10 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الجمعة

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 وصية صدام للعبادي

 

ظافر محمد الوطن البحرينية
طوال عقد كامل أمضى جنود الجيش النظامي العراقي جل وقتهم بين أكياس الرمال والبراميل على الحواجز يفتشون المواطنين، بين جلافة سواق التكاسي وتذمر العجائز من عسكرة الشارع وليس محاربة الارهابيين. وعلى الوجه الآخر من هيكل العملية العسكرية العراقية تظهر قطاعات «الحشد الشعبي»، وقد حولتها المعارك إلى فرسان محررين مختصين بالحروب اللامتماثلة Asymmetric Warfar، كما يطل من بين ثنايا الجبال رجال وفتيات البيشمركة المنتصرون على «داعش» أيضاً والمباركون من الصهاينة والمسلحين من أمريكا. هذا البأس العسكري يقابله بؤس سياسي، فجميعهم يقفون أمام دمار اقتصادي وبشري في البنية التحتية العراقية، فقد كشف رئيس الوزراء حيدر العبادي، أن خسائر العراق وصلت 35 مليار دولار. في الحقول النفطية وأسلحة الجيش العراقي. وقد قيل قبل عام عن إجمالي الخسائر التي تعرضت لها قوى الأمن العراقية المختلفة بحوالي 11 ألف قتيل ونحو 23 ألف جريح.

 

ولا تختلف سمات البيئة السياسية والعسكرية في بغداد هذه الأيام عن البيئة التي تشكلت بعد أن انتهت الحرب العراقية الإيرانية في الثامن من أغسطس 1988، فقد انتصر الطاغية صدام على الإيرانيين بصك قبول الخميني لوقف نار رفضه لـ8 سنوات، ومثله يرى العبادي أن أطلال الموصل صك انتصاره على «داعش». كما تتشابه البيئتان بوجود فيالق الحرس الجمهوري لصدام بعد الحرب دون عمل، ومثلها قوات الحشد الشعبي خاصة والجيش والبيشمركة. لقد كان صدام يعلم أنه إذا انتصر جيشه في الحرب فسينقلب ضده فابتكر الطاغية نظام منع التواصل بين الوحدات، وكان من جراء ذلك موت رجال فرقتين عراقيتين بأسلوب الإبادة على يد الإيرانيين، فيما مات رجال فرقتين عراقيتين على بعد عدة كيلومترات منهم ليس على يد الإيرانيين بل من «قهر الرجال» لأن الفقه العسكري يقول لا يلغي الأمر إلا أمر آخر، وكانت أوامرهم الثبات من دون حركة انتظار لأمر من صدام لنجدة إخوانهم ولم يأتِ. وقد يستطيع العبادي السيطرة على وحدات الجيش النظامي لأنهم أكثر انضباطاً، لكنه لا يستطيع الاستعانة بهم لكبح جماح «الحشد الشعبي» لأسباب ليست طائفية وليست إيرانية ولا لأن الحشد قد حصل على مباركة طائفية كبيرة فحسب، بل ببساطة لأن جنود الجيش النظامي العراقي قد استهلكتهم عسكرة الشارع.

 

* بالعجمي الفصيح:

 

من المعروف أن «الجنرال عبدالجبار شنشل» احتل الأحواز عام 1980 بخطة قديمة وضعها البريطانيون عام 1941 فيما لو مال رضا شاه لهتلر، كما احتل «الجنرال إسرائيل تال» سيناء عام 1967 بخطة وضعها مونتيغمري لاستعادة مصر لو خسر العلمين عام 1942، لذا درس العبادي خرائط صدام وبموافقة الإيرانيين سيزج بكوادر بالحشد الشعبي في حرب مع البيشمركه إن لم تنصع لبغداد، كما فعل صدام بفرق الحرس الجمهوري في عاصفة الصحراء عام 1991. ويبقى سؤال ماذا لو انصاع البيشمركة فأين سيوجه جيوشه التي يريد الخلاص منها؟!

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 بداية انحسار المدّ الكردي محمد سيد رصاص

 

 

 الاخبار اللبنانية
 

هناك حركات تلمس بداية انحسار مدّها من خلال أحداث مفصلية تطلق صفارة بدئها: الخامس من حزيران/ يونيو 1967 بالنسبة للمدّ القومي العروبي، والثالث من تموز/ يوليو 2013 بالنسبة للمدّ الإسلامي. استغرق المدّ العروبي عقداً ونيفاً من السنوات بدءاً من حرب 1956، فيما استغرق المدّ الإسلامي ثلث قرن منذ انتصار الثورة الإيرانية ووصول آية الله الخميني للسلطة يوم 11 شباط 1979.

 

لا يظهر الانحسار فوراً بل يكون بدؤه أحياناً خفياً أو تكون هناك علامات تظهر العكس، مثل وصول حزب البعث إلى السطة في بغداد عام 1968، إلا أن المجرى العام للانحسار العروبي، البادئ في القاهرة، ظهرت قوته من خلال بدء صعود الموجة الإسلامية التي بان زخمها في السبعينيات ثم تحولت إلى مدٍّ شمل المنطقة الممتدة من الجزائر إلى باكستان ومن اسطنبول إلى صنعاء.

لم يستطع زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان أن يدشّن بداية المدّ الكردي في المنطقة من خلال مجابهته البادئة مع السلطة التركية منذ يوم 15 آب 1984، برغم الثقل الأكبر ديموغرافياً لأكراد تركيا بالقياس بالعراق وإيران وسوريا. يبدو أن هزيمة الملا مصطفى البرزاني أمام بغداد، وهزيمة الشيخ عزالدين الحسيني ــ عبد الرحمن قاسملو أمام طهران الخميني في عامي 1979-1980، قد جعلت من غير الممكن تحول «الأوجلانية» إلى مدّ إقليمي مثلما حصل مع الناصرية. برغم هذا استطاع أوجلان أن يكسر ثنائية البرزاني ــ الطالباني التي كان لها منذ عام 1964 امتدادات سورية وتركية وإيرانية، وأن يفرض تثليث تلك الثنائية كردياً في البلدان الأربعة. لم تمت الأوجلانية برغم الضعف الذي أصابها في فترة ما بعد اعتقال أوجلان عام 1999.

هنا، جاءت بداية المدّ الكردي بفعل ليس داخلي بل خارجي مع الاحتلال الأميركي للعراق وبحيث يمكن تحديد بدئه منذ يوم الأربعاء التاسع من نيسان 2003 الذي سقطت فيه بغداد بفعل دبابات واشنطن: كان من غير الممكن تصور إمكانية حصول أحداث القامشلي يوم 12 آذار 2004 من دون الزلزال العراقي الذي كانت تلك الأحداث السورية من توابعه، والتي شكلت بداية جنينية لمدّ كردي سوري لم تبن معالمه إلا في فترة الأزمة السورية التي استغل الفرع السوري لحزب أوجلان، أي حزب «الاتحاد الديموقراطي»، شقوقها ومنعطفاتها وخاصة دريئة «داعش» من أجل فرض أجنداته كلاعب رئيسي بما يتجاوز حدود الأكراد السوريين الديموغرافية التي لا تتجاوز (مع المحرومين من الجنسية في فترة 1962- 2011) نسبة 7-9% من السكان فيما العرب 90% من السكان (انظر «روزنامة العالم»، نيويورك 2010، ص 842)، وحيث الأكراد ليسوا أكثرية سكانية في أي محافظة سورية بما فيها الحسكة، وهم ليسوا متجاورين جغرافياً بخلاف البلدان الثلاثة الأخرى. حصل مد كردي مماثل في إيران وتركيا على وقع المد الكردي العراقي ولكن أيضاً كان ملفتاً أنه كان من خلال الامتدادات الأوجلانية مثل سوريا، عبر (حزب PJAK ـ حزب الحياة الحرة لكردستان) في إيران المؤسس عام 2004 ثم الطبعات التركية لحزب العمال الكردستاني التي وصلت في انتخابات برلمان السابع من حزيران 2015 لأن يصل (حزب الشعوب الديموقراطية ــ HDP) إلى حدود 13% من مجموع الأصوات.

يظلّ العراق نموذجياً كمنصة من أجل دراسة الحركة الكردية منذ تمرد الملا مصطفى البرزاني على حكم عبد الكريم قاسم بدءاً من 11 أيلول 1961: كان هناك تشجيع بريطاني ــ أميركي ــ إيراني لهذا التمرد ما دام قاسم قد لامس التحريمين الممنوعين على كل حاكم لبغداد: النفط بامتيازات شركة نفط العراق زائد الكويت. عندما حصل اتفاق العاشر من شباط 1964 بين الملا البرزاني وسلطة عبد السلام عارف في بغداد، شجّع شاه إيران بتشجيع انشقاق ابراهيم أحمد وجلال طالباني عن البرزاني بعد شهرين وكان الاثنان في تشرين ثاني 1963 قد دشنا الاتصالات الكردية مع تل أبيب عبر السفارة الإسرائيلية في باريس. دخل الملا البرزاني بدوره في علاقات لاحقة مع إسرائيل عبر رئيس الموساد مائير عميت (1963-1968) الذي زار شمال العراق مراراً، وكان ضابط الارتباط معه هو ديفيد كيمحي الذي أصبح بالسبعينيات المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية. كان هناك مشكلة كردية مزمنة رافقت العراق منذ نشوئه كدولة عام 1921، ولكن كان أكراد العراق عبر قيادتهم السياسية التي ظلت ذات جذور اجتماعية قوية بفرعيها البرزاني والطالباني، تمد أيديها للخارج من نوافذ البيت العراقي طوال فترة 1961-2017، برغم أنها في دستور السلطة القاسمية 1958-1963 قد أخذت نصاً يقوم بجوهره على عبارة «العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن» وأخذوا في اتفاقيات 10 شباط 1964 و11 آذار 1970 مع بغداد وفي دستور 2005 العراقي ما يحلم به كحد أقصى سكان ديار بكر ومهاباد.

 

تعامل البرزانيون والطالبانيون مع الأفكار السياسية بطريقة استعمالية

 

تعاون الاثنان، أي الملا مصطفى البرزاني والطالباني، مع شاه إيران ومن ثم الطالباني ومسعود البرزاني مع الخميني، وعندما طرحت واشنطن نفسها ضد بغداد منذ حرب 1991 كانا رأس الحربة العراقية في الاستعانة بالخارج الأميركي. تعامل البرزانيون والطالبانيون مع الأفكار السياسية بطريقة استعمالية تشبه طريقة استعمال الأحذية أوالتاكسي: استعملوا الماركسية في فترة تحالف القاضي محمد والملا البرزاني مع ستالين أثناء قيام جمهورية مهاباد بإيران 1945-1946 وعندما باع الكرملين «جمهورية مهاباد» مقابل بولندا كان المنفى السوفياتي عند الملا حتى عودته لبغداد في خريف 1958 وتسكين قاسم له في بيت نوري السعيد فترة انتقال نحو نقل البندقية من اليسار إلى اليمين وللتحالف مع واشنطن وتل أبيب وطهران التي كان محكوماً غيابياً منها منذ أيام مهاباد بالإعدام.

في عام 1975 أسس جلال الطالباني وأنوشرون مصطفى حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، ورفعا شعارات ماركسية أمام البرزاني المهزوم بفعل اتفاقية السادس من آذار 1975 في الجزائر بين صدام حسين وشاه إيران، ولكنهما في أيار 1983 وكقربان للتقرب أثناء مفاوضات مع صدام حسين قاما بمجزرة منطقة بشتاشان في شمال العراق، حيث المقار القيادية للحزب الشيوعي العراقي، التي قتل فيها مئات الشيوعيين العراقيين. في فترات لاحقة شارك الطالباني والبرزاني في عمليات حربية مع إيران أثناء الحرب مع العراق. عند البرزانيين والطالبانيين شعار: «لا وسواس أمام أي وسيلة والهدف كل شيء». ينطبق الشعار الأخير على يساريين أكراد وعرب سوريين يسوغون التظلل بالبندقية الأميركية وبالقواعد الأميركية في سوريا. في فترة ما بعد التاسع من نيسان 2003 أظهر مسعود البرزاني الكثير من الشبه ببن غوريون ولكن من دون ذكاء الأخير: يقوم دستور 2005 في المادة 140 تجاه» المناطق المتنازع عليها «على أساس ما ينص عليه (قانونا إدارة الدولة العراقية الانتقالي لعامي 2003 و2004) اللذان يحدد أن حدود المحافظات العراقية وفق ما كان قائماً في يوم 19 آذار 2003 بما فيها محافظات إقليم كردستان الثلاث. في أثناء الغزو الأميركي تجاوز البرزاني ذلك ثم في فترة الاحتلال توسع أكثر وهناك مؤشرات كثيرة (وقد اتهمه نوري المالكي بذلك) على أنه كان مسهلاً لـ«داعش» غزوتها للموصل في يوم العاشر من حزيران 2014، حيث مارس شهيته التوسعية مستغلاً دريئة «داعش» لكي يستولي ليس فقط على «الأراضي المتنازع عليها» بل أكثر. في أحد تصريحاته عام 2014 يتكلم عن أن «حدود الإقليم هي حدود الدم» في تذكير ببن غوريون الذي يقول بأن «الحدود حيث يقف جيش الدفاع الاسرائيلي».

في الفترة نفسها وفي سكرة قوته أثناء ضعف بغداد بتأثير ما فعلته «داعش» في الموصل قال ما يلي: «المادة 140 قد تم تنفيذها» في إشارة إلى نزعته نحو فرض «الوقائع» بالقوة لكي تتحول بفعل ذلك إلى «حقائق سياسية». يشبه البرزانيون الصهاينة في نزعتهم التمرحلية حيث يعتبرون المراحل سلماً تصاعدياً نحو «الهدف الأعلى» وفي هذا يشاركهم الكثير من الساسة الأكراد.

خلال المد الكردي الذي عم المنطقة بمفاعيله خلال 14 عاماً ونصف كان هناك الكثير من المؤشرات بأن الحمولة أثقل من الحامل: عبر الخطوة التي قام بها مسعود البرزاني يوم 25 أيلول 2017 للدعوة إلى استفتاء الانفصال، بتشجيع من دوائر غربية في واشنطن ولندن ومن تل أبيب ومن دول عربية مثل دولة الإمارات، بان أنه أقدم على خطوة انتحارية شبيهة بتلك التي قام بها صدام حسين في الكويت يوم الثاني من آب 1990. اضطر الجميع دولياً وإقليمياً للتخلي عنه وتركه وحيداً، حتى وإن كان الكثيرون بقلبهم معه بعدما جربوه كميزان حرارة لقياس مدى قابلية أو مقاومة دول ومجتمعات الإقليم لعملية تغيير الخرائط. عندما حصلت خطوة بغداد في كركوك 16 تشرين أول 2017، وهي كانت بتشجيع من طهران التي أطلق ترامب مواجهته معها في خطاب 13 تشرين الأول، مارست عائلة الطالباني دور بروتوس وبانت هشاشة البناء الكردي العراقي.

هناك الكثير من المؤشرات على أن ما حصل في كركوك (التي سماها يوماً مسعود البرزاني بـ«قدس الأكراد») بيوم الاثنين 16 تشرين أول 2017 هو بداية انحسار المد الكردي بعموم المنطقة البادئ في بغداد منذ يوم الأربعاء التاسع من نيسان 2003. لن تدفع أربيل فاتورة ذلك فقط بل أيضاً مهاباد وديار بكر والقامشلي.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3   إن استقال البارزاني  فاروق يوسف   العرب بريطانيا
 

مسعود البارزاني حاول أن ينقل الحلم الكردي إلى الواقع وفشل. أما إذا استقال فإنه سيحول هزيمته إلى انتصار، وهو ما يمكن أن ينظر إليه كل كردي بفخر.

إن استقال مسعود البارزاني من منصبه رئيسا لإقليم كردستان العراق، فإنه سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه باعتباره أول سياسي يستقيل من منصبه بسبب فشله في إدارة وظيفته وتصريف شؤون مواطنيه في العالم العربي.

 

تلك سابقة تاريخية ستهب البارزاني صفة السياسي الذي يؤمن بالديمقراطية، وستحرر الأكراد من عقدة الزعيم التاريخي إلى الأبد. وهو ما يمكن أن يحدث تحولا عظيما لدى شعوب المنطقة في فهم علاقتها بحكامها.

 

سيحق للأكراد يومها أن يلحقوا مسعود البارزاني برموزهم الوطنية التاريخية. لقد ضحى الرجل بمستقبله السياسي من أجل مستقبل شعبه.

 

أنا على يقين من أن الزعيم الكردي لو أقدم على الاستقالة لن يحظى باحترام وتقدير شعبه فحسب، بل ستنظر إليه شعوب العالم كله بإجلال تقديرا لتضحيته.

 

مسعود هو ابن النضال الكردي من أجل الحرية. فالرجل الذي ولد قبل سبعين سنة في مهاباد، الجمهورية الكردية التي وأدت في إيران، يحمل في دمه تاريخا من التضحيات من أجل أن يقوم وطن قومي للأكراد.

 

غير أن عيبه أنه يحكم بالطريقة التقليدية، وهو ما يجعله زعيما شعبويا من غير أن يؤهله ذلك للانتقال بشعبه إلى العصر الحديث. لقد دخل مسعود منذ العام 1991 في غيبوبة عشائرية لم تعد تسمح له بالنظر إلى متغيرات السياسة الدولية بعيني سياسي معاصر.

 

لذلك راهن على استفتاء الانفصال الذي كان يعرف أن نتائجه كانت جاهزة.

 

كان رهانه شعبيا وهو محق في ذلك، غير أن ميزان السياسة لا يضع أحيانا الشعوب في اعتباره. وهو ما أخطأ البارزاني في فهمه.

 

    استقالة مسعود البارزاني ستهبه صفة السياسي الذي يؤمن بالديمقراطية، وستحرر الأكراد من عقدة الزعيم التاريخي إلى الأبد. وهو ما يمكن أن يحدث تحولا عظيما لدى شعوب المنطقة في فهم علاقتها بحكامها

 

في لحظة عمى تاريخية قرر الزعيم الكردي أن يقفز خارج المربع المسموح له بالإقامة واللعب فيه. لقد تعامل بخفة غير متوقعة من زعيم بحجمه مع العوامل الإقليمية والعالمية، وكـان واضحا أن إسرائيل وحـدها تدعمه في رهانه الانفصالي.

 

في المحصلة فإن البارزاني قد خسر رهانه الشعبي، فهل كان ذلك مدعاة لخسارته شعبيته التي يستمدها من تاريخ نضالي طويل؟

 

تتخلى الشعوب عن زعمائها في لحظة ضيق غير متوقعة.

 

لست في مجال المقارنة، ولكن ذلك ما حدث لشارل ديغول في العام 1968 حين تخلى الشعب الفرنسي عن زعيمه التاريخي من أجل التغيير وإقامة دولة جديدة.

 

ما يحلم به الشعب الكردي في العراق أن يعيش حياة حرة كريمة.

 

وهو حلم تبين للأكراد أنه غير قابل للتحقق في ظل زعامة عشائرية تتاجر بتضحياته من أجل أن تتضخم ثرواتها على حساب فقره.

 

لم يكن الأكراد في ظل زعامتهم التاريخية سوى شعب معزول، يعاني شبابه من البطالة والجهل بالرغم من أن إقليمهم كان ينعم بهبات محلية وعالمية.

 

وكما يبدو فإن البارزاني لم يخطئ التقدير إلا حين اعتقد أن حلم الوطن القومي كفيل بأن يُنسي الأكراد تفكيرهم في حياتهم اليومية. وهو ما يمكن توقعه من زعيم شرق أوسطي يعيش في برجه العاجي.

 

لذلك فإن البارزاني لو أقدم على الاستقالة، فإنه سيهبنا فكرة عن زعيم يضحي من أجل شعبه. وهي هدية يستحقها الأكراد الذين وقعوا بين انفصالهم الوهمي عن العراق بعد عام 1991، وبين انضمامهم الوهمي إلى العراق بعد العام 2003 وهو عام الاحتلال الأميركي.

 

بطريقة تبسيطية يجوز لنا القول إن رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني حاول أن ينقل الحلم الكردي إلى الواقع لكنه فشل. أما إذا استقال فإنه سيحول هزيمته إلى انتصار. وهو ما يمكن أن ينظر إليه كل كردي بفخر.

 

في غيابه عن الحكم سيكرس البارزاني زعامته التاريخية.

 

أما إذا أصر مسعود البارزاني على البقاء رئيسا لإقليم كردستان، فإنه يقدم الأكراد إلى العالم باعتبارهم شعبا فاشلا.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4  هزيمة الوجدان الكردي

 

 كافي علي

 

   العرب بريطانيا
مع دخول دونالد ترامب البيت الأبيض، غادر مشروع “الشرق الأوسط الجديد” في حقيبة جو بايدن، وحل محله مشروع “أميركا أولا” الذي أكده الرئيس الأميركي في أكثر من مناسبة.

هل يجوز استغلال لهفة الوجدان القومي عند الشعب الكردي للاستقلال باستفتاء تم رفضه إقليميا ودوليا؟ هل كان مغامرة مهدت الطريق للدولة الكردية، أم مقامرة احتاجها مسعود البارزاني لإسكات الأصوات الكردية الرافضة لسياسته والمطالبة باستقالته؟ بغض النظر إذا كان الاستفتاء “دولة حبر على الورق” قدمها مسعود للشعب الكردي، أو الخطأ الفادح كما وصفه بافيل الطالباني، نجل خصمه الراحل جلال الطالباني، فإن نتائجه فرضت السياسة الأميركية الجديدة في العراق بعد الانتصار على تنظيم داعش.

 

“نواصل دعم عراق اتحادي ديمقراطي موحد”، هكذا صرح وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بعد أن حسمت القوات العراقية المعركة وسيطرت على آبار النفط في كركوك، لتنتهي مرحلة الفوضى الخلاقة وتبدأ مرحلة كبح إيران، محور الفوضى والإرهاب في المنطقة. ولأن استقرار العراق في إطار حكومة وطنية تشرف عليها أميركا من ضروريات المرحلة القادمة، لا بد من تهميش الزعامات الطائفية والقومية في هذا البلد، ومنع فرضها بالقوة سياسة الدولة داخل الدولة. ولأن زعامة البارزاني من ضمن القائمة، منحت تداعيات الاستفتاء أميركا فرصة تهميشه، كما منحتها تداعيات احتلال داعش للموصل فرصة تهميش نوري المالكي واستبداله بحيدر العبادي.

 

مع دخول دونالد ترامب البيت الأبيض، غادر مشروع “الشرق الأوسط الجديد” في حقيبة جو بايدن، وحل محله مشروع “أميركا أولا” الذي أكده الرئيس الأميركي في أكثر من مناسبة. انتهت مرحلة الفوضى الخلاقة لأجل تقسيم العراق والمنطقة على أسس عرقية تنهي الصراع العربي الإسرائيلي، وتمنح إسرائيل شرعية الاحتلال والتوسع. في الحقيقة لم تعد المصالح الإسرائيلية من أولويات السياسة الأميركية الجديدة، وهذا يبدو واضحا من الفتور السياسي بين الطرفين. شبح الأزمة الاقتصادية لعام 2007 وعدم معالجة أسبابها أرغما الرئيس الأميركي على فتح آفاق التعاون مع العرب لتأمين أسواق الطاقة والاستثمار، خاصة بعد دخول روسيا كمنافس لاستثمار الحروب في المنطقة. ولأن العراق منطقة الاقتصاد الأميركي في الشرق الأوسط، فقد سعى ترامب إلى عزله عن التحالف الإيراني الروسي وعودته لمحيطه العربي من خلال السعودية، الحليف الاستراتيجي لأميركا.

 

لم يكن موضوع الأزمة بين إقليم كردستان وحكومة بغداد يقلق السياسة الأميركية، لكن انشغال حكومة بغداد بأزمات الفساد ومطاردة بقايا تنظيم داعش، وتوتر العلاقات بين تركيا وأميركا، والضغط الأميركي على النظام الإيراني، بالإضافة إلى ازدهار النشاط السياسي في أربيل منذ سقوط الموصل بيد تنظيم داعش، جميعها أسباب عبدت الطريق أمام رئيس الإقليم للإعلان عن الاستفتاء. اعتمد السيد مسعود على رصيد علاقاته التاريخية مع أميركا وإسرائيل، وحجم المصالح المشتركة بينهم، ومنها محاربة الإرهاب وبيع النفط لإسرائيل. خدع الخطاب الأميركي الناعم لمنع الاستفتاء، والتأييد الإسرائيلي المطلق له دهاء البارزاني، وفشل في تقييم فعل الاستفتاء وتداعياته كفشل صدام حسين في تفسير رد السفارة الأميركية حول رغبته باجتياح الكويت.

 

تورط الزعيم الكردي بالاستفتاء بعد أن خذله الحلفاء وقرر الهروب إلى الأمام، لم يستجب للمنحة الأميركية ومهلة الانسحاب من كركوك تحت غطاء جوي يحفظ كرامته القيادية، وسلامة قواته من التحالف التركي الإيراني المتربص لفرصة الانقضاض عليهم. ورغم تحدث الإعلام الشيعي الموالي لإيران عن مؤامرات أو اتفاقيات بين قاسم سليماني وعائلة جلال الطالباني، إلا أن التخبط الإعلامي في تصريحات القيادات الكردية مؤشرات تمنحنا الثقة للتعامل معها كترويج طائفي لسليماني وانتصاراته الإعلامية.

 

مهما تكن طبيعة العلاقة بين إيران وعائلة الطالباني فإنها لا يمكن أن تكون سببا لتجاوز العائلة لإرادة الشعب الكردي، أو تحديا لموقف الإدارة الأميركية من إيران. قوات البيشمركة مثل أي منظومة عسكرية عراقية تابعة لنظام الدولة داخل الدولة، متآكلة بالفساد والمحسوبية وسلطة العوائل، هربت تلك القوات من القتال مثلما هرب الجيش الطائفي الشيعي لنوري المالكي من الموصل، وتسببت بهزيمة ترفض جميع القيادات الكردية الاعتراف بها للتخلص من المسؤولية.

 

يعاني المجتمع الكردي صدمة نفسية عنيفة ستؤدي إلى عودة الاقتتال الداخلي، ستكون هزيمة الوجدان الكردي المتورم بالخديعة بعد الانسحاب من كركوك، أخطر ما تسبب به البارزاني لشعبه.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
 5     لكي يعود العراق

 

 

   عادل الراشد     البيان الاماراتية
 

يتلمس العراق طريق العودة إلى محيطه العربي، بعد سنين من الجفاء والجفاف الذي فرضه الدور الأميركي الإيراني المزدوج. لكل منهما رغباته في هذا البلد العربي الكبير، ولكل منهما أجندته في السيطرة على مقدراته واستنزاف ثرواته، ولكل منهما أهدافه في تشكيل دولة عراقية تابعة تكون مطية لتنفيذ مخططاتهما في المنطقة العربية ومحيطها الإسلامي.

 

أميركا أرادت الانتقام من العراق، الدولة والتاريخ والدور، فقامت، كما قال بول بريمر أول حاكم فرضته أميركا على العراق بعد سقوط بغداد عام 2003، بإسقاط دولة سنيّة عمرها أكثر من ألف سنة، وفككت جيشه الذي اعتبرته يشكل خطراً على «إسرائيل»، ومزقت نسيجه الاجتماعي والوطني وحولته إلى كيانات طائفية وعرقية تتقاتل فيما بينها، وصممت نظامه السياسي ليكون نموذجاً لتركيبة الجغرافيا السياسية في كل الوطن العربي، ثم وضعت يدها على مقدراته متبادلة المصالح مع الطبقة السياسية التي جلبتها معها على ظهور دبابات غزوها العسكري.

 

أما إيران فقد عملت مع الأمريكان على أساس مبدأ «سلّم واستلم». فقد فتحت كل الأبواب أمام «الشيطان الأكبر»، وقدمت التسهيلات كي تخلصها قوات التحالف الغربي من عدوها اللدود في العراق، ثم ذهبت لتستلم غنائمها من الحرب. ومن باب الوصول إلى «العتبات المقدسة» كان الهدف السيطرة على كل مفاصل الدولة العراقية، وفرض الوصاية على القرار العراقي، ليكون العراق امتداداً لامبراطورية الولي الفقيه الفارسية، وممراً استراتيجياً للوصول إلى شرق البحر المتوسط وعاصمة الأمويين العريقة. فيكون الانتقام من الأوطان بقدر تحقق الثأر من التاريخ، وسد عقدة النقص والدونية التي ورثها سقوط عرش الأكاسرة الساسانيين بيد الفاتحين العرب.

 

وبعد 14 عاماً من التنازع بين المحتل الأميركي، والطامع الإيراني، وصنيعهما الإرهاب الهلامي، وجد العراق نفسه وحيداً تتكالب عليه الأكلة، ووصل الطمع بأراضيه وثرواته إلى داخله، ومن بين مكونات نظامه الذي صممه المحتل الأجنبي، وشعرت بعض قواه السياسية التي طارت به بعيداً عن محيطه وعمقه العربي بأنها قد طأطأت الرؤوس حتى كادت تتمرغ في الوحل. وبعد كل هذا السقوط المتواصل لن يمد للعراق أحد يده لينتشله غير أشقائه الذين عرفوا قدره وآلمهم حاله.

 

وإذا كانت تحركات رئيس الحكومة العراقية ووزرائه اليوم باتجاه أشقائهم العرب لكسر ذلك القيد الذي التف حول اليد العراقية مبنية على قناعة باستراتيجية الخيار العربي وضرورته فسيكون محل ترحيب واحتضان. وذلك يستدعي خطوات حقيقية وصادقة من قبل بغداد لاستعادة الدور العربي للدولة العراقية وتحجيم التغلغل الإيراني في مفاصل الدولة وقواها السياسية والدينية.

 

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
 6     دولة كردستان الديموقراطية!

 

   ضاري الشريدة     الراي الكويتية
 

إنها دولة الحلم… وحلم الدولة بالنسبة للأكراد، الذين ظلوا حائرين في إقليم ملتهب بين ثلاث دول أو قوى ضاغطة محيطة، وهم عبارة عن عرق مستقل بذاته لا ينتمي للعرب، ولا للترك، ولا للعجم. وهم يطمحون لإيجاد كيان مستقل يجمع شتاتهم المتناثر ما بين العراق وإيران وتركيا، وهو المطلب والهدف الذي يعتبر منطقيا من وجهة النظر الشعبية وغير منطقي من وجهة النظر السياسية والإستراتيجية. ويكفل لهم القانون الدولي الحق في تقرير مصيرهم حسب ميثاق سان فرانسيسكو العام 1945. ولا يمكن أن يلام الشعب الكردي الذي ظل لسنوات يرزح تحت الحكم البعثي، ومن ثم مخاطر الإرهاب الداعشي، والآن إرهاب «الحشد الشعبي» الذي يمارس بغطاء من الدولة، ويحظى بدعم إيراني لا محدود، ولكن…

 

اليوم المنطقة لا تكاد تهدأ جراء بعض الأحداث، وتتفجر بشكل متسارع العديد من المشكلات التي تشكل الأمنية أولها، وبالتالي فإن قيام كيان كردي مستقل، غير مرحب به ومناوئ للحكومة العراقية، ومعاد لتركيا التي أبدت رفضا قاطعا لقيام دولة كردية على حدودها، ومخالف للجارة إيران، من حيث المعتقد الديني والتوجه السياسي، سيفاقم المشكلات التي تعاني منها المنطقة ككل، وسيزيد الضغوط على إقليم كردستان والشعب الكردي، الذي لن ينعم بالأمن والهدوء والسلام كما يظن الأكراد، والقوى الثلاثة المحيطة لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه أي تحرك كردي بهذا الاتجاه.

 

أما العائق الداخلي الذي يقف أمام تحقيق هذا الحلم الكردي، يكمن في الدستور العراقي الجديد حسب اطلاعي البسيط عليه، والذي ارتضاه جميع الأطراف بمن فيهم الأكراد وغيرهم من الأعراق المتعددة، والذي ينص صراحة على أنهم ضمن إطار دولة اتحادية، مع إدراج اللغة الكردية إلى جانب العربية كلغتين رسميتين.

 

قراءتي لما يحدث هناك… في حال أقدم الأكراد على خطوة من هذا النوع، فإن تركيا لن تتوانى عن انتهاك الحدود العراقية، وهي معتادة على انتهاكها مرارا في السابق. وإيران كذلك لن تتخذ موقف المتفرج وستقدم كل ما يمكن للحشد الشعبي، وستكون المنطقة على موعد مع مأساة وحرب جديدة ستكون لها نتائج كارثية. ومن الأفضل الآن على الأقل أن يلتزم الشعب الكردي بتوجيهات الخارجية الأميركية.

 

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
7  القرار السياسي بين الأوهام والحسابات: من كردستان إلى عربستان

 

 وائل مرزا

 

    الحياة السعودية
 

«لم يعد بإمكاني تحمّلُ هذا الأمر. لقد زرت أعداداً لا حصر لها من جنودنا في مستشفى والتر ريد العسكري [حيث يُعالج الجرحى من الجنود الأميركيين]، ومقبرة أرلنغتون [التي يُدفن فيها القتلى من الجيش الأميركي]، ولقد نظرت إلى وجوه زوجاتهم ذوات الثمانية عشر ربيعاً وعيون أطفالهم الرُّضّع. لقد دفنت عراقيين. كلُّ هذا [لأرى الآن] إيران تسيطر على المنطقة! والآن تأتي هذه الخيانة الفظيعة للأكراد، الذين ليسوا أناساً كاملين بالتأكيد، لكنهم على الأقل أحبّوا أميركا ولم يُفجّروا قط سفاراتنا. لقد انتهيت من [الاهتمام بـ ] الشرق الأوسط».

 

نقلَ هذه الفقرة المُعبّرة على عدة مستويات، عن ديبلوماسي أميركي كبير من دون تسميته، الإعلاميُ والخبير الأميركي مايكل ويز، كبير محرري موقع الديلي بيست، والمُشارك بتحليلاته في دورية «السياسة الخارجية» وقناة سي إن إن. نقَلَها قبل أيام، بعد اجتياح القوات العراقية مناطق النفوذ الكردي شمال العراق.

 

وخلال الأيام القليلة الماضية، تصدّرت وسائل الإعلام الدولية عناوين من قبيل: «الحكومة الإقليمية الكردية تمر بفوضى عارمة» في شبكة (فرانس 24)، و «ترامب يخون حليفاً للولايات المتحدة سامحاً لإيران بالحصول على اليد العليا في المنطقة» في صحيفة معاريف، و «الدبلوماسيون الأميركان يصفون تعامل حكومتهم مع الأكراد بالخيانة» في صحيفة الإندبندنت، و «انتهاء حلم الاستقلال الكردي» (في شبكة صوت أميركا).

 

لم تنفع الأكراد وقتَ الحاجة تحديداً، خبرةٌ سياسية امتدت عقوداً، وتضمنت التعامل مع حقول الألغام المحلية والإقليمية والعالمية، وأحداث كبرى من غزو العراق وسقوط صدام إلى الثورة السورية، ومآسٍ مؤلمة حملت معها الملايين من التضحيات والتهجير والعذابات بمختلف أشكالها.

 

لم يُسعف كلُّ هذا القادة (المُخضرمين) الذين يُفترض أنهم تعاملوا مع مختلف الزعماء والحكومات المؤثرة في صناعة القرار عالمياً وإقليمياً من أميركا وروسيا إلى تركيا وإيران، مروراً بالحكومات الأوروبية. لا يقتصر الأمر على القادة، على رغم خصوصية المسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقهم بحكم موقعهم ونفوذهم وخبرتهم وقدرتهم على صناعة القرار.

 

وإنما ثمة درسٌ مؤلمٌ وكبير يواجهه أيضاً الملايين من الأكراد، بدءاً من النخب والمثقفين والنشطاء، وصولاً إلى الإنسان الكردي العادي أينما كان، من العراق وسورية وتركيا، إلى أوروبا وأميركا.

 

لم يقف كل هؤلاء، للحظة، أمام حقائق الجغرافيا السياسية الصلبة في المنطقة. تناسَوا كل دروس التاريخ عن الحكومات الأميركية وسياساتها الخارجية في هذا العالم الكبير، خاصةً حين يتعلق الأمر بمن يُسمَّونَ «الحُلفاء». لم يقرأوا المعادلات، لا التاريخية الوازنة منها، ولا الجديدة المتعلقة بالمتغيرات الكبرى في المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية. أو الأصح أنهم قرأوها على نحو خاطئ.

 

سيتفهّم القارئ النقد الموجه إلى القادة السياسيين الأكراد، وثمة «غصةٌ» قد تحصل عندما يتعلق الحديث بعامة الناس. لكن هذا قد يكون مربط الفرس هنا، كما يقولون.

 

فنحن لسنا في مقام لوم «البسطاء» على نتيجةٍ كارثيةٍ ربما كان القادة، بقراراتهم، سببها الرئيس. لكن مسار الأحداث كان يسير، بحسبةٍ بسيطة، في اتجاهٍ بدت ملابساته واضحةً للكثيرين، إلا للأكراد أنفسهم، فيما يبدو، شعباً وقيادات.

 

طغى الحماس، ومعه المزايدات، على وضعٍ تَصدُقُ فيه المعاني الكامنة في القصة المشهورة للطفل الذي صاح قائلاً: «لكن الملك عريان». ففي حين كانت تلك الحسبة تؤكد أن الظروف الراهنة بالذات تحمل في طياتها عناصر رفض استقلال كردستان من قبل الدول المجاورة بأسرها، وأكثر من أي وقتٍ مضى في التاريخ، رأى الأكراد الصورة بالمقلوب تماماً.

 

تداخلت الطموحات الشخصية بالأحلام القومية، فاعتقد القادة الأكراد أن الفوضى السائدة في المنطقة هي اللحظة المناسبة لتحقيق الحلم التاريخي. ركبت النخبة الكردية الموجة، وهي التي كانت مؤهلةً لتفكيرٍ استراتيجيٍ مختلف، فدخلت في «زفّة» عملية الاستقلال بكل الطروحات والوسائل الممكنة، وساد التنافس على تأكيد صوابية القرار ودقة الحسابات وحتمية النتيجة. فلم يكن من شرائح المجتمع الكردي إلا أن ألقت بنفسها في الموج الصاخب الجاري من دون سؤالٍ أو تفكير. وبدا المسارُ كله داخل المجتمعات الكردية، في المنطقة والمَهاجر، أقربَ لمهرجان احتفالي بِعيدٍ من الأعياد على الطريقة الكردية المتميزة.

 

هنا تتداخل، بمكرٍ وخبث، الثقافة بالسياسة في شكلٍ غالباً ما يؤدي إلى حافة الهاوية. فالثقافة الكردية معروفةٌ برسوخ العنصر الكرنفالي والمظاهر الفنية والطقوس الاحتفالية في حياتها الاجتماعية. والمعروف أيضاً، أن كل القوى السياسية الكردية، من دون استثناء، استعملت ذلك العنصر، بكثافة وإبداع، ومبالغة أحياناً، في عمليات الحشد والتعبئة، حتى باتت جزءاً من الثقافة السياسية للأكراد.

 

صبَّ هذا كله في الإيحاء بإمكانية تحقيق الحلم الكبير في هذه اللحظة من التاريخ. لكن منطق التاريخ يفرض ألا ينتج عن الأحلام الكبرى سوى أمرين: تحقيقُها، أو كوارث كبرى بحجمها وأكبر. مفرق الطريق في الموضوع يكمن في الحسابات الاستراتيجية، وقراءة التاريخ، وفهم التحولات في شكلٍ دقيق. لكن مشكلة الأحلام الكبرى أنها تُدخل العاطفة والحنين والشوق في خضم معادلة الحسابات، فتُصيبها في مقتل منذ اللحظة الأولى. ذاك هو «التفكير الرغائبي» متجسداً في مثالٍ عمليٍ كبيرٍ ومعاصر يقدمه التاريخ ملء الأبصار في هذه المنطقة من العالم.

 

فهل تتعلم عربستان الكبرى من هذا الدرس المؤلم؟

 

ثمة ما يبث الرعب في معرض المقارنات. وقد يكفي طرح التساؤلات في هذا المقام.

 

نعم، هناك إجماع لفظي واضحٌ حول خطر إيران، وربما حول تخطيطها الكثيف والمدروس للسيطرة على المنطقة، فهل تُركز السياسات الراهنة، والمستقبلية، الأمنية والعسكرية والديبلوماسية والاقتصادية، بدقة، على مواجهتها مباشرة؟ أم أن بعض هذه السياسات تحمل في طياتها ما يؤدي عملياً إلى التضارب في تحقيق أهدافها؟ وهل التركيزُ المذكور متوفر فعلاً، أم أن بعض السياسات يصرف الطاقات والجهود في ساحات أخرى أقل أولوية؟ وعلى رغم كل المؤشرات المُعلنة والخفية، إلى أي درجةٍ يمكن، عملياً، الثقة بالحليف الأميركي، في موضوع إيران تحديداً، وفي غيرها من المواضيع؟ والحساس في هذا السؤال الأخير أن يكون متعلقاً بالمؤسسة وبالنظام، بعيداً من الأفراد، أياً كان موقعهم ونفوذهم في لحظةٍ من الزمان… على رغم أن فهم الموقف الأميركي في التجربة الكردية الأخيرة بمدخل «المصالح القومية»، التي تعلو على كل شيءٍ آخر، أنسبُ في فهم الظاهرة منهجياً من اختزالها بتوصيف «الخيانة». وهذا بحدِّ ذاته فارقٌ في التفكير السياسي بين طريقةٍ تعتمد الحسابات الباردة وأخرى تعتقد أن ثمة شيئاً اسمه «الوفاء» يوجد في قاموس العلاقات الدولية.

 

هذا كله، بعيداً من حديثٍ، ذي شجون، عن الأحلام والطموحات الكبرى، ودور النخب والمثقفين، والتفكير الرغائبي، وطبيعة الثقافة السياسية، وسواها من مواضيع سيكون مستقبل العالم العربي مهدداً بجدية إن لم يتمَّ تحرير القول فيها اليوم، وليس غداً.

 

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
8  كردستان العراق أمام مشهد جديد  احمد صبري

 

    الوطن العمانية
  

”إن أقوى الضغوط موجه على واشنطن وبقية عواصم الغرب بعد أن تحملت واشنطن الكثير من الضغوط والانتقادات، سواء من بعض حلفائها أو على المستوى الداخلي من كثير من الشخصيات الأميركية التي لم يرق لهم كثيرا تراجعات أربيل أمام الترتيبات التي يبدو أن طهران وحلفاءها في العراق كانت المهندس الأكبر لها.”

 

توقيت مبادرة إقليم كردستان بتجميد الاستفتاء والحوار مع بغداد وزيارة رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى أنقرة وطهران بعد جولته العربية حملت أبعادا إقليمية استشعارا من قيادة إقليم كردستان من مخاطر التصعيد السياسي والاقتصادي من بغداد وأنقرة وطهران ضد الإقليم، ومحاولة لتخفيف حدة التوتر الذي وصل حد الاشتباك المسلح مع بغداد.

فإيران التي أعلنت ومن مفوضيتها في أربيل تحديدا قرار استثناء إدارة رئاسة الإقليم في أربيل من إعادة افتتاح المنافذ الحدودية بعد افتتاح منفذها مع السليمانية فقط، وإبقاء منفذها مع أربيل مغلقا ستراجع اليوم موقفها بكل تأكيد، بينما تظل أنقرة الغاضبة من حليف الأمس غير مكترثة من الخطوة الكردية.

وحكومة العبادي التي حاولت السيطرة على موقع فيشغابور الاستراتيجي على الحدود مع تركيا فلن تستطيع المضي بخطوات سيطرتها على مقدرات الإقليم من طرف واحد، كما بينت الأيام السابقة بعد الإعلان الجديد الصادر من أربيل.

إن أقوى الضغوط موجه على واشنطن وبقية عواصم الغرب بعد أن تحملت واشنطن الكثير من الضغوط والانتقادات، سواء من بعض حلفائها أو على المستوى الداخلي من كثير من الشخصيات الأميركية التي لم يرق لهم كثيرا تراجعات أربيل أمام الترتيبات التي يبدو أن طهران وحلفاءها في العراق كانت المهندس الأكبر لها.

واستنادا إلى ما تقدم، فإن الأسئلة تبقى مطروحة بعد إعلان أربيل في مقدمتها كيف ستبدأ عملية التطبيع بين بغداد وأربيل وماهي أوراق كل فريق لا سيما وأن ملف النفط والمعابر الحدودية والمناطق المتنازع عليها ورواتب البشمرجة الكردية والمطار، وغيرها من التفاصيل الكثيرة، هي موضع خلاف بين بغداد وأربيل؟

وعلى الرغم من أن الشيطان يكمن في التفاصيل إلا أن الطرفين يسعيان لوقف التصعيد والبحث عن حلول وسط لتفادي احتمالات دخول العراق في الفوضى إذا تحولت القضية إلى صراع قومي.

ويبدو أن مبادرة إقليم كردستان لتجميد نتائج الاستفتاء وعرض الحوار مع بغداد كانت حصيلة توافق بين قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه رئيس الإقليم مسعود البرزاني.

وتتضمن الصفقة نقل صلاحيات رئيس الإقليم إلى رئيس الحكومة نجريفان برزاني ورئيس برلمان كردستان ورئيس ديوان رئاسة الإقليم في حل وسط لتفادي إحراج البرزاني الذي كان يرفض أي تسوية سياسية مع بغداد لا تستند إلى نتائج الاستفتاء.

وإزاء هذه المستجدات في الملف الكردي فإن العبادي حصل خلال جولته الإقليمية على ضوء أخضر لمواصلة رفض الاستفتاء ونتائجه، وفرض هيمنة الدولة العراقية على كامل الأراضي العراقية، لا سيما المعابر مع دول الجوار والمطارات والنفط وفي المقدمة كركوك، وهو الأمر الذي سيضع أي قيادة كردية بديلة أمام اشتراطات جديدة تستند إلى الأوراق التي حصل عليها العبادي من دول الجوار مسنودة من الحشد الشعبي والدعم الإيراني.

إذًا نحن أمام مشهد جديد قد يقلب المعادلة السياسية، ويعيد ترتيب أولوياتها على ضوء تنحي البرزاني وإلغاء نتائج الاستفتاء، وطرد “داعش” من آخر معاقله في غرب الأنبار.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
9 من دمر ليبرتي ومن قتل جون كيندي

 

 بسام ابو شريف

 

 صحيفة راي اليوم بريطانيا
 

نائب الرئيس الأميركي بنس تمخض فنطق بلغة صهيونية ، يقول بنس : لن نتساهل بعد اليوم بشأن الاتفاق النووي مع ايران ، ويضيف فورا : ” اننا لا ننسى ابدا مقتل رجال المارينز في بيروت على يد الارهابيين من حزب الله …” .

حديث بنس واضح – اضافة الى محاولته ابلاغ ترامب خضوعه الكامل له ولسياسته العدوانية ، فان بنس وجه بوضوح أكبر رسالة حول استراتيجية ترامب وأهدافه ، مأخذ ترامب على الاتفاق بين ايران والدول الاوروبية والولايات المتحدة ليس الاتفاق بحد ذاته بل ” روح الاتفاق ” ، الذي لم تلتزم بها ايران وأزهقتها ، فماهي روح الاتفاق بالنسبة للسيد ترامب ؟؟ ، ان روح الاتفاق حسبما يفهمها ترامب هي الاعتراف باسرائيل والكف عن دعم الشعب الفلسطيني وحقه في العودة الى وطنه وتحرير أرضه من الاستعمار الاستيطاني الصهيوني ، وهذا يعني أيضا : الكف عن دعم فصائل محور المقاومة التي تتصدى للعدوان الصهيوني ولمخططات الولايات المتحدة واسرائيل لتدمير الدول العربية ، وتقسيم أراضيها وخلق دويلات مثل” اسرائيل ” ، تشكل قواعد جديدة لها ولشريكتها الامبريالية الصهيونية ، والهدف خلق شرق أوسط خاضع للهيمنة والاحتلال الأميركي والصهيوني وفتح الأبواب على مصاريعها لنهب ثروات الأمة العربية والاسلامية دون رقيب أو حساب ، وهذا هو الهدف الذي تسخر الولايات المتحدة الآن كل أجهزة التزوير والادعاء لخدمته ولايخفى على أحد أن الادارة الأميركية واسرائيل تركزان على فصائل المقاومة التي تدعمها ايران وتعتقد أن توجيه ضربات قاسية وكاسحة لهذه الفصائل سوف يفتح الطريق لها لاخضاع ايران ونستطيع أن نرسم نسخة من استراتيجية ترامب التي يسميها جديدة ( وهي تجديد لاستراتيجية الولايات المتحدة العدوانية القديمة ) ، من خلال مايقوله ترامب وجوقة الردح العدواني الاميركية والاسرائيلية : ليبرمان الذي يطمح بأن يرتقي الى منصب المرغوب به لدى الولايات المتحدة ( بدلا من نتنياهو ) ، يتهم حزب الله بأنه أطلق صواريخ في الجولان ( لم يصب أي هدف ) ، لجر اسرائيل وسوريا لحرب !!! وكأن ضربات اسرائيل لشرق دمشق ليست حربا ( اضافة لدعمها للارهابيين والغارات المتتالية على سوريا ) ، رغم وعود نتنياهو للرئيس بوتين ، وتقول اسرائيل باستمرار ان حزب الله يمتلك ترسانة صواريخ خطيرة تهدد أمنها ، والآن يأتي بنس ليقول ان الولايات المتحدة لاتنسى قتلاها وأنها ستنتقم لمقتل المارينز في العام 19083 ، وأن حزب الله سيكون الهدف .

وعلى صعيد أوسع يقول ماتيس وكذلك تيليرسون – الضابطان المطيعان لترامبفي الدفاع والخارجية الأميركيتين : ” ان الولايات المتحدة لن تنسحب من سوريا ولن تنسحب من العراق ؟!!” . ويعمل الاثنان على تطبيق سياسة ترامب الاستعمارية ” استعمار قديم ” بالتمدد للسيطرة على حقول النفط في سوريا وشمال العراق من خلال استخدام تطلعات الشعب الكردي وتسليح وتدريب فئة منهم لها صفة يرفضها معظم الأكراد وهي العمالة لأميركا واسرائيل .

جاء رد العبادي واضحا عندما قال لتيليرسون ان الحشد الشعبي مؤسسة رسمية وهي جزء من القوات العراقية ( بعد أن اتهم تيليرسون الحشد بأنه ايراني ) ، وجاء رد سوريا التي اعتبرت كل أرض سورية لايدخلها الجيش العربي السوري يجب أن تحرر من مستعمريها ، وردا على هذا استمرت قوات المارينز التي تقاتل تحت علم منظمة كردية تسمى سوريا الديمقراطية ، وتستخدم كيافطة للاحتلال الأميركي في التمدد باتجاه بقية حقول النفط الغنية في محافظة دير الزور بعد أن قتلت الاف المدنيين في الرقة وسيطرت على حقول النفط هناك .

وأصاب مخطط ترامب صداع كبير حينما تقدم الجيش العراقي والحشد للسيطرة على كركوك ، وخرج الجبير وزملائه من الهتيفة لدعم موقف ترامب وتوج ولي العهد ابن سلمان الأمر بزيارة “تاريخية” لاسرائيل وقع خلالها على اتفاقيات عديدة عسكرية وسياسية واقتصادية في الوقت الذي انهى فيه الملك سلمان توقيع عقود السلاح وغيرها في موسكو ، ( وتذكر الملك سلمان كلام مسؤول المخابرات الاسرائيلية في الجزيرة – بندر بن سلطان وزميله تركي بن عبدالعزيز حينما قالا : روسيا لها ثمن علينا أن ندفعه ) ، بالطبع روسيا توقع العقود التي تخدم مصالحها الوطنية لكنها لاتتراجع عن مواقفها المبدئية وهي ملتزمة بمحاربة الارهاب وتحالفها مع ايران وسوريا .

يبقى أن نقول ان الحرب الأميركية والاسرائيلية على محور المقاومة بدأت وهي في تصاعد فمتى نبدأ نحن في التخطيط الهادىء لتنفيذ خطة هجوم دفاعي ؟

لقد دمر حزب الله مقر المارينز لآن المارينز قوة محتلة وغازية ، وهذا حق الدفاع عن النفس وهذا حق ومشروع ، والآن قوات المارينز في شمال سوريا وفي منطقة الحدود العراقية السورية هي قوة غازية ومحتلة ولذلك فهي هدف مشروع للمقاومة ، ان أي قوة اجنبية غازية هي هدف مشروع للمقاومة الشعبية دفاعا عن الوطن ووحدة ترابه وسيادته .

ونقول للسيد بنس – لماع الأحذية – لماذا لايتجرأ على مواجهة عائلات الضباط والجنود الأميركيين الذين قتلتهم حليفته اسرائيل في العام 1967 لطمس الحقيقة حول حرب 1967 ، الباخرة ليبرتي كانت باخرة التجسس والتوجيه الالكتروني التي قادت هجوم القاذفات الأميركية من قاعدة ويليس في ليبيا لتدمير الطيران المصري والدبابات المصرية في سيناء ، واسرائيل أغرقتها وقتلت من عليها لاخفاء ذلك وادعاء بطولة الانتصار في ست ساعات ، هل يستطيع بنس أن يواجه أهالي هؤلاء ، هل يستطيع أن يقول الحقيقة من أنهم قتلوا على يد اسرائيل ؟؟؟، طبعا لا تماما كما لم تتجرأ كل الادارات الأميركية على كشف أن بن غوريون أمر باغتيال جون كيندي على خلفية مفاعل ديمونة .

الامبرياليون الأميركيون والاسرائيليون يتصرفون كأن العالم مزارع لهم ” أ, على الأقل العالم الثالث ” ، ويظن ترامب أن هذا التصعيد العنصري الفاشي ضد دول العالم وشعوبه سوف يمر على تلك الشعوب والدول  .

لم يعد قرار الولايات المتحدة ” مجلسها للأمن القومي وادارتها ” سيد العالم ، ولم يعد العالم خاضعا لقوة عظمى واحدة ووحيدة ، فمثل هذه الادارات الفاشية تستخدم القوة العسكرية المدمرة وتقتل المدنيين سعيا وراء مكاسب احتكارات تسلطية صناعية في بلدها ، ومثل هذه الادارات أصبحت عارية ونقاط مقتلها واضحة ، لماذا هرولت القوات الأميركية خارج لبنان بعد مقتل مئات من ضباط وجنود المارينز ؟ ، لماذا هرولت القوات الأميركية من ” سايغون ” ، التي أصبح اسمها بعد التحرير هوشي منة ؟ لماذا هرولت القوات الأميركية خارج الصومال بعد أن أفنى المقاومون قوة المارينز المهاجمة في مقديشو ؟ ، وسوف تهرول القوات الأميركية خارج العراق وخارج سوريا ، وسوف يهرول الاسرائيليون خارج الجولان والضفة الغربية بعد أن يشن رجال المقاومة عمليات الدفاع الهجومية ، كل من يعتدي على أرضنا ويدمر بيوتنا ويقتل أطفالنا هو هدف مشروع سواء رفع علم واشنطن أو تل أبيب أو سوريا الديمقراطية أو البرزاني .

امتنا تحترم مكونات بلادنا وحق الانسان بالعدالة والمساواة والحرية والديمقراطية حق يجب أن تصونه القوانين والدستور ، أما أن يتحول مكون من مكونات شعوبنا العربية الى أداة لخلق اسرائيل جديدة أو عدة بؤر تخضع لأعداء امتنا الصهاينة وعملائهم في واشنطن فهذا أمر لايقبل ولن يقبل ، وستتعامل معه امتنا كعدوان صارخ يستهدف وحدة البلاد وشعوبها وسيادتها .

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
10 هل من «طبخة» أميركية للعراق بعد «الورقة» الكردية؟

 

 هدى الحسيني  صحيفة الشرق الاوسط السعودية
ترفض إيران أن يكون للأكراد دولة (سنعيدكم إلى الجبال. قال لهم قاسم سليماني)، في حين لا تكتفي هي بدولتها، بل تريد التمدد إلى بقية الدول العربية (الدور الإقليمي) قال الرئيس حسن روحاني يوم الاثنين الماضي: وضع إيران الإقليمي لم يكن أقوى مما هو الآن. ويحذر مصدر دبلوماسي من أن «الدولة الإسلامية» (داعش) إلى انحسار، لكن «الجمهورية الإسلامية» (إيران) إلى تمدد، إذا لم يتم صدها للحؤول دون استكمالها مخطط زعزعة استقرار الشرق الأوسط.

إن انهيار قوات البيشمركة تحت ضغط مشترك من العراق وإيران يمكن أن يزعزع استقرار شمال العراق بدلاً من توحيد البلاد. لقد قللت إيران من دور الميليشيات التي تدعمها من أجل إضفاء الشرعية عليها كأدوات بيد الدولة العراقية، والمثير للغضب أن التغطية الإعلامية الغربية، والبيانات التي أدلى بها مسؤولون أميركيون تساعد الخداع الإيراني من خلال إنكار دور الميليشيات الشيعية في كركوك. رغم جولات وتصريحات سليماني، وأبو عزرائيل، والمهندس والعامري.

ما حدث في الأسبوعين الأخيرين سوف يبقى في الذاكرة الحية لأكراد العراق، حيث فقد إقليم كردستان أراضي شاسعة كانت تسيطر عليها حكومة الإقليم منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003. بعد الاستفتاء عانت حكومة الإقليم وشعبه من تدابير انتقامية من بغداد وجيرانها، وأمر رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي بتجمع قوات عسكرية من نظامية وميليشيات خارج كركوك، وتعهد القادة الأكراد بالدفاع عنها حتى الموت.

كانت هناك تكهنات بأن القوات العراقية وقوات البيشمركة – الطرفان مشاركان في التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، ومجهزان بأسلحة أميركية – بأنها ستتجنب أي تبادل عسكري مباشر، وذهب التفكير بأن المواجهة ستكون طويلة الأمد. لكن يبدو أن الحسابات تغيرت، وبينما حاول ضباط الجيش الأميركي على الأرض التوسط بين بغداد والأكراد، بذلوا أيضاً جهوداً للتقليل من حدة الاشتباكات المتفرقة التي وقعت في كركوك. وصرح ناطق باسم الجيش الأميركي: «إن تسليم المدينة كان من المفترض أن يكون منسقاً». وصدر عن العبادي تصريح بأنه أعطى الأوامر للجيش العراقي والبيشمركة للتنسيق معاً في كركوك.

بعد سقوط كركوك، بدأت لعبة اللوم المعتادة في كردستان العراق. وقال مسرور بارزاني ابن مسعود والمسؤول عن الأمن: «إن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني خان كركوك وكردستان، وخضع لإيران وانسحب من الخطوط الأمامية دون قتال». وقال مسعود بارزاني في مؤتمر صحافي حُضّر على عجل، إن خسارة كركوك «كانت نتيجة القرارات الأحادية الجانب لبعض الأشخاص داخل حزب سياسي كردي معين». كان يعني الاتحاد الديمقراطي. وكانت شائعات انتشرت مع سقوط كركوك بهذا الشكل السريع والمذهل، أن اتفاقاً تم بين الحكومة المركزية و«الاتحاد الوطني الكردستاني» بدعم من إيران للانسحاب من كركوك، وهذا ما أكدته الأحداث لاحقاً، حيث غادرت وحدات «الاتحاد الوطني» دون قتال.

إن اتهامات الخيانة والصفقات السرية مع بغداد لها تقاليد عريقة في التاريخ الكردي العراقي. لكن كركوك هي معقل «حزب الاتحاد الوطني الكردستاني»، وكان المحافظ (الفار الآن) نجم الدين كريم الطبيب الشخصي لجلال الدين طالباني مؤسس الحزب.

وربما لا تنظر فصائل في «حزب الاتحاد الوطني» إلى التوصل إلى اتفاق مع بغداد، على أنه خيانة للحلم الكردي بالاستقلال، بل رد فعل على سياسة مسعود بارزاني وطموحاته.

هناك من قال إن بارزاني ارتكب خطأ تاريخياً بالمضي قدماً في الاستفتاء رغم اعتراض كل الأطراف التي يُحسب لها حساب. العرض الأميركي وصل متأخراً، وكان بارزاني ضمناً سعى إلى إجبار «حزب الاتحاد الوطني» و«حزب غوران» والأحزاب الكردية المنافسة بالتلويح بالاستقلال، مع العلم أن الحزبين تاريخياً يميلان إلى التفاوض مع بغداد، بدل الوصول بشكل منفرد إلى حافة الهاوية. وعلى الرغم من معارضة حزب «غوران» مبدئياً على الاستفتاء فإنه و«حزب الاتحاد الوطني» أجبرا على القيام بحملة «نعم» في نهاية المطاف؛ لأنه لا يمكنهما تحمل اتهام بأنهما أعاقا استقلال الأكراد.

من ناحية بارزاني، من المؤكد أنه أراد الاستفادة في جلب خصومه إلى الخط، وباعتباره «والد تصويت الاستقلال» توقع انتصاراً ساحقاً لحزبه في الانتخابات البرلمانية التي كان من المقرر إجراؤها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. هو اعتقد أن الأحزاب المنافسة له في وضع ضعيف لمقاومته، فالاثنان فقدا مؤسسيهما هذا العام، والمؤسسان من القادة التاريخيين للأكراد. نوشيروان مصطفى (غوران) في مايو (أيار) الماضي، وجلال طالباني قبل أسبوعين فقط. لكن بدل المعاناة من الضعف، ولا سيما في «حزب الاتحاد الوطني»، يبدو أن وفاة طالباني تسببت بصراعات داخلية أدت إلى اتفاق الانسحاب من كركوك، وبرز إثر ذلك ابن جلال طالباني بافل، حيث اتهم «زعماء أكراداً من جيل معين بأنهم فقدوا حس الواقع المعيش» (بي بي سي) يوم الأحد الماضي. ودعا إلى الحوار مع بغداد وتوحيد الصوت الكردي. وهكذا مادت الأرض من تحت قدمي بارزاني.

الأكراد منقسمون. فقدوا كل الفرص في مواجهة بغداد. وبدا أن بارزاني وافق على ما لا يمكن بعد تجنبه بعد خسارة كركوك؛ فأمر البيشمركة بالانسحاب من سنجار، ومخمور وخانقين، تقريباً جميع الأراضي المتنازع عليها، وحاولت حكومة الإقليم وصف منطقة القوش بأنها متنازع عليها، فرد السكان المحليون بأنها آشورية ويرغبون في البقاء في العراق. مع خسارة الأكراد 40 في المائة من الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها، حاولت قوات الحشد الشعبي زعزعة كردستان العراق كمنطقة مستقلة ذاتياً. قوى عليا تدخلت وعاد الألمان لتدريب البيشمركة. وأكد الإيطاليون، أن على العالم أن يتذكر أن الأكراد حاربوا «داعش» عندما انهارت القوات العراقية. لكن يعرف العبادي رئيس الوزراء الذي يواجه انتخابات العام المقبل، أن الزخم والمجتمع الدولي إلى جانبه، وأن نوري المالكي في مواجهته، وأن علاقات العراق العربية مطروحة وبقوة. لذلك؛ إذا لم يتوقف الأكراد عند هذا الحد من الانقسام، فقد يشعر العبادي بأن الفرصة مواتية له ليزيد من انقساماتهم ويسحقهم، ووضع حد بالتالي لتطلعات كردية استقلالية أوسع نطاقاً داخل العراق.

هل اعتقد مسعود بارزاني أن لعبته ستبتلع أوراق الآخرين؟ هل هناك لعبة أكبر تلعبها أميركا على مستوى العراق، وأيضاً سوريا، استدعت منها التضحية بالأحلام الكردية العراقية الآن؟ من المحتمل أن هناك شيئاً ما يطبخ، وليس الحذر مطلوباً الآن من الأكراد، بل من رئيس الوزراء العراقي. لقد انتقلت ديناميكية السلطة التي كانت تحدد السياسة العراقية على مدى العقدين الأخيرين مجدداً إلى بغداد. وانقلبت الأقدار رأساً على عقب، وعلى الأكراد الانتباه ألا تصل انقساماتهم إلى أربيل؛ إذ عندها ستقع تحت رحمة حكومة مركزية أقوى وأكثر تصميماً من أي وقت مضى، يجب الاعتراف لبارزاني بأنه حمى أربيل ودهوك من أي نفوذ أو سيطرة إيرانية. لكن الأكراد الآن كمن رمى بالكرة على الحائط فعادت لترتطم بقوة برؤوسهم. والمؤلم أن الخسائر التي مُنوا بها على الأرض، لن تكون نهاية معاناتهم. حتى أسابيع قليلة جداً كان قادتهم يخبرونهم بأنهم على طريق الاستقلال. هذا صحيح، لكن هذه الهزيمة لن تنهي أحلامهم. والأنظار تتجه إلى حيدر عبادي؛ إذ تاريخياً ومنذ 1920، كان العراق كلما شعر بأنه قوي التفت إلى مهاجمة الأكراد. العبادي الآن قوي، لكن لوحظ ارتباكه مؤخراً؛ إذ قال: «إن التدخل في الشؤون الداخلية للدول يجب أن يتوقف». ولم يستفض، المهم أن تحترم إيران السيادة العراقية وحرية الخيارات العراقية، لا أن تدفع بكل قوتها لاستفزاز كرامة العراقيين.

لقد أعاد العبادي البوصلة إلى بغداد، لكن لن يجعل الأكراد يحبون العراق من خلال مهاجمة أراضيهم والتشديد عليهم وإلحاق عقاب جماعي بهم. منذ 1990 لم يشاهدوا جندياً عراقياً واحداً في منطقتهم، وهم لن يقبلوا الآن. على كل الأطراف إنهاء الجنون الداخلي، وعدم الإصغاء للتحريض الخارجي وبدء الحوار.