مقال عن العراق بصحيفة الوطن العمانية

1 حظوظ استدارة العبادي  

احمد صبري

الوطن العمانية
 

 

إن إدانة بغداد لمجزرة خان شيخون ودعوة الصدر للرئيس بشار الأسد بالتنحي، خيمت على المشهد السياسي التي ربما ستؤسس لبلورة موقف عراقي جديد يتناغم مع الموقف الأميركي الجديد الذي يسعى لتشديد الحصار على سوريا، والحد من الدعم الروسي والإيراني للحكومة السورية.

 

أثارت خطوات التقارب والتناغم بين رئيس الوزراء حيدر العبادي والإدارة الأميركية الجديدة لا سيما بعد زيارة الأول لواشنطن توجس أطراف داخل التحالف الوطني لخشيتها من أن يكون هذا التقارب على حساب دورها ونفوذها في الحياة السياسية.

التحوّل اللافت في الموقف الرسمي العراقي، وموقف زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، من الأزمة السورية، أثار الكثيرَ من التساؤلات حول أسباب هذه الاستدارة التي يرجح أن تكون استجابة لضغوط أميركية وعلاقتها بالصراع داخل التحالف الوطني الحاكم.

وشكل موقفا الصدر والعبادي من الأزمة السورية و”مجزرة” خان شيخون تحولا لافتا في الموقف العراقي إزاء مستقبل العلاقة مع سوريا التي عدها مراقبون تندرج في اطار الترتيبات الإقليمية التي تسعى واشنطن لإنجازها وانخراط العراق في مسارها.

إن إدانة بغداد لمجزرة خان شيخون ودعوة الصدر للرئيس بشار الأسد بالتنحي، خيمت على المشهد السياسي التي ربما ستؤسس لبلورة موقف عراقي جديد يتناغم مع الموقف الأميركي الجديد الذي يسعى لتشديد الحصار على سوريا، والحد من الدعم الروسي والإيراني للحكومة السورية.

وطبقا للراشح فإن الموقف الرسمي العراقي الذي اختار الاصطفاف إلى جانب سوريا لم يعد كذلك اليوم. لا سيما تحفظ بغداد على قرارات جامعة الدول العربية المتعلقة بسوريا؛ فوزارة الخارجية العراقية أدانت الهجوم الكيماوي، وطالبت بمعاقبة مرتكبي الجريمة. تشير إلى تغيير واضح في الموقف العراقي، تمثل أبرزها في الموقف الجديد من زعيم التيار الصدري بتعاطيه مع الأزمة السورية ودعوته للشعب السوري بتقرير مصيره.

وما يرجح فرضية الضغوط الأميركية على العبادي تلقيه، في أقل من أسبوع، اتصالين من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونائبه مايك بنس ووزير خارجيته، ولقاؤه بصهر ترامب ومستشاره الأبرز، جاريد كوشنر، في بغداد، تشير إلى أن تغييرا حصل في موقف العراق من الملفين السوري والإيراني.

إذًا الموقف العراقي الجديد، على محدوديته، يعد مؤشرًا على التغيير في السياسة العراقية إزاء ملفات وأزمات المنطقة عموما. في حين لا يمكن فصل الموقف المفاجئ للصدر منها، لا سيما سلسلة خطوات تمهيدية لكسر احتكار حزب الدعوة الحاكم منصب رئاسة الوزراء منذ 12 عامًا، قد يمكن واشنطن أن توافق على رئاسة وزراء مقبلة في العراق يقودها صدري في انتخابات 2018م.

والسؤال: كيف سيتعاطى صقور حزب الدعوة مع الاستدارة الجديدة لرئيس الوزراء حيدر العبادي التي تتقاطع مع المواقف الثابتة للعراق إزاءها، لا سيما وأن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي يتحين الفرص لإضعاف سلفه العبادي وإظهاره أمام جمهور الحزب والشارع بأنه يخضع للإملاءات الأميركية التي يعتقد أنها ستضر بالعراق ومستقبله.

إن العبادي الذي خطا خطوات مثمرة تجاه محيطه العربي بتشجيع أميركي والإنجازات التي تحققها القوات العراقية في حربها مع “داعش” واستمرار دعم التحالف الدولي لحكومته ستكون مثابات للعبادي لمواجهة أي عقبات في طريقه، لا سيما قطع الطريق على خصمه المالكي بالعودة مجددا إلى رئاسة الحكومة، وهو ما يتناغم مع الرغبة الأميركية والعربية.