قام العلماء، لأول مرة في العالم، بإجراء تعديل وراثي على النمل، لجعله عاجزا عن الشعور بالرائحة، ما يؤثر على قدرة هذه الحشرات على التواصل.
واعتمد العلماء تقنية CRISPR المثيرة للجدل، لتعطيل قدرة النمل على التواصل أو جمع المؤن أو التنافس على منصب الملكة، بحيث تفشل الهوائيات ودوائر الدماغ في التطور الكامل.
وفي حين لم يتم اختبار هذا النظام على البشر، إلا أن العلماء يعتقدون أن بالإمكان استخدامه يوما ما لعلاج الاضطرابات النفسية المتعلقة بالتواصل الاجتماعي.
وفي هذه الدراسة، قام الباحثون من جامعة بنسلفانيا وجامعة نيويورك بتغييرات في النمل، للكشف عن الجزئيات الأساسية لسلوكهم الاجتماعي.
وقال الدكتور روبرت بوناسيو، أحد واضعي هذه الدراسة، إن “الحشرات الاجتماعية مثل النمل تعد نماذج ممتازة لدراسة كيفية تأثير التعبير الجيني على السلوك”.
وأجريت التجارب على النمل القافز الهندي، وهو النوع الذي يمكن لأي نملة عاملة فيه أن تتحول إلى ملكة زائفة في غياب الملكة الحقيقية، وتفرض هيمنتها على مستعمرتها.
وأوضح الدكتور داني راينبرغ، أحد المشاركين في الدراسة، “وجدنا أن هذا النوع من النمل ربما يكون النموذج الأول الذي يمكّن من تحليل عميق للجينات التي تنظم التفاعل الاجتماعي في مجتمع معقد”.
واستخدم الباحثون تقنية “CRISPR-Cas9” لتعديل الجينات الوراثية بطرق مختلفة من أجل تغيير سلوكهم الاجتماعي والإنجابي بشكل كبير.
وتعد تقنية “CRISPR-Cas9” أداة وراثية تمكّن من “قطع ولصق” أقسام صغيرة من الحمض النووي، وفي هذه الدراسة تم استخدام “CRISPR” لقص بروتين “orco”، وهو جزء من الجين الضروري لحاسة الشم.
ولأن هذا التعديل يحدث في الحمض النووي، فإنه سينتقل من جيل إلى أخر ما يخلق العديد من بروتينات “orco” المتحولة. ولم يعد لدى هذا النوع من النمل المعدل تعليمات جينية لصنع البروتين الأصلي الذي يعد حاسما في حاسة الشم.
ووجد الباحثون عند مراقبة النمل المعدل وراثيا، أن هذه الحشرات أصبحت تظهر سلوكا معاديا للمجتمع، وشمل ذلك عدم التفاعل مع النمل الآخر في المستعمرة، وعدم البحث عن الطعام وعدم إظهار الاستمالة قبل التزاوج.
وقال الدكتور كلود ديسبلان، أحد مؤلفي الدراسة، إنه “في حين لا يمت سلوك النمل للسلوك البشري بأية علاقة مباشرة، إلا أننا نعتقد بأن هذا البحث هو وسيلة لتعزيز فهمنا للتواصل الاجتماعي مع القدرة على تشكيل نماذج البحوث المستقبلية المتعلقة بالاضطرابات من قبيل الفصام والاكتئاب أو التوحد”