نقلت قناة “SVT” التلفزيونية عن رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون قوله إن السلطات السويدية لا تخطط لحظر حرق الكتب الدينية بعد الدنمارك، لأن ذلك سيتطلب تعديلات على دستور البلاد.
وقال وزير العدل للصحفيين، إن الحكومة ستقدم مشروع قانون “يحظر المعاملة غير اللائقة للأشياء ذات الأهمية الدينية الكبيرة للمجتمع الديني”، مشيرا إلى أن التشريع يستهدف بشكل خاص عمليات الحرق والتدنيس في الأماكن العامة.
وكانت السلطات السويدية قررت الأسبوع الماضي البدء في مراجعة قانون النظام العام الذي يسمح باتخاذ إجراءات تتعلق بحرق القرآن الكريم.
وتكررت مؤخرا في السويد والدنمارك وهولندا حوادث الإساءة للمصحف من قبل يمينيين متطرفين أمام سفارات دول إسلامية، ما أثار ردود فعل غاضبة، إضافة إلى استدعاءات رسمية لدبلوماسيي الدولتين في أكثر من بلد عربي.
أحرق محتجون سفارة السويد في بغداد الخميس (21 تموز/يوليو 2023) فيما نظم آخرون تظاهرة في وسط العاصمة العراقية تزامناً مع تجمّع في ستوكهولم شهد دوس اللاجئ العراقي سلوان موميكا نسخة من المصحف في خطوة أثارت أيضاً صنع توتراَ دبلوماسياَ كبيراَ بين البلدين وأدت إلى طرد السفيرة السويدية في العراق، واستدعاء القائم بالأعمال العراقي في السويد.
(وكانت وسائل إعلام رسمية عراقية قد ذكرت أمس أن تصريح العمل الخاص بشركة إريكسون في العراق قد جرى تعليقه، لكن مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الخارجية فرهاد علاء الدين نفى ذلك اليوم، مؤكدا أن الحكومة العراقية ستحترم جميع الاتفاقات التعاقدية التي أبرمتها)
أقدمت مجموعة صغيرة يوم الثلاثاء في 25 تموز/ يوليو 2023 تنتمي لجماعة تلقب نفسها بـ”دنماركيين وطنيين” على إحراق نسخ من القرآن أمام سفارتي مصر وتركيا في كوبنهاغن. يأتي هذا بعد حوادث مشابهة حصلت في السويد والدنمارك أيضا خلال الأسابيع الماضية، أدت إلى توتر شديد بالعلاقات بين الدولتين الإسكندنافيتين وعدد كبير من الدول الإسلامية.
وكانت السويد قد شهدت في وقت سابق من الشهر الجاري إقدام طالب لجوء عراقي على إحراق القرآن أمام السفارة العراقية، ما أحدث سلسلة من ردود الأفعال أدت إلى توتر دبلوماسي بين البلدين، فضلا عن قيام محتجين باقتحام السفارة السويدية في بغداد.
وبعد الحادثة بأيام، قامت جماعة “دنماركيون وطنيون” اليمينية المتطرفة بنفس الفعل قبالة السفارة العراقية، قبل أن تعاود ذلك قبالة السفارتين المصرية والتركية.
إدانات دولية
وأدان منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يوم الأربعاء عمليات حرق المصحف في الدنمارك والسويد. واعتبر في بيان أن حرق القرآن أمر “مسيء وغير محترم واستفزاز واضح”، موضحا أن التنوع الديني والتسامح مع المجتمعات الدينية من القيم الأساسية للاتحاد الأوروبي، و”لا مكان للتعبير عن العنصرية وكراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب بيننا”.
وقال بوريل “كل ما هو قانوني ليس أخلاقيا بالضرورة”.
من جهتها، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي قرارا يدين جميع أعمال العنف ضد الكتب المقدسة، واعتبارها “انتهاكا للقانون الدولي”.
وجاء في نص القرار أن أعضاء الجمعية العامة “يستنكرون بأشد العبارات جميع أعمال العنف ضد الأشخاص على أساس دينهم أو معتقدهم، وكذلك أي أعمال من هذا القبيل موجهة ضد رموزهم الدينية أو كتبهم المقدسة أو منازلهم أو أعمالهم التجارية أو ممتلكاتهم أو مدارسهم أو مراكزهم الثقافية أو أماكن العبادة”.
قضية حرق القرآن: استياء الحكومات الإسلامية من عدم تعهّد السويد والدانمارك محاسبة الجناة ومنع تكرار الواقعة ومطالبة ايرانية بتسليم المهاجر العراقي موميكا
كما طالب المجتمع الدولي “بفرض عقوبات رادعة لوقف الحملات الهمجية العنصرية على الإسلام والمسلمين وتبني مشروع دولي يجرم الإساءة للمقدسات الدينية”.
وأضاف البيان المنشور على الموقع الإلكتروني للأزهر أن “الأزهر الشريف يستهجن ويستنكر بأشد العبارات إصرار دولتي السويد والدنمارك على تمرير قرارات تفتح الأبواب لسياسات العداء والعنصرية المقيتة ضد الإسلام والمسلمين، وتسمح للمجرمين الإرهابيين بحرق المصحف واستفزاز ما يقارب ملياري مسلم حول العالم”.
ودانت تركيا يوم الإثنين الماضي ما أسمته بـ”الهجمات الشائنة” (حرق القرآن)، وطالبت الدنمارك بـ”منع هذه الأعمال الشنيعة”.
في المقابل، استدعت مصر القائم بالأعمال السويدي يوم الثلاثاء في أعقاب هذه الحوادث. أما العراق فقد قام بطرد السفير السويدي الخميس الماضي.
وأدانت كلا الحكومتين، السويدية والدنماركية، عمليات حرق القرآن الأخيرة.
وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم أصدر بيانا اعتبر فيه أن “تدنيس القرآن أو أي نص مقدس آخر هو عمل مسيء وغير محترم واستفزاز واضح”.
ونقلت وزارة الخارجية الدنماركية عن وزير الخارجية لارس لوك راسموسن قوله على تويتر إنه أجرى اتصالا “بناء” مع وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين.
تهديدات أمنية
وكان جهاز الأمن الداخلي السويدي قد حذر الأربعاء من تدهور الوضع الأمني في البلاد عقب عمليات إحراق المصحف، مشيرا إلى “تهديدات متزايدة بحدوث هجمات”.
وجاء في بيان للجهاز “في تقديرنا فإن مسار الأحداث يزيد من سوء الوضع الأمني”، وأن سمعة السويد تأثرت نتيجة للإجراءات المتعلقة بحملات التضليل المستمرة بالفعل منذ بعض الوقت. مضيفا أنه بات يُنظر للسويد على أنها معادية للإسلام والمسلمين.
وأورد البيان أن صورة السويد تغيرت “من دولة متسامحة إلى دولة معادية للإسلام والمسلمين، حيث تحظى الهجمات على المسلمين بموافقة الدولة، وحيث تقوم مؤسسات الخدمات الاجتماعية التابعة للدولة بخطف الأطفال المسلمين”.
وقال الجهاز إن هذا الوضع ينذر بتأجيج المخاطر ضد السويد “من أفراد داخل أوساط إسلامية عنيفة”، وأنّ خطر الإرهاب في البلاد لا يزال مرتفعا، إذ يقف عند المستوى الثالث على مقياس من خمس درجات (وفقا للجهاز الأمني، مازال مستوى التأهب ضد الأعمال الإرهابية عند المستوى الثالث، لكن سيجري مراجعته بشكل مستمر).