السيد الرئيس،
ينعقد اجتماع مجلس الأمن هذا بعد أيام قليلة من مؤتمر إعادة إعمار العراق، الذي تكرم بالمشاركة في استضافته صاحب السمو أمير دولة الكويت، مظهراً مرة أخرى التزامه والتزام بلاده بالقضية الإنسانية وقضايا السلام والتنمية في المنطقة والعالم.
وقد حضر المؤتمر أكثر من 70 من الدول الأعضاء والمنظمات الدولية و2000 شركة من شركات القطاع الخاص، وحرك دعماً بحوالي 30 مليار دولار من أجل إعادة الإعمار.
وتعد الاستجابة الإقليمية والدولية الهائلة دليلاً استثنائياً على التضامن المستمر والثقة في حكومة العراق وشعبه.
وقد صرح الأمين العام في كلمته الختامية بأنه “في عالم تندرُ فيه الأخبار الجيدة للأسف، وفي منطقةٍ نرى فيها للأسف حالاتٍ كثيرةً تزداد سوءاً، فإن حقيقة أن العراق يسير على الطريق الصحيح وأن المجتمع الدولي قد أبدى ثقته في العراق تعدّ من أهم الأخبار الجيدة.”
السيد الرئيس،
مع استمرار قوات الأمن في تطهير العراق من بقايا داعش، يركز العراق بصورة متزايدة على الانتخابات البرلمانية القادمة في 12 أيار/مايو 2018.
وقد قررت عدة قوى سياسية عراقية تكوين تحالفات عابرة للطوائف والأعراق من مختلف الأطياف السياسية. ومن الضروري بالفعل أن تؤكد الانتخابات رؤية العراقيين الذين يعملون معاً عابرين للفوارق الطائفية والعرقية سعياً لتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطلوبة بناء على مبادئ المواطنة والمساواة في الحقوق والعدالة وتكافؤ الفرص للجميع والحوكمة الرشيدة، بعيداً عن الفساد ونظام المحاصصة المنقوص. ويمكن فقط لحكومة جديدة تقوم على مثل هذا النهج أن تضمن مستقبل العراق كدولة اتحادية موحدة وديمقراطية وذات سيادة كاملة ومستقلة، كعنصر من عناصر الاستقرار والتعاون والازدهار لشعب العراق وللمنطقة.
السيد الرئيس،
إن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات استمرت بثبات في استعداداتها للانتخابات البرلمانية. حيث قامت المفوضية بتسجيل 205 حزباً سياسياً وتمت الموافقة على منافسة 27 تحالف سياسي في الانتخابات.
ومع ذلك لا تزال هناك عدة تحديات.
إن العودة الطوعية الكريمة للنازحين في ظروف تسودها السلامة والأمن قضية حاسمة لنجاح الانتخابات ومصداقيتها. وتتوقع الحكومة في الاشهر المقبلة عودة نحو مليوني شخص من جملة 2.5 مليون شخص ممن لا يزالون نازحين. كما يشجعني قرار الحكومة بتكوين لجنة للعودة الطوعية، تضم ممثلين للشؤون الإنسانية، في كل محافظة للإشراف على عملية العودة.
إن توفير الأجواء الأمنية من قبل قوات الأمن العراقية والتي تمكن الناخبين من ممارسة حقهم في التصويت في أمان بمنأى عن الإرهاب أو الخوف أو الترهيب من المخاوف الأساسية. وعلى الرغم من دحر ما يسمى بخلافة داعش، لا يزال التنظيم الإرهابي وخلاياه النائمة، بما في ذلك الموجودة وسط النازحين، يشكل تهديداً؛ ففي 18 شباط/فبراير، وفي سياق عمليات مكافحة الإرهاب في الحويجة والمناطق المحيطة بها، تعرضت قوة خاصة من قوات الحشد الشعبي إلى كمين استشهد جرائه أكثر من 20 مقاتلاً.
وإضافة إلى ذلك، فلا يزال نظام فرز الأصوات الإلكتروني الجديد بما في ذلك تخصيص وتطوير برمجيات لتبويب النتائج في طور الإنجاز ويتطلب دعماً سريعاً، بما في ذلك من الأمم المتحدة وغيرها من الشركاء الدوليين من أجل ضمان النزاهة والمصداقية المتوخاة للانتخابات.
وستكون المراقبة المحلية والدولية على الانتخابات عنصراً حيوياً في تعزيز مصداقية وقبول النتائج. وأحث بشدة كلاً من منظمات المراقبة المحلية والمجتمع الدولي على المشاركة في مراقبة الانتخابات، وأحث المجتمع الدولي على توفير الدعم اللازم.
إن إجراء انتخابات ذات مصداقية وتحظي بالقبول والمشاركة الواسعة، بما في ذلك في المناطق المحررة ومناطق إقليم كردستان، وذات اجراءات محددة تسهل مشاركة المرأة، سيكون من شأنها تمكين الحكومة الجديدة من تنفيذ الإصلاحات وتحسين المساءلة وتعزيز الشمول والمصالحة بين مختلف المكونات والجماعات في العراق.
السيد الرئيس،
إن التطورات الإيجابية الأخيرة في العلاقات بين بغداد وأربيل تبعث على الأمل. فقد أكد رئيس الوزراء العبادي مؤخراً أن الحكومتين الاتحادية وحكومة الإقليم في المراحل الأخيرة من المفاوضات فيما يخص مجالات ملموسة من شأنها تلبية الاحتياجات الملحة لشعب الإقليم وتعالج بواعث القلق لديه، بدءاً بتسديد الرواتب وإعادة فتح المطارات في أربيل والسليمانية. وهناك حاجة ماسة إلى مثل هذه الخطوات.
السيد الرئيس،
أود أن أثني على الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان لجهودهما المتضافرة والتنسيق القوي من أجل تنفيذ خطة العمل الوطنية المتعلقة بالمرأة والسلام والأمن. ومع اقتراب الانتخابات، نحث كبار القادة السياسيين العراقيين لتوسيع الحيز السياسي للمرأة وتعيينها في المناصب القيادية داخل الأحزاب السياسية، فضلاً عن مشاركتها الفاعلة في جميع العمليات الانتخابية بما في ذلك المشاركة في مفاوضات تشكيل الحكومة بعد الانتخابات الوطنية.
السيد الرئيس،
أرحب باستعداد الحكومة للعمل مع فرقة عمل الأمم المتحدة القطرية المعنية بالرصد والإبلاغ لوضع خطة عمل لمعالجة الانتهاكات المرتكبة ضد الأطفال في أوقات الصراع. ولتحقيق هذا الهدف، صادق رئيس الوزراء حيدر العبادي على إنشاء اللجنة الوطنية العليا المشتركة بين الوزارات لمراقبة والإبلاغ عن الأطفال المتضررين من الصراع المسلح.
السيد الرئيس،
لقد واصل مِرفق تمويل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتحقيق الاستقرار توسيع نطاق جهوده الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة حديثاً في العراق. حيث تم الآن السماح للصندوق بالعمل في 31 مدينة من أصل أكثر من 40 مدينة وقضاء تم تحريرها من قبل قوات الأمن العراقية. ومنذ أن قدمنا تقريرينا الأخير إلى مجلس الأمن، تم إنجاز نحو 360 مشروعا أو ما يزال العمل جارٍ فيها، وبذلك يصل العدد الإجمالي لمشاريع الاستقرار إلى 1,887 مشروعاً. وفي الموصل وحدها، يجري تنفيذ ما يقرب من 600 مشروع لتحقيق الاستقرار.
السيد الرئيس،
على الرغم من الدعم القوي الذي أبدته الكويت والالتزام الذي أبداه العراق بالالتزامات الدولية والإنسانية، فإن التطبيع الكامل للعلاقات لن يتحقق إلا بعد حل جميع المسائل العالقة فيما يخص الأشخاص الكويتيين المفقودين والممتلكات المفقودة.
وتبذل حكومة العراق، ولا سيما وزارة الدفاع العراقية، جهوداً استباقية لتنشيط عملية البحث عن الأشخاص الكويتيين المفقودين. وإنني أشعر بأسف عميق لأن السنوات الثلاث عشرة الأخيرة لم تسفر عن نتائج ملموسة.
وخلال الجلسة الأخيرة التي عقدتها الآلية الثلاثية في 6 فبراير/شباط في الكويت، أشاد الأعضاء في الآلية الثلاثية بمشروع مراجعة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذي سيعمل على ترشيد العمل وترتيب أولوياته، وإعادة توجيه الأنشطة، وتوجيه الآلية.
وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأناشد المجتمع الدولي في أن ينظر في الكيفية التي يمكنه بها دعم البحث عن الأشخاص الكويتيين المفقودين، بما في ذلك من خلال شراء المعدات الميدانية وتوفير التدريب في مجال الطب العدلي والحمض النووي والأنثروبولوجي وبناء القدرات للفرق الفنية العراقية والكويتية، وأشجع على وجه الخصوص الدول الأعضاء الحائزة لصور الاقمار الصناعية في الفترة ما بين 1990-1991 على أن تتقدم وتوفر تحليلاً ومعلومات إلى حكومة العراق يمكن أن يساعد في تحديد مواقع الدفن.
إنني أكرر دعوتي إلى العراق والكويت للتوصل إلى اتفاق بشأن العودة السريعة للكتب المدرسية الأكاديمية الكويتية التي ظلت تنتظر التسليم الرسمي لأكثر من عام. وتقف بعثة الأمم لمساعدة العراق على أهبة الاستعداد لتيسير ومراقبة هذه العملية.
السيد الرئيس،
وقبل أن اختتم، اسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة لأشكر نائبتي المنتهية ولايتها، المُمثلة المُقيمة/المنسقة المقيمة/منسقة الشؤون الإنسانية السيدة ليز غراندي على عملها الرائع على مدى ثلاث سنوات في العراق. فعندما نثني على الإنجازات الرئيسية في مجالات تحقيق الاستقرار، وعندما نشيد بالعمل الشاق والنتائج الهامة في المجال الإنساني، بما في ذلك التعاون المدني- العسكري الذي أنجز بنجاح كبير من أجل حماية وفائدة السكان المدنيين المتضررين خصوصا خلال حملة تحرير الموصل، فنحتاج أولاً وقبل كل شيء إلى إبداء التقدير للقيادة والإنجازات التي حققتها نائبة الممثل الخاص السيدة ليز غراندي جنباً إلى جنب مع زملائها، مما جعل كل ذلك يتحقق.
معلومات إضافية