تخطى إلى المحتوى

أبرزها المسحرجي و المجيبس : عادات وتقاليد العراقيين في شهر رمضان المبارك

المسحرجي

أيام معدودة ويأتي شهر رمضان المبارك اعاده الله على الامة العربية و الاسلامية بالخير و اليمن و البركات إذ و يحمل شهر الخير قدسية كبيرة في نفوس العراقيين لإحياءها كل عام، حيث تشهد شوارع العاصمة بغداد وبقية المحافظات تزيين الشوارع ‏وتعليق اللافتات الضوئية.

ويتميز المجتمع العراقي خلال شهر رمضان بالعديد من السمات الجميلة حيث تنشط العوائل العراقية في ايام الشهر الفضيل و بتبادل من خلاله  الزيارات الودية بينها، والتي من شأنها زيادة الألفة والمحبة بينهم وتحرص تلك العوائل على أن تكون الزيارات إما على وجبة الإفطار أو وجبة السحور أو ما بين الوقتين.

متى سيأتي رمضان 2024؟
متى سيأتي رمضان 2024؟

وتتمسك العوائل العراقية أيضا وبشكل يومي خلال شهر رمضان بعادة إخراج وجبات إفطار الصائمين والتي يتم إعدادها للفقراء والمساكين والأيتام، وكذلك تقديمها لموائد إفطار الصائمين المنتشرة في عدد من المساجد والجوامع والميادين.

ومن العادات والطقوس الرمضانية المتوارثة في مختلف المناطق العراقية تبادل الأقارب والجيران من قبل سكان الحي الواحد أو البناية الواحدة للوجبات والوصفات الرمضانية، بين بعضهم البعض حيث يرسلون كمية من طعام إفطارهم للبيوت المجاورة في تقليد ينم عن تعزيز روح المشاركة والتعاضد في مثل هذه الأيام الرمضانية، وبما يعزز العلاقات الاجتماعية بين الناس.

المسحرجي
المسحرجي

ويبدأ رمضان بطبل المسحرجي وهو شخصية رمضانية شهيرة بقيت حاضرة في قلوب العراقيين والبغداديين خصوصا خاصة كبار السن ممن وعوا وجود المسحرجي أو “أبو طبل” وهو شخصية فلكلورية مازالت تجوب ليالي رمضان رغم الحداثة والتطور التقني.

كما تنتشر لعبة “المحيبس” التراثية بشكل لافت للنظر في رمضان، وتستهوي العراقيين من لاعبين ومشجعين، وتمارس في الأحياء والمقاهي الشعبية منذ مئات السنين.

 

وفي لقاءات جرت حول عادات وتقاليد العراقيين في رمضان، تقول رشا نوري جاسم وهي موظفة، إنه فيما يخص أشهر الأطعمة العراقية المعروفة والتي تتواجد على المائدة فهي (الشوربة – والدولمة- والحلويات) بأنواعها والعصائر واللبن وعصير التمر الهندي وقمر الدين، والتي تشتهر بها المائدة العراقية في هذا الشهر الكريم.

 

بدوره، قال السيد ماهر الساعدي محلل سياسي عراقي “إن العادات والتقاليد العراقية تتميز بتحضيرات وأجواء دينية وزيارات صلة الرحم، وكذلك الأكلات الشعبية المعروفة للشعب العراقي، وإبداعات المرأة العراقية في التحضيرات للأكلات خلال شهر رمضان”.

ويصف السيد الساعدي الطقوس بعد الإفطار للعراقيين لها أجواء خاصة حسب كل منطقة، مضيفا أن المناطق الشعبية لها تقاليد خاصة في رمضان، وهناك مناطق أخرى تنتشر فيها الألعاب الشعبية بعد الإفطار خاصة لعبة (المحيبس).

محيبس
محيبس

وتقول المهندسة ريزان الجاف، إن شهر رمضان فيه من الفضائل الكثير مثلما تكثر فيه العادات والتقاليد التي توارثناها أبا عن جد، وهي عادات ما تزال راسخة إلى يومنا هذا رغم وجود الكثير من المتغيرات الاجتماعية التي طرأت لاسيما في السنوات الأخيرة.

وأضافت “لعل من أهم التقاليد الرمضانية هي أن تتبادل العائلات العراقية فيما بينها وجبات الإفطار يوميا من خلال ما تطلق عليه ربات البيوت (صينية رمضان) التي قد تصل إلى الجار قبل الكل، إذ تحرص كل عائلة على تقديم أنواع عدة من طعام الفطور في صينية يتم إرسالها إلى الجيران وكذلك يفعل هذا الجار وذاك وهو أمر تتكفل به ربات البيوت.

 شخصية رمضانية تجوب شوارع بغداد منذ عهد الأجداد

يجوب المسحراتي أو المسحرجي، كما يُسمى في اللهجة العراقية، شوارع وأزقة ضاحية الأعظمية في بغداد لإيقاظ الصائمين على وقت السحور.

تلك مهنة تراثية وطقس رمضاني يتكرر قبيل بزوغ الفجر طيلة أيام شهر رمضان، وفي معظم أحياء العاصمة العراقية. فرغم تطور الزمن ووجود الكثير من أدوات التنبيه، تبقى للمسحرجي نكهته الخاصة في إيقاظ الصائمين.

“جزء من عاداتنا وتقاليدنا”

تطوّع حيدر الكناني وفريقه من الشباب لهذا العمل الخيري، الذي يقتصر أداؤه في شهر رمضان المبارك.

يوضح الرجل أن استعدادات الفريق تسبق حلول الشهر الفضيل، لافتًا إلى أن “مهمة إيقاظ الصائمين لتناول وجبة السحور جزء من عاداتنا وتقاليدنا منذ عهد الأجداد”.

ويلفت إلى أن من العراقيين من يسمّي هذه الشخصية بأبي طبيلة وآخرون ينادونه بالمسحرجي.

على الجانب الآخر، يكون رد الجميل بالجميل وفق ما يقول المثل، حيث يسارع الصائمون إلى استقبال المسحرجي بما لذ وطاب من الطعام أو الشراب.

ويتحدث أحد العراقيين عن عادة “تقديم الضيافة” للمسحرجي، شارحًا أن الرجل الذي ترك منزله لإيقاظ الصائمين قد لا يتبقى له من الوقت ما يكفي لتناول طعامه في منزله.

ويشير إلى قيام البغداديين بدعوته لمشاركتهم وجبة السحور، بعدما أدركه التعب وقد جاب المنطقة لساعتين.

إلى ذلك، يُعد انتظار الأطفال للمسحرجي “متعة ما بعدها متعة”، فهم يترقبون سماع أصوات الطبول قادمة من بعيد حتى تصل إليهم.

المسحرجي عبر التأريخ 

وقد كان بلال بن رباح أول مؤذّن في الإسلام وابن أم مكتوم يقومان بمهمّة إيقاظ النّاس للسّحور. الأول يؤذّن فيتناول النّاس السّحور، والثّاني يمتنع بعد ذلك فيمتنع النّاس عن تناول الطّعام. وأول من نادى بالتسحير عنبسة بن إسحاق ســنة 228 هـ وكان يذهب ماشياً من مدينة العسكر في الفسطاط إلى جامع عمرو بن العاص وينادي النّاس بالسحور، وأول من أيقظ النّاس على الطّبلة هم أهل مصر. أما أهل بعض البلاد العربيّة كاليمن والمغرب فقد كانوا يدقّون الأبواب بالنبابيت، وأهل الشّام كانوا يطوفون على البيوت ويعزفون على العيدان والطّنابير وينشدون أناشيد خاصّة برمضان.

كان «المسحراتية» في مصر يطوفون في شوارع المدينة أو القرية يرددون الأناشيد الدينية وينادون الناس ليستيقظوا طالبين منهم أن يوحدوا الله، ويضربون على طار ضربات متوالية حتى يسمعهم النائمون فيهبوا من نومهم لتناول السحور.

عبارات المسحّرين

المسحّراتي صورة لا يكتمل شهر رمضان بدونها، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بتقاليدنا الشّعبية الرّمضانيّة، فقبل الإمساك بساعتين يبدأ المسحّراتي جولته الّليلية في الأحياء الشّعبية موقظاً أهاليها للقيام على ضرب طبلته وصوته الجميل يصدع بأجمل الكلمات مما يضفي سحرا خاصّا على المكان، ومن العبارات المشهورة للمسحّرين قولهم:

يا نايم وحّد الدّايم يـا غافي وحّـد الله
يا نايم وحّد مولاك للي خلقك ما بنساك
قوموا إلى سحوركم جاء رمضان يزوركم
ويقوم بتلحين هذه العبارات بواسطة ضربات فنّية يوجّهها إلى طبلته. وقديماً كان المسحّراتي لا يأخذ أجره، وكان ينتظر حتى أول أيام العيد فيمر بالمنازل منزلاً منزلاً ومعه طبلته المعهودة، فيوالي الضّرب على طبلته نهار العيد لعهده بالأمس في ليالي رمضان، فيهب له النّاس بالمال والهدايا والحلويّات ويبادلونه عبارات التّهنئة بالعيد السّعيد.

 في المغرب

كان النفار في المغرب شخصية يستعمل مزماره الطويل في إيقاظ الناس لتناول السحور، كما أنه كان يحفظ أناشيد دينية.

في فلسطين

من عبارات المسحراتي بالطبل:

يا عباد الله وحدّوا الإله
واذكروا الإله يا عباد الله، وحدّوا الله
سحورك يا صايم، قوم وحد الدايم

حاضرٌ بقوة رغم الحظر وتطوُّر أساليب الحياة

حاضرٌ بقوة رغم الحظر وتطوُّر أساليب الحياة
حاضرٌ بقوة رغم الحظر وتطوُّر أساليب الحياة

قبل اقتراب موعد السحور، يجوب الشاب علي الصالحي شوارع إحدى مناطق العاصمة العراقية بغداد لإيقاظ الناس استعدادا لصيام يوم جديد يبدأ بتناول وجبة السحور وأداء صلاة الفجر،

فيما يلاحقه عدد من الأطفال المنطقة فرحين بقدومه وهو حاملٌ الطبلة الشهيرة ومناديا “سحور سحور.. يرحمكم الله”. و”المسحرجي” أبرز الشخصيات الرمضانية المعروفة في العراق، ورغم وجود “حظر التجوّل” الجزئي والشامل الذي تطبّقه السّلطات العراقية بعد انتشار فيروس كورونا وتطوُّر أساليب الحياة ودخول أنواع مختلفة من المنبهات كالساعات الحديثة والهواتف النقالة إضافة إلى بقاء غالبية العوائل يقظة إلى ساعات الصباح الأولى، إلا أنّ ذلك التقليد حافظ على وجوده وبقوة في شهر الفضيل.

يقول الصالحي : أخرج من البيت قبل ساعة ونصف الساعة من موعد السحور وأقوم بجولة على غالبية شوارع المنطقة التي أسكن فيها، “أشعر بسعادة وأنا أساهم في المحافظة على هذا التقليد الرمضاني المتوارث عبر الأجيال”، وهو حاضر بقوة رغم وجود الحظر الذي طبّقته السّلطات العراقية منذ فبراير الماضي بسبب انتشار جائحة كورونا وتطوُّر أساليب الحياة ودخول التكنولوجيا. وقال موسى أحمد من سكان بغداد، إن العوائل البغدادية تنتظر مرور “المسحرجي” من أمام منازلهم قبل السحور لإيقاظهم على موعد السحور وأداء صلاة الفجر. واعتبر أحمد شخصية “المسحرجي” من أبرز التقاليد الرمضانية التي ورثتها الأجيال عبر عقود من الزمن وله مكانة خاصة لدى العوائل رغم تطوُّر أساليب الحياة ووجود أشياء تُغني عنه. لكن الأكاديمية العراقية نهلة نجاح أشارت  إلى أنّ “المسحراتي” من الطقوس التي تتعلّق بشهر رمضان المبارك والتي تذكّرنا بأيام الطفولة

لكن شيئا فشيئا مع التطوُّر التكنولوجي انتفت الحاجة له ولم نعُد نهتم لوجوده كما كنا صغارا؛ لأن المجتمع اليوم يختلف عن مجتمع الأمس، تلك الطقوس والروحانيات التي بدأت تندثر شيئا فشيئا على الرغم من وجوده في المناطق الشعبية في العراق. وتضيف: توجد اليوم تطبيقات في الهواتف المحمولة وتوجد وسائل إعلام أخرى يُمكن من خلالها معرفة تواقيت الإمساك والأذان في كل الأوقات فلم تعد الحياة بسيطة كما كانت عليه في السابق إذ كان الناس يعتمدون اعتمادا شبه كامل على “المسحراتي” في إيقاظهم عن طريق قرع الطبول ولم تكن هناك أجهزة تكييف أو هواتف أو وسائل غير المذياع والتلفزيون بالتالي طريقته كانت مُحببة لدى الأفراد.

متى يبدأ شهر رمضان 2024 بالحسابات الفلكية ؟

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد