3 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الجمعة

1 15 عاما على غزو العراق.. لا يجوز ان يغلق ملف الجرائم الامريكية البريطانية ضد العراق والشعب العراقي ابدا
نواف الزرو
راي اليوم بريطانيا

ما كانت كشفت عنه صحيفة “الجارديان” البريطانية الاربعاء -2013-3-7-، من قيام وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد بإرسال خبير أمريكي-الكولونيل جيمز ستيل-كان له دور في “الحروب القذرة” التي شنتها الولايات المتحدة في أمريكا الوسطى، للاشراف على وحدات قيادية خاصة في العراق وتنفيذ عمليات اعتقال سرية، وإقامة مراكز تعذيب لانتزاع معلومات من المتمردين، وأن مراكز التعذيب استخدمت أساليب تعد الأسوأ منذ شن الحرب الأمريكية على العراق، والذي كان له دور في دفع البلاد إلى الانزلاق في حرب أهلية واسعة النطاق”،
انماأضاف في حينه اعترافا جديدا ووثيقة جديدة لكم هائل من الاعترافات والوثائق التي تتحدث عن الفظائع والجرائم الامريكية البريطانية البشعة التي اقترفت ضد العرالق والشعب العراقي.
فجرائم الاحتلال الامريكي هناك كما وثقناها وكتبنا عنها وذكرنا ونذكر بها، واسعة شاملة اقترفت على مدار الساعة بلا توقف ضد كل شيء عراقي.. وعلى نحو حصري اجرامي سافر ضد نساء واطفال وشيوخ العراق، وضد المجتمع المدني العراقي برمته، وأعمال قوات الاحتلال هناك كانت واضحة ملموسة مبثوثة في معظمها بثا حيا ومباشرا الى حد كبير، طافحة بالمجازر الدموية الجماعية والفردية بحيث ان القتل بات هناك بالجملة، وبصورة يومية وفي كل انحاء العراق، وممارسات قوات الاحتلال هناك على ارض بلاد الرافدين، لم تترك مجالا من مجالات الحياة العراقية الا والحقت به الأذى والخراب والدمار، ولم تترك بيتا الا والحقت به الضرر، ولم تترك أسرة عراقية الا ونكلت بافرادها قتلا واعتقالا وتعذيبا، ولم تترك ايضا لا الشجر ولا الحجر، اذ قامت آلة الحرب الامريكية بالتدمير الشامل ضد المدن والقرى والمؤسسات والبنى التحتية المدنية من مصانع ومنشآت وغيرها، في الوقت الذي قامت فيه بالتجريف والتدمير الشامل لبيارات ومزروعات العراق، واعمال قوات الاحتلال هناك فرضت العقوبات الجماعية على الشعب العراقي، وحولت مدنهم وقراهم الى معسكرات اعتقال وارهاب جماعية، تماما كما تفعل قوات الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة.
وفي العراق ايضا تكرست وتبلورت جرائم الحرب الامريكية اليومية لتغدوعقلية ونمطية يومية هيمنت على جنرالات وجنود الاحتلال هناك، بالضبط كما هي مهيمنة على جنرالات وجنود الاحتلال الصهيوني.
الجميع في العراق كانوا على علم بالأمر حسب التحقيقيقات والشهادات، بدءا من القيادات العليا مرورا بالاستخبارات العسكرية ووكالة التحقيقات المركزية، وصولا الى مقترفي اعمال التعذيب..
غير ان الجميع في العراق ايضا بدءا من القيادات العليا وكبار الجنرالات وصولا الى جنود المارينز قاموا بأعمال وممارسات تعتبر انتهاكا سافرا لاتفاقيات جنيف ولكل المواثيق والمرجعيات الدولية لاي احتلال اجنبي.. والجميع بالتالي اقترفوا هناك جرائم حرب بشعة ضد الشعب العراقي.
الجميع علم (والتزم الصمت)، بان قصة وحقيقة فظائع المحرقة في الفلوجة ليست في الحقيقة سوى غيض قليل من فيض هائل ومرعب من المقارفات وجرائم الحرب الامريكية/ البريطانية ضد الشعب العراقي.. فالجريمة تحولت هناك الى عقلية ونمطية.. والى تطبيقات ارهابية دموية تدميرية مروعة ضد كل مكونات الوطن العراقي…؟!
ونستحضر في هذا الصدد ملف ال400 ألف وثيقة ويكيليكسية سرية تتعلق بالحرب في العراق، تغطي الفترة بين الأعوام 2004 و2009، تتهم واشنطن وحلفائها صراحة باقتراف جرائم حرب لا حصر لها ضد الشعب العراقي،
وقد نزلت الوثائق كالصاعقة على رؤوس كل الاطراف والقوى المجرمة التي لم تتوقف على مدار سنوات الاحتلال عن اقتراف الجرائم، لتشرح للعالم كله معنى حصاد الفجر الجديد بالارقام والمعطيات والشهادات الدامغة التي من شأنها كلها مجتمعة ان تقدم جنرالات الاجرام الى محكمة الجنايات الدولية لو ان العالم جد جده وتحمل مسؤولياته الاممية الاخلاقية…!.
تقول بعض التعليقات ان الوثائق كشفت عن”فضيحة العصر وعار الولايات المتحدة الأميركية”، واعتبرت “اكبر تسريب في التاريخ لوثائق سرية عن حرب ما زالت رحاها تدور… وتواطؤ شامل ما بين الداخل والخارج”، ونائب رئيس الوزراء البريطاني نك كليج ، يصفها ب”أنها خطيرة جدا ، موضحا في حديث لهيئة الاذاعة البريطانية: “اعتقد ان مضمونها خطير جدا”.
فما فعلته وثائق ويكيليكس كما يقال انها “كشفت المستور” من المحارق والمجازر الهولوكوستية التي اقترفتها القوات الامريكية البريطانية الغازية وحلفاؤها بحق العراق شعبا وحضارة وتاريخا وعروبة وحاضرا ومستقبلا..!.
ولكن، ما فعلته الوثائق ايضا على اهميته وابعاده القانونية والاخلاقية اقل بكثير من الحقيقة الصارخة التي تخيم على المشهد العراقي برمته في كافة مدنه وبلداته وقراه ..وعلى كل بيت وكل عائلة عراقية، فالمخفي والمسكوت عنه هناك على امتداد المساحة العراقية اعظم واخطر….!
فنحن امام نحو خمسة عشر عاما من الغزو والمحارق والدمار والخراب والتهجير والتفكيك والشطب والالغاء توجوها بما أطلقوا عليه”الفجر الجديد” في العراق…، وما يجري في هذه الاوقات في العراق انما هو استمرار بشكل من الاشكال للاحتلال الامريكي، لا بل هو صناعة امريكية كاملة الدسم….!
لا يجوز ان تطوى صفحة الغزو الامريكي-البريطاني للعراق ابدا، ولا يجوز ان يغلق ملف الجرائم الامريكية البريطانية ضد العراق والشعب العراقي ابدا، ولا يجوز ان ينسى العراقيون والعرب معهم هذا الغزو وهذه الجرائم الهولوكوستية المروعة ابدا….!
2 أخدعك بأشياء مجهولة وليد الزبيدي الوطن العمانية

هل ينبغي أن نفهم الحرب الأميركية على العراق، من خلال سرد تفصيلي لوقائعها، التي حصلت في الجبهة العراقية، والاكتفاء بذلك، أم أن ثمة حاجة ملحة، لتناول الأحداث من خلال تطورها، وربط ذلك بالعوامل المؤثرة في تطور الأحداث وتصاعد الموقف، ودراسة دقائق الأمور، من خلال تصور شامل، لما تتصرف به القيادة العراقية، وما تقوله الإدارة الأميركية، وإجراء مقاربات نظرية، لكل ذلك، من خلال ما يجري على أرض الواقع، وقد وجدنا ضرورة لرصد ذلك من خلال النظرة المتفحصة للسياسة الأميركية، التي اتجهت إلى طريقها الجديد، الذي أشرنا إليه في البداية، والذي فرضته المصالح الأميركية العليا، والخط السياسي المتناغم مع الضرورات الملحة، لهيمنة القطب الواحد في السياسة الدولية، بعد أن وجدت الولايات المتحدة، أنها في وضع قلق، نجم عن اختفاء العدو القوي، الذي يعد ضروريا في المنهج الأميركي، الذي يرتكز إلى التحفز الدائم، وتحقيق الطفرات في مختلف المجالات، من خلال اعتماد شعار الخوف، الذي يبقى في درجته القصوى، أي الضوء الأحمر. يضاف إلى ذلك الاستراتيجية الأميركية الكبرى، التي تبحث عن عدو، وتختاره بدقة متناهية، مستندة إلى قناعات ومعطيات تؤكد قدرتها على هزيمته، والانتقال إلى مرحلة أخرى.
ومن المفيد جدا، أن يتذكر المرء باستمرار أن احتلال العراق، ليس الهدف منه العراق لوحده، وأن هذا البلد، هو المفتاح، الذي يفضي إلى تحقيق الأهداف الأميركية الكبرى، التي تناقشها الدوائر العليا في البيت الأبيض والبنتاجون، وشغلت حيزا واسعا من طروحات ومناقشات المفكرين الأميركيين، وإذا تطرقنا إلى الحرب الأميركية على العراق، من زاوية واحدة، فإننا لن نفهم مجريات الأمور، وبالتالي سنخضع إلى الاجتزاء في التفكير، الذي يفضي إلى قصور في الرؤية، ويخلص إلى ضبابية متموجه، لن تستقر.
أما إذا أردنا أن نضع تصورا نظريا، يمكن الاستناد إليه، فيمكننا الاسترشاد بمقطع مؤثر للكاتب الشهير لويس بورخيس، من قصيدته (فجر عديم الجدوى) يقول فيه (أنا أحاول أن أخدعك بأشياء مجهولة، بالخطر والإحباط). وإن جاء هذا الوصف بلغة شعرية، لكنه يعبر عن جوهر العقلية الأميركية، التي اشتغلت لسنوات طويلة، على تأسيس استراتيجية ما بعد الحرب الباردة، والتي أرادوها أن تكون انطلاقتها مع الألفية الثالثة، التي انشغلت بقدومها وسائل الإعلام في العالم، بتأثير مباشر من الانشغال المفرط لوسائل الإعلام الأميركية بها، لدرجة أن الكثيرين، اضطروا للتساؤل عن هذا الاهتمام الواسع بقدوم الألفية الثالثة، التي تمثل امتدادا زمانيا طبيعيا للأمس، الذي ارتبط بالألفية الثانية، ولكن الذي يدقق في تلك الضجة، التي صاحبت المرحلة الانتقالية بين الألفية الثانية والثالثة، يستطيع أن يتبين، أن الأميركيين، أرادوها أن تكون الألفية الأميركية، بعد أن انهوا القرن الأخير بانتصارات رمزية كبيرة، تمثلت بانهيار الاتحاد السوفيتي، وبوضع الخطط الكفيلة بعسكرة الفضاء، وفرض هيمنة شبه مطلقة على وسائل الاتصال، من خلال شبكة المعلومات الدولية (الانترنت)، وفوق كل ذلك، ما يرشح من آراء وأفكار وسلوكيات دولية، تؤكد وقوعها تحت الهيمنة الأميركية، وعدم وجود مؤشرات، تدلل على رفض لتلك الهيمنة، وبهذا فقد اكتملت الصورة، في داخل العقلية الأميركية، التي دفعتها لرسم لوحة الألفية الثالثة، وهي مجللة بالعلم الأميركي، ومحاطة بقوات المارينز، الذين سيسيطرون على المعمورة.
والسؤال إلى أي مدى كانت تلك القناعات دقيقة وماذا حصل بعد الاحتلال من تداعيات؟

3 15 عاما دموية منذ غزو العراق..!
علاء الدين ابو زينة الغد الاردنية

خمسة عشر عاماً مرت هذا الأسبوع على بدء غزو التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة للعراق الشقيق. ولا بُد أن يكون الجميع قد تخلصوا من أي أوهام خالطت البعض بأن حرية العراقيين ستأتي على ظهر دبابة أميركية. وكما تبيّن –وبما لم يخالِف توقعات كل صاحب بصر- لم يعرف العراقيون والمنطقة وقتاً أسوأ من هذه السنوات وجورها على الأرواح والحريّات.
كان الوليد القبيح الأبرز للغزو الأميركي هو تنظيم القاعدة في العراق، وخلفه “داعش” وما جرَاه على المنطقة والعالم من ويلات الإرهاب. وربما لم يخطر ببال أهالي ضحايا الإرهاب السابقين واللاحقين، من لندن إلى باريس وإسطنبول وأي مدينة في العالم، أن مصارع أحبّائهم بهذه الطريقة المؤلمة تقررت يوم حطّ أول جندي أميركي قدمه على تراب العراق.
لم تعرِف بلادنا ومجتمعاتنا قبل غزو العراق هذا الظهور الصفيق والدموي للطائفية والعرقية وصراع الأديان والعنف. ولم يكن أحدٌ يتصوّر قبل سقوط العراق ما ذهبت إليه الوجهات من عبث، سواء بالصراع الداخل-إسلامي، السني الشيعي، أو الارتماء العربي الرسمي العلني في أحضان العدو الطبيعي والأساسي للأمة العربية، الكيان الصهيوني.
في العراق، تقدر بعض الجهات ضحايا الغزو المباشرين وغير المباشرين بنحو مليون إنسان. وبالإضافة إلى القتلى، شرد الغزو نحو 5 ملايين عراقي بين نازح داخلي ولاجئ في المنافي. كما تعرضت الكرامة الفردية والجمعية العراقية لأسوأ أنواع الإهانة والإذلال على يد الجلاوزة الساديين في السجون التي أقامها الأميركيون للعراقيين في بلدهم، واستباحوا منهم كل عزيز وأثير. ولن ينسى العرب والعالم المشاهد الوحشية لتعذيب المعتقلين في أبو غريب، تحت يافطة الديمقراطية وحقوق الإنسان. وبالإضافة إلى ذلك، تم بطريقة غاية في الوحشية تدمير مدن العراق ونسيجه الاجتماعي وبناه التحتية المادية والمعنوية بطريقة يصعب إصلاحها، وما يزال البلد عرضة للتقسيم بعد المعركة الدموية للتخلص من احتلال “داعش” سليل الاحتلال. وسوف تعاني أجيال من العراقيين من العواقب لأجيال قادمة.
وفي المنطقة، شكل غزو العراق سابقة للتدخلات العسكرية الغربية في المنطقة، التي توالت بعد ذلك على تدمير مقدّرات بلداننا وإرجاعها عقوداً إلى الوراء. وعادت خبرة استعمارات القرن التاسع عشر وبداية العشرين بزخم جديد ليشاهد أبناء الأجيال الجديدة الجنود الغرباء وهم يستبيحون الشوارع والمدن العربية. وإذا ما أراد أحدٌ تعقُّب أصول معظم الانتكاسات التي تشهدها البشرية اليوم على مستوى الكوكب -من صعود الشعبوية، إلى نزعات كراهية الإسلام، والأجانب، والمهاجرين، وتعدد الثقافات، إلى عودة دول الرقابة والبوليس، وأزماتنا الجمعية الشخصية- فإنه لن يجد صعوبة في تعقبها إلى احتلال العراق.
بالنسبة لنا نحن العرب، شكّل غزو العراق المنعطف الأكثر مأسوية منذ الهزائم أمام الكيان الصهيوني في 1948 و1967. بل إن العرب حاولوا التعافي بعد تلك الهزائم الأولى واستنبطوا أشكالاً من المقاومة والتفاؤل والحلم. لكن الروح العربية انكسرت بحدة بعد غزو العراق ولم تتعافَ بعد ذلك حتى اليوم. وبدلاً من اشتباك الجسم العربي مع نقيضه الفعلي والتحامل على نفسه للحفاظ على فرصته في الاشتباك، كشف الهمود بعد العراق عن كلِّ علة كامنة في هذا الجسد الذي أخذ يأكل نفسه.
من أعراض الحمى والهلوسة العربية التي أحدثها مرض مأساة العراق، نزعة القبول غير المنطقية بتدخل القوى الخارجية عسكرياً في المنطقة، بل الدعوة إليها وتبريرها في كثير من الأحيان. ويبدو أن الكثيرين لم يتعلموا أن إسقاط النظام على علاته في العراق بطريقة هذه القوى الغادرة لم يجلب خيراً للعراق والعراقيين، وما يزال البعض يدافعون عن تكرار الكارثة في أقطار عربية أخرى. وليس من المفهوم ما الذي يحتاجه هؤلاء ليتعلموا الدرس الذي كرره التاريخ دائما بقسوة.
ليس من الواضح بعد متى وكيف تشرع آثار غزو العراق في التراجع. لكنَّ من المهم الشروع في إدراك أن “الاستقرار” و”الأمن” و”الحرية” و”الديمقراطية” التي تتصورها أميركا لإقليمنا إنما هي مرادفات الفوضى والخوف والقيود والاستبداد. وهو ما يحيل إلى حقيقة أن أي حل آمل للمنطقة لا يمكن أن يأتي إلا من داخل المنطقة والإقليم، وبأيدي مواطنيه وبلا “نجدة” من أحد.