1 في العراق دولة فاشلة وشعب مختطف
فاروق يوسف العرب
فرض الفاسدون نوعا من العلاقة بين الشعب والدولة تقوم على عدم استرضاء الشعب، بل على استغفاله باعتباره كيانا قطيعيا.
في العراق دولة فاشلة. تعجز تلك الدولة عن الخروج من مستنقع الفساد. رئيس حكومة تلك الدولة يكاد أن يعترف أنه أينما تلفت من حوله لا يرى إلا الفاسدين. وهو يتعامل مع إعاقته كما لو كانت قدرا.
تمكّن الفاسدون من مفاصل الدولة وفصّلوها على مقاساتهم. وما من سبيل لتغيير المعادلات القائمة إلا عن طريق قلع تلك الدولة، وليس عن طريق تغيير الحكومة من خلال الانتخابات، لأن صناديق الاقتراع في دولة يديرها الفاسدون ستظل مثقوبة.ولكن من يمكنه سوى الشعب أن يقتلع تلك الدولة؟
إذا كان رئيس الحكومة لا يخفي عدم تفاؤله بإمكانية الإصلاح بسبب هيمنة قوى الفساد على الدولة، فلمَ لا يبادر الشعب بنفسه إلى إسقاط تلك الدولة التي يشكل وجودها مناسبة لاستمرار النهب المنظم؟
من المستغرب فعلا أن يتخذ شعب موقفا سلبيا من مسألة تمس حياته المباشرة وتتحكم بمصير أجيال عراقية قادمة ستنظر إلى الماضي بغضب.
لا أعتقد أن أحدا هناك يفكر في انبعاث المخلص أو ظهور المهدي حسب الرواية المذهبية لكي يعيد الأمور إلى نصابها ويزيل الفساد بضربة سحرية من يده ويقيم دولة العدل. تلك ملهاة ترددها أيضا أوساط الفاسدين ممن اتخذوا الدين عباءة يخفون تحتها الصفقات التي اتخمت خزائنهم الشخصية بالأموال المنهوبة.
ما يجري هناك لا يمكن تلخيصه فقط من خلال الرجوع إلى افتقار المجتمع إلى الأهداف المشتركة التي تجمع بين أفراده. وهو واقع حال عملت الأحزاب الطائفية على صناعته وتكريسه من خلال تدمير الحلول العملية لمشكلات الواقع وإحلال حلول دينية محلها تعتمد على المرويات المذهبية.
هناك شيء ما حدث لكي يكون الشعب مقتنعا بتأجيل فكرة قيام دولة أصلا. وهو ما يسّر للفاسدين الاستغراق في صفقاتهم التي أدت إلى تضييق الخناق على مفردات الموازنة العامة حيث لا إعمار ولا خدمات ولا بنية تحتية ولا تعليم ولا بناء ولا ضمان صحي.
فرض الفاسدون نوعا من العلاقة بين الشعب والدولة تقوم على عدم استرضاء الشعب بل على استغفاله باعتباره كيانا قطيعيا. أما إذا كان الشعب مخطوفا عن طريق الدعاية الدينية، فإن دائرة الخذلان التاريخي تكتمل بوجود القوى التي تدير ماكنة الفساد بطريقة احترافية. وكما أرى فإن استمرار الدولة الفاشلة لا يمكن أن يقع إلا في ظل استسلام الشعب لخاطفيه. فهل استسلم الشعب العراقي للفاسدين؟ ما لا يمكن توقعه قد يقع في أي لحظة.
فإذا كان الزجّ بداعش طرفا في المسألة العراقية قد مثّل ضربة قاصمة للتمرّد السني، فإن انتفاضة شعبية شيعية مدعومة بعصيان كردي لا بد أن تؤدي إلى انهيار الدولة التي لا تملك غطاء شعبيا.
غير أن أي تحول من ذلك النوع لا يمكن أن يقع في ظل استمرار الهيمنة العقائدية التي تمارسها المؤسسة الدينية.
لقد تحالفت المؤسسة الدينية مع الأحزاب الحاكمة بطريقة تبدو من الخارج كما لو أن تلك المؤسسة تمارس دور الوصاية على الأداء السياسي. وصاية يمكن أن توضع بين قوسين.
ذلك لأن الضوء لا يسلط على تلك المؤسسة إلا حين تكون هناك حاجة للسياسيين في القيام بذلك. بالمعنى الذي يجعل من المؤسسة الدينية مجرد واسطة للسيطرة على الشعب.وما لم يكتشف الشعب من خـلال نخبه المتعلمة حقيقة الدور المراوغ الذي تلعبه المؤسسة الدينية، فإن الأوضاع المعيشية في العراق ستزداد سوءا، من غير أن ينجح الشعب في إنهاء حالة الخطف التي تعرض إليها.
ستظل الدولة الفاشلة قائمة ما دام هناك شعب خطفت المؤسسة الدينية عقله.
2 إسعافات أولية لملالي طهران في كركوك وكردستان
حامد الكيلاني
العرب
لماذا غابت الدولة العراقية عن دورها ولو الدبلوماسي في الرد على الاتهامات الموجهة من إيران ضد مواطنيها، إذا كان الأكراد مواطنين عراقيين حسب الدستور؟
في الوقت الذي تحاول فيه الشعوب الإيرانية إسعاف غدها بالاحتجاجات، يسعى النظام إلى إسعاف حاضره بالضمادات القديمة التي تهرأت من كثرة الاستخدام وذلك باسترجاع الشعارات وإلقاء التهم ضد كل من يرفع صوته أو حجارة الطريق ليرمي بها بعض أسباب جوعه ويأسه من سياسة حكامه المبتلى بهم.
النظام الإيراني أدرك أن الانتفاضة قالت ما أرادت قوله دفعة واحدة دون أن تُبقي شيئاً، بل اختصرت مأساة الثورة السورية ونتائجها، عندما لم تتوقف على أطلال مدنها وموت أهلها واكتفت بإسقاط النظام وتوابعه عمليا عندما فضحت تخبطه وضعفه ومرجعياته وتنازلاته لضمان استمرار مشروعه الإمبراطوري وخطابه المثير للسخط.
ما وصل إليه النظام الحاكم في سوريا من مهزلة البقاء على كرسي السلطة بعد سنوات من استجداء الإرهاب واستقدام الميليشيات وإقامة القواعد الروسية على الأراضي السورية بكل تفاصيل المهانة؛ وصل إليه نظام الملالي خلال أيام فقط وبذات الأسباب.
فالثورة على الشاه محمد رضا بهلوي في سنة 1979 ومجيء الخميني إلى السلطة، كانت بدوافع تتعلق أيضا بالفقر وتضخم المعاناة، وما يقابلها من تضخم ثروات المتنعمين الذين يلعبون دائما دور الوسيط المجامل لمصادر القرار، إن بإخفاء الحقائق أو بتقديم قراءات مسطحة عن الاستقرار أو الاتكال على أوهام القبضة الحديدية للنظام.
لكن مع توفر الإرادات الخارجية في التغيير وقع ما لم يكن في الحسبان، وإلا من يصدّق حتى الآن أن الانتخابات الأميركية كانت العامل الحاسم في صفقة وكالة المخابرات الأميركية مع التيار الإسلامي وفي مقدّمتهم الخميني. هذا ما أكدته ملابسات حادثة احتجاز الرهائن في سفارة الولايات المتحدة في طهران وظروف إطلاق سراحهم بعد استلام رونالد ريغان إدارة البيت الأبيض في يناير 1981 وما جرى قبلها من تداعيات أدت إلى التخلّي عن الشاه ودعم الخميني في أسرار مازال بعضها طيّ الكتمان.
نثر النظام الإيراني لاتهاماته العشوائية على مختلف الجهات مؤشر مهم لحجم ما تورط به من انتهاكات سياسية وعسكرية واقتصادية مع محيطه الخارجي لغايات تصدير برامج ثورته المذهبية. ولأن التجارة لا تستقيم إلا بتوازن طرفي المعادلة لذلك تم استيراد الأزمات للداخل الإيراني وإن كان بأسلوب تجميد المصائب أو تبريرها؛ لكن ما تعتبره القيادة الإيرانية وأذرعها حجة وسببا لفخرها في فترة ما تتيح لهم البوح بمصادر دخل إرهابهم وتمدّدهم، كما في انفعال زعيم الميليشيا الطائفية في لبنان عندما أعلن ولاءه المطلق للنظام الإيراني عقيدة وتجهيزا وتسليحا وتدريبا ورواتب، وأجمل المبلغ بمليار دولار أو ما يقترب منه أو يزيد؛ في فترة لاحقة انقلبت اعترافاته الموسمية بفعل انتفاضة الشعب الإيراني إلى مساءلة النظام عن تبديد الثروات في حروب خارجية يمكن اختصارها بتمويل إرهاب المشروع الإيراني.
الأرضية التي يقف عليها نظام الولي الفقيه منذ البداية كانت شائنة قياساً إلى تبجّحه خاصة تجاه قضية فلسطين ومزايدة النظام على موقف العرب أصحاب القضية
الأرضية التي يقف عليها نظام الولي الفقيه منذ البداية كانت شائنة قياساً إلى تبجّحه خاصة تجاه قضية فلسطين ومزايدة النظام على موقف العرب أصحاب القضية الذين دفعوا الكثير من دمائهم وأموالهم وتاريخهم بل بعضهم دفع مصيره من أجلها.
إيران كونترا أو إيران غيت، تمثّلت في توريد الأسلحة الأميركية إلى إيران أثناء الحرب الإيرانية العراقية، ومن إسرائيل، وفي ذروة العداء للشيطان الأكبر في شحنات مشبوهة من الصواريخ، وبتمويل مقابل لحركات الكونترا في نيكاراغوا استهدفت نظامها الشيوعي.
ظهر تأثير تلك الأسلحة في المعارك على الجبهة العراقية عامي 1985 و1986 من القرن الماضي، كما في معركة تاج المعارك التي توغلت فيها القوات الإيرانية داخل الأراضي العراقية وقطعت فيه الشارع الرئيس بين مدينتي العمارة والبصرة ومن مواضع عدة، قبل أن تباشرها القوات العراقية برد كاسح كان من نتائجه تراجع القوات الإيرانية أو تخلّيها عن مواضعها على تلك القواطع من الجبهة حتى نهاية الحرب.
اعتمدت إيران خلال سنوات الثورة على واردات السلع الإسرائيلية تحت ماركات متنوعة وبعضها بالمواصفات الصريحة، والتبرير كالمعتاد يتمثل في التآمر على الثورة الإسلامية في إيران. سقطت الطائرة الأرجنتينية بالدفاعات الجوية السوفييتية وهي محملة بإحدى شحنات السلاح وقطع الغيار من إسرائيل إلى إيران كجزء من جسر جوي لإضعاف قدرات العراق العسكرية.
انتفاضة الجياع في إيران وإن بدت متأخرة في تمزيق قناع المرجعية الدينية الذي تستّر به نظام ولاية الفقيه في تمرير برامجه وأحلامه التوسعية، إلا إنها أعادت ترسيخ مخاطر النظام السياسي وفق رؤية العراقيين منذ مجيء سلطة الخميني أو بعدها بأشهر قليلة، لأنها أفصحت عن نوايا المشروع الإيراني في احتلال العراق تحت ذريعة الوصول إلى أهدافهم في انتزاع المدن الدينية لإنشاء بيئة عقائدية يمكنهم الانطلاق منها إلى غايات الفتنة الطائفية العابرة للحدود.
وزير الخارجية الإيراني ألقى بتهمة التحريض على تنظيم الدولة الإسلامية، وهو ضمنياً أسلوب لاحتكار الإرهاب وفوائده لتحويل الانتفاضة من أداة بيد الشعب الإيراني إلى أدوات استثمار بيد الملالي.
لذا لا غرابة أبداً في اتهام الأمين العام لمجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي لمدينة أربيل بإدارة غرفة عمليات التخطيط والتآمر وتأجيج التظاهرات؛ وهو لا يشير إلى إقليم كردستان بل إلى أربيل لعزل الاتحاد الوطني الكردستاني في تذكية للصراع داخل الإقليم، كما بدا جليا باقتحام كركوك في أكتوبر الماضي.
بعد أيام من نفي حكومة الإقليم الاتهامات وتسليمها القنصلية الإيرانية رسالة احتجاج تراجعت إيران عن مزاعمها برعاية الحزب الديمقراطي الكردستاني لجهات مخابراتية دولية وبحضور شخصيات منتمية إلى النظام الوطني السابق قبل احتلال العراق، في عقدة نقص يبدو أن نظام الملالي لا يمكنه الشفاء منها، لأنها أطروحات انتقلت إلى أروقة الأمم المتحدة على لسان مندوب النظام الإيراني.
تكشفت صلة التنظيمات الإرهابية بالملالي، ومن يختفي من قادتها ربما ستعثر عليه الأيام في إحدى المدن الإيرانية برعاية أجهزة الأمن كما جرت في وقائع عدة مع قادة القاعدة أو مستجدات التخادم مع طالبان.
ماذا وراء تضخيم الدور الكردي على غرار نتائج الاستفتاء؟ لماذا عمدت طهران إلى تصعيد الاحتجاجات في كردستان ضد مسعود البارزاني وقبل الاستفتاء بسنوات؟ ما هي أهداف نظام ولاية الفقيه الداخلية مع أكراد إيران وحزبهم الديمقراطي الكردستاني الذي تتواجد أعداد من تجمعاته داخل حدود إقليم كردستان وتم نقلهم على مسافة بعيدة من الشريط الحدودي لأنهم تعرّضوا أكثر من مرة إلى هجمات المدفعية الإيرانية؟
لماذا غابت الدولة العراقية عن دورها ولو الدبلوماسي في الرد على الاتهامات الموجهة من إيران ضد مواطنيها، إذا كان الأكراد مواطنين عراقيين حسب الدستور؟
ما قصة نفط كركوك الخام وبداية موعد تصديره إلى المصافي الإيرانية؟ ولماذا تمت عملية تفكيك وتهريب مصفى بيجي إلى إيران تحت ظل الحرب مع داعش وبرعاية الميليشيات؟ ما هي أهداف التمدد الإسكاني لقوات الحشد الميليشياوي في كركوك؟
لماذا يستمر النظام الإيراني بالتمهيد للدور الروسي في المنطقة والعراق؟ والأخطر كيف انساقت الأحزاب الكردية التقليدية للتآمر مع النظام الإيراني ضد العراق في حرب الثماني سنوات بين البلدين؟
هل يدفع الحزب الديمقراطي الكردستاني وقياداته ثمن الثقة بنظام ولاية الفقيه، وأيضا ثمن ثقته بالأحزاب المرتبطة به والحاكمة اليوم في العراق، ومحاولات بعضهم تجديد ثقة الحزب بهم رغم التجارب التي مروا بها؟
ما لا يمكن تجاهله أن النظام الإيراني يعمل بطريقة أحصنة البريد قبل الثورة الصناعية، إذ لا يهمه موت حصان أو هلاكه، لأنه يستبدله بحصان آخر في محطته الأخرى لإسعاف مشروعه؛ لكن ماذا بعد انتفاضة الشعب الإيراني على مجمع تشخيص بريد الإرهاب.
3 «نفط كركوك».. ملف جديد في أزمة كردستان المتدحرِجة!
محمد خروب
الراي الاردنية
يبدو ان حل ازمة اقليم كردستان المفتوحة والمعقّدة, باتت رهين الحسابات والتحالفات الإنتخابية التي فرضت نفسها على المشهد العراقي، بعد تعثّر المحاولات العراقية الداخلية, وخصوصا الضغوط والوساطات الخارجية الهادفة الى بدء «مفاوضات» بين الحكومة الإتحادية وحكومة اقليم كردستان. وهي مفاوضات ما تزال غير ممكنة في ظل إصرار بغداد على صدور إعلان رسمي من حكومة إربيل ينص صراحة على إلغاء نتائج استفتاء 25 ايلول الماضي. وهو امر تقف منه حكومة نيجرفان بارزاني موقفا سلبيا حتى اللحظة, لأسباب كردِيّة داخلية معروفة، وبخاصة ان رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني/رئيس الاقليم السابق مسعود بارزاني., مُصرّ على اعتبار الاستفتاء حقا للأكراد, وان اللجوء اليه كان قانونياً وضرورة «قومية» تنسجم مع حق تقرير المصير, ولن يتم التراجع عنه.. رغم ان نيجيرفان بارزاني اعلن «احترامه» لقرار المحكمة الإتحادية التي رأت ان الإستفتاء غير دستوري. كذلك اعلن التزامه الدستور العراقي كمرجعية لحل الخلافات مع بغداد.لكن المسافة بين احترام قرار المحكمة وبين صدور قرار رسمي من قِبل حكومة الإقليم بالغاء نتائج الاستفتاء, تبدو شاسعة… الامر الذي يمنح رئيس الوزراء العراقي حيدر العِبادي فرصة لرفع رصيده السياسي ومكانته الحزبية, التي ما تزال مُهدَّدة, اذا ما تواصَل الخلاف داخل صفوف «حزب الدعوة» الذي ينتمي اليه. حيث ينافِسه على «الترَشُّح» لرئاسة قائمة الحزب، رئيس الوزراء السابق نوري المالكي, وإن كانت ثمة تسريبات تتحدّث عن التوصل الى صيغة «مُبتكَرة» وغير مسبوقة في العمل الحزبي, وهي ترؤس المالكي والعبادي لقائمتين منفصلتين, ولكن باسم «حزب الدعوة». وهي تسريبات لم تؤَكّد بعد، إلاّ انها تكشف ضمن امور اخرى, حجم الخلافات بين «الرأسين» ومستوى الصراع داخل الحزب, المرشح في, ما يبدو, للإنقسام اذا لم يتم التوصل الى صيغة اخرى, تمنع تصدّع الحزب وخسارة «الطرفين» في السباق المحموم على رئاسة الحكومة.
عودة الى الازمة الكردية..
قرار مجلس النواب العراقي يوم اول من امس الاثنين, بمنع الكرد من استغلال حقول نفط كركوك, عبر إلزام وزارة النفط الاتحادية بايقاف عمل شركة «كار» النفطية الكردية في حقول نفط كركوك, وإناطة مهمة انتاج النفط وتسويقه وتصديره من تلك الحقول الى شركة نفط الشمال والشركة العامة لتسويق النفط العراقي (سامو), اضافة الى تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في كميات النفط المصدّرة منذ الاول من تموز 2014 كما دعوة البنك المركزي العراقي الى تحرِّي حجم الاموال المودَعة مقابل صادرات النفط واسماء الاشخاص والمصارف التي اودِعت فيها، يرفع من مستوى الازمة, ويأخذها الى مربعات ومطارِح اكثر تعقيدا، وبخاصة ان الحديث يدور عن تلك الفترة التي سيطرَت فيها حكومة اربيل على حقول كركوك وجوارِها بعد احتلال داعش للموصل في 10 حزيران 2014 وانسحاب الجيش العراقي من كركوك, وضم الاخيرة الى الاقليم بقرار من اربيل. الى ان انتهت تلك السيطرة(الكردية) في شهر تشرين الاول الماضي, إثر تداعيات استفتاء 25 ايلول وسقوط رهان مسعود بارزاني على دعم خارجي.
ازمة اخرى تُضاف الى ازمة الرواتب التي ما تزال عالقة بين بغداد واربيل, حيث الاخيرة ما تزال تحت وطأة تداعيات الإحتجاجات الصاخبة والدموية التي عصفت بالاقليم اواخر العام الماضي, وكشفت حجم الهوّة التي تفصِل جماهير الاقليم عن حكومتِهم, بل عن الأحزاب الكردية كافة, وخصوصاً الحزبين الكبيرين (اقرأ الحاكِمين الان) وهما الاتحاد الوطني (طالباني) والديمقراطي (بارزاني), فضلا عن الخلافات المتفاقِمة بين الاحزاب الكردية ذاتها, وبروز اتجاهات وقراءات متعارِضة ازاء كيفية حل الازمة مع بغداد، حيث ادان الحزب الديمقراطي الكردستاني (حزب بارزاني) محادثات لوفود كردية جرت في بغداد بين وفد حزبي كردي «ثلاثي» من حركة التغيير والجماعة الاسلامية الكردستانية والتحالف من اجل الديمقراطية والعدالة (وهو حزب جديد برز في الاحداث الاخيرة). معتبِرا (حزب بارزاني) ان الوفد الثلاثي هو مجرد وفد «حزبي» ولا يمثِل حكومة اقليم كردستان, غامزا من قناة الوفد بان له اغراضاً انتخابية, مشدِّدا في الوقت ذاته على ان «حكومة الاقليم – هي المؤهَّلة للتفاوض مع بغداد حول النقاط الخلافية».
ليس ثمة توقعات متفائلة بإمكانية «حلحلة» بعض الملفات, كملف الرواتب, الذي يشكل عبئا هائلا على حكومة الاقليم’ جرّاء تضرر اعداد هائلة من الموظفين من انقطاع رواتبهم, فضلا عن الازمة الاقتصادية والمعيشية الطويلة التي تعصف بالاقليم. ولم تُسهم محاولات نيجيرفان بارزاني للاستعانة بالسفير الاميركي في العراق دوغلاس سيليمان(وزيارته الاخيرة لواشنطن) كما مذكراته ورسائله لامين عام الامم المتحدة حتى الان, في تليين موقف الحكومة الاتحادية, التي تبدو في وضع مريح سياسياً على ابواب انتخابات برلمانية حاسمة, يأمل حيدر العِبادي ان يكون «نجمها» مستثمِرا دحر داعش وتحرير المناطق المتنازع عليها، وخصوصا ان علاقاته الاقليمية وخصوصا مع دول الجوار العراقي «هادئة» ومريحة, واحتمالات تطويرها والارتقاء بها واردة… اكثر من اي وقت مضى.