(قصر عالية) نموذج للبيت البغدادي التراثي مطل على نهر دجلة

( قصر عالية ) الذي استمد اسمه من اسم المرحومة الملكة عالية بنت ألملك علي وهي والدة الملك فيصل الثاني آخر ملوك العراق ، حيث شاهدت صورتها الكبيرة مرفوعة في احدى صالاته ..وسمعت من يقول انها سكنت فيه في ثلاثينات القرن الماضي زمن حكم زوجها وابن عمها الملك غازي ، ولست متاكداً من هذه المعلومة ..!!

القصر اوقل البيت التراثي هو شاخص فخم مشيد في عام / 1930 ، وعمره الان قرابة قرن كامل وهو يعود لملكية خاصة ، تحول في الايام الاخيرة الى مطعم من الدرجة الاولى ، وهو مطل مباشرة على كورنيش ابي نواس ، ويحتل مساحة كبيرة من الارض مشيد بطريقة وعمران البيوت التراثية ويضم حديقة واسعة ذات تصميم هندسي جذاب ويضم العديد من السلالم والصالات المتداخلة في طابقيه الارضي والثاني ومحافظ على شكله وزخارفه البنائية وابوابه وشبابيكه عاليةالجودة ..

توظيف واختيار جميل لبيت بغدادي تراثي جدير بالزيارة والاطلاع على معالمه التي ستبقى مطبوعة بالذاكرة …

 

زخر بغداد وغيرها من المحافظات بوجود بيوت تراثية عريقة تعود الى حقب وازمنة تاريخية متعددة وتعطي مثل هذه البيوت معالم واضحة عن الفترة التي شيدت فيها كما تبين للدارس والباحث عن التراث الحياة اليومية لسكانها ويواصل استاذ التاريخ المتقاعد الدكتور محمد عبد الطيف العاني حديثه قائلا :

الى جانب تسليط الضوء على دقة ومهارة وخيال المعماري العراقي فهي توضح المستوى الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع وتقدم هندسة البناء ونجاحها في ان تكون صديقة للبيئة فمثلا البناء المسمى ( العكادة ) نجح بتقليل حرارة الصيف اللاهبة وكذلك الشناشيل فهي اضافة الى جماليتها وزخارفها وشرفاتها المزينة بالزجاج الملون

الا ان تقاربها في الزقاق الواحد يمنع وصول شمس تموز واب الى (حوش الدار) ومثل هذه البيوت والازقة الضيقة كانت الملاذ من تخفيف درجة حرارة الصيف ، وهناك الكثير من هذه البيوت البغدادية التقليدية تضمها محلات وازقة بغداد منها في شارع الجمهورية مثل منطقة الفضل وباب الشيخ ودرابين الشورجة وشارع الرشيد ، ان بيتا تراثيا قديما وواسعا مطلا على نهر دجلة يقع في احد ازقة شارع الرشيد تم اعداده قبل احداث عام 2003 ليكون مسرحا تجريبيا كان يطلق عليه تسمية (بيت السنك ) تابعا لدائرة السينما والمسرح وكانت تعرض فيه بعض العروض المسرحية والندوات الخاصة بالمسرح .
ويشير العاني الى ان بعض البيوت قد تم تغليفها بالاكلوبند وهي قريبة الشبه بالحائط البلاستيكي وبالوان صارخة تدل على الفوضى النفسية والبصرية ويتذكر العاني ان امانة بغداد قبل سنوات وحرصا منها على جمالية البيوت التراثية منعت تحويلها الى مخازن تجارية مؤكدة على العقوبات التي فرضها القانون بحق المخالف ولكن الان بفضل الفوضى السائدة فقد شاهدنا بيوتا ومباني تراثية تهدم ويجري تقسيمها الى بيوت سكنية صغيرة او تقام بدلها مولات .

ويلفت العاني : توجد في بغداد بيوت تراثية ضخمة شيدت من قبل تجار كبار ورجال اعمال ورجال دولة الى جانب دور للعروض السينمائية منها سينما الزوراء ذات الطراز المعماري الجميل وكذلك سينما بغداد في منطقة علاوي الحلة ومن المباني التراثية الاخرى مباني منطقة القشلة في منطقة الميدان والتي تضم مبنى ( سراي الحكومة ) في العهد العثماني وقد شغلته بعض الوزارات في العهد الجمهوري وكذاك مبنى (الدفتردار) في شارع النهر والذي شغلته وزارة الارشاد قبل ان تسمى بوزارة الثقافة.

ومن البيوت التراثية الضخمة المشهورة بيت رئيس الوزراء في العهد الملكي ياسين الهاشمي وبيت رشيد عالي الكيلاني وكلاهما في منطقة الاعظمية اما بيت الكيلاني فقد شغلته مدارس مايس وصاحبة المدارس هي ابنة المرحوم رشيد عالي الكيلاني وبيت الهاشمي لايزال كما هو ويقع في منطقة الصرافية ، وهناك بيت التاجر اليهودي شاؤول شعشوع المسمى قصر (شعشوع) ومساحته كانت بحدود 4 الاف متر مربع ويطل على نهر دجلة ويقع في منطقة الكسرة وهو من القصور الفخمة التراثية التي تضمها بغداد وكان في السابق قصرا للوالي العثماني وعند مجيء الملك فيصل الاول ليكون ملكا للعراق استاجر قصر شعشوع لحين بناء قصر خاص به وهو قصر الزهور .

ونتيجة الاهمال وعدم المبالاة قلت المواقع التراثية في بغداد ففي منطقة النهضة في بغداد هناك الباب الوسطاني الذي اقامه الخليفة العباسي المستنصر بالله لدرء خطر فيضان نهر دجلة ، تظهر عليه الان علامات الاندثار مع انه احد ابواب بغداد التاريخية ومن الممكن ان يدرج ضمن المواقع الاثارية والتراثية التي يتطلع لزيارتها السائح . واغلب هذه البيوت قد تم استخدامها كمخازن تجارية وبعضها آيلة للسقوط ومهملة منها بيوت في منطقة البتاويين يسكنها الشحاذون ومتعاطو المخدرات مؤكدا يجب تفعيل القوانين للحفاظ عليها كونها ذاكرة اجيال وتاريخ امة وتولي الشعوب عناية كبيرة بتراثها وتاريخها وخاصة مبانيها التراثية لكونها هوية امة وتاريخ شعب ،

تأتي تلك الخطوة في الوقت الذي نشاهد ان اغلب الشعوب تولي عناية كبيرة لمثل هذه المباني وتعدها لاستقبال الزائرين والسياح الاجانب وغير الاجانب ، ويذكر ان امانة بغداد قد اقامت المتحف البغدادي قبل العام 2003 في مبنى تراثي يقع قرب جسر الشهداء عرضت فيه نماذج من شخصيات عراقية وحرفا تراثية اندثرت لظهور حرف اخرى وصناعات حديثة متطورة اذكر منها خياط الفرفوري
والنداف .
ويختتم حديثه بالقول فما احوجنا الى الاهتمام والعناية اللازمة بالمباني التراثية .

البغداديون والتصميم الاساسي لبغداد !! بقلم د . علي الزبيدي