في الوقت الذي تتحامى فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي بظهر الولايات المتحدة الأمريكية؛ خوفاً مما قد يجنيه المقاتلون الفلسطينيون من عملية طوفان الأقصى، يتبادر إلى الأذهان الخسائر الكبيرة التي تلقتها القوات الأمريكية خلال محاولاتها السابقة التدخل في الشرق الأوسط.
تدخلات الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط
في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية العديد من التدخلات في صراعات الشرق الأوسط، والتي تكبدت في معظمها خسائر كبيرة سنتعرف عليها في هذا التقرير:
*تفجيرا بيروت 1983 اللذان استهدفا المارينز الأمريكي
في الثالث والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول 1983، انفجرت شاحنتان مفخختان قرب عدّة مبانٍ في العاصمة اللبنانية بيروت، كانتا تؤويان جنوداً أمريكيين وفرنسيين من القوة المتعددة الجنسيات في لبنان (MNF)، ما أسفر عن مقتل 241 عسكرياً من قوات البحرية الأمريكية (المارينز)، و58 عسكرياً فرنسياً، إضافة إلى 6 مدنيين.
وكانت القوة المتعددة الجنسيات تتواجد في لبنان آنذاك بموجب قرار من الأمم المتحدة من أجل حفظ السلام خلال الحرب الأهلية اللبنانية.
وفي تفاصيل الحادثة، قام شخص انتحاري بتفجير شاحنة مفخخة في المبنى الذي كان بمثابة ثكنة للكتيبة الأولى من مشاة البحرية الثامنة الأمريكية (كتيبة الإنزال – BLT 1/8) من الفرقة البحرية الثانية، ما أسفر عن مقتل 220 من مشاة البحرية (المارينز) و18 بحاراً و3 جنود، بينما أصيب 128 جندياً أمريكياً آخر في الانفجار توفي 13 منهم لاحقاً متأثرين بإصابتهم.
وقدرت المتفجرات المستخدمة في التفجير الأول بما يعادل 9500 كيلوغرام من مادة TNT المتفجرة.
واعتبر هذا الاستهداف حينها هو أكبر استهداف من ناحية عدد القتلى في يوم واحد من قوات المارينز الأمريكية منذ معركة “أيو جيما” خلال الحرب العالمية الثانية مع اليابان.
وبعد دقائق من التفجير الأول، هز تفجير ثانٍ مبنى “دراكار” الذي تعسكر فيه القوات الفرنسية، ما قتل 55 مظلياً من الفرنسيين.
وحينها أعلنت جماعة تسمى “الجهاد الإسلامي” مسؤوليتها عن التفجيرات، وقالت إن الهدف كان إخراج القوة متعددة الجنسيات من لبنان.
في حين لا يزال برنامج “مكافآت من أجل العدالة” التابع لوزارة الخارجية الأمريكية يعرض حتى يومنا هذا مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات حول التفجير.
*تفجير المدمرة يو إس إس كول (USS Cole) في اليمن
في الثاني عشر من أكتوبر/تشرين الأول 2000، تعرضت المدمرة البحرية الأمريكية USS Cole التي كانت ترسو في ميناء عدن في اليمن إلى تفجير انتحاري أدى لمقتل 17 عسكرياً أمريكياً.
وفي تفاصيل الحادثة، كانت المدمرة الأمريكية ترسو في ميناء مدينة عدن اليمنية، من أجل التزود بالوقود، ولكنها تفاجأت بانتحاريين يمنيين يقودان زورقاً صغيراً محملاً بنحو 225 كيلوغراماً من المواد شديدة الانفجار، اصطدما بالمدمرة الأمريكية وتسببا بفجوة كبيرة قدر طولها بنحو 12 متراً في جانب السفينة الحربية ليقتل 17 جندياً ويصاب 39 آخرون.
فيما بعد تم الكشف عن أن منفّذي العملية هما اليمنيان “إبراهيم الثور وعبد الله المساواة” اللذان يعتقد أنهما عضوان في تنظيم القاعدة.
وفي عام 2019، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن طائرات أمريكية استطاعت قتل “جمال البدوي”، الذي يُعتقد أنه أحد مخططي العملية، بينما يقبع المتهم الرئيسي بالتخطيط للهجوم، ويدعى عبد الرحيم الناشري وهو من مواليد السعودية، في معتقل أمريكي في خليج غوانتانامو.
غزو العراق
في 20 مارس/آذار من عام 2003، غزت الولايات المتحدة والقوات المتحالفة معها العراق بقيادة المجرم الارعن جورج بوش الابن من أجل كذبة مفتعلة، متذرعة بحجة أنّ العراق يمتلك أسلحة دمار شامل ويشكل تهديداً للسلام الدولي، لكن معظم الدول رفضت دعم العمل العسكري ضده.
وبحسب BBC البريطانية، فإنّ الغزو الذي استمر 8 سنوات و8 أشهر و28 يوماً كلف الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب اعترافات وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، نحو 4487 جندياً أمريكياً، بينما بلغ عدد الذين أُصيبوا 32000 جندي، فيما تذكر مصادر أخرى أن الأرقام تتجاوز ما أعلنت عنه واشنطن بكثير.
وفقدت بريطانيا 179 من عسكرييها، من رجال ونساء في العراق، قضى منهم 136 خلال مشاركتهم في الأعمال القتالية، بينما قُتل 139 عنصراً من قوات الدول الأخرى المشاركة بالتحالف الدولي، حسب موقع آي كاجولتيز (icasualties).
بينما قدَّرت وحدة البحوث في الكونغرس الأمريكي، أن تكون الولايات المتحدة قد أنفقت 802 مليار دولار أمريكي على تمويل الحرب على العراق.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد قالت، الإثنين 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن الوطني في الولايات المتحدة إنها تحرك حاملة طائرات وسفناً ومقاتلات جوية إلى منطقة شرق المتوسط، من أجل توفير المزيد من المعدات والذخائر لقوات الاحتلال الإسرائيلي.
50 عاما على هزيمة أمريكا في حرب فيتنام… 58 ألف قتيل وأكثر من 300 ألف جريح
مرور 50 عاما على انسحاب آخر جندي أمريكي من فيتنام بعد سنوات من الحرب التي انتهت بهزيمة مذلة للأمريكيين.
ورغم مرور نصف قرن على نهاية حرب فيتنام، إلا أن آثارها لا تزال باقية، كما يقول تقرير نشره موقع “ستريبز” الأمريكي بهذه المناسبة.
يذكر أن حرب فيتنام لم تكن آخر الحروب الخاسرة التي خاضها الجيش الأمريكي، بل تلاها عدة حروب جميعها كانت نتائجها كارثية على العالم وانتهت بهزائم مذلة وأبرزها غزو العراق عام 2003، الذي تسبب في تدمير الدولة وتحويلها إلى تربة خصبة للتنظيمات الإرهابية، وحرب أفغانستان، التي انتهت بانسحاب فوضوي للجيش الأمريكي عام 2021 بعد 20 عاما من إطلاقها.
يحتل الجيش الأمريكي المرتبة الأولى بين أقوى 138 جيش في العالم، ورغم ذلك فإنه تعرض لهزائم قاسية توصف بأنها الأسوأ على الإطلاق، إضافة إلى هزيمته الكبرى في حرب فيتنام.
تقول مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية: “أمريكا قوة عظمى، لكن ذلك لا يعني أنه لا يمكن هزيمتها في الحرب”، مضيفة: “الهزيمة يمكن أن خطوة على طريق الانتصار”.
وتضيف: “الحرب تمثل منافسة طرف يمتلك القدرة على التخطيط والخداع وطرف عنيد يحاول إفشال خطط خصمه، وعندما يمتلك أحد الطرفين ميزة حاسمة يكون له اليد العليا عند المواجهة”.
وفي بعض الأحيان تكون الهزيمة سببا في امتلاك أحد الطرفين لميزة استراتيجية خاصة إذا تسبب خسارة معركة في تحرك يقود إلى النصر في المعركة التالية.
ويعتبر العسكريين أن المعركة تمثل جزء من الحرب، التي لا يتم تحديد المنتصر فيها إلى وفقا لمفهومها الشامل.
وبينما يركز البعض على تكلفة الانتصار في إحدى المعارك يرى بعض العسكريين أن الشيء الأهم هو ما الذي تتعمله من الهزيمة إذا حدثت.
1- معركة لونغ آيلاند
تعد أول معركة كبرى في الحرب الثورية الأمريكية، وتعرض فيها الجيش القاري (الجيش الأمريكي) تحت قيادة الجنرال جورج واشنطن لخسارة كبرى من القوات البريطانية التي كان يقودها الجنرال ويليام هاو.
وتعرف المعركة أيضا بـ”معركة بروكلين”، ووقعت بعد إصدار إعلان الاستقلال في الرابع من يوليو/ تموز 1776.
واستطاعت القوات الأمريكية بقيادة جورج واشنطن الانسحاب إلى مانهاتن بالقوارب, مما أدى إلى إنقاذ الجيش القاري من الوقوع في الأسر.
جورج واشنطن: “كلما جعلت أمد الانتصار أبعد ستكون النهاية المحتومة أن يعلن العدو خسارته للحرب”.
وتقول المجلة: “إن الهزيمة كانت قاسية، لكنها قادة إلى نجاح أكبر على المدى البعيد، لأن رؤية الجنرال جورج واشنطن تقول إن الجيش القاري يمكن أن يخسر معارك لكن استمراره على أية حال سيمنع البريطانيين من إعلان الانتصار”.
2- معركة “لتل بيغ هورن”
وقعت بين الجيش الأمريكي ومقاتلي السكان الأصليين وخلالها حدثت مذبحة للجنود فرقة الخيالة السابعة.
حدثت المعركة في 25 يونيو/ حزيران 1876 وكانت واحدة من أسوأ المعارك التي خاضها على أراضيه، ودارت رحاها قرب نهر لتل بيج هورن شرقي مونتانا.
وتقول المجلة: “كانت تلك المعركة درسا قاسيا تعلم منه الجيش الأمريكي الكثير من الأشياء التي كان له دور مهم في تحقيق انتصارات لاحقة في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وخاصة خلال إنزال نورماندي ضد القوات النازية.
3- معركة القصرين
وقعت في مدينة القصرين التونسية وتواجه فيها القوات الأمريكية والقوات النازية، لكن الجيش الأمريكي وقوات الحلفاء تعرضوا لهزيمة كبيرة.
وتعد المعركة جزء من معارك الحرب العالمية الثانية ووقعت في فبراير/ شباط 1943.
وكان أبرز أسباب الهزيمة في تلك المعرك ضعف القادة وافتقارهم للتنسيق الميداني وتدني مستوى تدريب الجنود، بحسب المجلة، التي أشارت إلى أن ما تعلمه الأمريكيون من تلك الهزيمة قادهم للنجاح في مواجهة النازيين والتغلب عليهم في إنزال نورماندي، الذي وقع بعدها بعامين وقاد للانتصار في الحرب العالمية الثانية.
4- معركة أوسان
كانت أول مواجهة بين القوات الأمريكية وقوات كوريا الشمالية في الحرب الكورية، ووقعت في 5 يوليو/ تموز 1950.
وتعرضت فيها القوات الأمريكية لخسارة كبيرة، بسبب عدم جاهزيتها وقلة التدريب وسوء التسليح وضخامة العدد الذي يواجهونه من جنود كوريا الشمالية.
5- مخلب النسر
من أشهر المعارك الفاشلة التي خاضتها قوات أمريكية، وكان الهدف منها تحرير رهائن في إيران بعد اندلاع الثورة الإيرانية.
وقعت العملية في 25 أبريل/ نيسان 1980 في السفارة الإيرانية في طهران، وأصبحت واحدة من أشهر العمليات العسكرية الفاشلة في تاريخ الجيش الأمريكي.
الهزيمة الكبرى
لم يتطرق التقرير إلى حرب فيتنام، التي تعد من أشهر الحروب التي خسرها الجيش الأمريكي على مدار تاريخه.
ففي عام 1964 دخلت الولايات المتحدة الصراع في فيتنام، استنادا إلى انتصارها مع دول الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، لكنها خرجت من تلك الحرب بهزيمة مذلة وخسائر مادية وبشرية كبيرة تركت صدمة طويلة الأمد في الداخل الأمريكي، وكانت وصمة عار على الجيش الأمريكي.