كشفت دراسة أجريت أثناء ذروة الوباء ونشرت نتائجها مؤخرا، السر وراء نجاة بعض الأشخاص بشكل مؤكد من الإصابة بعدوى فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19، بحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية.
واكتشف العلماء اختلافات في الاستجابة المناعية يمكن أن تفسر سبب تمكن بعض الأشخاص من الإفلات من عدوى فيروس كورونا التاجي الذي انتشر في ربيع عام 2020، وفقا للدراسة التي نشرت بمجلة “نيتشر” العلمية.
وتشير النتائج إلى أن الأشخاص الذين لديهم مستويات عالية من جين يسمى “HLA-DQA2” قد يكون لديهم استجابة مناعية أكثر كفاءة لكوفيد-19، مما يعني أن العدوى لا تتجاوز أبدا خط الدفاع الأول للجسم.
وقال الفريق البحثي في جامعة “لندن كوليدج” العريقة إن النتائج يمكن أن توفر أساسا لتطوير علاجات ولقاحات أكثر فعالية تحاكي الاستجابات الوقائية المثلى.
وأشارت الدراسة، التي أُعطي فيها بالغون أصحاء جرعة صغيرة من فيروس كورونا عن عمد، إلى أن الخلايا المناعية المتخصصة في الأنف يمكن أن تقضي على الفيروس في مرحلة مبكرة قبل أن تترسخ العدوى الكاملة.
وقال الدكتور ماركو نيكوليتش، كبير مؤلفي الدراسة بجامعة “لندن كوليدج” إن “تلقي هذه النتائج يعطي ضوءا جديدا على الأحداث المبكرة الحاسمة التي إما تسمح للفيروس بالسيطرة أو القضاء عليه بسرعة قبل ظهور الأعراض”.
وتابع: “لدينا الآن فهم أكبر بكثير للمجموعة الكاملة من الاستجابات المناعية، والتي يمكن أن توفر أساسا لتطوير علاجات ولقاحات محتملة تحاكي هذه الاستجابات الوقائية الطبيعية”.
تقترب شركة موديرنا الأميركية من إنتاج “لقاح ثنائي” ضد فيروس كورونا و الإنفلونزا معا، مما يمنح استجابة مناعية أعلى لدى كبار السن مقارنة باللقاحات المنفصلة لتلك الفيروسات، حسب ما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
وشارك في تلك الدراسة 36 متطوعا بالغا يتمتعون بصحة جيدة دون تاريخ سابق للإصابة بكوفيد-19 ولم يتم تطعيمهم، حيث جرى إعطائهم جرعة منخفضة من الفيروس عن طريق الأنف.
وراقب الباحثون 16 متطوعا منهم لدراسة النشاط في الخلايا المناعية بالدم وبطانة الأنف لتوفير الجدول الزمني الأكثر تفصيلا للنشاط المناعي قبل وأثناء وبعد الإصابة.
ووُجد الباحثون أن هؤلاء المشاركين ينقسمون إلى 3 مجموعات، حيث أصيب 6 أشخاص بعدوى مستمرة ومرضوا؛ في حين أصيب 3 أشخاص بالفيروس بشكل عابر دون أن يصابوا بالعدوى الكاملة. كم أن هناك 7 أشخاص لم يتعرضوا للعدوى إطلاقا.
هل اختفى فيروس كورونا
مع نهاية فصل الشتاء الذي غالباً ما يحمل في طياته العديد من الأمراض الموسمية، تضاءل الحديث عن الإصابة بفيروس كورونا والذي كان يعتبر هاجساً لدى الكثيرين خصوصا في هذا الفصل وسط تشكيك البعض بمدى خطورته واختلافه عن الانفلونزا.
مرض كوفيد-19 هو المرض الناجم عن فيروس كورونا المُسمى فيروس كورونا- سارس- 2.
وقد اكتشفت منظمة الصحة العالمية هذا الفيروس المُستجد لأول مرة في 31 كانون الأول/ ديسمبر 2019، بعد الإبلاغ عن مجموعة من حالات الإصابة بما يُسمى الالتهاب الرئوي الفيروسي في يوهان بجمهورية الصين الشعبية.
البروفيسور وخبير اللقاحات علي فطوم، أكّد لـ “بي بي سي”، أن الفيروس لم ينتهِ وفي الموسم الشتوي، سُجل الكثير من الإصابات، ولكن أصبح التعايش معه أسهل كـ “روتين”، ومع الانخفاض الكبير بعدد الوفيات مقارنة بأول موسمين عند اكتشاف الفيروس أصبح الاهتمام به أقل.
ادعاءات “دون أساس علمي”
يُصر بعض الأشخاص ومنهم من قابلتهم بي بي سي على أن فيروس كورونا جرى تضخيمه وهو لا يتعدى “نزلة برد قوية” بنظرهم، وهو ما ينفيه رئيس مركز مكافحة الأوبئة في الأردن الدكتور عادل البلبيسي ويؤكد أن كلامهم “لا يستند إلى أي أساس علمي”.
البلبيسي قال لـ “بي بي سي”، إن فيروس كورونا لم ينتهِ من العالم ومازالت تُسجل حالات في معظم دول العالم ولكن عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الجائحة قد “انتهت”، أصبح من غير الملزم للدول الإبلاغ عن الحالات والعديد من دول العالم أغلقت مراكز الفحص التي كانت منتشرة بكثرة خلال ذروة انتشار المرض.
“بعض الأشخاص الذين لديهم أعراض الأمراض التنفسية فقدوا الاهتمام بإجراء الفحص و التأكد من التشخيص باعتبار أن بعض الأعراض هي أعراض إنفلونزا موسمية”، بحسب البلبيسي.
ويؤكد عدة أطباء من أنهم عانوا من حملات تكذيب حول الفيروس منذ بدايته وحتى الآن، ما يصعب مهمتهم عند علاج المصابين الذين يهملون النصائح الوقائية ويساهم في انتشار الفيروس.
“نظرية المؤامرة بأن ما حدث هو نوع من التسلط على الناس ومستقبلهم، وحملات التكذيب على أنه نوع من الخرافات اختفت أغلبها بعدما حصد الفيروس أرواح الكثيرين، ونحن نستند على المعلومات الكافية التي لدينا عن الفيروس والتسلسل الجيني له”، بحسب فطوم.
أبرز أعراض الإصابة
تتمثل أعراض كوفيد-19 الأكثر شيوعاً، وفق منظمة الصحة؛ بالـ حمى، الرعشة، التهاب الحلق، وتشمل أعراض أخرى تكون أقل شيوعاً وقد تظهر على بعض المرضى وهي؛ آلام العضلات، الإرهاق الشديد أو التعب، سيلان الأنف أو انسداده أو العطس، الصداع، التهاب العينين، الدوخة، سعال، ضيق أو ألم في الصدر، ضيق التنفس، بحة الصوت.
فطوم، وهو أستاذ في جامعة ميشيغان، أكّد أن الأعراض الأولية لا زالت كما هي لمن يمتلك جهاز مناعي جيد، ولكن الإصابات بكورونا أصبحت أقل حدة نتيجة للمناعة التي تكونت طبيعيا وأصبحت مكتسبة عبر الإصابة بالفيروس أو عبر أخذ اللقاحات.
وأضاف: “ما تغير هو الحالة المناعية في المجتمع بما أن نصف سكان العالم تلقوا اللقاح وأغلب البقية أصيبوا بالفيروس، ولكن المصابون بالأمراض المزمنة عند إصابتهم بكورونا هم معرضون لإصابات خطيرة واحتمالية الوفاة”.
كما تتضمن الأعراض ثقل الذراعين/ الرجلين، الاخدرار/ الوخز، الغثيان أو القيء أو ألم أو وجع في البطن أو الإسهال، انعدام الشهية، فقدان أو تغير حاسة الذوق أو الشم، صعوبة النوم.
خطر الإصابة بحالة مرضية وخيمة
الأشخاص الأشد تعرضاً لخطر الإصابة بحالة مرضية وخيمة هم الأشخاص البالغة أعمارهم 60 سنة وأكثر والأشخاص المعانون من مشاكل طبية أساسية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وسائر المشاكل الصحية المزمنة وضعف الوظيفة المناعية/ الكبت المناعي، والسمنة والسرطان والأشخاص غير المطعمين.
ومع ذلك، فقد يُصاب أي شخص في أي عمر بمرض كوفيد-19 ويعاني من حالة مرضية وخيمة أو حتى يلقى حتفه.
وهنا يؤكد البلبيسي لدى سؤاله حول وفيات كورونا، أن العديد من الأشخاص توفوا بسبب إصابتهم بالفيروس ولا يتم الإبلاغ عن ذلك بشكل كبير الآن.
أضاف: “أما العزل فقد أصبحت وبائية المرض معروفه بصورة أوضح و لذلك يتم عزل الحالات التي تستدعى العزل حسب رأي الطبيب المعالج”.
ويكون الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية سابقة أكثر عرضة للخطر عندما يُصابون بمرض كوفيد-19 وينبغي لهم التماس المساعدة الطبية في وقت مبكر إن ساورهم القلق بشأن وضعهم الصحي.
ويشمل ذلك – على سبيل المثال لا الحصر – الأشخاص المعالجين بأدوية كابتة للمناعة؛ ومرضى القلب أو الرئة او الكبد أو روماتزم مزمن، والمصابين بفيروس العوز المناعي البشري أو السكري أو السرطان أو الخرف.
وتشمل أعراض مرض كوفيد-19 التي تتطلب العناية الطبية الفورية ما يلي: صعوبة التنفس، أو العجز عن التحدث في جمل، النعاس أو فقدان الوعي، الألم المستمر أو الشعور بالضغط على الصدر، الجلد البارد أو الرطب أو المتحول إلى لون شاحب أو الضارب إلى الزرقة، فقدان القدرة على النطق أو الحركة.
سلالة سائدة
من المعروف أن متحورات فيروس كورونا تطور نفسها وتتغير باستمرار وقد طُوّر الكثير منها للفيروس خلال فترة انتشار الوباء، وآخرها هو جي إن 1 الذي صنفته منظمة الصحة العالمية على أنه “متحور محل الاهتمام”، جراء “انتشاره المتزايد بسرعة”.
ويشير البلبيسي، الذي عمل سابقاً كمستشار لرئاسة الوزراء لشؤون الصحة الأردنية وملف كورونا، إلى السلالة السائدة في العالم ما زالت هي أوميكرون بالإضافة للمتحور جي إن 1، حيث إن أكثر من 115 دولة حول العالم سجلت هذا المتحور.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن الخطر على الناس من المتحور الجديد منخفض حالياً، وإن اللقاحات الحالية توفير الحماية، لكنها حذرت من أن كوفيد وغيره من الإصابات قد ترتفع هذا الشتاء.
وأشار البروفيسور وخبير اللقاحات علي فطوم، إلى أن اللقاحات طوّرت من أجل منع الحالات المرضية الصعبة وليس من أجل منع الانتشار، لذلك الانتشار لا يزال وارداً، لذلك يجب الحرص، خاصة من أصحاب الأمراض المزمنة من الإصابة بالفيروس.