قتالت قناة ان آر تي الكردية في تقرير لها الان يقول مراقبون، وقيادات سياسية في كردستان، إن الاستفتاء الذي أجراه الإقليم في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، “لم يؤد إلى اعادة سيطرة القوات الاتحادية على معظم المناطق المتنازع عليها فحسب، بل تسبب في اذكاء الانقسامات السياسية الكردية الموجودة أساسا، حتى وصلت الى داخل صفوف الحزب الديمقراطي الكُردستاني الذي يتبنى مشروع الاستقلال، ويسيطر على مفاصل الحكم والقرار في اقليم كُردستان”.

ويقارن مراقبون بين موقفي “مسرور ونيجرفان” بارزاني، داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني، من الاستفتاء، متوقعين أن تقود هذه المرحلة إلى تغيير موازين القوى بينهما.

وحرص مسرور بارزاني، نجل رئيس الاقليم الذي يشغل منصب مستشار مجلس أمن اقليم كُردستان، على الظهور مع والده مسعود بارزاني في عدد من الحملات الدعائية للاستفتاء

ودعم العملية بقوة عبر الظهور شبه الدائم في الاعلام الغربي للدفاع عن الخطوة وعبر تنظيم مؤتمرات وندوات مؤيدة للاستفتاء في عاصمة الولايات المتحدة الأميركية.

بينما ابتعد ابن عمه نيجيرفان بارزاني، الذي يرأس حكومة الاقليم ويرتبط برابط المصاهرة مع عمه مسعود بارزاني، عن الأضواء اثناء الحملات الدعائية للاستفتاء، حتى ساد انطباع لدى الأتراك والايرانيين والأميركيين بأنه يعارض اجراء الاستفتاء ويفضل إبقاء الإقليم ضمن الدولة العراقية، ومحاولة الحصول على صلاحيات أكبر من الحكومة الاتحادية.

ووفقا لمعلومات حصلت عليها NRT عربية فإن “تداعيات الاستفتاء دفعت رئيس الاقليم مسعود بارزاني الى ابعاد نجله عن واجهة المشهد السياسي، بسبب اعتقاده بأن مسرور هو المسؤول عن جزء كبير من الأخطاء التي أحاطت بالاستفتاء، وأدت إلى اصطدامه بحاجز الرفض الداخلي والخارجي.

وأخبرت مصادر مطلعة NRT عربية بأن “بارزاني الأب اسند الكثير من صلاحيات الحكم في الاقليم الى ابن شقيقه نيجيرفان بعد العزلة التي شهدها الاقليم إثر اجراء الاستفتاء”.

ويعزز هذه المعلومات ظهور نيجيرفان بارزاني في أكثر من مناسبة ومؤتمر صحفي، مع أكثر من وفد أجنبي، بعد الاستفتاء، آخرها ظهوره مع الممثل الأممي الخاص في العراق يان كوبيتش، معلنا دعمه التفاوض مع الحكومة الاتحادية على اساس الدستور وانتظاره تحديد موعد لإرسال وفد الى بغداد للحوار من أجل الوصول لحلول سريعة للأزمات المتفاقمة.

وتقول مصادر NRT عربية، إن بارزاني اسند الكثير من الصلاحيات لابن شقيقه نيجيرفان منها:

أولاً: تطبيع الأوضاع مع بغداد في الوقت الراهن.

ثانياً: تطبيع علاقات أربيل مع أنقرة بعد تدهورها جراء الرفض التركي الشديد لاجراء الاستفتاء وهجوم أردوغان أكثر من مرة على قادة الاقليم.

ثالثا: محاولة تطبيع علاقات أربيل مع طهران في المستقبل بعد وصول الامور بينهما الى القطيعة، إثر إغلاق المنافذ الحدودية والأجواء الايرانية مع الاقليم.

ويرى مراقبون أن الاستفتاء وتداعياته قد يغيران موازين القوى داخل عائلة بارزاني، ولو مرحلياً، من أجل انقاذ ما يمكن انقاذه والعودة الى المشهد السياسي بوجوه مقبولة على الصعيدين الداخلي والخارجي.

وأفاد مقال في صحيفة واشنطن بوست إن انتصار بغداد في كركوك يعني “انتصار الشر” بانتصار إيران وهيمنتها على الثروات النفطية الكبيرة بشمال العراق، وبالتالي تهديد المنطقة وإسرائيل والعالم.

وأوضحت كاتبة المقال وهي كبيرة محللي الأبحاث الإعلامية بمركز أبحاث سياسات الشرق الأدنى بواشنطن راشيل أفراهام، أن كركوك سقطت في سيطرة الجيش العراقي ومليشيات الحشد الشعبي وقوات القدس التابعة لحرس الثورة الإيراني، وأطلقت الكاتبة على هذه القوى مصطلح “المحور الإيراني”.

وأشارت إلى أن أبا مهدي المهندس المطلوب من قبل أميركا بتهمة “الإرهاب”، قد شارك في الهجوم على كوردستان العراق، مضيفة أن هذا الهجوم يمثل إعلان حرب على الإقليم.

بأسلحة أميركية

كما أشارت إلى أن هجوم “المحور الإيراني” نُفذ بدبابات أميركية وأسلحة ثقيلة كانت أميركا قد زودت بها القوات العراقية، وتوجد حاليا بحوزة مليشيات الحشد الشعبي الشيعية وقوات القدس .

ونسبت إلى مصدر عراقي القول إن الأسلحة نفسها رفضت واشنطن تزويد البيشمركة الكوردية بها لقتال تنظيم داعش، عندما كانت البيشمركة في أمسّ الحاجة إليها.

وركزت الكاتبة على أن “المحور الإيراني” إذا نجح في السيطرة على شمال العراق، فستكون تحت تصرفه مصادر نفطية واسعة ، و”هو ما يمثل تهديدا أمنيا مباشرا لإسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها والعالم أجمع”.

شركات سرية

وأوضحت – نقلا عن معارضين إيرانيين- أن من الأساليب التي ستسعى طهران بها لتوسيع نفوذها هو إقامة شركات نفط سرية تعمل بالعراق تحت سيطرة قوات الحرس الثوري ، مشيرة إلى أن البنية التحتية للنفط داخل إيران لم تعد صالحة، لكنها في العراق أحدث نسبيا.

وقالت إن النظام الإيراني يحاول الاستفادة من موضوع استفتاء الاستقلال الاخير باقليم كوردستان لإشعال حرب ضدهم والسيطرة على مصادر النفط و”شفط” مليارات الدولارات لتحديث بنيته النفطية وبنيته التحتية “للإرهاب”.

ولا يقتصر التهديد الأمني الإيراني على استغلال النفط فقط، بل يمكن لإيران أن تستخدم كوردستان العراق كمنصة لإطلاق صواريخها، حتى لا يتضرر الداخل الإيراني من أي رد مضاد .

وانتهت الكاتبة إلى أن السبيل الوحيدة لوقف التهديد الإيراني هي دعم استقلال كوردستان العراق “في هذه المرحلة الحاسمة”، قائلة إن الكورد هم الوحيدون القادرون على وقف إيران. ودعت واشنطن للتدخل واتخاذ موقف “أخلاقي” نظرا إلى أن “المحور الإيراني” يحاول محو الهوية الكوردية في كركوك.

وقال السيناتور الامريكى جون ماكين رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ ، ان استخدام الحكومة الامريكية للاسلحة التى قدمتها الولايات المتحدة ضد الكورد “غير مقبول على الاطلاق”.

ووصف ماكين الهجوم الاخير للحشد الشعبي المدعومة من ايران والقوات العراقية الاخرى ضد الكورد في كركوك بانه “مقلق للغاية”.

وتابع ماكين وهو سيناتور أمريكي عن ولاية أريزونا ومرشح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2008، في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز ، ان ” الاشتباكات التى وقعت هذا الشهر بين عناصر قوات الامن العراقية والمقاتلين الكورد حول كركوك تثير قلقا بالغا، خاصة بسبب صداقة الولايات المتحدة منذ فترة طويلة مع الشعب الكوردي” .

وفيما يتعلق باستخدام الاسلحة التى قدمتها الولايات المتحدة للعراق ، ضد الكورد، اكد ماكين انه “غير مقبول على الاطلاق”.

واضاف “هذا امر غير مقبول على الاطلاق. الولايات المتحدة قدّمت اسلحة وتدريب لحكومة العراق لمحاربة تنظيم داعش وتأمين العراق من التهديدات الخارجية  لا للهجوم على الكورد العراقيين الذين هم من اكثر الشركاء الامريكيين ثقة وقدرة في المنطقة “.

ووفقا للتقارير، فإن قاسم سليماني، قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني، كان بالقرب من كركوك ، وخطّط للهجوم على المدينة من قبل المليشيات المدعومة من إيران ، وذلك باستخدام المعدات والاسلحة التي توفرها الولايات المتحدة للعراق، كما كتب السيناتور الأمريكي.

وقال ماكين “على مدى عقود،  تحالفهم مع الولايات المتحدة حما الكورد من الهجمات سواء داخل العراق او خارجه”.

مؤكداً اذا كانت الولايات المتحدة مضطرة للاختيار بين الكورد ومليشيات الحشد الشعبي  فإنه يختار الكورد على هذه المليشيات التي تدعمها ايران “دعوني أكون واضحا: إذا لم تتمكن بغداد من ضمان الأمن والحرية والفرص التي يريدها الشعب العراقي في العراق ، وإذا اضطرت الولايات المتحدة إلى الاختيار بين الميليشيات المدعومة من إيران وشركائنا الكورد منذ فترة طويلة فأنا اختار الكورد  ” قال ماكين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد