لا حديث يعلو في المغرب على برنامج إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة جراء الزلزال الذي ضرب الحوز في 8 من سبتمبر بالموازاة مع توالي زيارات المسؤولين الحكوميين إلى الحوز، تُواصل ست لجان مختلطة، تضم مهندسين وتقنيين، جولاتها في حوالي 80 قرية بالإقليم لمعاينة المباني عن كثب، بهدف إحصاء المنازل المتضررة من الزلزال، قصد مباشرة الترميم وإعادة البناء.
مشروع إعادة تشييد المنازل المهدمة مقرون بالحفاظ على التراث والبيئة المحلييْن، حسب ما جاء في تعليمات الملك محمد السادس، الذي شدد أيضا على أهمية الاستماع إلى السكان المحليين وضرورة تلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم.
الحفاظ على التراث والبيئة
يرى خبراء في مجال التعمير، أن معظم القرى التي ضربها الزلزال، تتميز بطريقة فريدة في البناء تعود إلى قرون خلت، ما يضفي عليها جمالا خاصا يجلب إليها السياح من كل حدب وصوب. وهذا ما يستدعي مراعاة خصوصية المكان خلال إعادة الإعمار، حتى لا يكون البناء الجديد دخيلا على المنطقة ويُفقدها رونقها.
أمين سامي، خبير الإستراتيجية وقيادة التغيير، نسعى الى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الذكاء الترابي في المغرب أكد أن البرنامج الذي أطلقه العاهل المغربي، هو برنامج شامل يهدف إلى دمج الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية .
وأبرز في حديث مع “صحيفة العراق”، أن إعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال تمثل تحديًا هامًا، ويجب أن ترتكز على خطوات مثل تقييم الأضرار بعناية ومشاركة المجتمع المحلي في عملية الإعمار وضمان الاستدامة والتنسيق بين الجهات المختلفة.
الحفاظ على خصوصية المنطقة
وفق الخبير الاستراتيجي، يمكن تلخيص الخطوات اللازمة لعملية إعادة الإعمار مع الحفاظ على الهوية المحلية على النحو التالي:
- تقييم الأضرار وتحديد الموارد المطلوبة.
- المشاركة المحلية واحترام التراث والثقافة المحلية.
- تصميم المباني الجديدة بالاحترام للعمارة التقليدية.
- استخدام تقنيات البناء المستدامة والمواد المحلية والمتجددة.
- وضع خطط عمرانية شاملة لتنظيم النمو والاستقرار في المنطقة.
- التعاون مع المنظمات الدولية والمانحين.
- تصميم المباني لتحمل المخاطر المستقبلية مثل الزلازل
تعزيز النشاط الاقتصادي المحلي
من جانب آخر، أكد سامي على أهمية تعزيز الصناعات والحرف المحلية لدعم الاقتصاد المحلي وحفظ التراث، “فيما سيساعد إطلاق حملات التوعية حول الحفاظ على التراث في نشر الوعي والمساهمة في الحفاظ على هويتنا الثقافية وتاريخنا”.
بالإضافة إلى ذلك، نبه إلى وجوب الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتعزيز الكفاءة في عمليات الإعمار، بينما سيضمن التنسيق الحكومي سلاسة التنفيذ وتحقيق الأهداف بفعالية. ومع تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، سيتم توفير بيئة آمنة للاستثمارات وتطوير البنية التحتية بشكل مستدام يسهم في تحسين الحياة في المناطق المتضررة.
وأطلق المغرب ورشا ضخما لإعادة إعمار القرى التي دمرها زلزال الحوز، بميزانية توقعية إجمالية تقدر ب120 مليار درهم، (حوالي 11.7 مليار دولار)، على مدى خمس سنوات.
وتغطي الصيغة الأولى من البرنامج الذي قُدم بين يدي الملك، الأقاليم والعمالات الستة، المتأثرة بالزلزال، وهي مراكش والحوز وتارودانت وشيشاوة وأزيلال وورزازات، مستهدفةً ساكنة تبلغ 4,2 مليون نسمة.
الكشف عن تعداد المنازل والقرى المتضررة من الزلزال
قال الوزير المنتدب المكلف بالميزانية في المغرب، فوزي لقجع، الجمعة، إن الزلزال الذي ضرب البلاد ألحق أضرارا بنحو 2930 قرية يسكنها 2.8 مليون نسمة في جبال الأطلس الكبير.
ووقع الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجة في الثامن من سبتمبر الجاري، وأدى إلى مقتل أكثر من 2900 شخص، معظمهم في مناطق جبلية يصعب الوصول إليها، بسبب طبيعتها الجبلية، وطرقها الوعرة.
وقال لقجع أمام البرلمان إن ما لا يقل عن 59674 منزلا تضرر جراء الزلزال، وإن 32 بالمئة من هذه المنازل انهار بالكامل، و68 بالمئة بشكل جزئي.
وأضاف أن الحكومة ستقدم 250 دولارا شهريا على مدى عام لمساعدة الأسر المتضررة من الزلزال، بالإضافة إلى 140 ألف درهم لتعويض الأسر التي انهارت منازلها بالكامل، و80 ألف درهم للأسر التي تضررت منازلها جزئيا.
وأوضح لقجع أن إعادة الإعمار يجب أن تراعي الخصوصيات المعمارية لجبال الأطلس الكبير.
ودمر الزلزال، وهو الأكثر إزهاقا للأرواح في المغرب منذ عام 1960، عددا من التجمعات السكنية الصغيرة المبنية من الطوب الطيني التقليدي والحجارة والخشب، وهي إحدى السمات المميزة لجبال الأطلس.
وأفاد الديوان الملكي الأربعاء بأن المملكة تعتزم إنفاق 120مليار درهم على مدى السنوات الخمس المقبلة في إطار برنامج لإعادة الإعمار عقب الزلزال.
وضرب الزلزال بعضا من أفقر المناطق في المغرب، منها قرى نائية عديدة تفتقر إلى الطرق الملائمة والخدمات
بعد زلزال المغرب.. رسالة طمأنة من الحكومة بشأن السدود
قال وزير التجهيز والماء في المغرب نزار بركة، الأحد، إن السدود القريبة من مركز الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز وسط البلاد قبل نحو أسبوعين لم تتضرر من الكارثة.
وأضاف بركة أن السدود المغربية في المنطقة المتضررة آمنة، على اعتبار أن تشييدها تم وفق المعايير الدولية المعتمدة لبناء السدود.
وجاءت تصريحات وزير التجهيز والماء في المغرب خلال جولة على السدود في إقليم الحوز، حسبما أظهر فيديو نشرته الوزارة على صفحتها الموثقة على “فيسبوك”.
وأكد الوزير أنه “لم يكن هناك أي انعكاس للزلزال على سد لالا تاكركوست”، الذي كان يتحدث بجواره، مشيرا إلى أن “الأمر يعود لكون بناء السد كان صلبا، وشيد وفق المعايير الدولية لمواجهة الزلازل”.
وأضاف بركة أنه “كانت هناك بعض الأمور الثانوية، لكن بناء السد الأساسي لم يتعرض لأي مشكلة وفقما أظهرت التحليلات التي أجريت بعد الكارثة”.
وهذا أقرب سد إلى مركز الزلزال، بحسب الوزير المغربي.