8 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الجمعة

1 العراق: دول تعمر ودولة تدمر عبدالرحمن الراشد الشرق الاوسط السعودية

جمع العراق وعوداً بثلاثين مليار دولار من دول العالم بإعادة إعماره، والحقيقة لا يوجد متحمسون كثر للفكرة، لأسباب، من بينها الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها كل دول المنطقة، ونظراً لكثرة فواتير الحروب المكلفة جداً.
وأعظم من نقص المال، سوء إدارة العراق نفسه. من ذَا الذي يرغب في أن يستثمر ماله في بلد تنتشر فيه الميليشيات وينهشه الفساد؟ الحكومة ضعيفة، والطائفية صريحة، والإرهاب لم يقض عليه وإن هزم في الموصل وغيرها، والتدخلات الأجنبية تزداد – خاصة الإيرانية – علنية! هذه تحديات خطيرة لا يعقل أن نتجاهلها رغم الضغوط الأميركية والأممية لتقديم الدعم.
مشكلة العراق ليست قلة موارده المالية بل كثرة مصائبه التي ذكرتها والتي لا يزال يعاني منها. لكن العراق غني بذاته؛ الخامس عالمياً في الاحتياطي المؤكد من النفط، ويجلس على كنز من الغاز، فضلا عن نهريه دجلة والفرات. ولو أنه مستقر أمنياً، وسلطته السياسية متمكنة من إدارة كل الدولة لما تردد أحد في أن يدعم إعماره منحاً وإقراضاً واستثماراً.
ولا تغر العراقيين المؤتمراتُ والالتزامات الدولية لأن معظمها أعلنت وقد لا تصل، كما جرى بوعود إعادة الإعمار في أفغانستان والصومال واليمن وغزة ولبنان. الالتزامات لم تدفع لأن هذه الدول لم تخرج من دوامة العنف والفوضى، وتجربة غزة نموذج سيئ، كلما دعمت تم تدميرها بسبب سوء تدبير سلطتها، وعنف ردود فعل عدوها، وكذلك لبنان الذي ورّطه «حزب الله» في حروب متكررة وتسبب بتدميره، ثم يتوقعون من دول الخليج والغرب أن تعود وتبني الجسور والموانئ والجيش.
العراق دفع غالياً ثمن أخطائه؛ أعطى الكويت تعويضات عن غزوه لها، 46 مليار دولار، وبقيت أربعة مليارات. واليوم يحصل العراق على وعود بإعادة إعماره بثلاثين مليار دولار. تركيا التزمت بخمسة مليارات دولار، والولايات المتحدة بثلاثة، والسعودية بمليار ونصف، وبمثله الكويت، وقطر بنصف مليار، والاتحاد الأوروبي بأقل من نصف مليار.
ما الذي نلاحظه في قائمة الداعمين وإعادة الإعمار؟ أن الدولة الوحيدة التي غابت عن مساعدة العراقيين هي إيران! وهي أكثر دولة مسؤولة عن خرابه، ومسؤولة عن إفشال سلطته المركزية. فالنظام في طهران قام بتفكيك مؤسسات الدولة العراقية من أجل السيطرة عليها، وأقام جيشاً موازياً سماه «الحشد الشعبي»، يماثل «حزب الله» في لبنان، ويقوم بالمهمة نفسها. عمل نظام خامنئي على دعم الجماعات الدينية العراقية على حساب الدولة المدنية، وأرسل جنراله قاسم سليماني ليملي على القيادة العراقية كيف يدير مؤسساته العسكرية، ويقود حروبه، ويستخدمه لتمويل عملياته، وممراً إلى سوريا ولبنان. ولولا تدخل الحرس الثوري الإيراني لعاش العراقيون في وضع أفضل تحت مؤسسات بلدهم السياسية وبدعم من المجتمع الدولي. وكان قد نجح في الاستفادة من بتروله ومياهه وشبابه في بناء دولة عظيمة.
ويبقى السؤال: كيف يمكن للعراقيين بناء بلدهم، والميليشيات الدينية المسلحة تتحكم فيه مع الحرس الثوري الإيراني؟!
2 شيوعيون بعمائم سوداء فاروق يوسف
العرب

انزلاق الشيوعيين العراقيين إلى هاوية سحيقة من الصفقات المريبة بدءا من قبولهم بالاحتلال الأميركي وانتهاء بتحالفهم مع تيار ديني تحيط به الشبهات، لا بد أن يضع تاريخ حزبهم كله موضع تساؤل.
بانضمامهم إلى تحالف سياسي يقوده رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، ينزلق الشيوعيون العراقيون إلى هاوية، ما كان أحد من أعدائهم يتخيل أنهم سينتهون إليها.

أقدم الأحزاب السياسية في العراق لا يملك خيارا يتوجه من خلاله إلى الشعب، غير أن يلوذ بعباءة رجل دين، عُرف بتقلب مزاجه، كما أن صلته المتصدعة بالأحزاب الشيعية الحاكمة لا تعفي تياره من مشاركة تلك الأحزاب في عمليات الفساد المنظم من جهة، ففي ممارسة العنف الطائفي من جهة أخرى.

وكما يبدو فإن الشيوعيين الذين لا يزالون يفخرون بتاريخهم النضالي العريق عازمون على المضي قدما في خيانة ذلك التاريخ من خلال تعزيز قرارهم بالانضمام إلى العملية السياسية في ظل الاحتلال الأميركي بقرارات تنزع عن حزبهم، وبشكل نهائي، الطابع التقدمي بنزعته اليسارية.

وإذا ما كان الشيوعيون قد هربوا من العراق في أول مواجهة مع النظام الحاكم في العام 1979 وكانوا يومها يمثلون النخبة السياسية التي فشلت في التفاهم مع السلطة بعد صعود صدام حسين إلى المنصب الأول في الدولة، فإنهم عادوا إلى العراق بعد ربع قرن باعتبارهم انتهازيين، لم يُعد ظهورهم على المسرح السياسي لهم شيئا مما توقعوه من ألقهم النضالي.

لقد ضاعت أصواتهم وسط ضجيج شعبوية الأحزاب الدينية التي نبذتهم باعتبارهم ملحدين، وكان التيار الصدري في مقدمة تلك الأحزاب التي بادرتهم العداء، فحدث أن تم حرق مقراتهم، بمَن فيها، في المناطق الخاضعة لهيمنة ذلك التيار.

لقد ضحت القيادة بقواعد الحزب يومها معللة تلك التضحية بإمكانية أن يقع التغيير من خلال فشل الأحزاب الدينية في إقامة دولة المواطنة، فيكون لزاما على المحتل البحث عن جهة يكون في إمكانها أن تقيم دولة مدنية، وليس هناك مَن هو أكثر كفاءة منهم في ذلك المجال كما كانوا يعتقدون.

لم تكن تلك الفكرة إلا حلما استهلاكيا تم تسويقه من أجل إقناع القواعد بأن الحزب مستمر في خدمة الشغيلة والفقراء والمحرومين. أما الهدف الحقيقي فإنه يكمن في ذلك الفتات من الأرباح الذي حصل عليه قياديون شيوعيون في أوقات مختلفة من خلال تعاونهم مع الأحزاب الدينية.

لقد أصبح زعيم الحزب الشيوعي نائبا في مجلس النواب، لكن باعتباره شيعيا. كما تم تعيين أحدهم وزيرا للثقافة لفترة وجيزة، وعُين آخر وزيرا للتعليم العالي وهو الذي يقود الحزب حاليا.

وبالرغم من وضعهم المزري فإن الشيوعيين ما زالوا يعتبرون أنفسهم قادة للمجتمع المدني بالرغم من أنهم تواطؤوا مع نظام الحكم ذي الصبغة الدينية التي أصابت المجتمع بلوثتها المدمرة.

ما فقده الشيوعيون بسبب انجرار قيادتهم وراء مشروع الاحتلال لا يمكن تعويضه. وكما يبدو فإن الانسحاب من العملية السياسية الفاشلة هو آخر ما تفكر به قيادتهم. وهو ما دفع بهم إلى اعتبار استسلامهم لقيادة مقتدى الصدر حلا وحيدا يمكنهم من البقاء مرئيين في الساحة السياسية، بعد أن تأكدوا أنهم لا يملكون رصيدا شعبيا يعتد به.

لقد انتهى زمن “يا عمال العالم اتحدوا”، وبدأ زمن “يا انتهازيي المجتمع المدني اتحدوا في ظل عمامة مقتدى الصدر”.

ما لا يقوى الشيوعيون العراقيون على الاعتراف به أن صفحتهم قد طويت وأنهم ينتمون إلى زمن غابر. ولو أنهم قاموا بذلك لحفظوا لتاريخهم كرامته. وهو ما سيضفي على التاريخ السياسي في العراق نوعا من المصداقية.

غير أن انزلاقهم إلى هاوية سحيقة من الصفقات المريبة بدءا من قبولهم بالاحتلال الأميركي وانتهاء بتحالفهم مع تيار ديني تحيط به الشبهات، لا بد أن يضع تاريخ حزبهم كله موضع تساؤل.

فهل كان الشيوعيون العراقيون تقدميين حقا؟ لو كانوا أوفياء للفكر الماركسي لما رضوا لأنفسهم أن يكونوا جزءا من ماكنة الفساد الملحقة بالمشروع الاستعماري الأميركي. ولو أنهم انتموا إلى ذلك المشروع أفرادا لما لحق بحزبهم العار، غير أنهم ومنذ لحظة الاحتلال الأولى كانوا قد وضعوا حزبهم كله في خدمة المحتل، على الأقل على المستوى الإعلامي. كانوا أبواق الاحتلال التي تبين في ما بعد أن زعيقها كان مدفوع الثمن.

شيء من الفكاهة السوداء ينطوي عليه مشهد شيوعي يضع على رأسه عمامة وهو يدعو إلى قيام مجتمع مدني. لا يحدث ذلك إلا في العراق.
3 العراق: الشباب غير الخريجين.. إلى أين؟
محمد توفيق علاوي
راي اليوم بريطانيا

تم التطرق في الجزء الأول من هذا الموضوع تحت عنوان (كيف يمكن للحكومة ان توفر فرص عمل للشباب؟) على الرابط:
https://mohammedallawi.com/2018/01/22
حيث تم في ذلك الجزء طرح المحور الأول وهو: توجيه الشباب وبالذات خريجي الجامعات للعمل للاستثمار في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وسنتناول في هذا الجزء المحور الثاني وهو: توجيه الشباب من غير خريجي الجامعات للعمل الحر الخاص وإنشاء المشاريع الصغيرة على الأخص.
إن هذا المحور الثاني قد يفوق في أهميته المحور الأول لما يتركه من أثر كبير في نهوض المجتمع وبناء مؤسساته الاجتماعية والمهنية ووضع اللوائح والأنظمة والضوابط لتطوير المجتمع وتنميته وتأسيس وإعطاء الدور الحقيقي والفاعل لمنظمات المجتمع المدني وبالتالي رفع مستوى الإنسان العراقي.
إن طرح الموضوع أعلاه لا يقتصر على توفير فرص العمل فحسب بل هو منظومة اجتماعية ومهنية ومؤسساتية يمكنها ان تضع العراق في النهاية بمصاف الدول الكبرى والمتطورة في العالم المتحضر في يومنا الحالي.
وقبل الخوض في التفاصيل أحب ان انوه استنادا إلى الردود التي وصلتني آنفاً إلى ان الكثير مما سأطرحه قد يظن بعض القراء الكرام ان هذه الأمور صعبة التحقيق لقلة الكادر القادر على تطبيقها؛ وانا اختلف مع هذه الظنون؛ نعم هناك قلة في الكادر، ولكن ليس ذلك بالمانع؛ يجب ان نسعى للنهوض ببلدنا وان استدعى الأمر جلب طاقات وكوادر غير عراقية لفترة من الوقت؛ ولكن لا بد ان يأتي اليوم الذي ستتفجر فيه الطاقات الكامنة، ولا بد لبلدنا ان ينهض وينتفض على الفاسدين، ولا بد للمصلحين ان يتمكنوا من المسك بزمام الأمور من خلال صناديق الاقتراع؛ ولا بد ان يأتي اليوم الذي يعيش فيه الانسان العراقي كما يستحق ان يعيش في بلد يقوده الطيبون والأكفاء من أبنائه وهم كثر، فينعم الناس بالراحة والاستقرار والسلام والنهوض والتطور والازدهار فليس ذلك على الله ببعيد.
إن توضيح الموضوع يتطلب البحث في ستة نقاط وهي:
1- أقامة دورات للتخصصات القطاعية المختلفة في كافة محافظات البلد
2- تفعيل دور الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية وتطوير معاييره وتوسيع قاعدة المواصفات القياسية العراقية.
3- مساعدة الحكومة في تشكيل منظمات المجتمع المدني القطاعية لتطوير القطاعات المختلفة ولوضع الضوابط والأنظمة واللوائح والمعايير القطاعية.
4- أنشاء مصرف القروض الميسرة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الذي تطرقنا إليه سابقاً.
5- تأسيس الهيئة العليا للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تطرقنا إليها سابقاً.
6- توفير خدمات جديدة للمواطنين تغطي مئات المجالات المرتبطة بمصلحة المواطن وإنشاء مجلس حماية المستهلك الذي اقر في قانون حماية حقوق المستهلك الصادر عام 2010.
ولتقريب الصورة للقارئ الكريم بشأن دور النقاط الستة أعلاه نفترض ان هناك شخصاً يريد ان يتعلم ويعمل في مجال التأسيسات الكهربائية؛ تقوم الهيئة العليا للمشاريع الصغيرة والمتوسطة (نقطة رقم 5)، إبتداءً بإنشاء معاهد وجلب مهندسين لتدريس الطلاب وتدريبهم على مبادئ الهندسة الكهربائية وكيفية تشييد التأسيسات الكهربائية (نقطة رقم 1)، ويجب ان يعلم الطالب كيف يتم أنشاء التأسيسات الكهربائية ضمن اللوائح ومعايير المواصفات القياسية المدرجة من قبل الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية (نقطة رقم 2)، وعند انهاء الدورة يسجل الطالب المتخرج في منظمة قطاعية كأن تكون ( منظمة فنيي البنيان والأعمار/ الكهربائيون ) (نقطة رقم 3)، حيث عندما يريد المواطن ان يبني داراً أو عندما يريد المقاول ان يستدل على فني متخصص في التأسيسات الكهربائية يلجأ إلى هذه المنظمة لتزويده بأسماء الفنيين الحاصلين على شهادات معترف بها لإقامة التأسيسات الكهربائية ضمن المعايير والمواصفات العالمية، ويستطيع هذا الطالب المتخرج ان يفتتح محل لبيع وإنشاء التأسيسات الكهربائية اعتمادا على قرض ميسر من مصرف القروض الميسرة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة (نقطة رقم 4) اعتماداً على توصية من الهيئة العليا (نقطة رقم 5) التي ستكون حاضنة لمشروعه حتى نجاحه، ويتولى مجلس حماية المستهلك (نقطة رقم 6) إصدار لوائح بأنظمة معايير التأسيسات الكهربائية التي توجب على المقاول أو اي عامل في مجال التأسيسات الكهربائية الالتزام بها .
إني لا أزعم ان العراق يفتقر إلى جميع ما ذكرنا فهناك دورات للتدريب في العديد من المجالات والقطاعات، فضلاً عن وجود بعض المعاهد الفنية والمهنية والطبية والاتصالات. وهناك الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، وهناك المواصفات القياسية العراقية، وكانت هناك قروض ميسرة مخصصة من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للمشاريع الصغيرة ولكن من دون منهج وبرنامج، بل هناك قروض من البنك المركزي للمشاريع الصناعية والزراعية والسكنية ولكن ايضاً من دون متابعة ومن دون برنامج واضح، وتم وضع قانون حماية حقوق المستهلك عام 2010 والذي يتضمن انشاء مجلس حماية المستهلك. للأسف الكثير من الفعاليات اعلاه دون المستوى المطلوب أو شبه معطلة، والكثير من القوانين والتعليمات لا زالت حبراً على ورق؛ بل الكثير من خريجي المعاهد الفنية والمهنية والطبية وهندسة الاتصالات لا يجدون فرصاً للعمل؛
أمام هذا الواقع؛ ما هو المطلوب؟
العراق ليس بدعاً من الدول، لذلك من المهم الاستفادة من التجارب العالمية ضمن هذه النقاط الستة لرسم سياسة تتبناها الحكومة للنهوض بالمجتمع وتطويره وتوفير فرص عديدة جداً للشباب للعمل من اجل بناء البلد وازدهاره لخير أبنائه.
(1) النقطة الأولى – أقامة دورات للتخصصات القطاعية المختلفة في كافة محافظات البلد: المطلوب أنشاء مئات المعاهد في مختلف المحافظات حيث نجد في دول متطورة كبريطانيا وألمانيا وفرنسا وايطاليا وغيرها هناك ألاف دورات التدريب، ففي كل دولة من هذه الدول بين عشرة ألاف إلى عشرين إلف دورة تدريبية في السنة، المهم في العراق دراسة الواقع والخطط المستقبلية ثم وضع سياسة جديدة للتدريب حسب الحاجات المستقبلية المتوقعة، بل تطوير الدورات بما يتناسب مع العلوم الحديثة التي أخذت تتطور بالأسابيع والأشهر فضلاً عن السنوات، إن فترة التدريب لكل دورة تتراوح بين ثلاثة أشهر إلى سنتين في المجالات التالية على سبيل الذكر وليس الحصر:
مجال البناء والتعمير: كالتأسيسات الكهربائية، التأسيسات الصحية، النجارة، الرسم الهندسي، التصميم الداخلي، تصميم الحدائق، وغيرها.
مجال العلوم الطبية: كالإسعافات الأولية، متابعة مرضى السكر في عيادات متخصصة، فحص العيون، اللقاحات اللازمة، الفحص الدوري لكل مواطن، الطب البديل، وغيرها.
مجال الحفاظ على البيئة: الحماية من التلوث، التلوث وأثره على الانسان، معالجة تلوث الماء والهواء والتربة، علوم المناخ والاحتباس الحراري، وغيرها.
مجال الصحة والجمال: التدريب على الأنظمة الغذائية لتخفيف الوزن واللياقة البدنية، العمل بصالونات التجميل، الحلاقة وتصفيف الشعر، وغيرها.
مجال الصحافة والأعلام: دورات عن الأعلام، كتابة المقالات، دورات عن الدعاية، دورات عن وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها.
فضلاً عن مئات الدورات ضمن العشرات من المجالات كمجال الهندسة وتكنولوجيا المعلومات، مجال أدارة الأعمال والتسويق، مجال الفن والتصميم، مجال الزراعة والري والغابات، مجال تنمية الثروة الحيوانية، مجال السياحة والفندقة، مجال الرياضة والتدريب، مجال التصوير وصناعة الأفلام، مجال الطيران والرحلات السياحية، مجال الصياغة والسيراميك والصناعات اليدوية، مجال اللغات المختلفة، مجال التربية والتعليم، مجال الملاحة النهرية والبحرية، مجال الطباعة والكرافيك والتصميم، مجال التمويل والصيرفة، مجال الخياطة وتصميم الملابس، مجال النجارة وصناعة الأثاث، ومئات المجالات الأخرى التي لا يسع المجال لذكرها.
4 لا خيار لنا إلا بدعم العراق
وائل الحساوي
الراي الكويتية

دار لغطٌ شديد حول مؤتمر إعادة إعمار العراق في الدواوين ومواقع التواصل الاجتماعي، فمن قائل: «مالنا ومال العراق لنتصدى لإعادة إعماره، يكفي ما عانيناه من احتلاله لبلادنا وقتل أطفالنا ونسائنا، هل نسيتم دم أسرار القبندي ودم الدكتور هشام العبيدان وغيرهما الكثير؟!».
وقال آخرون: «إن العراق بلد غني ولا يحتاج إلى مساعداتنا، ومشكلته الأساسية هي مشكلة فساد سياسي ومالي التهم أكثر من 900 مليار دولار، وما زال بعض رؤوس الفساد في العراق يحكمون ويفتكون به ويسرقون أمواله»!
لكن اللغط الأكبر والاحتجاجات قد أصابت جمعيات النفع العام في الكويت التي شاركت في المؤتمر، وتلقى رؤساء تلك الجمعيات رسائل احتجاج كثيرة من المواطنين حول احتمال تحويل أموالهم التي دفعوها لتلك الجمعيات إلى مشروع إعمار العراق من دون موافقتهم!
وتمثلت الاحتجاجات في السؤال: «ما الضمان لئلا يتخلص العراق من مشاكله ثم يعود إلى احتلال الكويت وتشريد شعبه، وهل يلدغ المؤمن من جحر مرتين؟!».
لا شك أن هذه المخاوف التي أبداها كثير من المواطنين مشروعة ويجب عدم القفز عليها، ولكن يجب علينا أن نزن الأمور بدقة بعيداً عن العاطفة الجياشة التي تجنح بنا إلى الخلل في التصور، وبالتالي الانحراف في التفكير.
أولاً: نحن أمة واحدة، وكل ما يصيب جزءاً منها يؤثر على بقيتها، وقدرنا أن نتكاتف ونتعاون في السراء والضراء حتى على حساب مشاعرنا.
ثانياً: واجبنا تجاه إخواننا في العراق شيء مقدس لا يمكن القفز عليه ولا إلغاؤه، ولا بد أن نبذل وسعنا للوقوف مع إخواننا بجميع ما نملك، وشعب الكويت هو الأقرب إلى العراق والأقدر على مساعدته ومد يد العون له، فإذا كنا نسافر إلى أقصى بقاع الأرض لنجدة المحتاجين والمعوزين ومد يد العون لهم، فهل نتوقف عن مساعدة أقرب الناس لنا؟!
ثالثاً: المصائب التي تصيب العراق اليوم، هي بفعل «قوى الشر» التي سعت سابقاً لتمزيقنا، ولا يمكن تحميلها لشعب العراق فهو ضحية مثلنا! وهؤلاء ينفذون أجندات خارجية لتمزيق وحدة الأمة وتفكيك صفوفها، وهم لا يمثلون أهل العراق الأصيلين!
رابعاً: إن بناء عراق قوي ومستقر هو سند لنا، بينما الإبقاء عليه ضعيفاً سيقود حتماً إلى تمزيق الأمة وسنكون نحن أول ضحاياه. ولعل جهود الكويت في تناسي الماضي ومد اليد العون للعراق تساهم في تغلب محور الخير على محور الشر الذي لن يرضيه إلا تفكك العراق والصراع بين أبنائه.
خامساً: مؤتمر إعادة إعمار العراق لا يهدف إلى جمع الأموال والتبرعات لتقديمها إلى العراق، ولكن لإقامة مشاريع حيوية تنفع الشعب العراقي وتساعده في النهوض من كبوته، والكويت من أكبر المستفيدين من تلك المشاريع، سواء بضمان استرداد ديونها على العراق، أو باستيراد الغاز والماء التي نحتاجها أشد الاحتياج!
سادساً: أما الجمعيات الخيرية التي كسبت ثقة المواطنين والمقيمين في الكويت، فلا يمكن أن تخدع المواطنين أو أن تحوّل أموالهم التي دفعوها لأعمال الخير إلى غير مصارفها التي يطلبونها، لذا فليطمئن أهل الكويت إلى أن أموالهم بيد أمينة ولا يمكن أن تجرأ الجمعيات الخيرية على سرقتها أو تحويلها لغير مستحقيها!
5 الأغلبية الصامتة: عراق جديد إبراهيم المليفي جريدة الجريدة الكويتية

إن مقدار العقلانية الذي تتحرك به السياسة الخارجية الكويتية المتعلقة بالشأن العراقي أمر يستحق الإشادة لأنها تؤسس لعلاقات وثيقة مع عراق جديد ومتجدد، والاقتراب منه ومعاينة جار الشمال من الداخل أفضل بكثير من التعامل معه وفق معطيات قديمة لم يبق منها الكثير.

لم يكن ما حصل للكويت من غزو واحتلال بالأمر الهين الذي يمكن للذاكرة الجمعية أن تنساه، بل أزيد من ذلك أن النسيان جريمة استراتيجية لا تغتفر لأن ما حصل درس ثقيل لا بد من الاستفادة منه في بناء التحالفات الصلبة والتعامل مع الداخل والخارج بعقلانية، ليس فيها مكان للعواطف أو الشعارات.

وقد ساهم بقاء النظام الغادر سنوات إضافية بعد حرب التحرير حتى إسقاطه في 2003، في منع سريان دورة عودة العلاقات الطبيعية بين الشعبين التي استرجعت حيويتها بوقود العلاقات الاجتماعية المتشابكة والصداقات المتينة، ولنا أن نتخيل لو أن نظام البعث الصدامي سقط بعد عام أو عامين من احتلال الكويت لكان الوضع أفضل بكثير، ولكن في السياسة لا تجري الأمور بهذه الطريقة لأن كل شيء فيها قابل للتغيير.

خلال الأيام الماضية انعقد مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق، وبقدر ما كان الأمر واضحا من أهداف هذا المؤتمر، انجرفت بعض الآراء خلف معلومات مصدرها الأهواء والهواجس، والأخيرة أتفهمها إلى حد كبير، ولكن كيف يمكن التعامل مع الأهواء والفهم المتعمد لأشياء غير صحيحة؟

فمثلا أدت الكويت دور البلد المضيف والمنظم لمؤتمر الإعمار، وهو ما يعني أن أي عاصمة كبرى في العالم كان بإمكانها القيام بمهمة الكويت، كما أن عقد مؤتمر ثان في مكان آخر ليس بالأمر المستبعد كما حصل من قبل تجاه سورية، حيث عقد في الكويت 3 مؤتمرات دولية لدعم المهاجرين، والرابع عقد في لندن، الأمر الثاني وهو الأبرز هو أن هذا المؤتمر دولي لا كويتي، تشارك فيه سبعون حكومة ومئات من الشركات والمستثمرين.

إن مقدار العقلانية الذي تتحرك به السياسة الخارجية الكويتية المتعلقة بالشأن العراقي أمر يستحق الإشادة لأنها تؤسس لعلاقات وثيقة مع عراق جديد ومتجدد، والاقتراب منه ومعاينة جار الشمال من الداخل أفضل بكثير من التعامل معه وفق معطيات قديمة لم يبق منها الكثير، وختاما لتؤدي الكويت دورها في جعل العراقيين يبنون البلد الذي يستحق أن يحافظوا عليه بدلا من تركهم على حافة الخطر والمغامرات المدمرة التي ضيعت ثرواتهم وأرواح شبابهم.

6 «استكراد» الأكراد.. وسايكس – بيكو!
جميل الذيابي
عكاظ السعودية
منْ كثرت مطالعاتهم في التاريخ يسهل عليهم أن يروْا تاريخاً يكتب أمام أعينهم، في عفرين، موطن الكرد (شمال سورية). الفارق الوحيد أن التاريخ بمعنى الماضي أضحى مدوناً، ويتوقف على صدقية رواته ومدونيه.

بيد أن ما يحدث في عفرين هو حاضر، لكنه يتقاطع مع الماضي، ويطمح إلى صياغة المستقبل! ومهم جداً أن نتذكر أن التاريخ لا يُصنع من العدم، بل تتسبب فيه أحداث ماضية، والخشية من أحداث لاحقة. وبهذا التشابك والتعقيد تتجسد «لعبة الأمم» التي نراها في عفرين ومناطق واسعة في البلدان التي يتواجد فيها الكرد. شخصياً، لا أتحدث عن الكرد من عاطفة جياشة ومعلومات هامشية بل من معرفة عميقة بتاريخهم وعلاقات قوية تربطني مع زعامات كثيرة منهم.

وتاريخ الأكراد، مفعم بالثورات والخيبات. وربما يجوز لي القول أنه أضحى كل فعل تُساق فيه الخدعة ويُلجأ فيه إلى التذاكي يعرف في بعض البلاد العربية بـ «الاستكراد»!

فقد أعلن أكراد الشمال السوري منذ نوفمبر 2013 «إدارة ذاتية» في مناطقهم، بزعامة حزب الاتحاد الديموقراطي، وهو حزب ذو صلة وثيقة بحزب العمال الكردستاني الذي يتزعمه عبدالله أوجلان (معتقل في تركيا منذ فبراير ١٩٩٩ ومحكوم بالسجن المؤبد).

بيد أن طموح الأكراد إلى كيان كردي في البلاد التي يوجدون فيها ليس المشكلة الوحيدة.

فقد أضحى الهجوم التركي على مدينة عفرين السورية عنواناً لصراع القوى الكبرى التي يريد كل منها أن تكون له اليد العليا في تشكيل مستقبل سورية بعد التسوية المأمولة. في حين ترى القوى الإقليمية، خصوصاً أن تركيا وإيران تتفقان أن قمع الطموح الكردي ضرورة واجبة، لأنه يسعى إلى إلغاء الحدود التي رسمها اتفاق سايكس-بيكو بُعيد الحرب العالمية الأولى، التي لا تزال صامدة، على رغم الخطوب الجسام التي ضربت المنطقة منذ الغزو العراقي للكويت في 1990.

في الباحة الخلفية لما يحدث اليوم تطل أحداث استعادة حلب من قبل نظام بشار الأسد، وما تلاها من هجمة «أسدية» سورية مدعومة بالطيران الحربي الروسي لاستعادة إدلب (لا تبعد كثيراً من عفرين)، التي تسيطر عليها جبهة تحرير الشام (جبهة النصرة-القاعدة سابقاً)، واستفتاء كردستان العراق على الاستقلال في سبتمبر 2017، ثم الهجوم الأمريكي في أكتوبر 2017 للقضاء على تنظيم «داعش» في الرقة… وهو الهدف الذي حققه التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من خلال التحالف مع «القوات الديموقراطية السورية» التي تسيطر على شمال غربي سورية بشكل فعلي منذ 2013.

كان استفتاء كردستان العراق دليلاً كافياً على رغبة الأكراد في إقامة كيان مستقل، وقد أجريت حوارا

صحفياً مطولاً مع الزعيم الكردي مسعود بارزاني في هذا الشأن في أغسطس 2017.

يبدأ الاستفتاء بالعراق (لو لم تتم عرقلة نتيجته)، وينتقل الكيان الكردي إلى سورية في ظل التفكك الذي تشهده البلاد منذ اندلاع الثورة السورية قبل 7 سنوات، ثم ينتقل لاحقاً إلى كيان كردي في تركيا. وهو ما ظلت أنقرة تخشاه منذ عهد الإمبراطورية العثمانية؛ خصوصاً بعد انتفاضة أرارات الكردية في عام 1930، التي ساندها أكراد سورية. ولاحقاً إلى إيران الذي يبلغ عدد الكرد فيها نحو 5 ملايين نسمة.

ولهذا عارضت تركيا «الأردوغانية»، قيام الولايات المتحدة بتسليح قوات سورية الديموقراطية الكردية للزج بها في أتون معركة الرقة. غير أن القشة التي قصمت ظهر أردوغان تتمثل في إعلان مسؤولين أمريكيين أنهم – بعد إجلاء «داعش» من الرقة- ينوون إنشاء قوة لأمن الحدود، قوامها 30 ألف رجل، لضمان حماية الجيب الكردي السوري. ومع أن الإعلان الأمريكي أثار ردود فعل غاضبة من تركيا، ما حدا بواشنطن إلى التنصل منه، إلا أن تركيا فهمت بشكل مباشر أن تلك القوة ستستهدفها إن عاجلاً أو آجلاً. ولذلك اعتبر اردوغان القوة الحدودية المزعومة بأنها «مصدر إرهاب». وفي غضون أيام أطلق يد الجيش التركي في عفرين.

حين يتحدث المهتمون بالتاريخ عن أفريقيا في نهايات القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، لا بد أن يذكروا «التكالب الاستعماري على أفريقيا» Scramble. وبما أننا نشهد حالياً تهافتاً على توسيع النفوذ في سورية؛ فهو بحق أغرب ما تمكن تسميته «زواج مصلحة» بين قوى عدة، ما أكثر ما يفرِّق بينها. وعلى رغم وميض النار، فهناك تحالف من نوع ما بين تركيا وروسيا ونظام بشار الأسد والولايات المتحدة بشأن مستقبل سورية والخشية من طموح الكرد.

ولإيضاح من هم اللاعبون الحاليون في سورية، سأتناول ذلك بالتحليل والتفصيل في مقالة قادمة؟

7 مهرجان المربد الشعري في البصرة
محمد الحرز
اليوم السعودية

جاءني صوت الدكتور سلمان قاصد مدير مهرجان المربد من البصرة: نريد هذه السنة أن نحتفي بالشعراء السعوديين. تداولنا بعض الأسماء، ولمست فيه حرصه الشديد على أن يكون الحضور الشعري منوعًا ومن جميع مناطق المملكة. ولأسباب وظروف طارئة لم يستطع بعض الشعراء المدعوين الذهاب إلى البصرة بعدما وافقوا حالما وصلتهم الدعوة. ولم يتبق منهم سوى ستة شعراء ذهبوا للمشاركة وتمثيل الوطن جاسم الصحيح، وعبدالوهاب أبو زيد، وجاسم العساكر، وطلال الطويرقي، وحسن ربيح، وأنا.

التفكير في مهرجان المربد هو بالضرورة تفكير بكل شيء جميل يتعلق بالشعر والأدب والحياة بالعراق، يتعلق بالغناء والطرب والتاريخ العريق الممتد إلى آلاف السنين، يتعلق بشارع المتنبي والرشيد ومقاهي الشعراء والفنانين والمثقفين. لقد تفتحت حواسنا منذ الصغر على رنين الأصوات التي اعتلت منبر الشعر في المربد، فمنذ أن بدأ في السبعينات وإلى دورته الحالية والتي تحمل رقم 32 لم يخفت صوت بدر شاكر السياب ولا بلند الحيدري ولا نازك الملائكة أو عبدالوهاب البياتي عدا الشعراء العرب الآخرين الذين حفروا أسماءهم على هذا المنبر وساهموا في تأسيس الذاكرة الشعرية العربية.

لم أسافر إلى مربد بغداد قط، وحين انتقل إلى البصرة وجاءتني الدعوة هذه السنة فجأة تذكرت عبوري الخاطف إلى مدينة السياب وسعدي يوسف ومحمود البريكان وأبو الخصيب وجيكور. ففي سنة 79م كنت لا أتجاوز الخامسة عشرة من العمر وكنت مع العائلة في طريقنا إلى النجف وكربلاء، حيث لم يعلق في ذاكرة الفتى إلا القليل من معالم هذه المدينة، قد تكون صورة تلك المقاهي التي تصطف على جانبي الطريق وهي تقدم الشاي العراقي (المخدّر) هي الصورة الأكثر رسوخًا في ذهني، وليس هذا فحسب، بل ما زال صوت الملعقة (الكفشة) الذي يحرك كوب الشاي (الاستكانة) هو الأكثر حضورًا من بين جميع الذكريات المرتبطة بالبصرة، على الرغم مما يصادفه المرء في جميع مدن العراق بمظاهر تقديم الشاي بنفس الطريقة. ربما السبب يعود إلى الدهشة الأولى للأشياء التي يراها الفتى في أول حياته. لذلك كان شرب الشاي المخدر في هذه الرحلة أشبه ما يكون بالطقس المعتاد وكنا والأصدقاء نحتفي به أكبر احتفاء.

خلال خمسة أيام كنا تحت سماء البصرة وفوق أرضها نبحث عن شعرائها ومبدعيها ليس في قاعات المهرجان فقط، بل في مكاتبها وشوارعها وأسواقها. كنت حريصًا أن ألتقي بشخصين علمين مبدعين من هذه المدينة الدكتور لؤي حمزة عباس والشاعر طالب عبد العزيز، كان كلاهما يخبرني عن خراب البصرة وما حل بها من دمار كل بطريقته المميزة في السرد. وحين وقفنا أنا وصديقي عبدالوهاب أبو زيد أمام تمثال السياب قال لنا الدكتور لؤي: من المفارقة أن يكون وجه التمثال مقابلا لمبنى وزارة النفط في اللحظة التي مات فيها السياب معوزًا وفقيرًا في الغربة.
8 لجان التفتيش حقائق ووقائع وليد الزبيدي
الوطن العمانية

تأكدت القيادة العراقية خلال السنوات الطويلة والقاسية مع لجان التفتيش التابعة للأمم المتحدة أن هذه اللجان لا تعمل باستقلالية على الإطلاق، وأنها تريد الوصول في نهاية المطاف لتهيئة الأجواء لشن حرب على العراق، وهذا الأمر لمسه المسؤولون في بغداد من خلال تصرفات وسلوكيات تلك اللجان، وقد اثبتت الوقائع بعد الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 دقة القراءة العراقية للمهام الموكلة للجان التفتيش عن اسلحة العراق المزعومة.
ذهبت قناعة القيادة العراقية في ذلك الوقت، من أن مهمة لجان التفتيش هي تجسسية، أكثر من كونها مهام فنية، خاصة بعد العام 1997، وهي الفترة التي غادر فيها رولف ايكيوس لجنة (اونسكوم)، والتي أكملت عمليات تدمير الأسلحة العراقية، من وجهة نظر المسؤولين العراقيين.
في تصريحات المسؤولين العراقيين يستشهدون بالعديد من الوقائع والأدلة التي تؤكد تلك القناعات، منها حادثة موثقة لدى الحكومة العراقية، فعندما حصلت عمليات إخلاء لبعض المعدات من إحدى منشآت التصنيع العسكري، وتحديدا في منشأة القعقاع، كانت هناك لقطات من عمليات الإخلاء، تم بثها من على شاشة (CNN) الأميركية، وظهرت علامة البنتاجون على الفيلم، ويبدو أن المسؤولين على البث، لم ينتبهوا إلى ذلك، وأن اللقطات وصلتهم عن طريق المخابرات المركزية. فقد تم نصب كاميرات مراقبة في جميع المواقع والمنشآت العراقية وترتبط بلجان التفتيش.
لكن علامة البنتاجون تلك اختفت في النشرات اللاحقة، التي بثت اللقطات، أي أنهم أدركوا حجم الخطأ الذي ارتكبوه، والذي فضحهم بالأدلة وبما لا يقبل الشك.
أثار الجانب العراقي هذه المسألة، مع مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي أثناء زيارته بغداد في ذلك الوقت ووعد المسؤول الأممي الجانب العراقي بمناقشة هذه الوثيقة.
ثمة وثيقة وصلت إلى إحدى الصحف البريطانية، تم تحويلها إلى الأمم المتحدة، وبينما كان وفد عراقي برئاسة الدكتور عامر محمد رشيد وزير النفط السابق في نيويورك للتباحث حول بعض الجوانب الفنية، تم استدعاء رئيس الوفد مع عدد من مساعديه للاجتماع على وجه السرعة مع مسؤولين كبار في الأمم المتحدة.
قدم مسؤولو الأمم المتحدة نسخة من تلك الوثيقة إلى رشيد، وطلبوا إجابة خلال (24) ساعة، فما كان من رئيس الوفد العراقي، وبعد أن ألقى نظرة عليها، حتى أعادها إليهم وقال إنها مزورة، الأمر الذي أصاب مسؤولي الأمم المتحدة بالدهشة والاستغراب، لقد كانت أول جملة في الوثيقة وقع عليها نظر د.عامر محمد رشيد، هي طريقة مخاطبة مدير عام المنشأة لوزير التصنيع العسكري، وكان حينذاك حسين كامل. لقد كانت المخاطبة بلفظة (معالي الوزير)، وهذه الطريقة لا تستخدم في المخاطبات العراقية على الإطلاق، وقال لهم إن (معالي الوزير) وردت في الوثيقة (18) مرة، وإن العراق يستخدم تعبير (سيادة الوزير) في المخاطبات الرسمية، ويروي د.عامر محمد رشيد، أن غرباء حضروا ذلك الاجتماع، ونقل إلى القيادة العراقية، أن هؤلاء (الغرباء) كانوا رجال مخابرات.
ثم فند بعد ذلك رئيس الوفد العراقي، ما جاء بهذه الوثيقة المزورة، التي أراد مزوروها إلصاق الاتهامات بالعراق والتحريض ضده، على اعتبار أنه يسعى سرا لإنتاج أسلحة الدمار الشامل.
بعد تلك الأحداث وما حصل من اعترافات بعد الغزو تأكد للجميع كذب لجان الأمم المتحدة وأجرام البيت الأبيض، فهل تكفر المنظمة الدولية عن خطاياها وما حصل ويحصل للعراق والعراقيين؟