نشر رئيس الولايات المتحدة الامريكية دونالد ترمب على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الأربعاء أن شركة «كوكاكولا» وافقت على استخدام سكر القصب في مشروبها العادي المبيع في الولايات المتحدة. وكتب: «ستكون هذه خطوة جيدة جداً منهم – سترون. إنه ببساطة أفضل!».
وأثار الإعلان تساؤلات حول تأثير هذا التغيير المحتمل على الصحة، فما رأي خبراء التغذية؟
ما مكونات مشروبات «كوكاكولا» الحالية؟
تُحلى مشروبات «كوكاكولا» الأميركية بشراب الذرة عالي الفركتوز، وهو مُحلٍّ سائل مصنوع من نشا الذرة – وهو سكر مُكرر؛ أي إنه يأتي من مصادر طبيعية، ولكنه خضع للمعالجة لإزالة العناصر الغذائية الأخرى، تاركاً السكر النقي فقط.
وكانت «كوكاكولا» تُصنع في الأصل من سكر القصب، ولكن في أوائل الثمانينيات تحولت الشركة إلى شراب الذرة عالي الفركتوز، وهو مُحلٍّ أرخص.
ولا تزال أجزاء أخرى كثيرة من العالم تُصنع «كوكاكولا» باستخدام سكر القصب. على سبيل المثال، لا تزال مشروبات «كوكاكولا» المكسيكية التي تُباع في زجاجات زجاجية كلاسيكية في الولايات المتحدة، تستخدم سكر القصب.
هل مشروب «كوكاكولا» بسكر القصب أكثر صحية بالفعل؟
يقول الخبراء إن مشروب «كوكاكولا» بسكر القصب ليس صحياً أكثر من المشروب المُحلى بشراب الذرة عالي الفركتوز. في الواقع، المحليات متشابهة جداً.
سكر القصب هو أيضاً سكر مُكرر. وصرحت ليزا موسكوفيتز، أخصائية التغذية المسجلة والرئيسة التنفيذية لمجموعة «نيويورك للتغذية»، لمجلة «هيلث»: «قد يبدو سكر القصب صحياً ظاهرياً لأنه طبيعي، لكن هذا التأثير ينتهي عند هذا الحد».
تتشابه تركيبات المُحليات الجزيئية – فكل منها يحتوي على نسبة متساوية تقريباً من السكريات البسيطة (الفركتوز والجلوكوز) – ويتم هضمها في الجسم بنفس الطريقة.
من جهتها، شرحت كارولين سوزي، أخصائية تغذية مسجلة ومرخصة بالولايات المتحدة: «لن تعرف أجسامنا ما إذا كان هذا سكر قصب أم شراب ذرة عالي الفركتوز. كل ما نعرفه هو أنه سكر، وعلينا تحليله».
وأضافت سوزي أن تناول كمية زائدة من أي سكر مكرر يمكن أن يؤدي إلى خطر زيادة الوزن، وداء السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، ومرض الكبد الدهني. وتابعت: «في النهاية، إنه سكر مضاف. هذه السكريات المضافة تتراكم بالفعل».
وقالت متحدثة باسم شركة كوكا كولا، ومقرها أتلانتا، في بيان إن “الشركة تقدر حماس ترامب ووعدت بمشاركة المزيد من التفاصيل حول العروض الجديدة بشأن منتجاتها قريباً”، دون أن تؤكد أعلان ترامب رسمياً.
ونشر حساب البيت الأبيض على “إكس” (تويتر سابقاً) صورة فيها تصريح ترامب وقارورة لكوكا كولا كتب بجانبها: “شارك كوكا مع ترامب”، في استخدام لأحد أشهر الشعارات الإعلانية لشركة المشروبات الغازية الأشهر حول العالم.
“المشروب القمامة”
عام 2012، شنّ ترامب هجوماً على كوكا كولا واصفاً إياها في تغريدة على “تويتر” آنذاك بأنها “قمامة”، وقال: “شركة كوكا كولا ليست سعيدة معي، لا بأس، سأستمر في شرب هذا المشروب القمامة”، في إشارة إلى سوء المشروب.
ما علاقة الذرة؟
يحتمل أن يؤثر هذا التغيير المحتمل في سياسة الإنتاج على مزارعي الذرة الأميركيين، حيث يُستخدم إنتاجهم بشكل أساسي في إنتاج المحليات الصناعية.
رغم أن كوكا كولا تعتمد السكروز المستخرج من قصب السكر في منتجاتها داخل الأسواق الأوروبية، إلا أن السوق الأمريكية دائماً ما اعتمدت على شراب الذرة العالي الفركتوز، الذي انتشر في سبعينيات القرن الماضي نتيجة للدعم الحكومي لمزارعي الذرة وفرض تعرفات جمركية مرتفعة على قصب السكر المستورد.
واستبدال سكر الذرة عالي الفركتوز في كوكا كولا المباعة في الولايات المتحدة، سيجعل الشركة أكثر انسجامًا مع ممارساتها في دول أخرى، بما في ذلك المكسيك وأستراليا.
قرار يغضب المزارعين
تُؤثّر العودة إلى استخدام السكر في الإنتاج الأمريكي على مزارعي الذرة في البلاد، الذين تُستخدم محاصيلهم في المُحليات الصناعية.
وقال جون بود، رئيس جمعية مُصفّي الذرة في الولايات المتحدة ومديرها التنفيذي، في بيان: “استبدال شراب الذرة عالي الفركتوز بسكر القصب أمرٌ غير منطقي. الرئيس ترامب يُدافع عن وظائف التصنيع الأمريكية، والمزارعين الأمريكيين، وخفض العجز التجاري. استبدال شراب الذرة عالي الفركتوز بسكر القصب سيُؤدي إلى فقدان آلاف الوظائف في قطاع تصنيع الأغذية الأمريكي، ويُقلّص دخل المزارع، ويُعزز واردات السكر الأجنبي، وكل ذلك دون أي فائدة غذائية”.
ولم يعلّق البيت الأبيض على كلام بود بشأن فقدات وظائف الأمريكيين بسبب قرار ترامب.
وانخفضت أسهم شركة “آرتشر دانيلز ميدلاند”، المنتجة لشراب الذرة عالي الفركتوز، الخميس، بعد الإعلان الصادر عن ترامب.
هل من تأثير صحي؟
يوصي الخبراء الطبيون بالحد من إضافة السكر إلى الوجبات الغذائية، لكنهم لم يحددوا فروقًا كبيرة بين سكر القصب وشراب الذرة عالي الفركتوز.
وبحسب دراسات سريرية حديثة نُشرت عام 2023، لم يُسجّل فرق كبير بين المركّبين من حيث تأثيرهما في الوزن أو صحة القلب. ومع ذلك، تُشير بعض البيانات إلى أن شراب الذرة العالي الفركتوز قد يكون مرتبطاً بزيادة مؤشر الالتهاب لدى المستهلكين، ما يضيف عاملاً صحياً لمصلحة استخدام السكروز الطبيعي.
يتماشى هذا التحوّل مع أهداف مبادرة “لنجعل أمريكا صحية مجددًا” (MAHA)، التي تُشكّل جزءًا من برنامج ترامب الأوسع للصحة العامة. وقد حثّت MAHA، التي أُطلقت بالتعاون مع وزير الصحة روبرت إف. كينيدي الابن، شركات الأغذية والمشروبات على مراجعة تركيباتها وإزالة الإضافات الصناعية والمكونات المثيرة للجدل.
صرّح كينيدي، الذي لطالما انتقد التوجهات الغذائية الأمريكية، مؤخراً بأنّ الإرشادات الغذائية الفيدرالية الجديدة المُتوقع صدورها في وقت لاحق من هذا العام ستُشجّع المستهلكين على اختيار الأطعمة الكاملة غير المُصنّعة.
وقد سلّط تقريرٌ نُشر في مايو/أيار من قِبَل لجنة MAHA – وهي مجموعة أنشأها ترامب للتحقيق في ارتفاع معدلات الأمراض المزمنة – الضوء على المخاوف بشأن دور شراب الذرة عالي الفركتوز في سمنة الأطفال والمشاكل الصحية المُرتبطة بها.
