عن عمرٍ ناهز 85 عاماً ، غيب الموت الكاتب اللبناني طلال سلمان، على أثر تدهور صحته ودخوله في غيببوبة، أبقته في المستشفى لأيام، ورحل مساء الجمعة، بحسب ما ذكرت عائلته.
توّج سلمان مسيرته المهنية بمشروع “السفير”، التي تحوّلت إلى واحدة من أبرز الصحف العربية، وصدر العدد الأوّل منها عام 1974 حاملاً شعار “صوت الذين لا صوت لهم”، و”جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان”.
كتب سلمان افتتاحية يومية في “السفير”، أصبحت محطّ اهتمام قرّاء الصحيفة في لبنان والعالم العربي، كما حملت صفحات “السفير” أسماء لامعة في الفكر العربي المعاصر وفي السياسة والأدب.
أجرى سلمان لقاءات مع العديد من الملوك والرؤساء العرب والقادة السياسيين والحزبيين، كما حاور كبار الأدباء والكُتّاب والمثقفين العرب، وربطته بالكثيرين منهم صداقات وثيقة.
محاولات اغتيال
نجا سلمان من محاولة اغتيال أمام منزله بمنطقة الحمراء في 14 يوليو عام 1984، وأصيب بجروح مختلفة تركت ندوباً في وجهه وجسده. وكانت سبقتها محاولات لتفجير منزله، وكذلك عملية تفجير لمطابع “السفير” في الأوّل من نوفمبر 1980.
مسار بين الصحف
بدأت مسيرته الصحافية في نهاية الخمسينيات من القرن العشرين، كان مُصحّحاً في صحيفة “النضال”، وصحافياً في جريدة “الشرق”، ثم سكرتيراً للتحرير في مجلة “الحوادث”، فمديراً للتحرير في مجلة “الأحد”.
في خريف عام 1962، ذهب إلى الكويت وأصدر مجلة “دنيا العروبة” عن دار الرأي العام، التي استمرت 6 أشهر، عاد بعدها إلى بيروت ليعمل مديراً لتحرير مجلة “الصياد” ومحرّراً في مجلة “الحرية”، حتى تفرّغ لإصدار “السفير” في 26 مارس 1974.
تأسيس جريدة السفير اللبنانية
أصدر الصحفي طلال سلمان جريدة «السفير» في بيروت عام 1974م، كصحيفة يومية حملت شعار «صوت الذين لا صوت لهم»، وعرفت بمواقفها المناصرة للقضايا العربية، لا سيما القضية الفلسطينية.
وكانت تجربة صحيفة «السفير» من أكثر تجارب الصحافة العربية ثراءًا ومهنية في عرض وتحليل الشأن اللبناني والعربي، كما أجري على صفحاتها لقاءات وحورات مع العديد من الزعماء والقادة العرب.
في وداع سلمان
ونعى لبنان والعالم العربي الراحل، ووصفوه بـ”المعلّم”، إذ تعاقبت أجيال على “السفير” منذ تأسيسها وحتى إقفالها عام 2017، وتحوّل مبناها في شارع الحمرا إلى مركز ثقافي حديثاً.
وكتب وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري على صفحته، “الكبير طلال سلمان، العابر بقلمه للمناطق، ستبقى ذكراه خالدة وتاريخه العريق صفحة لن تطوى في تاريخ الصحافة اللبنانية”.
وقال نقيب محرّري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي في بيان، “غاب صوت الذي لا صوت لهم، صاحب القلم الماضي والحضور الطاغي في دنيا الصحافة والإعلام، الذي شقّ طريقه إلى التألق بالحبر الذي اختلط بالعرق والدم، وبعصامية تتجاوز المغامرة التي خاض غمارها بإمكانات متواضعة”.
وكتب الشاعر عباس بيضون، “بقيتُ في جيرة طلال وتحت بصره أعواماً طويلة، عقوداً من شبابي وكهولتي. وخرجت منها حين خرجَت من نفسها. أظن أن الجريدة التي صحبت وخاضت مرحلة كاملة من التاريخ اللبناني توقّفت في وقتها، وكان توقّفها علامة لانتهاء عهد”.
وكتبت الإعلامية سحر مندور، “أستاذ طلال ميزان ما بين الحرفية والموهبة، خفّة الدم والجدية الحاسمة، الودّ والسلطة. خلق جريدة، وجعلها أولى أو تانية أو غيره، ليس لها مثيل، كما ولدت وكما أقفلت وكما تُبعثُ يومياً بالتتمات وفينا، تلاميذها وصنّاعها، أولادها وكتّابها، رؤساء أقسامها ومحرّرنها، راسمي صفحاتها وحروفها، ومنفذيها، وحرّاسها”.
انتهاء مرحلة
في الرابع من يناير 2017، اختار طلال سلمان إقفال “السفير”، وبقي يكتب افتتاحياته التي حملت عنوان “على الطريق” في الموقع الإلكتروني الذي يحمل اسمه.
أصدر عدداً من المؤلفات، “مع فتح والفدائيين” (1969)، و”ثرثرة فوق بحيرة ليمان” (1984)، و”إلى أميرة اسمها بيروت” (1985)، و”الهزيمة ليست قدراً” (1995)، و”على الطريق… عن الديمقراطية والعروبة والإسلام” (2000)، و”كتابة على جدار الصحافة” (2012).
ولد سلمان في بلدة شمسطار (شرقي لبنان) عام 1938، والده إبراهيم أسعد سلمان ووالدته فهدة الأتات. تزوّج عفاف محمود عام 1967، وله أربعة أولاد.
تكريماته
اختار منتدى دبي الإعلامي طلال سلمان كشخصية العام الإعلامية لسنة 2009، ومنحته كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية درجة الدكتوراه الفخرية تقديراً لدوره المتفرد في الصحافة والإعلام في عام 2010م.
وحصل على جائزة الدبلوماسي والمستشرق الروسي فيكتور بوسوفاليوك الدولية المخصصة لأفضل نقل صحفي روسي للأحداث في الشرق الأوسط.
مؤلفاته
أثرى الصحفي الراحل المكتبة العربية بعدد من المؤلفات، ومنها: «مع فتح والفدائيين وثرثرة فوق بحيرة ليمان وإلى أميرة اسمها بيروت وكتابة على جدار الصحافة».
يحظى طلال سلمان بتقدير كبير بين الإعلاميين والسياسيين والرأي العام، حتى بين الذين اختلف معهم في الرأي.
في 14 تموز/يوليو 1984 تعرض لمحاولة اغتيال أمام منزله في رأس بيروت فجراً تركت ندوباً في وجهه وصدره. وكانت سبقتها محاولات لتفجير منزله، وكذلك عملية تفجير لمطابع “السفير” في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 1980.
في الرابع من كانون الثاني/يناير 2017، أقفل طلال سلمان جريدة “السفير”، بسبب صعوبات مادية خصوصا. وكانت تلك ضربة كبيرة للإعلام اللبناني الذي عرف على مر سنوات بتنوعه وحريته، وشكل علامة فارقة بين الدول العربية الأخرى.
ولد طلال سلمان في بلدة شمسطار في شرق لبنان العام 1938، تزوج من عفاف محمود الأسعد ولهما أربعة أولاد.
بعد إغلاق السفير، بقي طلال سلمان يكتب عبر موقع حمل اسمه واسم “على الطريق”، وهو كان عنوان زاويته الأسبوعية في الجريدة.
له مؤلفات عدة بينها “مع فتح والفدائيين”، و”الى أميرة اسمها بيروت”، و”سقوط النظام العربي من فلسطين الى العراق”، و”هوامش في الثقافة والأدب والحب”، وغيرها…
وذكرت الوكالة الوطنية للاعلام أن سلمان سيشيع عند الرابعة عصر السبت في بلدته شمسطار، ويصلى على جثمانه ويوارى في جبانة البلدة.
تفجير مطابع السفير.. يوم أن غطى طلال سلمان وجهه من الدموع
“الصحافة ضحية الإرهاب مجددا: تفجير مطابع السفير” كان هذا مانشيت جريدة السفير، في عددها الصادر يوم الأحد 2 نوفمبر لعام 1980. وإلى جانب عنوان الجريدة، كانت عبارة “صاحبها ورئيس تحريرها طلال سلمان” تزين الصفحة الأولى كما العادة.
تاريخ قاس، عايشه الصحافي اللبناني، ناشر جريدة السفير اللبنانية، طلال سلمان، الذي غيبه الموت أمس، عن عمر ناهز 85 عاما، في أحد مستشفيات بيروت، ونعاه كبار الصحافيين في العالم العربي.
في عام 1974 أصدر طلال سلمان، جريدة السفير، صحيفة يومية سياسية عربية، حملت شعار “صوت الذين لا صوت لهم” وعدها “جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان”، إلى أن انتهى بها الحال للإغلاق في يناير عام 2017، وكان الموقف صعبا على مؤسس السفير، وغيره من العاملين في الصحافة العربية.
تاريخ طويل بدأه سلمان، صاحب افتتاحيات “على الطريق”، فقد عمل مصححا في جريدة “النضال” ثم عمل في جريدة “الشرق”، ثم محررا فسكرتير تحرير مجلة “الحوادث” ثم مدير تحرير في مجلة “الأحد” قبل الذهاب إلى الكويت لإصدار مجلة “دنيا العروبة” ثم عاد إلى بيروت ليشغل منصب مدير تحرير مجلة “الصياد” ومحررا في مجلة “الحرية” ثم كان تفرغه لإصدار “السفير”.
كانت الصفحة الأولى للسفير، في ذلك التاريخ، الأحد 2 نوفمبر 1980، تحمل الخبر الأبرز بتفجير للصحيفة، وضمن ما ورد في الخبر أنه “مع الساعات الأولى من الفجر، كانت الصحافة اللبنانية ممثلة هذه المرة بجريدة السفير تتعرض لهجوم مسلح استهدف مبناها الجديد، وقضى بالنسف والتفجير على مطبعة حديثة، لم تأخذ طريقها بعد إلى العمل، وعطل إنجاز الطموح بقيام أول مؤسسة صحافية وطنية متكاملة التأسيس والأجهزة والخبرات”.
ورغم ندوب في وجه طلال سلمان وصدره، على خلفية محاولة اغتياله أمام منزله في بيروت، إلا أن تفجير مطبعة السفير، تركت فيه أثرا حكى عنه فيما بعد، عبر موقع حمل اسم الباب الذي اعتاد الكتابة فيه بالسفير “على الطريق” معنونا مقاله بـ”عن أيام العز: تفجير مطابع السفير” ونشر على الموقع في نوفمبر عام 2018.
بداية المقال تناولت دوي الانفجار الهائل في منطقة الحمراء، مستهدفا مبنى جريدة السفير “التي كنا بالكاد قد فرغنا من تأثيثها وتجهيزها بمطبعة (غوس) جديدة، هي حلم كل صحافي وأي صحافي”. اندفع سلمان وزوجته تجاه المبنى الذي يبعد عن منزله بأكثر من 500 متر، فهمس بحزن شديد “راحت المطبعة” على ما كتب في مقاله. وحين قصد الجهة الخلفية للمبنى حيث مدخل المطبعة، كانت ألسنة اللهب وصراخ أطفال الجيران في استقباله “وكنت أغطي وجهي بيدي، خجلا من أن يرى الناس دموعي عليهم وعلى إنجازي الذي لا عوض عنه ولا بديل منه”.
يقول سلمان في مقاله، إنه حين بلغ عتبة المطبعة رأى الكتل الضخمة للمطبعة وقد تفككت قطعا، والنار تتصاعد من داخلها كما من حولها، ما جعل الدخول مستحيلا “عدت إلى البيت مكسورا حزينا من دون أن أفقد وعيي، وهكذا باشرت اتصالاتي بالمسؤولين لإبلاغهم بما حدث” وبحسب سلمان فإن المبنى لم يكن فيه إلا حارس مدني اختطفه المنفذون، وأطلقوه ليبلغه رسالة أن “هذه المرة المطبعة، أما في المرة الثانية فسيكون رأسك هو الهدف”.