تمكن علماء من اكتشاف الدائرة الدماغية التي تسبب تحفيز بكاء الرضيع لإفراز حليب الثدي لدى الأمهات، وفق ما جاء في دراسة أُجريت على الفئران، وتقدم رؤى جديدة حول التغيرات المعقدة التي تحدث في الدماغ أثناء الحمل والأمومة.
حسب ما جاء في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء، 20 سبتمبر/أيلول 2023، فقد وجدت الدراسة أن 30 ثانية من البكاء المستمر من قبل صغار الفئران أدت إلى إطلاق الأوكسيتوسين، وهي المادة الكيميائية في الدماغ التي تتحكم في استجابة إطلاق حليب الثدي لدى الأمهات.
حيث قال هابون إيسا، من مركز لانغون هيلث الأكاديمي في نيويورك والمؤلف المشارك للدراسة: “تكشف النتائج التي توصلنا إليها كيف يقوم الرضيع الباكي بتهيئة دماغ أمه لإعداد جسدها للرضاعة. دون هذا التحضير، يمكن أن يكون هناك تأخير لعدة دقائق بين الرضاعة وتدفق حليب الثدي، مما قد يؤدي إلى إحباط الطفل والأم”.
كما أظهرت الدراسة أنه بمجرد تحفيز الهرمونات، استمرت الزيادة لمدة 5 دقائق تقريباً قبل أن تتراجع، مما مكن أمهات الفئران من إرضاع صغارها حتى يشبعوا أو يبدأوا في البكاء مرة أخرى.
ليست ملاحظة أن ثدي الأم يمكن أن يتسرب منه الحليب عندما تسمع بكاء الرضيع جديدة. لكن الدراسة الأخيرة هي الأولى من نوعها التي تحدد الآليات الدماغية الكامنة وراء ما وصفه العلماء بـ”خط أنابيب البكاء إلى الحليب”، تلك الآليات التي يمكن أن تمهّد الطريق لفهمٍ أفضل لتحديات الرضاعة الطبيعية بالنسبة للعديد من النساء.
كما أظهرت نتائج الدراسة ، التي نُشرت في مجلة Nature، أنه عندما يبدأ الفأر الرضيع بالبكاء، تنتقل المعلومات الصوتية إلى منطقة في دماغ أمه تسمى النواة داخل الصفائح الخلفية للمهاد. ويرسل هذا المحور الحسي بعد ذلك إشاراتٍ إلى خلايا الدماغ، التي تطلق بدورها الأوكسيتوسين في منطقة أخرى تسمى منطقة ما تحت المهاد.
في معظم الأحيان تُغلَق هذه الخلايا في منطقة ما تحت المهاد لمنع الإنذارات الكاذبة وإهدار حليب الثدي. ومع ذلك، بعد 30 ثانية من البكاء المستمر، تراكمت إشارات من النواة داخل الصفائح الخلفية، وتغلبت على الآلية المثبِّطة، مما أدى إلى إطلاق الأوكسيتوسين.
إذ قال البروفيسور روبرت فرومكي، من مركز لانغون هيلث الأكاديمي والمؤلف المشارك للدراسة: “يبدو الأمر كما لو أن الدماغ يريد التأكد من أن الرضيع موجود بالفعل، وأن هناك حاجة بالفعل للتغذية، وأن تلك ليست مجرد صرخة عشوائية. هناك دوائر دماغية محددة تعمل على كبح هذه العملية. وبمجرد التأكد من وجود طفل بالفعل، تُحرَّر المكابح”.
كما قال فرومكي إن النتائج تمنح العلماء خريطة طريق لآلية هذه العملية عند البشر. وأضاف: “تختلف أم الفأر عن أم الإنسان، ولكن بصورةٍ عامة نتوقع تماثلاً بينهما”. وتابع قائلاً: “إنه أمر محير أننا يمكننا أن نضع روبوتاً على المريخ، لكننا لا نفهم بعد أساسيات كيفية إرضاع أطفالنا طبيعياً”.
تسرب حليب الثدي
خلال الحمل قد تلاحظ بعض النساء وجود إفرازات حليبية خارجة من الثديين، هذه الإفرازات عبارة عن سائل أصفر اللون يسمى بـ (اللبأ). إنّ وجود هذه الإفرازات في فترة الحمل يعتبر أمراً طبيعياً، وتكثر هذه الإفرازات في الشهور الأخيرة من الحمل، حيث يبدأ الجسم بالتحضير لولادة الطفل، ولكن من الممكن حدوثها في أي فترة من الحمل، وربما لا تحدث من الأساس لدى بعض النساء.
وقد يفرز الحليب أثناء التحفيز الجنسي، أو عند تدليك الثديين، أو يفرز الحليب من ذاته بدون أي تحفيز.
يعد اللبأ المرحلة السابقة لتكون حليب الثدي، حيث يشكل غذاء الوليد في الأيام الأولى لحين تكون الحليب، وكلما اقتربت الولادة فإنّ لونه يتغير من اللون الأبيض إلى سائل شفاف، رقيق عديم اللون.
لا تُرضعي طفلك وأنتِ حزينة .. وإلا!
تشير بعض الدراسات التي نشرتها مجلة “فوشيا” إلى أن الإجهاد العصبي والنفسي للأم المرضِعة، له تأثير على إفراز حمض “اللاكتيك” الذي يعمل على تخمر حليبها وتغيير طعمه.
وتنعكس الحالة النفسية السيئة للأم المرضِع على كمية إفراز الحليب فتقلّ، كما يفرز الجسم كمية كبيرة من هرمون “الإسترس”، الذي يضعف المناعة، وينعكس على سهولة استقبال الطفل للأمراض.
علاوة على أن العصبية والنكد اللذين يصيبان الأم يسببان مغصاً ونفخة للرضيع، وتوتراً في الأمعاء، جراء تغير خواصه الطبيعية.
ولكن.. هل يجب على الأم أن تستمر بإرضاع طفلها وهي حزينة أم تتوقف؟
أكدت الدكتورة رولى قطامي أخصائية الأمومة والطفولة والرضاعة الطبيعية أن التأثير النفسي السيء عند المرأة المرضعة يؤثر سلباً على الرضاعة الطبيعية لطفلها، وعلى كمية حليبها، ونوعيته أيضاً.
وأضافت قطامي أن العديد من الأمهات يشتكينَ جراء استمرارية أطفالهن في البكاء، دون معرفة التفسير الواضح لهم، ولكن بعد توجيه عدة أسئلة لهنّ، يتبين أن الطفل لم يحصل على حاجته الكافية من الأمّ، لعدم كفاية كمية الحليب التي تلقاها منها؛ لأنها لم تكن في مزاج جيد.
وبيّنت قطامي أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتأثر نومه سلباً، وهذا سبب آخر جراء اكتساب الطفل الشعور السلبي الذي تعيشه أمه أثناء إرضاعه ما يسبب له النكد وقلة النوم.
ونصحت قطامي كل أمّ مرضِعة تشعر بالحزن، بأن لا تستسلم للحليب الصناعي، الذي هو سهل المنال، بل ينبغي عليها زيادة مرات الرضاعة الطبيعية لطفلها؛ لأنها ستحسن من حالتها النفسية وتحفز إنتاج هرمون السعادة عندها، ما يُخرجها من مزاجها السيء، وأن الحل ليس في الابتعاد عن الرضاعة الطبيعية له خوفاً عليه.
ولفتت إلى أن هناك طريقة يمكن للأمّ استخدامها لسحب الحليب من صدرها إذا شعرت بقلة كميته من خلال “شفاطة الحليب” سواءً الكهربائية أو اليدوية، على أن تعطي الحليب المسحوب لطفلها بزجاجة بدلاً من الحليب الصناعي.
ذا صلة : ممرضة عراقية تعنف طفلة رضيعة ! لتشعل منصات التواصل ألإجتماعي