الشعار معادياً للسامية، فما قصة هذا الشعار؟

قصة شعار من النهر إلى البحر

يقول الشعار الكامل: “من النهر إلى البحر، فلسطين سوف تتحرر”، أو كما يُقال بالعامية الفلسطينية أيضاً “من الميّ للمي” – في إشارة إلى كامل فلسطين الواقعة ما بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط.

كانت الحركة الوطنية الفلسطينية التي ظهرت عقب إعلان وعد بلفور عام 1917، أول من استخدم هذا الشعار منذ ستينيات القرن الماضي، ليصبح بعدها تحت المجهر الدولي لاستخدامه من قِبل الكثير من المجموعات والأشخاص.

في الستينيات أيضاً استخدمت حركة فتح الشعار في دعوة إلى إقامة دولة علمانية ديمقراطية تشمل كامل فلسطين بسكانها الفلسطينيين واليهود الذين كانوا يعيشون في البلاد قبل الموجة الأولى من الهجرة اليهودية، وله أيضاً أصول في ميثاق المجلس الوطني الفلسطيني ولكن منظمة التحرير سحبته من ميثاق أوسلو.

وفي القرن الحديث استخدمت حركة المقاومة الإسلامية حماس هذا الشعار تاكيداً على أن تحرير كامل دولة فلسطين.

الحرية أم معاداة السامية؟

على الرغم من أن المعنى من الشعار واضح كوضوح الشمس، فإن الكثير من قادة العالم المؤيدين لإسرائيل حاولوا تحريف معنى الشعار وادعوا أنه دعوة لتدمير إسرائيل.

طرد وزيرة الداخلية البريطانية من منصبها
طرد وزيرة الداخلية البريطانية من منصبها

سويلا برافرمان، وزيرة الداخلية في بريطانيا، غرّدت بعد الاحتجاجات الأخيرة في المملكة المتحدة -التي هتف فيها الآلاف “من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر”- بأن الشعار “فُهم على نطاق واسع على أنه مطلب لتدمير إسرائيل”.

 

وأضافت: “إن محاولات التظاهر بغير ذلك هي مخادعة”.

وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تم تعليق عضو البرلمان البريطاني آندي ماكدونالد من حزب العمل بعد أن قال في خطاب حاشد مؤيد لفلسطين: “لن نرتاح حتى نحصل على العدالة، حتى يكون جميع الناس، بين النهر والضفة والبحر، أن يعيشوا بحرية سلمية”.

كما وجَّه الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في نوفمبر/تشرين الثاني الأندية الإنجليزية بإبلاغ لاعبيها بعدم استخدام عبارة فلسطين حرة من النهر إلى البحر.

وقد ذكر متحدث باسم الاتحاد أنه في حال استخدام أحد المشاركين في كرة القدم هذه العبارة “فسنطلب تدخل الشرطة”.

في حين اتخذت شرطة فيينا في النمسا موقفاً مماثلاً عندما منعت احتجاجاً مؤيداً للفلسطينيين على أساس إدراج عبارة “من النهر إلى البحر” في دعواتهم، ووصفته بأنه دعوة إلى العنف، مما يوحي بأنه يعني ضمناً محو إسرائيل من الخريطة.

بينما قال جيرهارد بورستل، قائد قوة شرطة المدينة: “شعار من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر، وهو شعار منظمة التحرير الفلسطينية الذي تبنته حماس”.

في حين أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الشعار للنيران المهاجمة.

ففي عام 2018، طردت شبكة CNN الأمريكية مارك لامونت هيل، وهو مؤلف وناشط أمريكي من أصل أفريقي، بعد تعليقاته في جلسة عامة للأمم المتحدة في اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، والذي أنهاه بجملة: “لدينا فرصة لتقديم التضامن للفلسطينيين ليس بالكلمات فقط، بل بالالتزام السياسي والعمل على المستوى المحلي والدولي، الأمر الذي سيمنح العدالة.. وفلسطين حرة من النهر إلى البحر”.

وقد اتهمت جماعات ومنظمات داعمة لإسرائيل هيل بمعاداة السامية، فيما ادَّعت رابطة مكافحة التشهير قول هيل بأنه دعوة لمحو إسرائيل من الخارطة.

الشعار قديم بقدم المقاومة الفلسطينية ضد الصهيونية

في مقال نشرته المؤرخة مها نصار المتخصصة بالتاريخ الفلسطيني على موقع The Forward الموجه ليهود أمريكا في عام 2018، شرحت خلاله الجذور التاريخية لهذا الشعار.

وقالت نصار إن جذور هذا الشعار تمتد إلى ما هو أبعد من تأسيس حركة حماس، وهو قديم قدم المقاومة الفلسطينية ضد الحركة الصهيونية.

وأضافت في مقالها أن الدعوة إلى الحرية من خلال شعار “من النهر إلى البحر” واضحة تماماً، ويمكن إرجاعها إلى الجهود السابقة لإقامة دولة يهودية في الأراضي الفلسطينية سابقاً، موضحة أن الفلسطينيين ينظرون من خلال شعار “من النهر إلى البحر” على أنه وطن لا يتجزأ، وأنه يجب على سكانه أن يعيشوا كمواطنين أحرار دون مواجهة التمييز الإسرائيلي اليومي.
من جهته قال الكاتب الفلسطيني الأمريكي يوسف منير في عام 2021 إن أولئك الذين رأوا طموحاً للإبادة الجماعية في هذه العبارة، أو في الواقع رغبة لا لبس فيها في تدمير إسرائيل، فعلوا ذلك بسبب رهابهم من الإسلام.وأضاف وفقاً لما نقلته صحيفة The Guardian البريطانية: “هذا الشعار مجرد وسيلة للتعبير عن الرغبة في دولة يستطيع فيها الفلسطينيون العيش في وطنهم كمواطنين أحرار ومتساوين، لا يهيمن عليهم الآخرون ولا يهيمنون عليهم”.

أغنية إسرائيلية ينشدها أطفال تدعو “لإبادة غزة”

أغنية إسرائيلية ينشدها أطفال تدعو "لإبادة غزة"
أغنية إسرائيلية ينشدها أطفال تدعو “لإبادة غزة”

بثت هيئة البث الإسرائيلي “كان” التابعة للحكومة، أغنية ينشدها أطفال إسرائيليون بمناسبة اليوم العالمي للطفل تحمل عنوان “الصداقة”، لكن وصفها العديد رواد منصة “إكس” بأغنية “الموت والقتل”.

أطفال غزة
أطفال غزة

ونشرت هيئة البث الإسرائيلي فيديو لأغنية تظهر مجموعة من الأطفال الإسرائيليين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عامًا، وكلهم “تم إجلاؤهم من منازلهم من بلدات محاذية لقطاع غزة قبل نحو 45 يوما”، حسب معلومات إعلامية محلية، وهم يحثون جنود الجيش الإسرائيلي على “إبادة كل شيء في غزة”.

كما ردد الصغار في الأغنية التي تضم عبارات قومية، والتي شارك في كتابتها الناشط عوفر روزنباوم المعروف بدعمه اللا مشروط لحكومة بنيامين نتنياهو اليمينية، كلمات “محملة بالعنف”، وتقول “في السنة القادمة لن نبقي هناك شيئا وسنعود آمنين إلى بيوتنا”، وتتابع “خلال عام سنبيدهم جميعاً ونعود بعدها لحراثة وزراعة حقولنا”.

ثم انتقلت الأغنية في الجزء الثاني إلى الإشادة بـ”شجاعة الجيش الإسرائيلي الذي ضحى جنوده بحياتهم” من أجل حماية مواطني إسرائيل، وقالت “طائراتنا تمزق غزة أشلاء وإربا وجيشنا يعبر الحدود”.

إلا أن كلمات الأغنية وصفت بالعنيفة والداعية إلى “الإبادة الجماعية”، ما دفع قناة “كان” إلى حذفها لاحقا من على موقعها وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها دون تقديم أي توضيح.

الكيان الصهيوني ما بعد غزو العراق !

هنالك إجماع بين الخبراء على أن الحرب على العراق وتبعاتها تصُـب دون شك في مصلحة إسرائيل.

في فم إسرائيل ماء، بيد أنه ماء فرات، رافده الحرب الأمريكية البريطانية على العراق ونتائجها المباشرة والبعيدة، والأرجح أن العين الاستراتيجية الإسرائيلية ترى أفقا رحبا وضاحا، تفضل تأمله على البوح به.

العراق

العراقالرصانة والهدوء اللذان أبدتهما إسرائيل مع اندلاع الحرب، لم ينكسرا، حتى مع سقوط العاصمة العربية بغداد والانهيار السريع لنظام صدام حسين الذي ما فتئ يُنهي خُطبه بمقولته الشهيرة “عاش العراق وعاشت فلسطين حرة أبية من النهر إلى البحر”.

لم يخلق الانتشار السريع للقوات المحتلة في أرض الرافدين على مرأى ومسمع الدول العربية والإسلامية، ردة فعل غير طبيعية في الدولة اليهودية، وظلت السكينة سيدة الموقف.

الإعلان الرسمي الوحيد القوي البراق، لم يأخذ حيزا كبيرا، واكتفى القاموس العبري بدعوة الفلسطينيين والعرب إلى ضرورة التعلم من درس العراق دون الدخول في تفاصيل أو تعابير تبوح بالمكنون.

وفي تصريحاته الرئيسية بعد سقوط بغداد في مقابلة مع صحيفة “هارتز”، حافظ رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون على اتزانه ولم ينجر إلى فخ المجاهرة، وتجاهل الأسئلة المُـلحة بخصوص إسرائيل ما بعد سقوط بغداد.

لكن ثمة إشارات تضمنها حديث شارون عن استعداد إسرائيل للتفاوض مع الفلسطينيين، شرط تخليهم عن حق العودة وعن استعداده أو استعداد إسرائيل لتقديم تنازلات “مؤلمة”. في المقابل، سارع شارون وأركان حكومته إلى اتهام سوريا بدعم الإرهاب وامتلاك أسلحة التدمير الشامل، وقد سبقوا الإدارة الأمريكية في حملتها الجديدة ضد دمشق، وهي الحملة التي تفتح على نافذة المكاسب الاستراتيجية لإسرائيل من حرب العراق.

محاور أساسية

تفعل الحروب فعلها ويقتسم المنتصرون الغنائم، وإن يكن حديث غنائم حرب العراق لم يتبلور جيدا، فإن إسرائيل لن تستطيع طويلا إخفاء آثار الحرب الإيجابية وتوافق نتائجها مع أهدافها الاستراتيجية.

وعندما أعادت لجنة المخابرات العسكرية الإسرائيلية تقييم ملفها الاستراتيجي بعد اندلاع الانتفاضة، كانت المحاور الرئيسية في ذلك الملف تتقاطع مع ما يحدث الآن. عندها، اعتبرت إسرائيل أن الفلسطينيين الذين يعيشون في إطار دولتها يشكلون التهديد الأكبر، يليهم في الترتيب إخوانهم في الضفة الغربية، ثم محور الدول الحدودية، لبنان ممثلة بحزب الله وسوريا كذلك.

ومثلت العراق ومعها إيران، المحور الرابع على قائمة التهديدات في اللغة الاستراتيجية الإسرائيلية، لكن يبدو أن النتائج الدرامية السريعة لتطورات الحرب على العراق تفعل فعلها في ذلك بشكل درامي أيضا.

وفي عداد المنتصرين في غزو العراق، تظهر إسرائيل التي انتصرت للرغبة الأمريكية وظلت صامتة ساكنة تنتظر انجلاء الموقف وترقب لحظة انتزاع المكاسب، مكاسب مباشرة سياسية واقتصادية وأخرى استراتيجية بعيدة المدى.

آما المكاسب السريعة، فتتمثل حسب المراقبين، في الاستفادة من تحول النصر السريع إلى عامل ضغط مباشر على سوريا، الأمر الذي راح يتبلور على أرض الواقع من خلال التهديدات الأمريكية البريطانية لسوريا بشأن الاتهامات حول امتلاك دمشق أسلحة دمار شامل.

سوريا، هدف رئيسي

جاءت الاتهامات، واستنادا إلى مصادر رسمية، على خلفية “اقتناع إسرائيلي”، أن سوريا تمتلك مصانع لصناعة صواريخ أرض أرض يصل مداها إلى 700 كيلومتر، وأن القيادة السورية باتت تؤمن “باستخدام الصواريخ ضد إسرائيل”.

الوصف الإسرائيلي الجديد هو “ضغط زر واحد”، الذي تستخدمه الدوائر الضيقة في إسرائيل لوصف ما تقول، إنه خطة سورية لشن هجوم ضد إسرائيل باستخدام مكثف سريع لهذه الصواريخ في ضربة واحدة مدمرة.

وترى إسرائيل أن السيطرة الأمريكية على العراق تعني تغييرا دراميا للقوة في المنطقة، لاسيما القوة الإقليمية التي تراها في سوريا والسعودية ومصر. المكسب الجديد الذي خلفته الحرب الجديدة يُـزيل هذه القوة ويضعفها.

وإضافة إلى طموح إسرائيل في الحصول على نفط رخيص بطريقة مباشرة من خلال إعادة التفكير في مشروع خط أنبوب كركوك حيفا، وغير مباشرة، والتطلع إلى المنافسة في السوق العراقية على غرار ما حققته في أفغانستان، فإنها ترى أن من شأن نتائج الحرب أيضا أن تخفف الضغط الذي تمارسه أوروبا ضدها في سياق عملية السلام في المنطقة.

وتشير المعلومات الأولية، أن الموقف المعارض للحرب الذي اتخذته فرنسا وألمانيا ومعظم دول الاتحاد الأوروبي ضد الحرب في العراق، إنما سيترجم إلى ضغوط بالاتجاه المعاكس وفرصة للدولة العبرية للتخلص من الضغوط الأوروبية السابقة، بل إن إسرائيل تطمح إلى تحويل الضغط الأوروبي باتجاه سوريا للحصول على مكاسب تتعلق بتسوية سياسية، وكذلك ممارسة ضغط مباشر على حزب الله، لاسيما نزع سلاحه أو على الأقل إزالة قواعد صواريخه في الجنوب.

هناك أيضا احتمال الحصول على مكاسب أكبر فيما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث تشير التوقعات إلى تشكيل حكومة فلسطينية جديدة برئاسة محمود عباس “أبو مازن”، تضم غالبية من حركة فتح التي تؤيد وقف الانتفاضة والعودة إلى المفاوضات مع إسرائيل بأسرع وقت.

جاءت التطورات على الجانب الفلسطيني بعد موافقة الرئيس الفلسطيني على تعيين رئيس وزراء تحت تهديد خسارة الفلسطينيين مجددا حال لم يستجيبوا للتغييرات التي خلقتها الأزمة العراقية. إلا أن أجواء التفاؤل الإسرائيلية هذه، يشوبها توتر مخفي أيضا، تتداوله دوائر خاصة وينبع من الإفراط في التفاؤل والغرور، حجتها أن الوقت قصير جدا للدخول في حملة الانتخابات الأمريكية وأن الأمر هنا يتطلب دفع استحقاقات أيضا.

إجلاء 31 “خديجا” بحالة سيئة من مستشفى الشفاء في غزة

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد