1 العمر المديد لمعمار العراق
محمد عارف
الاتحاد الاماراتية
مَنْحُ جائزة «تَمّيُز» للمعماري العراقي «هشام منير» مناسبة فريدة فازت فيها الجائزة بِمَن مُنِحت له. أوجَزَ ذلك مؤسس جائزة «تَمّيُز» الأكاديمي المعماري أحمد صلاح الملاك، وهو من جيل أحفاد «منير»، عندما قال في مراسيم منح الجائزة: «من المهم جداً تسليط الضوء على إنجازات وإسهامات الأستاذ هشام منير، لأهمية اتخاذ شخصيات جادة ومثابرة وصادقة كأمثلة نحتذي بها لكي يعود العراق مرة أخرى قادراً على الوقوف على قدميه». وأي مثال أصدق ممن نال 14 من 18 مسابقة معمارية، وأشاد 100 مبنى، بينها حرم «جامعة الموصل»، ونقابات «المهندسين» و«الجيولوجيين»، ووزارتي «التجارة» و«الداخلية»، و«غرفة تجارة بغداد»، و«شركة إعادة التأمين العراقية»، و«ديوان الأوقاف»، وساهم بتأسيس «كلية الهندسة» في بغداد، ووَضع مناهجها.
وأصدق معماريي العراق أقلهم حديثاً عن نفسه، حتى في «إيميل» أرسله إليَّ: «كلما أمسكت بالقلم لأكتب مذكراتي منذ ولادتي في (حي خضر الياس) على ضفاف دجلة في جانب الكرخ ببغداد، أشعر براحة أكبر بأن أخط رسوماً هندسية»! وصعوبة الكتابة عن أعمال «منير» ليس عددها فحسب، بل تنوعها، وأسلوب مكتبه الهندسي الفريد القائم على «العمل الجماعي»، الذي يتبعه المعماري العالمي «والتر غروبيوس» شريك «منير» في بناية «جامعة بغداد». ويختلف «منير» بذلك عن النخبة المعمارية العراقية التي «تكرس أسماءها في المشهد حتى ولو بطرق بدت وكأنها تنزع إلى نوع من التباهي»، حسب «خالد السلطاني» الباحث الأكاديمي في العمارة العراقية والعالمية، الذي كرس في بحثه المسهب عن «مكتب هشام منير» بضعة سطور للحديث عن شخص «منير» نفسه «المنظر الرائد والمعماري والمثقف».
وتتجلى ريادة «منير» في «المتحف الزراعي» الذي يعكس تاريخ «بلاد ما بين النهرين»، حيث نشأت أول الحضارات الإنسانية. ويقول «منير» إنه أراد أن يجعل المتحف «نصباً يعكس محتوى وتاريخ المحتويات التي سيضمها». ولأجل ذلك درس «أكثر أنظمة التصميم المشوقة، التي استخدمها العراقيون عبر التاريخ لتشخيص إبداعات جديرة بالذكر والحفظ»، ومن بينها «حدائق بابل المعلقة»، وأنظمة الزراعة في العراق القديم، التي عُثر على مواصفاتها في الألواح الطينية في «الزقورات»، وفيها وصف تصميم وارتفاع قنوات الري. و«تضمين جوانب التراث العراقي جعل مبنى المتحف الزراعي استعراضاً وتحية للتقدم الفكري في تلك الفترة». وفي مراسيم تسليم جائزة «تَمّيُز» التي رعاها «مجلس الأعمال العراقي» بالعاصمة الأردنية، و«جامعة كوفنتري» في بريطانيا، ذكرت «ويندي بولان» مديرة «مركز النزاعات المدينية» في «جامعة كيمبردج» أن جمال مبنى «المتحف الزراعي» اجتذب «حزب البعث العربي» الحاكم، فجعله مقره، واجتذب بعد الاحتلال عام 2003 قيادة القوات العسكرية الأميركية فاتخذته مقراً!
وأروع ما يميز المعماريين المبدعين نفحة الإلهام التي تتدفق من إبداعاتهم. يفوح بذلك بحث «خالد السلطاني»، وهو بحد ذاته منجز عمراني يتفحص ناتج عمارة «مكتب هشام منير» ويسبر معه «أغوار مرحلة إبداعية ممتعة غنية بأمثلتها التصميمية، ورصانة مساراتها المهنية، ويُعدُّ ظهورها في المشهد المحلي والإقليمي بمثابة إضافة مميزة للبيئة المبنية المحيطة، نظراً للغتها التصميمية الطازجة، وجزالة أشكالها المعبرة». ولوصفها يجترح «السلطاني» لغة حسيّة جريئة تجعل «واجهات مبنى أمانة العاصمة تهتف إن لم تكن تصرخ»، والأعمدة الرافعة في واجهات مبنى «قصر السلام» مكشوفة، في «جسد» الكتلة البنائية.
ويختتم السلطاني بحثه بمناسبة بلوغ هشام منير الثمانين عام 2010 بتحية مشبوبة: «أيها المعماري المجيد، نحن كثر من زملائك وطلابك، فإننا وددنا أن نعبر عن امتناننا لك، وأن نذّكر الجميع، وننوه للجميع، بأن منجزك المعماري المهم، ما برح يمثل قيمة عالية، خصوصاً للمعماريين، لمهنيته الرصينة، ولحداثته المميزة، المثرية للخطاب وللمشهد على حد سواء.. عمراً مديداً لك أيها المعماري».
2 –
غزوات «الأحوال الشخصية» في العراق
مشرق عباس
الحياة السعودية
من غزوة «زواج القاصرات» إلى غزوة «تزويج الأرامل والمطلقات»، لا تتوقف المحاولات المستميتة التي تتصدى لها قوى الإسلام السياسي في العراق بلا ملل منذ سنوات لتغيير قانون «الأحوال الشخصية» الذي يعده العراقيون من أبرز إنجازات الدولة الحديثة، ويراه بعض الإسلاميين صداعاً دائماً يهزّ رسوخ العمائم على الرؤوس.
الواقع إن القانون الشهير برقم 188 لسنة 1959 لا يعد «ثورياً» ولا «متكاملاً» في مقاسات الحركة المدنية الحديثة، لكنه يمنح المرأة بعض الحقوق التي تعدها تلك القوى فائضة وغير شرعية، وتسعى بإصرار إلى سلبها.
وبعد سلسلة من المعارك التي خاضها البرلمان العراقي لتغيير مضامين «الأحوال الشخصية» منها قانون «الأحوال الجعفري» الذي قدمه «حزب الفضيلة» وتبعته تعديلات اقترحها نواب عن «المجلس الأعلى» تقود جميعها في نهاية المطاف إلى إحالة أمور الأحوال لرجال الدين بديلاً عن القضاة والسماح بتزويج القاصرات، انبرت النائبة عن كتلة «متحدون» جميلة العبيدي، أخيراً، إلى تقديم تعديل جديد يتيح هذه المرة للرجل الزواج الثاني من أرملة من دون العودة إلى زوجته الأولى.
كان الأمر بمثابة «مزحة ثقيلة» عندما تصدرت نائبة مغمورة شاشات الفضائيات للدفاع عن قانونها، والادعاء بأنه سيعالج مشكلة تصاعد أعداد الأرامل والمطلقات في المناطق المحررة من تنظيم «داعش»، لكن ما كان «مزحة» أصبح واقعاً، بعد أن سمح رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري والذي أسس من باب المصادفة أخيراً كتلة انتخابية تتبنى شعار «المدنية»، بتمرير هذا «القانون» للتصويت في البرلمان.
وكإشارات ضرورية فإن قانون الأحوال الشخصية العراقي في المادة الثالثة منه يمنع الرجل من الزواج بثانية إلا بموافقة رسمية من زوجته الأولى، كما انه يجرّم تزويج القاصرات، ويمنح المرأة والرجل حقوقاً قد تكون متقاربة على مستوى حق التفريق.
ضحكات نواب البرلمان العراقي وهم يعلقون على هذا القانون في وسائل الإعلام، ليست ضحكات سخرية للأسف، فواقع الحال أن معظمهم، بادر بعد أن ارتفع مستواه المعيشي إلى الزواج الثاني أو حتى الثالث والرابع بمعزل عن موافقة زوجاتهم، وبعضهم ممن يحمل جنسيات أوروبية تحايل على القانون وهو متزوج مرة بجواز أوروبي ومرة بجواز عراقي، وآخرون اختاروا تسجيل الزواج الجديد في لبنان وإيران.
تلك المعارك المتكررة التي تثار بين الحين والآخر حول «الأحوال الشخصية» يبدو أنها لم تكن تهدف جدياً إلى تغيير القانون، فالجميع بات على يقين بأن الجبهة الشعبية العريضة من المدافعين عن الحريات في العراق أكثر قوة من تقديرات القوى الإسلامية، التي حاولت أخيراً تقمص الشعار «المدني» بعشرات الأحزاب التي لا تهدف إلى كسب جمهور جديد، بل المحافظة أولاً على الجمهور التقليدي، وتحقيق المزيد من التشتيت في الوسط المدني ومنع ولادة تيار واضح يمثله.
غايات انتخابية إذاً، وقفت سابقاً وتقف اليوم خلف هذا الهوس الدائم بقانون «الأحوال الشخصية» وهي الأهداف التي وقفت خلف طرح سلسلة من القوانين المقيدة للحريات طوال السنوات الماضية.
قد لا تحصل النائبة العبيدي على أصوات ملايين المطلقات والأرامل في الانتخابات المقبلة، لكنها ستعرف على الدوام بأنها السيدة التي طالبت بما لم يطالب به أشد الرجال جوراً على حقوق النساء.
ما يثير السخرية المرة، أن قانون «زواج الأرامل والمطلقات» لا يمكن تمريره في البرلمان حقاً، وأن مجرّد إدراجه على طاولة الجلسات وبحثه في اللجان يعد مخالفة دستورية، ليس لأنه يطعن المرأة العراقية بمقتل، ويهين إنسانيتها وكرامتها ، بل لأنه يحمل بالفعل «جنبة مالية» بمعنى أنه يرتّب التزامات مالية على موازنة الدولة، ما يجعله من ضمن القوانين التي يجب أن تصاغ ضمن هيكلية وسياقات الدولة قبل أن تدفع من الحكومة إلى البرلمان لإقرارها.
3 وعود العبادي للشعب العراقي
كجال درويش
السياسة الكويتية
بعد فشل العبادي المتكرر في قيادة جمهورية العراق الحالية، وفشل خططته المتتالية ، و المماحكة من نظام الملالي في طهران ضد الشعب الكردي وقيادته في اقليم كردستان المتمثلة بشخص الرئيس مسعود البارزاني .
حاول العبادي العمل على “الخطة B” وتقصد الأخير تأجيج الوضع الداخلي وتحريك الشارع الكردي ونشر الكراهية متوقعاً انه سيفلح بما يفعله وهو الإطاحة بالأحزاب السياسية وقياداته و الامن والامان الذي يعيشه المواطن الكردي العراقي في الاقليم ، من خلال زمره وخلاياه الارهابية المتحالفة معه منذ 16 اكتوبر الماضي المعروف «بيوم الخيانة» من قبل بعض ألاعضاء في حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني ، والبعض من كرد ايران الذين يخدمون في القوات الأمنية الإيرانية .
استطاعت القوات الأمنية الكردية في اقليم كردستان كشفهم والقاء القبض عليهم، والقضاء عليهم لاحقاً ، الخلايا التي حاولت نقل المظاهرات من السليمانية والمناطق التي تسيطر عليها قوات تابعة للاهور شيخ جنكي ، مهندس خيانة السادس عشر من أكتوبر الى مناطق تقع تحت سيطرة قوات “البيشمركة” التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني وهي اربيل ودهوك وزاخو .
طبعا هنا لم يف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في وعوده الافتراضية لابناء شعبه ليداري على فشله في حل مشكلات العراق الد اخليه ، ومنها مكافحة الفساد والقضاء عليه وإعادة المهجرين في المناطق السنية الى ديارهم والعمل على استتباب الامن بعد ظهور عصابات ارهابية هددت الامن والامان للمواطن العراقي وازدياد نسبة الجريمة في فترة توليه السلطة.
فقد وعد في احد خطاباته الذين يتظاهرون اليوم ويدعون العبادي للدخول عسكريا لإقليم كردستان لإنقاذهم من أزمة تأخير دفع الرواتب و صرح ان سيطرة الحكومة المركزية على عائدات النفط في كركوك يهدف الى دفع الرواتب كاملة للمواطنين في اقليم كوردستان .
يبدو أنَّ العبادي توصّل إلى قناعة تامّة بأنه لن يستطيع استخدام قوته العسكرية – المتمثّلة بميليشياته الطائفية الموجودة أصلاً على قوائم الاٍرهاب الدولية – ضدّ الإقليم الكردي في شمال العراق، لذلك يقوم باتّباع أساليب بعيدة كل البعد عن الأخلاق والقيم الإنسانية، التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية من قبل الإنكليز في الأربعينيات من القرن الماضي، كما فعل تشرشل بالشعب الهندي سنة 1943، حيث أبادت أفعاله الملايين من الشعب الهندي نتيجة اتباع سياسة التجويع والحصار ومنع وصول المساعدات الدولية ، تماماً كما النظام السوري.
وبما أنَّ الأوراق باتت مكشوفة للجميع فلا أحد يستطيع إنكار الدور الإيراني الخبيث في المنطقة، من دعم للمنظمات الإرهابية، إلى تفتيت الدول العربية وإضعافها وإخضاعها لنظام الملالي في طهران، حيث كُلّف حليف إيران من قبل سليماني وأعوانه مرة أخرى في اتخاذ قرار لا مسؤول ولا إنساني، هذا القرار الذي أصدره اخيراً لمنع وصول المساعدات الإنسانية في تمديد فترة إغلاق المطارين (أربيل – والسليمانية) في إقليم كردستان لفترة شهرين آخرين ليس إلا قراراً لمعاقبة الشعب الكردي في الإقليم، بكل فئاته من إيزيديين وعرب وتركمان وغيرهم من المكونات الأخرى، وهي تكملة للخطط التي رسمتها ايران ونفّذها العبادي خادم ولي الفقيه.
ما يفعله السيد حيدر العبادي في إصدار قرارات صائبة من منظوره الطائفي لا يَصْب في خانة وحدة البلاد, بل ستكون هناك ردّات فعل سياسة عكسية في المستقبل القريب، إذا استمر في تقديم خدماته المجانية لملالي طهران ضدَّ أبناء العراق الموحّد حالياً فلن يبقى الشعب الكردي وقائده مسعود البارزاني مكتوفي الأيدي .
وسيكون خيارهم الأخير والوحيد للمحافظة على الوجود الكوردي في المنطقة «إعلان الدولة»، فقرارات حيدر العبادي المتهورة والتي ستؤدي في نهاية المطاف إلى تقسيم العراق إلى دويلات سيدفع ضريبتها العبادي أولا ومن ثم الشعب العراقي .