أدَّت حملة القصف الأخيرة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلية، منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى تدمير مساحة كبيرة من مدينة غزة، ليس ذلك وحسب، بل إن عدداً كبيراً من المواقع الأثرية والتاريخية تعرَّض لدمار كبير.
وفقاً لدراسة حديثة أجرتها مجموعة “التراث من أجل السلام”، ونشرتها في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، فإن القوات الإسرائيلية تسببت في دمار أكثر من 100 موقع أثري خلال حربها الأخيرة على قطاع غزة.
ومن أبرز الأماكن الأثرية التي دمرتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة:
1- الجامع العمري الكبير
وفقاً لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية “وفا”، يعتبر المسجد العمري أقدم وأعرق مسجد في مدينة غزة، ويقع وسط “غزة القديمة”، بالقرب من السوق القديم.تبلغ مساحة المسجد الذي تعرَّض لأضرار كبيرة نحو 4 آلاف متر مربع، وفناء يتجاوز 1000 متر مربع.
كان المسجد العمري في البدء كنيسة أنشأها أسقف غزة برفيريوس على نفقة الملكة أفذوكسيا، وعندما فُتحت غزة أيام الخليفة عمر بن الخطاب، جعلت هذه الكنيسة جامعاً.
في حين سُمّي الجامع بالعمري نسبة إلى الخليفة عمر، رضي الله عنه، وبالكبير لأنه أكبر جامع في غزة.
2- كنيسة القديس برفيريوس
في يوم الخميس 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تعرضت كنيسة القديس برفيريوس إلى قصف إسرائيلي، أسفر عن سقوط سقف كنيسة القديس بورفيريوس على مَن فيها، ووفاة 17 مسيحياً، وفقاً لهيئة Caritas Internationalis الأرثوذكسية.تقع كنيسة القديس برفيريوس بحي الزيتون، ويعود تاريخ بنائها إلى بداية القرن الخامس الميلادي، وتمتاز بالجدران الضخمة المدعمة بأعمدة رخامية وجرانيتية.
فيما تتكون الكنيسة من بهو كبير مُغطى سقفه بأقبية متقاطعة، وهو على شكل (جمالوني)، ترتكز أقبيته على دعامات حجرية، يتخلل جدرانها الأربع التي بُنيت من الحجر الرملي الصلب بسماكة (80) سم.
جددت الكنيسة في عام 1856، في حين يتواجد قبر القديس برفيريوس الذي توفي عام 420 في الزاوية الشرقية من الكنيسة.
يعد مسجد السيد هاشم من أهم المساجد في مدينة غزة بالبلدة القديمة، حيث يوجد به قبر جد الرسول، صلى الله عليه وسلم، هاشم بن عبد مناف، الذي ارتبط اسمه باسم المدينة.وتعرض مسجد “السيد هاشم” لأضرار في جدرانه الخارجية، وأسقفه العلوية، بعد أن أنشأ الاحتلال حزاماً نارياً في محيطه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ما يضع المسجد تحت تهديد الانهيار أو السقوط المفاجئ في أي لحظة.
يقع المسجد بحي الدرج “مدينة غزة القديمة”، ويعد من أجمل مساجد غزة الأثرية وأكبرها، وهو عبارة عن صحن مكشوف تحيط به أربع ظلال أكبرها ظلة القبلة، وفي الغرفة التي تفتح على الظلة الغربية ضريح السيد هاشم بن عبد مناف، جد رسول الله محمد.
وقد أنشئ المسجد على يد المماليك، وجدده السلطان عبد الحميد سنة 1850، وسُميت مدينة غزة “غزة هاشم” نسبةً إليه.
4- قصر الباشا
تعرض قصر الباشا الواقع في حي الدرج، إلى قصف إسرائيلي أدى لدمار أجزاء كبيرة منه.يُعرف هذا المبنى الذي يعود تاريخه إلى القرن الثالث عشر، باسم قصر الباشا أو قلعة الرضوان أو قلعة نابليون، وقد كان بمثابة مقر السلطة للجميع من العثمانيين إلى البريطانيين.
وبُني القصر المكون من طابقين من قِبل السلطان الظاهر بيبرس، وكان في البداية بمثابة دفاع ضد الصليبيين والجيوش المغولية الغازية.
وفي القرن السادس عشر، سيطرت الإمبراطورية العثمانية على القصر، ووسعته في عهد أسرة الرضوان، التي أصبح أفرادها فيما بعد “باشوات” غزة.
5- مسجد الظفر الدمري
يعتبر مسجد الظفر الدمري أحد الأماكن الأثرية التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل خلال الحرب الأخيرة.يقع المسجد في حي الشجاعية، ويعود تاريخ تأسيسه إلى الحقبة المملوكية، حيث أسسه الأمير المملوكي، شهاب الدين أحمد بن أزفير الظفر دمري، ودُفن فيه.
بالقرب من مسجد الظفر دمري تقع دار السقا الأثرية التي تعرضت لأضرار جزئية.الدار بُنيت منذ القرن السابع عشر ميلادي في عام 1661 في عهد السلطان محمد الرابع بن السلطان إبراهيم من قِبل أحمد السقا، أحد كبار التجار آنذاك، والذي يعود أصل عائلته إلى الجزيرة العربية من مكة.
وعرف البيت كأول منتدى اقتصادي في فلسطين، جرى ترميمه أول مرة من قذيفة تعرض لها خلال حرب عام 1948.
7- الكنيسة البيزنطية
تعود الكنيسة إلى العهد البيزنطي، وتقع في بلدة جباليا، شمالي القطاع، ويزيد عمرها على 1600 عام، إذ تعود إلى عام 444 ميلادياً.وتعد الكنيسة، التي تعرضت للدمار الكامل، من أهم المواقع الأثرية في قطاع غزة، ومن أبرز المعالم في بلاد الشام عامة.
وتحتوي الكنيسة على 16 نصاً تأسيسياً باللغة اليونانية القديمة، إذ تعدّ من أكبر النصوص التأسيسية داخل الكنائس، كما تضم نقوشاً وزخارف مختلفة، منها الحيوانية والنباتية والهندسية، الزخارف الحيوانية تشمل الأسود والغزلان والأسماك البحرية.
وكانت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية قد قامت بإعادة افتتاح الكنيسة مطلع عام 2022 بعد إعادة ترميمها.
8- مقام الخضر
بدوره تعرض دير الخضر أيضاً إلى قصف جزئي، وهو أول دير مسيحي يُبنى في فلسطين، وذلك على يد القديس هيلاريوس، خلال الحقبة البيزنطية، والذي أقام فيه حتى مماته، وهو أقدم دير لا يزال قائماً في فلسطين.ويقع الدير على بُعد حوالي 200 متر شمال شرقي مركز مدينة دير البلح، ويتميز بوجود رسومات لعناقيد مصلبة تذكر بفن العمارة الصليبي، كما توجد في المكان نفسه بعض النقوش اليونانية والتيجان الكورنثية والأعمدة الرخامية، الأمر الذي يؤكد بناء مقام الخضر فوق الدير الصليبي، فيما تقول الروايات الأخرى إن اسم المقام منسوب إلى القديس “جرجس”، وتعني هذه الكلمة “الخضر” باللغة العربية.
واشنطن تعلن معارضتها وقف إطلاق النار في غزة
أعلن منسق الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض جون كيربي، أن الولايات المتحدة تواصل معارضة وقف إطلاق نار دائم في قطاع غزة، وتدعم توقفا مؤقتا لإطلاق النار.
وقال كيربي: “نحن لا نؤيد وقف إطلاق النار في هذا الوقت. نحن ندعم استمرار التوقف عن إطلاق النار في مناطق محددة، ولأغراض محددة”.
وأضاف أن “هذه الوقفات الإنسانية، يجب أن يتم تطبيقها من أجل إطلاق سراح الرهائن”.
وتواصل القوات الإسرائيلية عملياتها الحربية في شمال القطاع وجنوبه مستهدفة مباني وتجمعات سكنية.
ووصل عدد ضحايا الحرب في غزة، إلى 16248، أكثر من 70% منهم أطفال ونساء، فيما بلغ عدد الإصابات 43616 مصابا، وفق ما أعلن مكتب الإعلام الحكومي بغزة مساء الثلاثاء.
وأشار الإعلام الحكومي إلى إحصائية صادمة تؤكد “ارتكاب عشرات المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة”، منذ انهيار الهدنة صباح الجمعة الماضية.
موعد جديد لإنهاء العمليات العسكرية
في الوقت الذي توسع فيه إسرائيل عملياتها البرية في جنوب قطاع غزة، كشفت مصادر عن تحديد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بداية العام المقبل لإنهاء العمليات العسكرية الكبيرة التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في غزة.
ووفق موقع “المونيتور” الأمريكي، فإن بداية 2024 “ليس موعدا نهائيا، ولكنه هدف”، فخلال الحرب يمكن أن تتغير المواعيد المستهدفة، بيد أن الأمريكيين يعتقدون بوضوح أن إسرائيل على وشك استنفاد الغزو البري الواسع الذي شنته منذ 27 أكتوبر الماضي، ويجب أن تتحول إلى جهود أكثر تركيزا لـ”إسقاط حماس”.
وأشار إلى تنامي الخلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن الجدول الزمني لحرب غزة، إذ قالت مصادر إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن نقل جدولا زمنيا مختلفا عما كانت تفكر فيه إسرائيل لإنهاء هذه الحرب.
كما أضاف مصدر دبلوماسي إسرائيلي إن “الفجوة بيننا وبين الأمريكيين تتراوح بين 3 أسابيع وشهر، وهو أمر لا يمكن حله”.
وأوضحت شبكة “سي إن إن” أن المسؤولين الأمريكيين يتوقعون أن تستمر المرحلة الحالية من الغزو البري الإسرائيلي لغزة عدة أسابيع قبل أن تنتقل إسرائيل، ربما بحلول يناير، إلى استراتيجية أقل وتستهدف خلالها بشكل ضيق مقاتلين وقادة محددين من حماس.
وتحدث خبيران أميركيان بحسب “سكاي نيوز عربية”، عن صعوبة تحديد هدف زمني لإنهاء حرب غزة، بالنظر للرغبة الإسرائيلية في تدمير القدرات العسكرية والسياسية لحماس داخل القطاع، وكذلك تصاعد العمليات على الأرض منذ انهيار الهدنة.
هدف صعب
ويعتقد مدير مركز التحليل العسكري والسياسي في معهد هدسون، ريتشارد وايتز، أن “الأمر قد يستغرق أكثر من بضعة أسابيع لتحقيق شرط إسرائيل المتمثل في القضاء على حماس كقوة عسكرية، وبعد ذلك سوف يقضون سنوات في محاولة لاغتيال قادة حماس في جميع أنحاء العالم”.
وكان رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) رونين بار قال في تسجيل بثته هيئة البث العامة الإسرائيلية، إن إسرائيل ستلاحق حركة حماس في لبنان وتركيا وقطر حتى لو استغرق الأمر سنوات.
وأضاف وايتز: “سأكون مندهشا إذا وضعت الولايات المتحدة جدولا زمنيا صارما للحرب، بالنظر إلى ما قامت به بشكل سيء في أفغانستان وفي وقت سابق في العراق”.
وأوضح أنه يجب أن تكون نهاية هذه الحرب “قائمة على الشروط”، على الرغم من أن شروط إدارات بايدن قد تكون أقل تطلبا، وفق قوله.
ولا يربط مدير مركز التحليل العسكري والسياسي في معهد هدسون، بين الموعد الذي تأمل خلاله الإدارة الأمريكية في إنهاء حرب غزة، واقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بل يعتقد أن ذلك يرجع إلى “أنهم لا يريدون موت عدد أكبر من الضحايا المدنيين، فكل يوم حرب يعني مقتل مئات المدنيين”.
مأزق انتخابي
لكن على الجانب، يرى الباحث الأمريكي المتخصص في شؤون الأمن القومي، سكوت مورغان، أن “جزءاً من المنطق وراء رغبة إدارة بايدن في إنهاء الحرب، هو أنهم يخشون أن يضر هذا الصراع بجهودهم لإعادة انتخابه”.
وأضاف أنه “بالفعل هناك استطلاعات تظهر أن الشباب والمسلمين الأمريكيين يبتعدون عنه”، لكنه مع ذلك شدد على أن القرار سيكون متروكا للإسرائيليين عندما تنتهي الحرب.
وأشار مورغان إلى أنه مع المضي قدما في إنهاء الحرب قبل بداية العام المقبل، فقد “تؤدي النهايات السريعة والمفاجئة للصراعات إلى تفاصيل فوضوية”.
ومع ذلك، “إذا شعر الإسرائيليون أن الصراع ينتهي في وقت مبكر جدا وعليهم تكرار هذا الأمر خلال 5 سنوات، فلن يبشر بالخير”، وفق الباحث الأمريكي.
وعن التقارير التي تتحدث عن الجدول الزمني للحرب، قال: “ينبغي أن يكون السؤال هو هل تسعى الإدارة لكبح إسرائيل أو عدم محاولة استفزاز إيران”.