في إطار حملة كلامية مناهضة للفساد والفاسدين دشنها قبل أشهر، شنّ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي هجوماً لاذعاً على الفاسدين، وخيّرهم بين تسليم الأموال التي سرقوها أو مواجهة السجن والمصادرة.

وقال العبادي خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، مساء أول من أمس: «مثلما خيّرنا (داعش) من قبل بين الاستسلام أو الموت، فإن أمام الفاسدين خيارين، الأول تسليم الأموال التي سرقوها، وربما يحصلون على عفو في هذه الحالة، والآخر خسارتهم الأموال وقضاء بقية حياتهم في السجون».

وتوضح مصادر محلية أن حديث العبادي يشير إلى أحد كبار التجار والمقاولين المحليين الذي حصل على عشرات المشروعات الخدمية والاستثمارية عبر شبكة علاقات نسجها مع شخصيات نافذة خلال فترة رئاسة نوري المالكي للحكومة بين الأعوام 2006 و2014، وواجهت غالبية تلك المشروعات هدراً للأموال أو لم تكتمل.

ويأتي كلام رئيس الوزراء في سياق أحاديث كثيرة متداولة هذه الأيام على المستويين الرسمي والشعبي حول نية العبادي توجيه ضربة قاصمة لرؤوس فساد سياسية كبيرة ورجال أعمال ومقاولين مرتبطين بهم. ويشدد العبادي منذ أشهر على أن «محاربة الفساد» هي خطوته التالية بعد القضاء على تنظيم داعش.

ولعل ما أقدمت عليه، أمس، هيئة الانضباط في حزب «الدعوة» الذي ينتمي إليه العبادي، يشير إلى الاتجاه الذي يتبناه الأخير والأجنحة الداعمة له في الحزب؛ إذ أصدرت الهيئة قراراً بفصل محافظ بغداد السابق عضو الحزب صلاح عبد الرزاق بعد إدانته بالفساد.

وذكر بيان الهيئة أنها «قامت بالتحقيق في تهم الفساد الموجهة ضد عبد الرزاق، وتبين وجود فساد مالي لديه مع تستره على بعض الفاسدين معه، ومنهم مدير مكتبه ابن أخيه حسين الربيعي»، وبعد جمع الأدلة والإفادات قررت الهيئة «إدانته بالتهم الموجهة إليه».

اللافت، أن القضاء العراقي برّأ عبد الرازق في وقت سابق. ولا تستبعد أوساط سياسية أن يكون قرار الفصل الذي طال المحافظ السابق في إطار الحملة التي يشنها العبادي على الفاسدين، سواء داخل حزبه أو خارجه.

ورغم تأكيد أوساط حزب «الدعوة» أن تحقيق اللجنة الانضباطية في الحزب جاء ضمن سياق تحقيقات دورية يجريها مع أعضائه الذين تحوم حولهم شبهات فساد، إلا أن آخرين يرجحون فرضية أن الجناح المقرب من العبادي داخل الحزب دفع الأمور باتجاه فضح عبد الرزاق المقرب من نوري المالكي.

وكشف عبد الرزاق قربه من المالكي في بيان الاستقالة الذي أصدره أمس، وقال فيه: «تقدمت بالاستقالة إلى السيد الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية الأستاذ نوري المالكي. وجاءت استقالتي نظراً إلى المرحلة الحساسة التي يمر بها الحزب، وكذلك لأسبابي الخاصة، معاهداً الله أن أبقى وفياً لنهج المالكي الوطني». وشغل عبد الرزاق منصب محافظ بغداد من 2009 وحتى 2013.

وقالت مصادر في حزب «الدعوة» لـ«الشرق الأوسط»: إن قرار الفصل سبق بيان الاستقالة الذي كتبه عبد الرزاق، وهو البيان الذي دفع لجنة الانضباط إلى تسريب القرار إلى وسائل الإعلام «لفضح ادعاء عبد الرزاق الاستقالة من الحزب».

وأكدت أن الحزب «يسير باتجاه رمي الأثقال الفاسدة التي أثقلت ظهره؛ تمهيداً لخوض الانتخابات المقبلة المقررة في مايو (أيار) المقبل»، في إشارة إلى عزم الحزب محاسبة وطرد عدد غير قليل من أعضائه الذين تسلموا مواقع مهمة في الدولة العراقية، وتورطوا في ملفات فساد.

وتركت تجربة الحكم التي خاضها «الدعوة» آثارها السيئة على سمعة الحزب، وصار مرمى للاستياء الشعبي العام منذ سنوات باعتباره الممسك بأعلى سلطة تنفيذية في البلاد، وهي رئاسة الحكومة منذ عام 2005. وتشير المصادر إلى أن الحزب «يعتزم تجميد عضوية رئيس مجلس إدارة مطار النجف فايد الشمري ومحافظ كربلاء الحالي عقيل الطريحي»، على خلفية «شبهات فساد تحوم حولهم وعدم التزامهم بوصايا اللجنة الانضباطية في الحزب».

وكان مجلس الوزراء العراقي قرر الاثنين الماضي حل مجلس إدارة مطار النجف الذي يترأسه فايد الشمري، على خلفية اتهامات بالفساد المالي والإداري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد