توفي الأكاديمي العلامة اللغوي صاحب أبو جناح، اليوم الخميس، عن عمر ناهز 87 عاماً بعد مسيرة حافلة من العطاء امتدت عدة عقود في الجامعات العراقية.
ونعى وزير التعليم العالي والبحث العلمي نعيم العبودي في بيان، خاص ورد لصحبفة العراق الراحل قائلا إنه ترك أثرا علميا و اشتغالا معرفيا بارزا في ميدان اللغويات وخدمة اللغة العربية وتراثها الأصيل.
ولد الدكتور أبوجناح في محافظة ميسان عام 1938، وأكمل فيها دراسته الأولى حتى أنهى الثانوية عام 1957، ثم التحق بكلية الآداب في جامعة بغداد ليتخرج عام 1961 بدرجة البكالوريوس في اللغة العربية.
واصل طريقه الأكاديمي بنَفَسٍ الباحث المخلص، فحصل على الماجستير من الجامعة نفسها عام 1969، قبل أن ينال الدكتوراه من جامعة القاهرة عام 1971، في زمن كان التخصص في فقه اللغة والنحو علامة على نبوغٍ علمي مبكر.
منذ بداياته، عمل أستاذًا ومربيًا للأجيال، فدرّس في المدارس العراقية بين عامي 1961 و1966، قبل أن يتفرغ للدراسات العليا. وبعد نيله الدكتوراه، التحق بكلية الآداب في جامعة البصرة (1971–1985)، ثم انتقل إلى الجامعة المستنصرية في بغداد عام 1985، حيث استمر في التدريس والبحث حتى تقاعده.
تميّز الراحل بعمق بحثه ودقته في التحليل اللغوي، وكان من الأصوات العلمية التي تربط بين أصالة التراث العربي وروح المنهج الحديث في الدرس اللغوي.
نال عضوية المجمع العلمي العراقي بين عامي 1996 و1997، وكان عضوًا فاعلًا في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، حيث جمع بين العلمية والإنسانية، وبين الباحث والمثقف.
ترك أبو جناح مكتبةً علمية زاخرة من المؤلفات والتحقيقات، من أبرزها: سيبويه: هوامش وملاحظات حول حياته وكتابه، الظواهر اللغوية في قراءة الحسن البصري، الظواهر اللغوية في قراءة أهل الحجاز، شرح جمل الزجاجي لابن عصفور الإشبيلي (تحقيق)، التغليب لابن كمال باشا (تحقيق)، ابن السيد البطليوسي اللغوي الأديب: حياته ومنهجه وشعره.
وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور نعيم العبودي، قدّم تعازيه في بيان رسمي، جاء فيه: “نعزي الوسط الأكاديمي والثقافي برحيل الأستاذ الدكتور صاحب جعفر أبو جناح، الذي ترك أثرًا علميًا واشتغالًا معرفيًا بارزًا في ميدان اللغويات وخدمة اللغة العربية وتراثها الأصيل”.
كما عبّر الوزير عن خالص مواساته لعائلة الفقيد وزملائه وتلامذته، سائلًا المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.
برحيل الدكتور أبوجناح، يفقد العراق والعالم العربي أحد أعمدة الدراسات اللغوية الحديثة، ورجلًا عاش للعربية ومن أجلها.
ظلّ يؤمن بأن اللغة ليست أداة للتواصل فحسب، بل وعاءٌ للهوية والروح، فغرس في طلابه حبّ العربية ووعيها التاريخي، تاركًا أثرًا سيبقى حاضرًا في الجامعات والكتب والعقول.
رحل العلامة أبوجناح جسدًا، لكنه ترك للأجيال علمًا يشهد على أن خدمة اللغة العربية هي أسمى أشكال الوفاء للهوية.
