5 مقالات عن العراق في الصحف العربية

1 العراق يغزو مؤتمر المانحين في الكويت
سعد ناجي جواد
الرأي اليوم بريطانيا

لم يخف الكثيرون منذ الإعلان عن نية عقد مؤتمر للمانحين لمساعدة العراق في اعادة إعمار ما دمره احتلال عصابات داعش الاجرامية امتعاضهم من هذا الامر لأسباب ثلاث: الاول يتعلق بالغيرة والكرامة الوطنية، حيث أشعرهم الخبر وكأن العراقيين يستجدون الآخرين من اجل بناء وطنهم، وهذا مالم يتعود عليه العراقيون المعروفون بعزة النفس. اما السبب الثاني فان موارد العراق الكبيرة، والتي تشكل أضعاف أضعاف موارد دول كثيرة استطاعت ان توفر حياة كريمة لابنائها، كافية، لتغطية هذه التكاليف، طبعا اذا ما تم التعامل معها بصورة صحيحة ومدروسة، وتم محاربة الفساد المستشري في البلاد منذ الغزو الامريكي في عام ٢٠٠٣. اما السبب الثالث فان هؤلاء الممتعظون ، والكاتب منهم، يؤمنون بانه في ظل الفساد المستشري و غير المسبوق الذي يخيم على العراق، فان كل منحة او دعم او قرض سيكون مصيره جيوب الفاسدين و حساباتهم خارج العراق. وما زاد في قناعتهم هذه امران: الاول عدم اتخاذ اي اجراء رادع ضد اي فاسد ، وما أكثرهم، منذ الاحتلال ولحد اليوم. والثاني هو قائمة الأسماء التي صدرت والتي ضمت اسماء الوفد الرسمي الذي سيذهب للمشاركة في الموتمر. لقد ضمت القائمة ١٤٣ موفدا رسميا للمشاركة في هذا الموتمر، (باستثناء رئيس الوزراء ومن سيذهب معه في اللحظة الاخيرة). وبغض النظر عن كلفة إرسال هذا العدد الكبير جدا، من تذاكر سفر وإقامة في فنادق خمسة نجوم و مخصصات شخصية لكل موفد الخ، مما يشكل عبئا مضافا على ميزانية الدولة التي تعاني أساسا من عجز كبير، فان الوفد ضم اشخاصا أضيفوا (للترويح) عنهم فقط لا غير، وبانهم لا علاقة لهم بما سيتم مناقشته في هذا الموتمر. وهذا يمكن ان يستدل عليه بسهولة من خلال أسمائهم ومناصبهم او وظائفهم، من الجدول الذي صدر بأسماء أعضاء الوفد. أضف الى ذلك فان عددا غير قليل منهم عليهم شبهات بل واتهامات بالفساد وسوء الادارة. ولا ادري كيف سيستطيع السيد رئيس الوزراء الذي سيرأس الوفد ، ان يقدمهم الى الدول المشاركة في الموتمر، والتي وقبل ان تذهب للمؤتمر صرح عدد غير قليل منها ان اهم عقبة تقف امام مساهمتهم في اعادة إعمار العراق هو الفساد المستشري، بحيث ان دولة مثل اليابان صرحت بأنها ستحول مساهمتها الى الامم المتحدة وليس لحكومة العراق!!!! هل يوجد إهانة وطنية اكبر و أوضح من ذلك؟ ان هذا الوفد الكبير والذي لا توجد فائدة من اكثر المشاركين فيه، ذكرني بنكتة قديمة قيلت عن احدى الدول العربية بعد استقلالها حيث حرص المالك لزمام الأمور فيها على شراء أحدث الأسلحة لجيشها من احدى الدول الغربية. ومن ضمن ما استورده مدفعا ثقيلا، وبعد ان وصلت الأسلحة اصر على دعوة وزير دفاع الدولة التي استورد منها الأسلحة لحضور عرضا عسكريا للاسلحة الجديدة. وفِي هذا الاستعراض مر المدفع الثقيل محمولا على شاحنة كبيرة ويحيط به اكثر من مائة جندي. منظر اثار استغراب وزير الدفاع الأجنبي الذي قال لمالك زمام الامر ان هذا المدفع مصمم على ان يُشٓغِلهُ اثنان من الجنود فقط، فأجابه الرجل وعندنا ايضاً يشغله جنديان فقط ، اما الباقين فمهمتهم التكبير والتهليل عند إطلاق كل قذيفة.
المضحك المبكي في الامر ان الولايات المتحدة الامريكية، الدولة التي دمرت العراق بعد ان احتلته وتسببت في كل الكوارث التي شهدتها و تشهدها المدن العراقية منذ ١٥ عاما، أعلنت، وعلى لسان رئيسها، بأنها سوف لن تساهم في اية تكاليف مادية لاعمار العراق. ولم يصدر عن المسؤولين العراقيين اي استهجان لهذا التصريح، مثلما لم يصدر عنهم اي استهجان لتصريحاته السابقة التي تحدث فيها عن لا وجود لدولة اسمها العراق وان هدف الولايات المتحدة الوحيد يجب ان يكون هو ان تضع يدها على الثروة النفطية العراقية.
اخيراً وليس آخراً فان الولايات المتحدة، والدول الأوربية معها، ساهموا ويساهمون في حماية الفاسدين من (العراقيين) حملة الجنسية المزدوجة ،والذين كانت غالبيتهم العظمى يعيشون قبل الاحتلال على المعونة التي تقدم لهم من الدول التي كانوا يعيشون فيها، ثم في ظرف أشهر قليلة من المشاركة في حكومات ما بعد الاحتلال أصبحوا يمتلكون عقارات بملايين الدولارات، ولم يُسأل أيا منهم عن مصدر الأموال التي اشتروا بها هذه الاملاك او التي ملأوا فيها حساباتهم المصرفية.
لقد اثبت العراقيون في تجارب كثيرة سابقة بأنهم الاقدر والأكفأ على بناء بلدهم، وأنهم استطاعوا في ظل حصار ظالم ولا انساني ان يعيدوا بناء كل ما دمره عدوان ١٩٩١، وخلال أشهر قليلة، وبانهم ليسوا بحاجة الى من يعلمهم كيف يعيدون بناء وطنهم، او الى من يسرق مواردهم بدعوى مشاريع الإعمار الكاذبة والوهمية.
2 إعمار العراق .. مسؤولية مَن؟
السيـــــــد زهـــــــره اخبار الخليج البحرينية
تستضيف الكويت بعد يومين مؤتمر «إعادة إعمار العراق» والمخصص لجمع المنح وتشجيع الاستثمارات من اجل إعادة الإعمار. وأعلنت الحكومة العراقية انها تريد جمع 100 مليار دولار على الأقل تحتاجها لهذا الغرض.

السؤال المهم هنا هو: من الذي يجب أن يقوم بإعادة اعمار العراق بالضبط؟.. من الذي يتحمل مسؤولية إصلاح الدمار الرهيب الذي شهده العراق في السنوات الماضية؟

الجواب المباشر هنا هو: ثلاث دول بالذات يجب أن تتحمل هذه المسؤولية، هي، أمريكا، وبريطانيا، وإيران.

السبب في ذلك ان هذه الدول هي التي دمرت العراق وألحقت به كل ما شهده من خراب.

أمريكا تتحمل المسؤولية الأكبر، فهي التي دمرت العراق بغزوها واحتلالها له، وما ارتبط بالغزو من جرائم مروعة طالت كل شيء ودمرت كل شيء.

أمريكا، وعن عمد تام دمرت بنية العراق الأساسية، وألحقت الخراب باقتصاده ونهبت ثروته. وأمريكا بغزوها هي المسؤول الأول عما شهده العراق من إرهاب شامل، وما ارتبط به من حرب تدمرت فيها مدن عراقية بأسرها، وتشرد ملايين العراقيين.

وبريطانيا تتحمل نفس القدر من المسؤولية، فقد كانت شريكا أساسيا لأمريكا في الغزو والاحتلال، وفي كل الجرائم التي تم ارتكابها.

وإيران أكملت مسيرة الخراب الأمريكي للعراق. إيران اغرقت العراق في الطائفية وصراعاتها وحالت دون إمكانية ان تتعافى البلاد. وإيران تتحمل المسؤولية الأكبر عن الفساد الرهيب لعملائها في العراق الذين حكموا البلاد واستنزفوا ما تبقى من ثروات ونهبوها.

إذن، من المنطقي والطبيعي ان هذه الدول الثلاث هي التي يجب أن تتحمل مسؤولية إعادة اعمار العراق.

لكن الذي حدث ان أمريكا أعلنت بصراحة ووضوح انها لا تعتزم المساهمة بأي أموال على الاطلاق في مؤتمر الكويت لإعادة اعمار العراق. ولم تكتف بهذا، بل أعلن مسؤولون أمريكيون بمنتهى الصفاقة ان كل ما سيفعلونه هو تشجيع السعودية والدول الخليجية على ان تقدم إلى العراق المنح لإعادة الإعمار.

وإيران لا تنفق أموالا إلا على الجماعات والقوى الإرهابية العميلة لها في العراق وغيره من الدول العربية، وهي القوى التي تنفذ مخطط الدمار والخراب. وتنتظر إيران ان تأخذ من العراق لا ان تعطيه أي شيء.

هذه الدول تريد اذن من السعودية ودول الخليج العربية الأخرى ان تتولى هي إعادة بناء ما هدموه ودمروه هم. تريد من دول الخليج العربية ان تعالج آثار ما ارتكبوه من جرائم حرب وإبادة وتدمير للعراق وأهله.

هذا لا يمكن ان يكون مقبولا.

وللقضية وجه آخر بالإضافة إلى ما ذكرناه.

إيران وأمريكا شنتا حربا شرسة على عروبة العراق، وعزلاه عن محيط أشقائه العرب. والبلدان جعلا من العراق مصدرا لخطر يهدد الأمن العربي. والبلدان يهيمنان على ساحة العراق السياسية والفعلية اليوم، وبالطبع يخططان لبقاء نفوذهما دائما.

وكأن المطلوب على ضوء هذا من الدول الخليجية والعربية عموما ان تمول مشروع الهيمنة الإيرانية الأمريكية على مقدرات العراق.

ولا يعني كل هذا ان الدول العربية يجب الا تساهم في إعادة اعمار العراق. لكن هذه المساهمة يجب أن تتم بناء على أسس وشروط محددة وواضحة.

إذا كانت هناك شركات ومؤسسات عربية تريد ان تشارك في عملية إعادة الاعمار على أسس تجارية واستثمارية بحتة، فليست هناك مشكلة في هذا.

أما إذا كان الأمر يتعلق بمنح ومساعدات تقدمها الحكومات للعراق، فهذه يجب أن تكون محكومة بشروط وضوابط صارمة بما من شأنه خدمة المصلحة العربية، لا الإيرانية الأمريكية والطائفية.

نحن نريد للعراق ان يعاد إعماره وأن يتعافى ويقف على قدميه. لكننا نريده عراقا عربيا، لا إيرانيا ولا أمريكيا.
3 «داعش» وخرائب الموصل
خليل علي حيدر
الاتحاد الاماراتية

هذه ليست بغداد، مدينة السلام، كما وصفها المؤرخون بأسى بعد أن دمرها التتار، بل هي «الموصل»، أم الربيعين، التي جعل تنظيم «دولة خلافة داعش»، عالي المدينة سافلها!

تتصاعد رائحة الموت لتزكم الأنوف من الشطر الغربي من الموصل الذي تمتلئ أركانه بالركام والخراب والسيارات المفخخة والبيوت المهجورة، ولا تزال آلاف الجثث ملقاة في العراء في شوارع كثيرة لمتطرفين في التنظيم ممن تراجعوا إلى المباني المتلاصقة في الحي القديم، لكن السكان والمسؤولين المحليين يؤكدون أن جثث آلاف من المدنيين لم تُنتشل بعد من الأنقاض، الأمر الذي تنفيه الحكومة العراقية»، وتقول الحكومة «إنها جمعت جثث 2585 مدنياً، لكن هناك أكثر من 9000 مفقود في الحي القديم، ومن المفترض أنهم دفنوا تحت الركام».

العديد من الإعلاميين والمحللين العسكريين يتساءلون: أين جثث الدواعش؟ لماذا لم نر صورهم قتلى أو يستسلمون بأعداد كبيرة؟ الحكومة العراقية قد تنظم لهم جميعاً «رحلة تفقدية».. بين خرائب المدينة وجسورها المحطمة.

تقول مصادر لجريدة «الشرق الأوسط»، «إن المدينة القديمة مدينة أشباح، ولا ملمح فيها للحياة. وهناك 72 جسراً في عموم المحافظة محطمة، من بينها خمسة جسور على نهر دجلة تربط بين جانبي المدينة، ومن الخمسة يعمل واحد متضرر جداً، لكن أُعيد إصلاحه بشكل مؤقت يسمح بعبور الناس.. وأغلب عمليات الإعمار المدعومة من دولة مانحة توقفت بسبب حالات الفساد».

مؤتمر إعمار العراق الذي سيعقد في الكويت خلال هذا الأسبوع وسط زخم دولي وتمويل هائل، يجد نفسه في وضع لا يُحسد عليه، بين حجم خراب المدن العراقية، وبخاصة الموصل، وبين فساد الساسة.. ولكن لابد من عودة الحياة إلى دولة بأهمية العراق!

تحمل العراقيون من الموت والإرهاب خلال 15 عاماً ما لم يره شعب. وخاض الجيش العراقي معركة «في الموصل نادرة المثال، لإنزال الهزيمة بأعتى تنظيم إرهابي معاصر كانت له نفس سمعة جيش هولاكو التي «لا تقهر». ولكن البعض يقارن ظروف العراق القاسية المتوالية، وتوالد الحركات الإرهابية وتعثر الحظ فيها، بدمية «ماتريوشكا» الروسية، التي كلما رفعتها وجدت تحتها دمية مثلها، غير أنها في العراق قد تكون أكبر من سابقتها! بعض المحللين كالكاتب اللبناني «حازم الأمين» حذّر العراقيين المنتصرين في الموصل.. من الخلايا النائمة التي تقدرها الجهات الأمنية بألف خلية!

«داعش»، يحذر «الأمين» ليس مجرد تنظيم. «إنه امتداد لشيء في المدينة وفي محيطها. امتداد لهزيمة ولشعور بالهزيمة، وامتداد لبعث قديم، ولجيش منحل، ولعشائر لم يتم إخضاعها». وهكذا، فالمشهد الحالي ينذر بمولود جديد. فالتنظيم الحالي الذي ترأسه أبو بكر البغدادي، وُلد من خراب أقل مما تعيشه الموصل اليوم، والهزائم التي تتالت على المدينة لم تكن ساحقة على نحو ما هي ساحقة هزيمة اليوم».

وحذر الكاتب من إعطاء أي بعد طائفي للنصر العسكري. ذلك أن «البعث وضباطه قماشة التنظيم الأولى، وهؤلاء لم يمض زمنهم، وما النصر المذهبي سوى فرصة جديدة لهم».

وأضاف أن «مقاتلي داعش وأهلهم تبخروا بين السكان وفي مخيمات النازحين وفي الصحراء. وهم لم يفعلوا ذلك لأن زمن الهزيمة تطلب هذه الخطوة، بل لأن الحرب مستمرة. إنهم أنفسهم فدائيو صدام يوم تحولوا إلى «فصائل المقاومة» ثم إلى تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين»، ومن بعدها بايعوا البغدادي».

ولكن هل سيستأنف «داعش» عمله قريباً، كما يتوقع «الأمين»، أو ربما «الأرجح أنه استأنفه؟» هذه متروكة للأشهر والسنوات القادمة، ولكن معظم الأدلة تشير في مختلف مدن غربي العراق إلى عكسه!

هزيمة «داعش» في العراق- والموصل خاصة -هزيمة كبرى للتنظيم في كل مكان، وبخاصة أوروبا وروسيا وغيرهما، التي تقاطر آلاف الشباب المسلم المخدوع منهما، وهؤلاء اليوم جثث متعفنة بين خرائب الموصل.. بعد زوال خلافتهم!

ولا يعجب المرء فحسب من الميتة البشعة التي عرضوا أنفسهم وزوجاتهم لها، بل وحرص الدولة والتنظيم على ارتكاب كل ما ينفر الناس منهم داخل مناطق نفوذ «داعش» وخارجها. وفي الموصل خاصة، أشارت تقارير المراقبين في يوليو 2017، أن جثث المتطرفين «غالبيتها من الأجانب»، وهم الذين كانوا يحاربون في الأشهر الأخيرة، وبخاصة «من أصول روسية وشيشانية ومن جمهوريات سوفييتية سابقة، إضافة إلى العرب. ويأتي بعدهم مسلمون من آسيا، أفغان وباكستانيون وإيجور صينيون – أتراك الصين، ثم أوروبيون، فرنسيون وألمان وبلجيكيون وبريطانيون، ثم أميركيون». ويُبين عميد في قوى الرد السريع في الجيش العراقي أن غالبية حملة الجنسية الفرنسية من القتلى «من دول مثل الجزائر أو المغرب أو تونس». وقال الفارون من سكان الموصل «إن المقاتلين الأجانب أجبروهم بشكل وحشي على البقاء في المنازل التي تعرضت غالبيتها للقصف، أو كانوا يقتلون المدنيين الذين يحاولون الفرار».

أشارت التقارير كذلك إلى أن عدداً كبيراً من المتطرفين العراقيين هربوا بعد تسللهم بين المدنيين النازحين عن المدينة القديمة. ويؤكد الجيش العراقي توقيف الكثير منهم وربما تمكن المئات من الفرار. ولا يستطيع الأجانب الفرار والاندساس بنفس السهولة بسبب مشاكل اللغة واللهجة. وربما لهذا «لايستسلمون أبداً»، ولا خيار أمامهم سوى القتال حتى الموت. ولهذا كان المسؤولون العراقيون يتوقعون «أن الموصل القديمة ستكون مقبرتهم».
4 التواجد الأميركي في العراق
د. شملان يوسف العيسى الاتحاد الاماراتية

في الوقت الذي أعلن فيه المتحدث الرسمي لوزارة الدفاع الأميركية ايريك باهون أن الوزارة لا تنوي سحب أي جندي أميركي من العراق في المدى القريب، مضيفاً أن وزارة الدفاع اتفقت مع العراق على تحويل مهام القوات الأميركية الموجودة على الأرض لتدريب وحدات الجيش العراقي ورفع جاهزيته لمحاربة الإرهاب.. أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على وجود خطة لخفض قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق تدريجياً، مؤكداً في الوقت نفسه على الحاجة إلى غطاء جوي هائل لتجنب فراغ عسكري دولي على الأرض العراقية، وأكد بأن خطر الإرهاب لا يزال قائماً في العراق لاسيما وأن هناك وجود تنظيم «داعش» داخل الأراضي السورية المجاورة.

رغم حقيقة أن الإعلان الأميركي ما هو إلا إجراء تبديل وتغيير بسيط للقوات الأميركية، إلا أن الأحزاب العراقية الطائفية المدعومة بشكل مباشر من الجارة إيران، هددت بالمواجهة مع الأميركيين. فقد أعلن «حزب الله» العراقي في بيان قال فيه المتحدث باسمه جعفر الحسيني بأن التواجد الأميركي في العراق احتلال والتحالف الدولي بقيادة واشنطن تم تشكيله خارج إرادة العراق، وأن القوات الأميركية دخلت العراق عنوة. وأشار إلى أنه لا يوجد أي قرار حكومي عراقي لبقاء القوات الأميركية.

البرلمان العراقي بدوره ينوي إنهاء وجود القوات الأميركية، حيث كشف النائب عن ائتلاف «دولة القانون» في البرلمان العراقي، محمد الصيهود، عن وجود توجه برلماني لإنهاء التواجد الأميركي في العراق، معتبراً أنه تواجد احتلالي للعراق.

ومن المفارقات الغريبة إعلان قائد البحرية الإيرانية، العقيد محمد موسيوندان، في مدينة عبادان جنوب إيران، بأن قوات خفر السواحل الإيرانية والعراقية تنفذان دوريات بحرية مشتركة في نهر شط العرب بهدف الارتقاء بالأمن في المياه الدولية.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك اتفاقاً بين العراق وإيران على إجراء عمليات بحرية مشتركة في شط العرب. لكن الغريب في الأمر أن النواب العراقيين لم يحتجوا على «التعاون» مع إيران.. لكنهم يرفضون التواجد الأميركي!

ولعل المشكلة القادمة التي ستواجه العراق قريباً هي أن هناك مجهوداً خليجياً عربياً دولياً لإعادة إعمار العراق، حيث سيعقد في هذا الشهر مؤتمر دولي في الكويت لجمع التبرعات للعراق، بحضور عربي ودولي. وقد نشرت الصحف الكويتية أن أكثر من 1000 شركة عربية وعالمية تود المشاركة في إعادة إعمار العراق، وهذه خطوة إنسانية كبيرة لمساعدة الشعب العراقي المنكوب.

إن إعادة إعمار العراق تتطلب وجود الأمن والاستقرار وهذا يتطلب وجود حكومة عراقية قوية لديها رؤية وطنية حاذقة تهدف إلى وحدة التراب والشعب العراقيين بكل مكونات البلاد، بعيداً عن المحاصصة الطائفية وزج الدين في السياسة.
5 مؤتمر إعمار العراق… والنقطة الأهم!
سليمان الخضاري الراي الكويتية
أتشرف دوماً بزيارة العراق الشقيق لأداء بعض الشعائر الدينية سنوياً. وغالبا ما احتوت تلك الزيارات على جولات في مدن كثيرة تمتد من أقصى الجنوب العراقي إلى سامراء شمالا، حيث المراقد المقدسة لأهل البيت عليهم السلام، ولا أزال أحتفظ بانطباعات وذكريات كثيرة عن تلك الزيارات ليس اليوم مقام سردها.
أذكر ما سبق، في سياق استعداد الكويت لاستضافة مؤتمر إعمار العراق، وهو المؤتمر المتعدد الجوانب والذي سيبحث أيضا موضوع توسيع التعاون التجاري والاستثمار في العراق، وهو سوق خصبة بكل تأكيد، لكن الأهم في الموضوع كله هو البعد الاستراتيجي للمؤتمر، فأي جهد يدفع بالاستقرار للأمام في العراق هو جهد محمود، وسينعكس بالإيجاب على الكويت واستقرارها، حيث إن الدول ذات الوضع الداخلي غير المستقر تتعامل مع وضعها بطرق شتى، وأخطر تلك الطرق هو تصدير مشاكلها للخارج والبحث عن مشاكل مع دول أخرى لإلهاء شعوبها عن مواجهة مشاكلهم الحقيقية، وهو ما عانيناه مع العراق منذ أيام عبدالكريم قاسم حتى سقوط نظام البعث غير المأسوف عليه.
إذاً، فاستقرار العراق هو في صلب مصالحنا الاستراتيجية، وما يرشح عن أفكار اقتصادية خلاقة سيتم طرحها في المؤتمر، من إنشاء مناطق استثمارية دولية شمال الكويت بالتعاون مع العراق وإيران، إنما تعبر عن نضج سياسي واستراتيجي يأخذ في الحسبان أن استقرار علاقات الدول يأتي بشكل أساسي في التعاون الاقتصادي المجدي للأطراف كلها، ولا يجب أن يقتصر على مفهوم تقديم المعونات التي جرت عليها العادة وقد لا تحقق المرجو منها أساسا من تعزيز العلاقات الديبلوماسية وتقارب المواقف في المحافل الدولية وغيرها.
ولعل ما هو أهم من كل ما سبق، ورأيي هذا مبني على مشاهداتي المباشرة واحتكاكي بالأخوة العراقيين عن قرب، هو ضمان استفادة المواطن العراقي البسيط من نتائج هذا المؤتمر، سواء في جانب التمويل المباشر أو في جانب المشاريع الاقتصادية المشتركة، فما نعلمه ويعلمه الجميع عن معدلات الفساد المخيفة في العراق، يجعل من أي جهد صادق لمساعدة هذا البلد معرضا للفشل بسبب فساد بعض النخب السياسية المتصلة بالشأن العام هناك واحتكارها الكثير من الموارد المالية للبلاد، وهو الأمر الذي نرى آثاره في معاناة المواطن العراقي البسيط وارتفاع معدلات الفقر وضعف البنية التحتية في هذا البلد العزيز الذي نريده في حال أفضل.
نقطة أخيرة مهمة، أن يعقد هذا المؤتمر في الكويت، في الكويت بالذات، يرسل رسالة للعالم بأسره عن هذا البلد العظيم الذي يتعالى على جراحات الماضي رغم قساوتها، ويكشف عن بعد نظر عميق لدى واضع السياسات الخارجية في البلاد، وهو أمر غير غريب عندما يكون رأس الدولة… بحجم صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد.
فلنتعلم منه جميعاً.