ولكن تحمّل الجوع والعطش طوال اليوم ليس بالأمر السّهل في البداية، ويحتاج إلى اتباع نصائح غذائية وصحية ونفسية مهمة حتى نضمن التدرج السّليم في تجربة الصيّام لدى أطفالنا. لذا قد يرغب العديد من الأطفال خلال شهر رمضان في خوض تجربة الصّيام، والاقتداء بوالديهم في تعظيم الشعائر الدينية، والالتزام بهذه العبادة الجليلة، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على حالتهم النفسية.
متى يبدأ الأطفال صيام رمضان ؟
أكد الدكتور فرحات فضلون في حديث خاص عن عدم وجود عمر محدّد يمكن أن يكون مناسبا لكل الأطفال لبدء الصيام، ومن الناحية الطبية يفضل أن يكون للأطفال الأصحاء مع بداية البلوغ على الأقل أي بعد سن العاشرة تقريبا.
وأضاف بأن بعض الأطفال يحبون خوض تجربة الصيام بداية من سن السابعة، لذلك ليس مهماً عدد الساعات أو الأيام التي يصومها الطفل، وإنما المهم هو التعود على أجواء شهر رمضان.
نصائح لتشجيع الاطفال على الصيام
التأكد من أن الطفل لا يعاني من أمراض عضوية مثل السكّري أو الأنيميا أو أرتفاع الضغط.
أن يكون الصيام بشكل متدرج، مثلا بزيادة ساعة أو اثنتين كل يوم، لكي تكون هناك فرصة للجسم لاعتياد الحرمان من الطعام بشكل متدرج وليس مفاجئاً.
على الأهل مراقبة أطفالهم خلال الصيام وأن شعر الطفل بالتعب أو لم يستطع تحمل الصوم يجب قطع الصوم والإفطار فوراً.
النظام الغذائي الصحّي للأطفال خلال الصّيام؟
أوضح الدكتور فضلون أن النظام الغذائي للاطفال مهم جدا في عملية نموهم، لذلك يجب ان يهتم الأولياء بالوجبات المقدمة خلال عملية الصوم وذلك بـ:
- تقديم التمر أو كأسا من العصير في بداية الإفطار لأنهما غنيان بالمعادن والفيتامينات والألياف والفركتوز، أي الطاقة السريعة لتعويض النقص الحاصل خلال الصيام.
- تقديم شوربة لتعويض السوائل المفقودة والأفضل أن تكون من الخضار.
- ينبغي توفير الخضار على مائدة الإفطار، سواء مطبوخة أو طازجة كالسلطة، لأنها غنية بالماء والفيتامينات.
- يجب أن يحتوي الطبق الرئيسي على البروتينات ( الموجودة في اللحوم بأنواعها المختلفة، السمك، والبيض)، وكذلك على النشويات كالأرز، البطاطس أو العجائن).
- التقليل من تناول الحلويات الغنية بالدهون والسكريات.
- الحرص على تناول الفواكه والخضر والمنتجات الحليبية لأنها غنية بالكالسيوم الضروري لنمو العظام.
- ينصح بتأخير وجبة السّحور قدر الإمكان لكي تكون قريبة من موعد بدء الصوم وحتى تمنح الطفل الطاقة اللازمة.
نصائح نفسية وبدنية مهمّة للأطفال
أوضح الدكتور فرحات فضلون أن تجربة صيام الأطفال يجب أن ترافقها أجواء نفسية إيجابية تحفز على خوض التجربة في ظروف مميزة ، وأيضا نصائح تتعلق بنشاط الطفل وكيف قضاء يومه ومنها:
حرص الأهل على أن يكون لرمضان جواً مميزاً في إدخال البهجة على قلوب الأطفال.
اشراك الأطفال في اختيار وجبة الافطار والأطباق التي يفضلونها.
تجنب الألعاب والأنشطة الرياضية المجهدة مثل كرة القدم وتأجيل المسابقات التنافسية.
يفضل أن ينام الطفل بعد العودة من الدرسة وأن يأخذ فترة قيلولة بسيطة لتجنب الإرهاق.
موقف الافتاء الاردنية من صيام الاطفال لشهر رمضان .
أجابت دائرة الإفتاء العام الأردنية في الفتوى رقم (2664) على سؤال مفادُه “متى يجب أن يصوم الطفل، وكيف نتعامل مع الطفل الصائم دينياً ومعنوياً ونفسياً؟”.
نص الفتوى بالكامل:
“السؤال:
متى يجب أن يصوم الطفل، وكيف نتعامل مع الطفل الصائم دينياً ومعنوياً ونفسياً؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
تكاليف الشريعة الإسلامية لا تَرِد إلا على البالغ العاقل؛ وذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَن النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَن الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَن الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ) رواه أبو داود. لذلك فإن صيام الطفل في نهار رمضان ليس على وجه التكليف والوجوب، وإنما على وجه التحبيب والترغيب، ويبدأ استحباباً من سن السابعة، كي يتدرب على التزام الشريعة بالتدريج، حتى إذا ما كبر وبلغ وجد في نفسه الطواعية الكاملة للتقرب إلى الله سبحانه، وابتغاء الأجر والمثوبة.
ومن هنا يعرف الوالدان حقيقة مسؤوليتهم تجاه أبنائهم، بتحبيب الصيام إلى نفوسهم، واستعمال وسائل الترغيب التي تعينهم عليه -كالجوائز المادية والدعم النفسي- وتعظيم المشاعر الرمضانية التي يحبها الصغار والكبار، ليكون الشهر الفضيل أحب إليهم مما سواه من الأشهر، وليعلم الأبناء أن الله عز وجل يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر، وإنما يناله سبحانه التقوى من عباده، وأن الصيام ليس هو الامتناع عن الطعام والشراب فقط، بل أخلاق حسنة، ومعاملة كريمة، وتحمل للمسؤولية، وعناية تامة بالتربية والتعليم، وبهذا يتحقق المقصد الشرعي في صيام الأطفال.
روى الشيخان البخاري ومسلم عن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها -في حديثها عن صيام عاشوراء وقد كان واجباً في صدر الإسلام- قالت: (فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ -أي الصوف-، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ).
فينبغي على الوالدين التوسط في صوم صبيانهم، فلا يكلفونهم ما لا يطيقون حتى يشق عليهم الصوم مشقة بالغة، فيصوم الصبي خوفاً من تعنيف الوالد أو السخرية منه إن أفطر، فتخور قواه حتى يلحقه العنت من ذلك.
وفي الوقت نفسه لا ينبغي إهمال الأمر وفسح أنواع الطعام والشراب لهم في نهار رمضان، بل يراعي الوالدان مقصد الصيام الذي ذكرناه آنفا، ويلاحظان أيضاً بُنْيَة طفلهما وعمره وقدرته على تحمل الصوم، وبناءً عليه يأمرانه إما بإتمام الصوم أو بالفطر درءاً للضرر.
والمهم ألا يؤدي الصوم بالطفل إلى الشدة، وألا ينفر عن تلك العبادة فيكره تكاليفها، ويكون الفهم الخاطئ لحديث (مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ) سبباً للعسر والعنت، فقياس الصوم على الصلاة في هذا الحديث مقيد بإطاقة الطفل وتحمل بنيته.
وأخيراً فإن علامات البلوغ هي: بلوغ سن الخامسة عشرة، أو الاحتلام، أو إنبات شعر العانة، أو الحيض للنساء. والله أعلم”.