7 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الخميس

1 الخمينية على طريق الهلاك…
عثمان الماجد
الايام البحرينية

بينما ينفي نظام الملالي في إيران استمرار التحركات الشعبية التي بدأت بمطالب اقتصادية وتحسين دخول المواطنين والكف عن هدر أموال الشعب وتبذيرها على الميليشيات الإرهابية المنتشرة في البلدان العربية، ومنها دول خليجية، لإشباع غريزة الانتقام والسعي إلى الهيمنة المذهبية وانتهت بالمطالبة بإسقاطه، ويعلن أنه بات يسيطر على الموقف وأنه قد نجح في إعادة المتظاهرين إلى بيوتهم وفي القبض على عملاء أجانب كانوا يقفون وراء الاحتجاجات، فإن وسائل التواصل الاجتماعي تدحض بتسريباتها مجريات الاحتجاجات العاصفة في الأنحاء الإيرانية المترامية الأطراف، وتنقل لنا ما يكفي من الحقيقة التي يريد المتظاهرون إظهارها لإبقاء جذوتها متقدة، رغم كل محاولات الترهيب والتعتيم، في ضمير العالم حتى ينصاع هذا النظام إلى المطالب الشعبية، ولا نقول حتى يسقط هذا النظام؛ لأن الوقت يبدو لم يحن بعد لتحقق هذه الأمنية.

في كل الأحوال، ينبغي القول إن نجاح النظام هناك في قمع المتظاهرين اليوم كما يدعي هو ويروج، لا يعني أبدًا أنه قضى عليهم وأطفأ جذوة الغضب المتراكم على مدى الفترة الممتدة منذ وصول الملالي إلى السلطة. المحتجون بتدفقهم العفوي إلى شوارع مدنهم الكبرى نهارًا وليلًا، وقد تجاوزوا المحظور وأسقطوا التابو ورفعوا شعار إسقاط الدولة ومعها سلطة علي خامنئي التي لا وجود لمثلها في الأنظمة السياسية القائمة، ووصفه بالدكتاتور، وهو الوصف الذي يستحقه، وذلك رغم التلويح بإنفاذ عقوبة الإعدام بحق المتظاهرين. إن أسباب اندلاع الاحتجاجات بمسمياتها المختلفة، هبة أو انتفاضة أو ثورة، تبقى قائمة ما بقيت السلطة الدينية الثيوقراطية. فالسلطة الدينية الثيوقراطية تحمل عناصر موتها وإن طال مكوثها جاثمةً على قلوب المواطنين الإيرانيين؛ لأنها تركيبة سياسية إيديولوجية تتناقض ومنطق التاريخ وطبيعة إرادة وإدارة الشعوب!

فلننظر من حولنا، من منا كان يظن، على سبيل المثال، بأن الاتحاد السوفيتي بكل ما امتلك من عناصر القوة والبروز والتأييد والصمود والمنافسة كان مرشحًا للزوال بعد تلك التجربة الفاعلة في التاريخ البشري على مدى 73 عامًا؟ وهل بعد تلك التجربة الإنسانية التي قسمت العالم إلى قسمين من يشك اليوم بأن تجربة مثلها أو مشابهة لها أو أقل منها سيكون مصيرها الفشل بعد انتشار الوعي بأهمية الديمقراطية والمواطنة المتساوية وحقوق الإنسان؟! واقع المجتمعات الحيّة المتفاعلة مع معطيات زمانها وتغيراته الكبرى لا يجامل وقد قال كلمته ورأينا تلك التجارب تتبخر وتذهب سُدى في ربيع براغ وفي رومانيا وبولونيا ومن قبلها في ألمانيا النازيّة وإيطاليا الفاشية.

بعد تجربة الاتحاد السوفيتي وأنظمة الحكم الشمولية التابعة له في دول أوروبا الشرقية، وكذلك التجارب التي كانت تسير في ركابها من دول العالم النامي، وأعني بذلك تلك الأحزاب الشمولية الأخرى الحالمة بامتطاء صهوة السلطة لممارسة صنوف التسلط وتسيير شؤون البلاد والعباد وفق إملاءات الإيديولوجيا ومن خلال مصفوفة النسق العقائدي الدوغمائي كما هو الحال مع النظام الإيراني، فإننا يجب أن نكون قد تعلمنا منها أن كل محاولة لتأسيس نظام سياسي عقائدي يهيمن على الحياة السياسية ويقوم بفرض يقيناته وثقافته الأحادية محكوم عليه بالفشل والخذلان مهما نجحت هذه التجربة في الصمود عددًا من السنين، فقدر الشعوب أن تكسر قيود القسر الإيديولوجي حتى وإن زعم سدنته وكهانه أن بأياديهم مفاتيح السماء قبل الأرض.

مثلما قال التاريخ كلمته في التجربة السوفيتية السابقة وغيرها من المناويل السياسية الدكتاتورية وصارت أثرًا بعد عين، فإنه حتمًا سيفصل أيضًا، إن عاجلًا أو آجلًا، في التجربة الإيرانية الكهنوتية الرجعية التي حملت الملالي إلى سدة الحكم قبل 38 عامًا. تجربة حكم الملالي في إيران كانت وما تزال كارثة على الإيرانيين وعلى الشعوب المجاورة لإيران. هي على أي حال تجربة لا تقاس بما كان عليه الاتحاد السوفيتي، ودول أوروبا الشرقية الحليفة معه. شعارات الاحتجاج التي رفعها المحتجون من الشعوب الإيرانية والقوميات المختلفة تعكس بوضوح حجم البؤس الذي زرعه ملالي إيران، وحجم الضغوطات التي حرمت هذا الشعب من أبسط حقوقه المدنية والإنسانية، وينبغي أن تلقى هذه الحركة الاحتجاجية كل الدعم والمساندة لكي يلقى هذا النظام مصيره المحتوم في أقرب وقت ممكن. ولهذا لا عجب أبدًا أن تعبر الشعوب العربية ومعظم حكوماتها بالصوت الصريح والمسموع عن دعمها لمطالب تلك الشعوب والقوميات.

شخصيًا لن تأخذني رحمة أو رأفة تجاه النظام الإيراني الذي لم يوفر أسلوبًا إلا ووظفه، ولا أداة إلا واستخدمها؛ ليلحق الأضرار بالأوطان والشعوب العربية، ومنها وطني البحرين وشعبها.. كان إعلامهم يرقص طربًا في حين شوارع العواصم العربية تنزف دمًا.. كان نظامهم يسرف في دعم الإرهابيين، ويوفر لهم الرعاية الكاملة والمأوى في الوقت الذي تتناثر فيه أشلاء الأطفال في سوريا والعراق. لهذا نقول لهم ذوقوا ما كنتم تذيقوننا، ولا ينبغي أن يُحمل قولي هذا على الشماتة؛ بل هو وصف لسحر انقلب على ساحر ظن واهماً أنه أسر شعبه في أوهام المقدس وأغراهم بجنة السماء ليحرمهم حقهم في شيء من جنة أرضية كانت كل خيراتها تتكدس في بطون الملالي وحساباتهم البنكية الشاهدة على فساد لا نظير له.

الشعب هذا الذي هبّ وانتفض هو شعبكم الذي رأى بعثرتكم أمواله بأم عينه، وسمع الإرهابي حسن نصرالله، أمين ميليشيا «حزب الله» يجاهر على الملأ بنهب اللقمة من أفواه فقراء إيران، ويفاخر بكم كزعماء وأنتم تفتحون له خزائنكم ليضاعف من معاناة شعبكم ويزيد من قهره. وهذا الحرس الثوري الذي يدمر ويسفك الدماء في سوريا والعراق بأموال الشعب الإيراني هو حرسكم الذي تفاخرون به، وكذلك تفعل ميليشيا الحوثي في اليمن، وميلشيات الحشد الشعبي في العراق بدعمكم المادي والمعنوي. لا تلوذوا بضعفكم لتلقوا اللوم على غيركم في سبب هذا السخط الشعبي الذي تُرجم أنتفاضةً على حكمكم. نظام ولاية الفقيه لم يكن يومًا صالحًا ولا حتى قادرًا على أن يدير بلدًا بهذا التنوع العرقي والمذهبي والإثني. كفى هذيانًا!

الشعب الإيراني ضاق بكم، ولن تجدوا مخرجًا من مأزقكم، وإذا كان لكم أن توقفوا هذه الاحتجاجات بطريقتكم الدموية المعتادة، فإن هذا الإيقاف سيكون إلى حين، أي أنه إيقاف مؤقت يأخذ شكل استراحة على طريق القضاء الكامل على النظام. فالخمينية التي عاثت دمارًا في إيران إنما هي اليوم على طريق الهلاك، ومآل «مرشد الثورة» الدكتاتور علي خامنئي إلى مزبلة التاريخ.
2 ولاية فقيه.. فلماذا ينتخب العراقيون!

رشيد الخيّون

الاتحاد الاماراتية

لا يتضمن دستور العراق (2005) أي إشارة إلى ولاية الفقيه، الخاصة أو العامة، ما عدا ماورد في الديباحة من عبارة «قياداتنا الدينية» و«مراجعنا العظام»، وهذه لا تعني سوى التبجيل، ضمناً مع عبارة «قوانا الوطنية». كذلك قد بينت مرجعية النجف، ممثلة بآية الله علي السيستاني، أنها ليست مع نظام ولاية الفقيه المطلقة، مثلما هو الحال في إيران، وتكررت العبارة على لسانها: «المرجعية لا تمارس دوراً في السلطة والحكم» (الخفاف، النصوص الصادرة عن السيستاني في المسألة العراقية).

لكن في خطبة الجمعة (13/6/2014)، بمناسبة ولادة المهدي، تحدث ممثل المرجعية ولسان حالها الشيخ عبد المهدي الكربلائي عما يفهم أنها ولاية فقيه مطلقة، بإعلان المرجع الديني قائداً ربَّانياً، لأنه نائب المهدي المنتظر (يُذكر أنه غاب 260هـ وحتى يومنا هذا). يقول الكربلائي من صحن مرقد الحسين بكربلاء الآتي: «الوصية الأخيرة المهمّة، إنّ الإمام والأئمة الآخرين بينوا لنا أنه في حال الغيبة، أي أنه لا يمكن الاتصال المباشر بالإمام، كيف نوصل حبل الطاعة؟ حبل الولاء للإمام الذي لا نتمكن من الاتصال به مباشرة؟». يُجيب الكربلائي، بالقول إن الاتصال بالإمام يتم عن طريق «الفقهاء العدول مراجع الدين العظام الذين تتوفّر فيهم الشروط التي بيَّنها الإمام، هؤلاء يجب طاعتهم، يجب الالتزام ببرنامجهم وبمنهجهم وبإرشاداتهم وبتوجيهاتهم، ليس فقط في الاستفتاءات، ليس فقط في أحكام الحلال والحرام، ليس فقط في أحكام العبادات والمعاملات، بل في كل شيء يصدر منهم، في كل مجالات الحياة، لأن الإمام أطلق في عبارته حيث قال: (فإنّهم حجّتي عليكم)، ولم يقيّد بمجال من مجالات الحياة أبداً، وهو حجّة الله عليهم، لذلك يجب طاعتهم في كلّ ما يصدر منهم».

لقد أعلنها الكربلائي، وعلى لسان المرجعية، ولاية فقيه مطلقة، وهي التي نفتها المرجعية نفسها مثلما تقدم. فهل تحدث الكربلائي بما يعتقد هو، أم أنها رسالة من المرجعية بإعلان ولايتها المطلقة؟ العبارة التي ذكرناها سلفاً: طاعتهم «في كلّ مجالات الحياة»، لا يفهم منها غير السلطة السياسية، بمعنى أن مقلدي المرجعية ملزمون بأوامرها وتوجيهاتها، ولا قيمة للبرلمان المنتخب، وبالتالي لا قيمة للمنافسة في الانتخابات. فعلامَ هذا البذخ، وهذا النزاع الانتخابي، والأمر بيد نائب الإمام الغائب، الذي نوه الكربلائي في خطبته أنه حيُّ، يرى ويسمع ما يحدث، ويتدخل عن طريق نائبه؟!

كيف الرُّكون إلى نظام نيابي والسلطة منتزعها نائب الإمام، حسب خطيب المرجعية: «لا يصحّ أن يكون للإنسان المؤمن رأي في منهج ورأي المرجع الذي تتوفّر فيه الشُّروط»! أقول: هل انتبهت المرجعية إلى هذا التناقض بين آرائها المنشورة، وما ورد على لسان ممثلها وخطيبها الشيخ الكربلائي؟!

لا يخفى أن فكرة المهدي المنتظر من أخصب الأفكار المولدة للنزاعات، وأن السنّة والشيعة يقرونها عقيدة دينيةً، ولا يختلفون في الحديث: «يلي أَمر هذه الأُمة في آخر زمانها رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» (البستوي، المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة). إلا أن عند السنة سيخرج بين جيله، وعند الشيعة مولود، وما زال حيَّاً، غاب غيبتين صغرى وكبرى (260- 329هـ)، وفي الأولى كان السفراء الأربعة بينه وبين الناس (الطُّوسي، كتاب الغيبة)، ولما انتهى عهدهم صار الأمر للفقهاء. فترى ولاية الفقيه معتمدة على أن الأخير يُقيم حكمه بصلاحيات إلهية (الخميني، الحكومة الإسلامية).

نحن أمام حيرة مضاعفة؛ هوس الانتخابات وتكاثر الأحزاب، وحيرة في أن المرجع الديني يتدخل في «كل مجالات الحياة»، ومن المؤكد أن المقصود بها الحياة السياسية. وبهذا لا توجد قيمة للانتخابات! فهل لدى المرجعية جواب على هذا الخطاب، أم أنه خطابها المعتمد؟!

أظن أن الناس يتمنون خروج الإمام من غيبته اليوم قبل غد، كي يعرفوا الصحيح من المختلق على ألسنة الرّواة، هل عُين الفقيه نائباً مطلقاً عليهم بأمر إلهي، لأن الأمر يتعلق بإدارة السياسة والاقتصاد، أم أن الانتظار سيطول، وتبقى سلطة الفقهاء إلهية مفتوحة، والبرهان روايات مختلف عليها؟!

إنه ليس طلب أهل هذا العصر، بل سبقهم «الحميري» (ت 173هـ)، مناشداً مهدي عصره، محمد بن الحنفية (ت 81هـ): «حتى متى؟ وإلى متى؟ ومتى المدى؟/ يا ابن الوصيِّ وأنتَ حيّ ترزقُ » (ابن المعتز، طبقات الشُّعراء). أجده طلباً مشروعاً في هذا الوقت، فالشيعي يتعرض لقوامة باسم المنتظر، ولم يعد الأمر انتظاراً وأملاً، بل صار استبداداً بيد الفقيه، أبعد من «العبادات والمعاملات»، بعذر نيابة الإمام والتمهيد لظهوره! وفي حال العراق يوجد فقهاء مطلقون لا فقيه واحد، ومن خارج الحدود. «فيا ليت شعري ما الصحيح»؛ ما صرّحت به المرجعية أم ما رماه الكربلائي في الأذهان؟!
3 حِزبُ العُمالِ الكُردستانيُّ صراعٌ من أجل الحُريَّةِ وحُقوقِ الإِنسانِ
عبدالله الهدلق
الوطن الكويتية

حزب العمال الكردستاني (PKK) جماعة مسلحة كردية نشأت في السبعينيات في منطقة ذات غالبية كردية في جنوب شرق تركيا كحركة انفصالية بمزيج فكري بين القومية الكردية والثورية تسعى لإقامة دولة (كردستان) ، وفي مطلع الثَّمانينيات دخلت بشكلٍ صريحٍ في صراعٍ مسلح مع تركيا بغية نيل حقوق ثقافية وسياسية ومدنية وتقرير المصير لأكراد تركيا ، واستمرت المواجهة حتى نهاية التسعينيات ، حيث قبضت تركيا على زعيم الحزب عبدالله أوجلان وسجنته ودخل الحزب مرحلة جديدة من التنظيم والنضال .

وحزب العمال الكردستاني تنظيم سياسي بارز، يحظى بتعاطف كبير من أكراد تركيا، يساري التوجه، كردي القومية، يقود عملاً مسلحاً مدعوماً بمجموع الأكراد في تركيا وسورية ولبنان والعراق ، إنه حزب العمال الكردستاني (PKK) الذي تشكل سرياً في 27 نوفمبر 1978، وأسسه طلاب أكراد، بينهم عبد الله أوجلان الذي اختير كأول رئيس للحزب، هؤلاء تبنوا الفكر الماركسي اللينيني وأخذوا يطالبون بإقامة دولة كردية مستقلة في المناطق ذات الأغلبية الكردية في كل من تركيا والعراق وسورية وإيران، ومن أجل ذلك يخوض الحزب نزاعاً مسلحاً مع تركيا أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص منذ الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، لكنه حتى اليوم لم يحقق ما يريد بل تنازل لتصبح مطالبه الحصول على المزيد من الحقوق والحريات للأكراد وقدر من الحكم الذاتي جنوب شرقي تركيا.

في البداية كانت أيديولوجية حزب العمال الكردستاني هي الماركسية اللينينية، لكن سرعان ما أدرج المرجعيات الدينية في برنامجه خوفاً من أن يترك ذلك مجالاً أمام الجماعات المستترة بالدين المتنامية التي أحاطت بالأكراد الذين يدينون بالإسلام ، وتجنب حزب العمال الكردستاني ضربةً من قبل تنظيم (حزب الله) وهو تنظيم ديني تركي مرتبط بتنظيم الإخوان المسلمين عمل منذ 1991 على ضرب حزب العمال الكردستاني باتهام نشطائه بالإلحاد والشيوعية، بغية وقف الدعم الشعبي الذي يتلقاه ، فاضطر لتغيير أيديولوجياته وتوجهاته .

ومع مرور الزمن تغيرت مطالب الحزب الأساسية التي أُسس عليها، ففي البداية طالب باستقلال كردستان عن تركيا، ثم باستقلال كردستان الموحد معارضاً بذلك نموذج الحكم الذاتي الذي طالب به الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، لكنه تخلى تدريجياً عن هذه المطالب الانفصالية الاستقلالية ليطالب بالفدرالية في تركيا ، وبعد ملاحقة استمرت 15 عامًا، تمكنت الحكومة التركية من اعتقال عبد الله أوجلان مؤسس وزعيم الحزب، وكان ذلك في مطار العاصمة الكينية نيروبي في 15 فبراير 1999، وأدين أوجلان بـ(خيانة البلاد) ، وحكم عليه بالإعدام في العام نفسه ، ثم خفف الحكم إلى السجن المؤبد بجزيرة صغيرة في بحر مرمرة.

ومقابل تحسين حقوق الأكراد وحرياتهم في تركيا وافق حزب العمال الكردستاني على توقيع مصالحة مع الحكومة التركية كان ذلك في عام 2013 وذلك مقابل أن يسحب الحزب مقاتليه من تركيا إلى شمال العراق، وفي مارس 2013 أعلن حزب العمال الكردستاني رسمياً وقفاً لإطلاق النار مع تركيا، وذلك في أعقاب الدعوة التي وجهها عبد الله أوجلان لإنهاء النزاع المسلح – الذي استمر عقوداً – من أجل حكم ذاتي للأكراد وحرياتهم وحقوقهم .

وفي تطبيق عملي لمقولة (عدو عدوي صديقي) ، تلقى حزب العمال الكردستاني دعماً مالياً وعسكرياً مباشراً من الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تعتبره منظمة إرهابية ، وكان ذلك الدَّعم الأمريكي بسبب محاربة حزب العمال الكردستاني لتنظيم (داعش) الإرهابي ، ويحظى حزب العمال الكردستاني بشبكة من الممولين في أوروبا وتركيا والجالية الكردية في مناطق العالم ، وتقول مصادر الحزب أنه رغم توجهه اليساري فهو لم يحصل على تمويل من المنظومة الاشتراكية، بل يعتمد في تمويل العمليات السياسية والقتالية على مصادره الخاصة .

وبوجود أردوغان رئيساً لتركيا على الرغم من ديكتاتوريته وانتهاكاته المستمرة للحريات وحقوق الإنسان وتكميمه للأفواه وانتهاكه لحرية الصحافة وعدم قبوله للانتقاد ، وتأييده لتنظيم الإخوان المسلمين والإرهاب المستتر بالدين ، كل تلك الأخطار الأردوغانية توجب على كل القوى الدولية المحبة للسلام أن تدعم مالياً وسياسياً وعسكرياً ولوجستياً حزب العمال الكردستاني (PKK) ، وهذا بالضبط ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية بمساعدتها لقوات سورية الديمقراطية على إنشاء مناطق حدودية آمنة ومنع قوات الديكتاتور أردوغان من مهاجمة الأكراد على الحدود السورية التركية .
4 «الكوفة» لهشام جعيّط: دعوة لاستعادة المدينة الأولى في الإسلام؟
ابراهيم العريس

الحياة السعودية

في القرن الرابع عشر، حين قام الرحالة ابن بطوطة بجولته في العالم الإسلامي، اكتشف حين وصل إلى جنوب ما يسمى اليوم بالعراق، أن المدينة التي كان يتشوق لرؤيتها والتجوال فيها، أكثر من أية مدينة أخرى في عالم الإسلام، لم تعد موجودة، أو بالأحرى لم يعد يوجد منها سوى بضعة آثار ورهط من سكان آثروا ألا يبرحوها كما فعلت الغالبية العظمى من السكان الذين أسسها آباؤهم وأجدادهم، لا سيما منهم القادمون من جنوب الجزيرة العربية. حين زارها ابن بطوطة كان لا يزال قائماً في الكوفة مسجدها الذي بقي، على أي حال قائماً حتى أيامنا هذه، بشكل أو بآخر. وكيف كان بالإمكان إزالة ذاك الذي كان أول مسجد بني حقاً من لا شيء، في التاريخ الإسلامي؟ فالحال أن مسجد الكوفة، كما الكوفة كلها على أي حال، لم يُقم في هذه المدينة مكان أي معبد سبق وجوده كما الحال بالنسبة إلى معظم مساجد الإسلام الأولى، بل في مكان وسط المدينة التي أُسست بدورها في مكان خال يقع على ضفة فرع من فروع الفرات، يدعى الهندية، على مبعدة فراسخ قليلة إلى الشمال الشرقي من النجف الأشرف، بالتالي فإن الكوفة نفسها ستكون في التاريخ الإسلامي، أول مدينة ينشئها المسلمون العرب خارج الجزيرة العربية وذلك أيام الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، لكنها سوف تكون بعد قرون قليلة، أول مدينة إسلامية تزول من الوجود، ولأسباب سياسية على الأرجح.

هذا ما نستشفه على الأقل من الكتاب الذي كرسه الباحث التونسي هشام جعيط لهذه المدينة وتجلى أول الأمر لديه كأطروحة دكتوراه مميزة، قبل أن يتحول في لغته الأصلية، ثم في ترجمته العربية التي نرجح أن المؤلف نفسه هو من قام بها لتصدر في عام صدور الأصل الفرنسي نفسه أولاً عن «مؤسسة الكويت للتقدم العلمي» (1986)، ثم في طبعة ثانية منقحة عن دار الطليعة في بيروت (1993). والحقيقة أن هذا الكتاب، الذي لم يلق في اعتقادنا ما يستحقه من اهتمام لدى صدوره، لا يمكن اعتباره كتاباً عادياً عن مدينة عادية. بل هو من تلك الكتب التي تؤسس وتشتغل على لب الموضوع التاريخي الذي لا يكتفي بالسرد والوصف ليطلع باستنتاجات يغلب عليها الطابع الأيديولوجي كما اعتاد أن يكون هذا النوع من الكتب في الثقافة العربية المعاصرة. بل هو يبدو لنا أقرب إلى ما يدعو إليه «التاريخ الجديد» كما عبّرت عنه مدرسة «الحوليات» الفرنسية، من اهتمام بالتفاصيل وتوقف عند الأبعاد الاقتصادية والثقافية وضروب الحياة اليومية العائدة إلى الموضوع المؤرَّخ، وفي نوع من التضفير بين التاريخ والجغرافيا. ربما يكون علينا أن نتوقف أول الأمر عند ما يقوله «الناشر» عن الكتاب– ونرجح أن المؤلف نفسه هو الذي صاغ العبارات ناسباً إياها إلى الناشر!-: «يطمح هذا الكتاب إلى أن يكون إحياء أو قل ترميماً للكوفة، أولى الحواضر العربية الكبرى، زمنياً، خارج الجزيرة العربية التي وُلدت مع الفتح، وكانت أحد المراكز الحساسة في الإمبراطورية، وزالت اليوم من الوجود»(…). والحقيقة، يتابع كاتب هذه الفقرة: «أن الكوفة تمثل بامتياز تاريخ الحضارة الإسلامية في أقدم تعابيرها وأهمها التي يُحكى عنها الكثير ويُعرف عنها القليل من حيث حياتها النابضة التي تتراءى في آخر المطاف مثيرة للخيال اليوم…». وكيف لا تثير مثل هذا الخيال مدينة عرفت كيف تكون خلال القرون الثلاثة الأولى من التاريخ الإسلامي- وقبل أن يبدأ دمارها على أيدي القرامطة ثم إهمالها على أيدي العباسيين-، مركز إشعاع فكري وأدبي وبخاصة لغوي، حيث نعرف، ويفيدنا المؤلف بالتأكيد، أنها كانت مع توأمها البصرة، وانطلاقاً من جغرافيتها القريبة من مناطق سكنى البدو من العرب الأقحاح، مركز انطلاق أولئك الباحثين في شتى الشؤون الفكرية من الذين كانوا يقصدون عرب الصحارى لكي يتعلموا على أيديهم قواعد اللغة وتواريخ الشعراء الأقدمين وتفاصيل الفكر والإبداع اللذين ارتبطا بتلك العصور التي دعاها المسلمون بـ «الجاهلية»، وكانت في حقيقتها خزانة حضارة لا تضاهى من المهم أن نقول هنا أنها وصلت عبر تطور اللغة وحفظ الأشعار والتلاقح بين «الكوفيين» والأعراب، إلى استعادة ذلك الإرث والحفاظ على جذوره العربية.

عن هذا يحدثنا هشام جعيط في هذا الكتاب بالتأكيد، لكنه كأساس لأطروحاته، يقول لنا لماذا كان هذا ممكناً هو الذي يرى أن «الكوفة المتخفية اليوم في رمالها، تبدو أكثر تخفّياً في ثنايا أقدم النصوص التاريخية، وتنهض لنواظرنا مجلببة بكل هيئاتها وأجهزتها الكثيفة والكثيرة في آن. فقد خالجتها رعشات الحياة النابضة بقوة، وهي تتكون بين النهر والصحراء مشرفة على سهول بلاد الرافدين…»، هي التي إنما أسسها في الأصل أبناء قبائل جنوب الجزيرة العربية، لا سيما يمانيو الأصل منهم، أولئك الذين قصدوا بلاد السواد (العراق) في جيوش الفتح وأرادوا الاستيطان هنا بعد تحقيقه. ومن هنا ما يقوله جعيط على خطى المستشرق الفرنسي ماسينيون الذي كان من أوائل الباحثين، وميدانياً بالتحديد، في تاريخ الكوفة. غير أن المؤلف التونسي، إذ ينطلق من كتابات ماسينيون، وغالباً في نظرة ناقدة حاذقة تعتمد أساليب في البحث التاريخي لم يكن للمستشرق الفرنسي عهد بها– ولكن من دون أن يبخس هذا الأخير حقه-، يشتغل على مئات المصادر العربية القديمة والحديثة، بخاصة منها تلك التي أرخت لتكوّن مدينة الكوفة متحوّلة مما يشبه المعسكر إلى تلك المدينة المزدهرة فكريا والتي أنجبت كباراً من الشعراء والمفكرين العرب– ومنهم بالطبع أبو الطيب المتنبي الذي تتزامن بدايات سيرته كما نعرف، مع هجوم القرامطة على المدينة وتدميرها في مشهد عايشه طفلاً ولن يبرح مخيلته أبداً-.

ويؤكد لنا جعيط أن غايته الأساسية من الكتاب إنما كانت إقامة «حوار حقيقيّ بين حضارة الكوفة العربية، وتلك الحضارات التي تقدّمتها كالبابلية والفارسية والهلنستية والرومانية». والحال أنه إن كان جعيط يلحظ ضروب التواصل والتقاطع بين كل تلك الحضارات وصولاً إلى الكوفة فإنه «يظلّ متيقّظاً للإسهام العربي الصرف، وهو يتخطى الكوفة ليقوم باستجواب البصرة وواسط وبغداد وصولاً إلى الانكباب على حركة نشوء المدينة الإسلامية ذاتها».

والحقيقة أن في هذه العبارة الأخيرة يمكننا أن نجد مفتاح هذا الكتاب ككل حيث أن في تاريخ الكوفة كل المقدمات التي تؤشر إلى الولادة الخالصة للمدينة الإسلامية التي تولد لضرورات عملية من دون أن تقوم على بنيان سبقها. ومن هنا ما يبدو واضحاً كيف أن العرب الأقحاح الذين اختاروا المكان وهندسوه، إنما قسموه، أوّل ما فعلوا، انطلاقاً من توزعاتهم القبلية. وهو أمر بالغ الأهمية يعكسه لنا المؤلف في خريطة– مفترضة– للتوزع السكاني يوم التأسيس حيث قُسّمت المدينة ذات الشكل المربع على النقيض من الشكل الدائري الذي تتخذه المدن عادة، إلى مجموعة من أحياء تحيط بالمركز الذي يشغله الجامع، المشترك والمركزي، إلى جانب القصر والأسواق. ولعل أول ما نلاحظه في ذلك التقسيم عدم وجود تراتبية معينة بين عبس وقيس والأنصار ومحارب وكنانة وجهينة وعبد قيس وربيعة وكندة ومذحج وهمدان وغيرها من القبائل التي استوطنت الكوفة وبنتها عند التأسيس. ولعلنا لا نحتاج هنا إلى طويل بحث حتى نتنبه إلى أن معظم هذه الأقوام إنما أتت من اليمن وما يحاذيه، ما يدفع دائماً إلى التساؤل حول ما يمثله ذلك المخزون اليمني من البشر، خصوصاً إن نحن تذكرنا هنا أن تلك الاندفاعة اليمنية الإسلامية نحو الشمال الشرقي ستوازيها بعد عقود قليلة من السنين اندفاعة يمنية أخرى نحو شمال أفريقيا ومنها نحو الأندلس حيث يمكننا أن نلاحظ بسهولة أن جذور كبار المفكرين الأندلسيين تعود إلى اليمن أيضاً.

لكن هذا، وكما هو واضح، ليس موضوع هذا الكتاب وإن كان لا يفوت المؤلف أن يشير إليه. فموضوعه هو هنا بناء وسقوط تلك الحاضرة العربية التي يتساءل منذ البداية عما إذا كانت معسكراً أم مدينة حقيقية، قبل أن ينتقل بعد قليل إلى دراسة مسألة التمدن والاستقرار وصولاً إلى اعتبار الكوفة نموذجاً في هذا السياق ليختم دارساً الوجه المدني لتلك المدينة التي يطمئن نفسه في الختام بقوله إن «ما من مدينة تنتهي أبداً من بنائها الذاتي لأن نبضات حياتها ترتبط بالمادة البشرية الموجودة داخلها»، فهل نحن أمام دعوة دائمة لعودة الكوفة؟
5 لماذا ينضم الأطباء للجيوش الأجنبية

روبرت فيسك*

صحيفة (الإنديبندنت) – البريطانية

هناك ظاهرة جديدة في الشرق الأوسط لم تكن موجودة سابقا في الصراعات الأهلية، سواء في إفريقيا أو آسيا، وهي أن الأطباء ينضمون إلى الأطراف المتحاربة بدلا من البقاء على الحياد وممارسة عملهم من منطلق إنساني.
وكان من المعتاد أن يتعامل الأطباء والعاملون في مجال الرعاية الإنسانية والطبية مع الجمعيات العالمية، ويتعاملون مع الأطراف المتحاربة ويتفاوضون مع المقاتلين على نقاط التفتيش ويقدمون لهم رشى من الطعام وغيره ليسمحوا لهم بالمرور بشحنات غذائية أو طبية للأماكن القابعة رهن الحصار.
ولكن ما يحدث في الشرق الأوسط أمر جديد لا يشبه ما كان يجري قبل ذلك، فقد أصبح الأطباء طرفا من أطراف الصراع. يقول جوناثان ويتال، من منظمة أطباء بلا حدود، إن بعض الأطباء أثناء حصار الموصل شمال العراق كانوا يقدمون لقوات الأمن العراقية والمقاتلين المتحالفين معها أسماء المرضى الذين يتلقون العلاج لديهم ومعلومات عنهم، وكانوا يسمحون للجنود أحيانا بالتحقيق معهم داخل المستشفيات.
ويشير جونثان ويتال إلى أن بعض المرضى والمصابين كانوا يتلقون العلاج من الأطباء التابعين لقوات التحالف الدولي في سورية والعراق على أنهم معتقلون لا مرضى، وهو الأمر الذي قوّض ثقة المواطنين في الأطباء، ويؤثر سلبا على أنشطة منظمة أطباء بلا حدود والمنظمات الطبية الأخرى العاملة في ساحات الصراع.
وهناك عدة منظمات تعلن تعاونها مع قوات التحالف الدولي مثل «أكاديمية الصحة والطوارئ الدولية»، وهي منظمة طبية في سلوفاكيا تصف نفسها بأنها منظمة طبية إغاثية دولية وتعمل في العراق ولها عدة مستشفيات ونشطاء شاركوا في علاج المصابين في الحرب ضد تنظيم داعش.
ولكن منظمة أطباء بلا حدود، وغيرها كثير، لا توضح بشكل محدد طبيعة التعاون مع القوات الدولية وهي طرف في المعارك. ويقول ويتال إنه شعر بالخوف والخطر عندما سمع أن المستشفى الميداني التابع لأطباء بلا حدود في الموصل يوصف بأنه «المستشفى الأميركي» من قبل المرضى والمواطنين، مشيرا إلى خطورة ربط أي نشاط إغاثي وطبي دولي بالولايات المتحدة الأميركية، وهو الأمر الذي شارك فيه بشكل خطير الظاهرة الأخيرة التي يقدم عليها الأطباء في المنطقة. ‏

6 احتمالات عودة عصابات داعش بزخم وقوة اكبر
سعد ناجي جواد
راي اليوم بريطانيا

في الولايات المتحدة الامريكية يوجد عدد من الصحف والمجلات العلمية التي يجب على كل مهتم بالشؤون السياسية ان يستوعب ما ينشر فيها لانها في الغالب الاعم اما تعبر عن سياسة الدولة او تضع لها خططا مستقبلية او تمرر أشياء من اجل الوصول الى هدف ابعد، او تقدم تحليلات عميقة عن بعض الأمور استنادا الى قربها من صانعي القرار. الى غير ذلك من الأساليب التي اصبحتَ معروفة لأغلب المهتمين بالشان السياسي. ومن هذه المجلات العلمية الرصينة دورية (فورين بولسي، او السياسة الخارجية)، والتي نشرت في عددها الأخير بحثا بعنوان: تحليل لدول التحالف يحذر من عودة محتملة و قوية لتنظيم الدولة الاسلامية، (المعروفة بداعش). (ولقد نشرت صحيفة راي اليوم مشكورة في ٢.١٨/١/١٢ ترجمة لاهم ما جاء في الدراسة ). وانا هنا لا اريد ان أعيد ما كتبته المجلة، والمعروفة بعدم نشرها الأخبار بصورة اعتباطية، وانما تستند الى تحليلات ومقابلات مع أشخاص ذوي خبرة بهذا الشأن.
و ما استندت اليه المجلة من معلومات حول استمرار تواجد قوات وخلايا مسلحة لداعش في مناطق استراتجية مهمة في العراق وعلى الحدود العراقية-السورية وفِي داخل سوريا، وهو صحيح جدا، وانه لم يصاحب الانتصار العسكري على هذا التنظيم الإرهابي اي عمل لتطوير وبناء للمناطق التي كان يحتلها او كسب ابناءها كي لا يوفر بعض منهم حاضنة بسبب الاهمال والاعتقالات العشوائية والاغتيالات، وهذا صحيح اكثر.
ولكن ما اريد الحديث عنه هو ما لم تتطرق له هذه المجلة، وهو الامر الذي دفعها للحديث عن او التنبأ بعودة أقوى لهذا التنظيم. فبعد الانهيارات العسكرية التي حلت بالتنظيم سواء في العراق او في سوريا ظهرت أمورا لا يمكن فهمها الا انها محاولات للحفاظ على ما تبقى من هذا التنظيم لجولات اخرى. فأطراف في الحكومة العراقية اتهمت حكومة اقليم كردستان بأنها آوت وحمت إعدادا لابأس بها من مقاتليه، في حين اطراف اخرى تحدثت سرا عن ان ما يحدث في المناطق المتنازع عليها، وخاصة منطقتي طوزخرماتو وكركوك، والتي انسحبت منها قوات الاقليم المسلحة وتركتها للحكومة المركزية، ماهو الا بداية جديدة لهذا التنظيم. علما ان رئيس الوزراء العراقي السابق اتهم قادة الاقليم وخاصة في أربيل ، بأنهم كان لهم يدا طولى في تمكين ومساعدة التنظيم في احتلال الموصل والمناطق الاخرى من العراق. من ناحية اخرى تحدثت تقارير دولية عديدة عن دور للقوات الامريكية في حماية اجزاء من هذا التنظيم.
وفِي الوقت الذي ربما لا يوجد فيه دليل ملموس على ذلك، الا انه يوجد دليل على ان الولايات المتحدة اعترفت بأنها بدأت بخطوات جديدة لإعادة تسليح وتاهيل مجاميع مسلحة في سوريا لكي تداري الإخفاقات الذي مني به مشروعها في سوريا.
وان تأجج الاعمال العسكرية في سوريا مرة اخرى بعد ان بدأت الأمور تسير نحو نوع من انخفاض المواجهات في مناطق عديدة امر لا يمكن ان يغيب عن تحليل كل متابع. واذا قارنا هذا العمل مع تصريحات أمريكية كثيرة سابقة والتي تقول ان كميات لابأس بها من الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة واوربا قد تم بيعها او تسريبها الى تنظيم داعش، ونفس الشيء قيل عن. أسلحة أمريكية وأوروبية قدمت لإقليم كردستان، وهي غير الأسلحة التي سيطر عليها التنظيم عند اجتياحه للمعسكرات العراقية والسورية.
واذا ما تذكرنا التمويل الذي كان بحصل عليه التنظيم من تهريب النفط وبمساعدة أطرافا متنفذة في المنطقة، ودعم اسرائيل لهذه المنظمة الارهابية واظهار دعمها بانه انساني وطبي فقط، وهي التي سعت ان يصل مقاتلي هذا التنظيم الى الحدود السورية اللبنانية، يضاف الى ذلك تغير الموقف التركي وانقلابه على مشروع التهدئة ومطالبته من جديد بتغيير النظام في سوريا، فيمكننا ان نفهم لماذا تتنبأ المجلة الامريكية بهذا الشيء الان. وحتى الهجومين بالطائرات المسيرة ضد القاعدتين الروسيتين يمكن ان يَصْب في هذا الاتجاه ، وخاصة عندما نقرا تصريح الرئيس الروسي الذي أكد فبه ان هذين الهجومين لا يمكن ان تقوم بهما منظمات مسلحة محدودة القدرات. ولا حتى دولة متقدمة نوعا ما عسكريا مثل تركيا. علما هناك اخبار نشرت عن هبوط طائرات هليكوبتر أمريكية في مناطق تواجد داعش ونقلت أعدادا منهم الى جهات مجهولة.
انا هنا لا اريد ان اتحدث عن نظرية مؤامرة، والتي اثبتت وقائع كثيرة انها موجودة فعلا في الكثير من تصرفات بعض الاطراف المتورطة في المنطقة، ولكني اريد ان أقول ان أطرافا كثيرة ، إقليمية ودولية، والتي كانت مستفيدة من انتشار هذا التنظيم، لا تريد ان تخسره بالكامل وتسلم بفشل مشاريعها التقسيمية والتمزيقية، والتي دعتها في وقت سابق الى التحدث وبكل صراحة ووضوح وعلنية عن ان المنطقة لن تعود كما كانت عليها قبل ظهور داعش، لا والأكثر من ذلك فان مسؤولين كبار من هذا المعسكر تحدثوا بصراحة وفِي اجهزة الاعلام عن نهاية وجود دولتين على الأقل في المنطقة، سوريا والعراق؟
هذه قراءتي المتواضعة والنتائج التي توصلت اليها بعد قراءة البحث المذكور، ربما لن يشاركني فيها البعض ولكن مهما سيقال في معارضة هذا الرأي، فان كل الأمور تشير الى ان المنطقة لن تنعم بالهدوء التي تتمناه في الوقت القريب المنظور، وان على القائمين على الأنور في المنطقة، وخاصة في العراق وسوريا، ان يدركوا ان لا هدوء الا بعد القضاء على الارهاب والاسباب التي ادت الى ظهوره وانتشاره، فهل سيحصل ذلك؟

7 خمسة اسباب يمكن ان تضمن فوز العبادي في انتخابات العراق
فارس العاني
راي اليوم بريطانيا

غالبية العراقيين كانوا يتطلعون الى وعود السيد حيدرالعبادي رئيس مجلس الوزراء وخصوصاً المتعلقة بعملية الإصلاح ومحاربة الفساد والانتقال بالعراق الى مرحلة تجاوز الطائفية وتداعياتها التي انهكت الشعب العراقي الذي لم يكن يعرفها او يتداولها بهذا الطريقة الغير مسبوقة منذ تأسيس الدولة العراقية .
لا احد ينكر ويتجاهل ان السيد العبادي منذ ان أنيط به منصب رئاسة الوزارة في عام ٢٠١٤ حظي بدعم داخلي وعربي وإقليمي ودولي وهذا الدعم لم يحصل عليه في السابق اي مسؤول عراقي وخصوصاً في الفترة التي اعقبت غزو العراق واحتلاله ، ونتيجة هذا الدعم شهد العراق خلال الثلاث سنوات الاخيرة نوعاً من الانفراجات على المستويين الداخلي والخارجي وتكللت اخيراً بتحرير المدن من تنظيم داعش الارهابي على أيدي الجيش العراقي الباسل وبقية التشكيلات المسلحة المساندة له وفي مقدمتها الحشد الشعبي ، هذا التنظيم الذي احرق الأخضر واليابس وكانت تداعياته كارثية لا يمكن تجاوزها خلال مدة قصيرة نتيجة الخراب والدمار الهائل ناهيك عن الخسائر الكبيرة في الأرواح ، لقد عوّلَ العراقيين كثيراً على الوعود التي كان يطلقها السيد العبادي في كل مناسبة بأن المعركة القادمة ستكون ضد الفساد وهي لا تقل ضراوة عن المعركة التي هزم فيها تنظيم داعش ، لكن المفاجئة التي هزت العراقيين هو الائتلاف السياسي( النصر والإصلاح) الذي تم الإعلان عنه في حينه برئاسة السيد العبادي نفسه للدخول في الانتخابات القادمة والذي اعتبره العراقيون قبل المراقبون انه ائتلافاً يغلب عليه الصفة الطائفية والمحاصصة المقيتة اكثر منه عابراً لها ناهيك عن انظمام مجموعات يتهمها الشعب بالفساد وهدر المال العام والتي لم يجني منها العراقين سوى الفرقة والتناحر وتصفية الحسابات على حساب مصلحة الوطن الواحد وحق المواطنة ونتيجة لسخط الشارع العراقي شاهدنا كيف اخذ الائتلاف بالتفكك والانسحابات بعد أعلانه بأقل من ٢٤ ساعة .
اذاً المشهد الانتخابي المرتقب تنتابه الضبابية في ضوء التكتلات والأحزاب التي لم يسمع بها العراقيون الا في الايام القليلة الماضية والتي اعتمدتها الهيئةالعليا لمفوضية الانتخابات بعدما تم تسجيل اكثر من (٢٠٠) حزب وتنظيم يحق لهم خوض الانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات وهي ظاهرة غير مسبوقة اثارت انتباه المتابعين والمحللين للشأن العراقي كونها لم تحدث في اي دولة في العالم بأن يتقدم مثل هذا العدد من الأحزاب ومن ثم يتشكل منه ٢٧ ائتلافا يتنافسون على المقاعد في البرلمان ومجالس المحافظات ! ومن ينظر الى التحالفات التي تشكلت فسوف يتوصل الى نتيجة مفادها ان الانتخابات القادمة سوف لن تختلف عن سابقاتها في الدورات الثلاث وسوف يسمع المواطن نفس الوعود السابقة ومن نفس الوجوه السياسية التي تصدرت العملية السياسية وعوداً مفادها انهم في حالة فوزهم سينتقلون بالبلد الى الطريق الصحيح ويعملوا على تجاوز الاخطاء والسلبيات والتصدي لظاهرة الفساد الذي يضرب اغلب المؤسسات االحكومية متناسين ان الفساد ساد واستفحل في عهدهم ، انها وعود وبرامج اصلاحية تسبق كل انتخابات اعتاد ان يطلقها نفس الساسة بكافة مسمياتهم وانتماءاتهم وبمجرد وصولهم للمسؤولية يتناسون ما وعدوا به ، ونتيجة لغضب ألشارع بكافة مكوناته ضد السياسة المتبعة طيلة هذه السنوات فكل الذي حصل في التشكيلات الجديدة لا يعدو عن كونه عملية تدوير قام بها ساسة المحاصصة من الذين هيمنوا على مقاليد المسؤولية بهدف امتصاص النقمة الجماهيرية لكن هذه المرة بطرق اخرى وبشعارات جديدة مثل ( محاربة الفساد وتوفير الخدمات وإعادة النازحين والمهجرين والبدء بالإعمار والمصالحة الوطنية … الخ من الوعود) في محاولة منهم لاجتذاب الناخب اليهم !! وقد تناسوا ان مواطنيهم الذين انتخبوهم في الدورات السابقة لم يحصلوا على ابسط حقوقهم المشروعة التي وعدوهم بتحقيقها وفي مقدمتها توفير الخدمات الضرورية والحقوق المشروعة التي كفلها الدستور ، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم ونحن بأنتظار الانتخابات هو : هل ستتغير الاوضاع الداخلية ويتم تحقيق جزء لا بأس به من احلام العراقيين من حيث استتباب الامن والاستقرار وتوفير الخدمات الضرورية واعتماد حق المواطنة ؟
خلاصة القول .. في تقديري كمراقب .. يخطئ من يعتقد ان العراق في الانتخابات القادمة سيشهد نقلة نوعية تضعه على الطريق الصحيح بسبب الأسلوب الذي اعتمدته الهيئة (المستقلة )العليا للانتخابات وفي مقدمة ذلك اُسلوب التعيين المتعلق بأعضاء المفوضية والذين تم تعييينهم من قبل نفس كتل المحاصصة مما يضع علامات استفهام كثيرة حيال مفهوم مستقلة ؟؟؟. والاهم من ذلك كله غلق الأبواب بوجه العناصر الكفؤوة والنزيهة وصاحبة الاختصاص ، وفق هذه الصورة المشوشة انتظر العراقيون السيد رئيس الوزراء كونه اعلى سلطة تنفيذية في الدولة انتظروا وعوده بأن تكون الانتخابات القادمة عابرة للتخندق الطائفي وتجاوز السلبيات ليفاجئ العراقيين بأتلافه الذي انظم اليه العديد ممن عليهم شبهات فساد كبيرة اضرت بحاضر العراق ومستقبله .
لذلك لا بد من القول انه لا زالت امام السيد رئيس الوزراء العبادي الفرصة والوقت الكافي لتجاوز الخطأ الذي وقع فيه وهو ان يذهب الى الانتخابات القادمة بتشكيلة برئاسته تضم عناصر شابة مستقلة كفؤوة نزيهة من اصحاب الاختصاص ممن لم يتلوثوا بالطائفية او العرقية وان يكون هدفهم وشعارهم( العراق أولا) والوطن العراقي زاخر بهؤلاء وان يسبق السيد العبادي ذلك ان يبدأ وبدون تردد على تنفيذ وعوده او بالاحرى برنامجه في تقديم الفاسدين من الذين قاموا بإهدار المال العام واثروا على حساب الوطن وشعبه الى القضاء لينالوا جزاؤهم العادل.
خلاصة ما تقدم : على ساسة العراق بكافة اتجاهاتهم وانتماءاتهم من الذين سيتصدون المسؤولية ان لا يتجاهلوا بأن الشعب العراقي وبعد هذه السنوات المريرة من التناحر والصراع والتدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية يطالبهم بتجاوز وتصحيح الاخطاء وانهاء حالة التهميش وان يكون حق المواطنة والاحتكام الى القانون هما المبدأ السائد ، وانهاء ظاهرة التمييز الطائفي والعرقي والتي بدأ التعامل بها في المؤسسات الحكومية في العقد الأخير ولو بشكل غير مباشر والتي لم يكن يعرفها العراقيون سابقاً وهي الظاهرة المرضية التي جاءت مع الاحتلال وبموافقة وتشجيع من بعض ساسة المحاصصة من الذين تولوا المسؤوليات في مؤسسات الدولة .