بسبب تذبذب سعر الصرف وضعف الاقبال وقلة السيولة النقدية لدى المواطنين، الكساد والفتور يسيطران على اسواق العاصمة.
تعيش اسواق العاصمة حالة من الكساد والفتور منذ مدة، عصفت باصحاب المهن والمحال التجارية لتدفع بالكثيرين لهجر مصالحهم في وقت عزا مواطنون اسباب ذلك الى غياب الدعم الحكومي وتباين اسعار الصرف.
ماذا يقول خبراء المال والأعمال عن حال المواطن مع عدم استقرار سعر الصرف؟
سعر صرف الدولار يلهب أسعار السلع الأساسية في الأسواق العراقية
خبراء اقتصاديون وناشطون يحملون حكومة الإطار التنسيقي وإدارة البنك المركزي متمثلة بعلي العلاق مسؤولية جر البلاد إلى فوضى الأسعار في ظل حالة التذبذب والركود التي تشهدها الأسواق عقب العجز عن السيطرة على سعر صرف الدولار.
شهدت الأسواق العراقية في الأيام الأخيرة قفزة كبيرة بأسعار السلع لاسيما الغذائية والأساسية منها، بعد ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي، ما أثقل كاهل المواطنين من ذوي الدخل المحدود، في ظل عدم اتخاذ الحكومة أي إجراءات للحد من هذا الارتفاع المتصاعد في الأسعار.
ووصل سعر صرف الدولار إلى نحو 165 ألف دينار مقابل كل مائة دولار، بارتفاع غير مسبوق مما زاد الارتفاع بأسعار السلع الغذائية وسط نوبة خوف انتابت المواطنين من تداعيات تذبذب أسعار الصرف وتأثيراتها على أسعار السلع.
ولم تتخذ الحكومة بدورها أي خطوة فاعلة في منع الاحتكار بعد ان خيم الركود مجددًا في الأسواق العراقية في ظل غياب الرقابة والدعم للطبقات الهشة ممن تعتمد على رواتب الرعاية الاجتماعية ومفردات الحصة التموينية.
وأوضح ديوان الرقابة المالية، في تصريح صحفي، أن العراق يمر بمرحلة ركود اقتصادي بسبب تذبذب أسعار العملة، لأن الوضع الاقتصادي في العراق يعتمد بشكل أساس على واردات تصدير النفط الخام مقابل استيراد السلع والبضائع.
وأكد مدير ديوان الرقابة المالية صلاح نوري على أن العراق يمر بمرحلة أشبه بالركود الاقتصادي بسبب تذبذب أسعار صرف الدولار، وأن تراجع نشاط التجارة يؤثر كثيراً بأسعار الصرف.
كما و تجدر الاشارة هنا إلى تأثير انخفاض أسعار النفط الخام على تنفيذ الموازنة التشغيلية خصوصًا تعويضات الموظفين والرواتب التقاعدية، فضلًا عن تنفيذ المشاريع التي تواجه في الأصل صعوبات في تنفيذها خلال المدة المتبقية من سنة 2023.
بدوره قال عضو اتحاد غرفة تجارة بغداد حسن الشيخ إن الارتفاع الجديد في سعر الصرف أثر كثيرًا على معدلات الأسعار في السوق.
وأوضح الشيخ، أن الاقتصاد العراقي يمر بأسوأ الظروف، وسيقبل على انهيار كبير بسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة التي تعمل عليها سلطة القرار الاقتصادي في العراق، فضلًا عن، التأثيرات السياسية والمحسوبية التي تنخر مختلف القطاعات.
وأضاف أن الركود الاقتصادي الذي تشهده السوق المحلية جاء بسبب العلاقة الطردية مع ارتفاع سعر الصرف، والكثير من جوانب التداول النقدي في العراق تتم عن طريق الدولار، حتى رشوة الموظفين المنتشرة في المؤسسات لا تتم إلا بالدولار، وهو ما زاد مستوى الطلب.
وأفاد بأن النظام المالي والمصرفي في العراق يعاني من فساد كبير، ولا يمكن إصلاحه في ظل استمرار النظام الحالي الحاكم في الدولة بسبب سيطرة النفوذ والأجندات على سلطة القرار الاقتصادي والنقدي، متوقعاً استمرار ارتفاع سعر الصرف إلى أكثر من 180 ألف دينار لكل 100 دولار خلال الأيام القادمة.
وبيّن الشيخ أن البنك المركزي العراقي فشل في تحديد سعر الصرف والسيطرة عليه، ولا يمتلك قرار الحل الفني والإداري للحد من الارتفاع وتوفير الدولار بانسيابية لمستحقيه سواء كانوا من التجار أو المسافرين، مشيرا إلى أن هناك شبهات خطيرة ترتبط بعدد كبير من التجار الذين يشترون الدولار بالسعر الرسمي من نافذة البنك المركزي بحجة الاستيراد، لكن الحقيقة هم يقدمون فواتير مزورة ووهمية إلى البنك المركزي للحصول على الدولار بتواطؤ مع عدد من الموظفين الفاسدين.
و يصنف العراق في قائمة الدول المستوردة لأغلب منتجاتها، في اعتماد كبير على الدولار الذي يُعد عملة ثانية في البلاد، ما يعني أن أي تغييرات في سعر الصرف، تنعكس بشكل مباشر على السوق والحركة التجارية.
وبسبب الاعتماد الكبير على استيراد البضائع تحول البلد على مدار عقدين إلى معبر لعمليات تهريب كبيرة “للدولار” تحت غطاء الاستيراد الذي بات بحسب مراقبين “ثقبًا أسودًا” لاستنزاف الأموال الصعبة وتحويلها إلى دول مثل لبنان وإيران عن طريق “مزاد بيع العملة”، في خطوة منظمة تهدف إلى كسر الحصار الاقتصادي والعقوبات الأمريكية على إيران ودعم حزب الله في لبنان.
وتتمحور الفكرة الأساس لمزاد العملة المتعلق “ببيع” الدولار إلى المصارف وشركات تحويل الأموال لإدارة عملية استيراد البضائع وتتراوح “مبيعاته” من الدولار يوميًا بين 200 و 300 مليون دولار، لكن شبهات عدة تُطاول شخصيات سياسية نافذة وزعماء ميليشيات وشخصيات مرتبطة بمرجعيات دينية تقف خلف تلك المصارف لإدارة عمليات الفساد.
ويقدر خبراء الفارق بين حجم الحوالات إلى الخارج وبين قيمة البضائع الداخلة بـ 30 مليار دولار بينما يصف متخصصون بالاقتصاد مزاد العملة بأنه واجهة لاستنزاف للدولار وفرصة لبعض المصارف التي تمتلكها جهات نافذة، لتحقيق أرباح كبيرة من خلال ببيع كميات كبيرة من الدولارات يوميًا، تفوق حاجة الاقتصاد العراقي ولا يعود منها كبضائع إلا بنسب لا تتجاوز الـ 40 أو 50 بالمائة في أفضل الأحوال والباقي يهرب إلى دول الجوار لاسيما إيران.
ومع تزايد السخط في الشارع العراقي يحمل ناشطون ومواطنون حكومة محمد شياع السوداني مسؤولية ما وصلت إليه ظروفهم المعيشية من عجزهم عن تلبية متطلبات عائلاتهم بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، لعدم إيفاء الحكومة ببرنامجها الذي ألزمت نفسها به قبل عام بعد أن تعهدت بإعادة التوازن للوضع الاقتصادي.
وانتقد ناشطون الحلول الترقيعية وما عدوه كذبًا مفضوحًا للهروب من تحمل المسؤولية وللتغطية على الفشل المستمر منذ عشرين عاما من المسؤولين الحكوميين.
وقبل أشهر، حث رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني العراقيين على عدم اقتناء الدولار، قائلًا إن “الدينار هو الأقوى” قبل أن تكشف الأشهر اللاحقة زيف هذه التصريحات.
وأعاد مدونون التذكير بتصريحات السوداني، التي هاجم فيها قبل وصوله لسدة الحكم، قرار الحكومة السابقة بتغيير سعر الصرف، فضلًا عن التذكير بتبني الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية ودفع بالسوداني لرئاسة الحكومة، قضية إرجاع سعر الصرف إلى سابق عهده.
واستذكر مدونون تصريحًا سابقًا للسوداني أكد فيه أن “ثورة الجياع قادمة إذا لم تعاد قيمة الدينار العراقي أمام الدولار للسعر السابق” في منشور نشره السوداني على صفحته الرسمية الموثقة بالعلامة الزرقاء في تويتر وفيسبوك في شهر آذار من العام الماضي.
وطالب السوداني في منشوره الحكومة السابقة والبرلمان بـ “عدم العناد وألا تأخذهم العزة بالأثم” في وقت تشهد فيه أسعار صرف الدولار ارتفاعًا غير مسبوق في الأسواق الموازية لم تصل إليه حتى في زمن الحكومة السابقة التي كان يحرص السوداني على انتقادها.
وكان السوداني قد تعهد، بأنه لن يترك المواطن يعاني من تبعات قرار تغيير سعر الصرف الذي أقرته الحكومة السابقة، وأن حكومته ستعمل على تقليل المعاناة من خلال رفد المواطن بالمواد الغذائية بشكل كبير ضمن مفردات الحصة التموينية، إلا أن هذه الوعود لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع مع الارتفاع المتواصل لأسعار السلع الغذائية وحالة الكساد والركود التي تشهدها الأسواق ما يضع حكومته في حرج كبير أمام المواطنين في بلاد يعاني ربع سكانها من الفقر، بحسب إحصاءات وزارة التخطيط.
ويشكك خبراء اقتصاديون، بجدوى التصريحات الحكومية والإجراءات الخجولة في كبح جماح الدولار، وضبط الأسعار في الأسواق التي تشهد توقفًا شبه تام جراء التذبذب في الأسعار في ظل ارتباط هذا الملف بملف تهريب الدولار للدول المحضورة لاسيما إيران.
ويعزو الخبير الاقتصادي كريم الحلو الركود والكساد الذي تشهده السوق العراقية لارتفاع سعر صرف الدولار الذي عده المشكلة الأساس في تدهور الوضع الاقتصادي العام في العراق.
وقال الحلو، إن السوق العراقي مفتوح تجاريًا مع الدول المحظورة من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي، الذي منع تمامًا تحويل الدولار إلى تلك الدول المتمثلة بإيران ولبنان وسوريا.
وبيّن أن الدولار اللازم لاستيراد البضائع من هذه الدول يتم شراؤه من السوق الموازي بأسعار عالية، وهو ما يعني تزايد الطلب، الذي بدوره يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
وأوضح الحلو أن أكثر من 280 مليون دولار، هو معدل الحوالات الخارجية اليومية من العراق، يذهب إلى عمليات تحويل مشبوهة عبر أدوات تهريب العملة أو شراء بضائع وهمية، ما أثر بشكل كبير على مستويات الأسعار ورفع حجم الكساد والتضخم في السوق العراقي.
وأضاف أن الكثير من المصالح التجارية المحلية وأصحاب المحال والشركات البسيطة توقفوا عن العمل بسبب السياسة الخاطئة التي تتبعها إدارة البنك المركزي باتجاه عدم احتواء أزمة الركود التي تشكل خطراً اقتصادياً يضر بمصلحة الأمن الاقتصادي العراقي.
الركود الأكبر منذ مطلع 2022
تزداد التحذيرات من تضخم جديد يضرب أسعار المواد في الأسواق المحلية العراقية جراء الارتفاع المفاجئ والمتذبذب في صرف الدولار مقابل الدينار، وسط ركود اقتصادي بات يسيطر على حركة التجارة في عموم المحافظات العراقية.
وعلى مدار الأيام الماضية، تذبذب سعر صرف الدولار في محال الصيرفة، وتجاوز 153 ألف دينار لكل مئة دولار، الأمر الذي أسفر عن اضطراب الحركة التجارية في الأسواق، فيما يواصل البنك المركزي العراقي بيع العملة الصعبة في مزاده إلى المصارف بشكل انسيابي، مما أثار تساؤلات عن أسباب هذا الارتفاع.
وكان البنك المركزي، أعلن رفع الحصة الأسبوعية من مبيعات الدولار النقدية في مزاد العملة، بهدف السيطرة على أسعار الصرف.
يقول أحد التجار المختصين ببيع الملابس في بغداد، إن “الأسواق بفعل ارتفاع أسعار صرف الدولار تشهد الآن ركودًا غير مسبوق وهو الأكبر في العام الجاري”، مبينًا أن “جميع المواد في الأسواق سجلت ارتفاعًا ملحوظًا بسبب الدولار”.
وفي حديث لـ “ألترا عراق”، يوضح التاجر، أن “الحكومة من تتحمل مسؤولية ما يحدث في الأسواق لكونها لا تسيطر على المضاربين بأسعار الدولار”، مؤكدًا أن “هذا الركود والارتفاع في الأسعار يسبب تضخمًا كبيرًا في عموم أسواق المحافظات وليس في العاصمة بغداد فقط”.
ويشهد العراق ارتفاعًا في أسعار المواد الغذائية على وجه التحديد وأبرزها (القمح، زيت الطعام، بيض المائدة وغيرها)، الأمر الذي عبر عنه العراقيون باستياء وسخط كبير.
فيما يقول أبو محمد، وهو متبضع في أحد أسواق بغداد، لـ “ألترا عراق”، إن “جميع السلع شهدت ارتفاعًا خلال الأيام القليلة الماضية، خصوصًا المواد الغذائية”، مبينًا أن “الارتفاع وصل إلى المنتجات التي تصنع في العراق والتجار دائمًا ما يلقون اللوم على أسعار الدولار”.
ويشير أبو محمد، إلى أن “المواطن هو المتضرر الوحيد جراء ما يحصل من عمليات فساد تحيط بقضية الدولار”، مستطردًا بالقول إن “الحكومة لا تريد إيجاد الحلول لهذه الأزمة والدليل على ذلك هو عدم إغلاق نافذة بيع العملة التي يشوبها الكثير من الفساد”.
ووفقًا لحديث الخبراء، فأن أسباب تأثر العراق بشكل كبير بأسعار الدولار يعود لاستيراد أغلب السلع والمواد الغذائية، وبالتالي فأن السوق يعتمد بصورة أساسية على سعر الدولار وكلما ارتفع سعر الدولار ارتفعت الأسعار في الأسواق لجميع المواد المستوردة.
سعر الذهب اليوم في بغداد ، سعر الذهب الخليجي ، التركي ، الاوروبي ، سعر اليوم محدث