تخضع زيارات رؤساء وزعماء العالم الى الولايات المتحدة ولقاء الرئيس الامريكي لمزيج من المجاملات والخضوع ل “قوة العالم الاولى”. اما اذا كان اللقاء في البيت الابيض فإنه يفرض على زائره، اضافة الى المجاملات والخضوع، قبول الاملاءات وحتى الاهانات غير المباشرة كما حدث مع ولي العهد السعودي خلال لقائه بالرئيس الامريكي دونالد ترامب.
هذا ما لم نشاهده في زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الى الولايات المتحدة ولقائه بالرئيس الامريكي جو بايدن في البيت البيض. ورغم ان اللقاء بين السوداني في المكتب البيضاوي بالاضافة الى الاجتماع في البيت الابيض يعكس “حفاوة الاستقبال” الامريكي بالضيف العراقي، وهذا ما لايحصل عادة مع الكثير من الزائرين الذين يمنحون استقبالا في مكتب الرئيس او في قصر الرئاسة،
ولا يجمع له الامرين. وفي العادة تكون المجاملة حاكمة على لقاء الرئيس الامريكي بضيوفه في المكتب البيضاوي. لكن الامر كان مختلفاً في اللقاء الذي اقيم لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني. فقد بدأ الرئيس الامريكي حديثه بالاشارة الى الاحداث التي شهدتها المنطقة بعد يوم من الضربة الايرانية في العمق الاسرائيلي، مؤكدا التزام بلاده بحماية اسرائيل.
وبعد انتهاء كلمة الرئيس الامريكي، ردّ رئيس الوزراء بعد عبارات المجاملة البروتكولية التي ركزّت على انجازات الحكومة في تقديم الخدمات وترسيخ الاستقرار الذي هو ثمرة انتصار العراقيين على داعش (بمساعدة اصدقاء من خارج التحالف الدولي). وهي اشارة واضحة للمساعدة التي قدمتها الجمهورية الاسلامية الايرانية للعراق
في ذلك الظرف العصيب. ثم واصل رئيس الوزراء حديث مع الرئيس الامريكي بالقول:
١/ لدينا اختلاف في وجهات النظر بما يخص تطورات الاحداث التي تشهدها المنطقة. في اشارة الى ان العراق لا يلتزم بما تلزم به امريكا نفسها من حماية اسرائيل واعتبار امنها جزءا من امن اسرائيل، كما فعلت بعض الدول العربية التي شاركت في صدّ الردّ الايراني على الكيان.
كما اشار السوداني بشكل واضح الى:
٢/ ادانة استهداف البعثات الدبلوماسية، واعتباره عدوانا وخرقا صريحا لميثاق الامم المتحدة والقوانين الدولية التي تمنح السفارات والممثليات الدبلوماسية حصانة قانونية عالية. وكانت هذه اشارة واضحة لإدانة العدوان الاسرائيلي على القنصلية الايرانية في دمشق مؤخراً. واعتبر رئيس الوزراء العراقي بشكل غير مباشر ان الردّ الايراني يمثل حقاً طبيعيا في الدفاع عن النفس في مواجهة العدوان الاسرائيلي، وهو باعتباره يمثل دولة العراق لا يتفق مع ادانة الرئيس الامريكي لردّ الفعل الايراني. ان هذا الموقف، بحسب الخبراء في العلاقات الدولية والمراقبين، يحتاج جرأة وشجاعة في لقاء عالي المستوى مع الراعي الاول لاسرائيل وداخل المكتب البيضاوي. ورغم الادانات الدولية “الخجولة” او “الصريحة” التي شجبت استهداف القنصلية الايرانية، إلا ان موقف رئيس الوزراء العراقي يمكن اعتباره الأهم والأكثر جرأة في هذا السياق.
٣/ ادان السوداني كذلك استمرار المجازر في غزة مذكّراً الرئيس الامريكي بضرورة احترام القانون الدولي والقانون الدولي الانساني اللذين ينصّان على حماية المدنيين لاسيما النساء والاطفال في الحروب. وختم رئيس الوزراء العراقي حديثه مع الرئيس الامريكي بدرس اخلاقي مهم عندما قال: (نحن كبشرية نحتاج الى نظام دولي يحترم قيم حقوق الانسان وادانة العدوان وتجنيب المدنيين كوارث الحروب، وحصانة البعثات الدبلوماسية، واذا ما سكتنا عمّا يحصل فسوف يحولها الى سوابق يتم تكريسها في العلاقات الدولية ويكون معمول بها؛ سواء كانت سوابق حسنة او سيئة).
البيان المشترك لرئيسي وزراء العراق إبن شياع و التشيك