بحلول يوم غد الجمعة الخامس عشر من تشرين الثاني يصبح عمر بغداد ١٢٦٢ سنة وإنه زمن كبير وطويل مرت على هذه المدينة منذ أن بناها أبو جعفر المنصور في مثل هذا اليوم سنة ٧٦٢ الموافق ١٤٥ هجرية مرت عليها أهوال كثيرة وكبيرة وأمتحن أهلها بأكثر من ٣٥ إحتلالا من الشرق والغرب من المغول والتتر والفرس والعثمانيين والانكليز وصولا الى الاحتلال الاخير الامريكي الاطلسي في ٩نيسان ٢٠٠٣ لكن بغداد كانت تنهض من جديد كطائر الفينيق تنفض عن وجهها غبار السنين وتداوي جراحها بتضافر جهود أبنائها .
واليوم بغداد من حقها علينا أن نساهم في إعادة بناء ما خرب وشوه من تراثها وحضارتها وأن يسعى اهلها البغداديون لإعادة البسمة لها من خلال تصحيح الخطأ بالحفاظ على هويتها الحضارية والانسانية وإعادة حالة الرقي لمجتمعها الذي كان يضرب به المثل في رغد العيش وتطوره وجميل مفردات لهجتها المحببة ونظافة وشوارعها وإناقة ملبس أهلها رجالا ونساء .
فبغداد اليوم غريبة عن بغداد الامس في كل شيء بغداد فوضى في العمران فوضى في الاسواق والشوارع وضاعت فيها صفات وعادات أهلها فما عدنا نرى في بغداد غير خليط غير متجانس من كل شيء ومناظر منفرة يغيب عنها الذوق العام الذي عرفت به بغداد ولا داعي لتعداد كم المآسي التي يعيشها البغداديون اليوم .
نعم إن بغداد تستحق أن يحتفى بيومها وأن تقوم أمانة بغداد بتهيئة ورعاية هذا الإحتفال ولكن الاجدر أن نعطي حقها في النظافة وإزالة كل ما يشوه وجهها فكيف يستقيم الاحتفال وبغداد أصبحت مدينة بلاهوية تغزوها العشوائيات ونحتفل بيوم بغداد وفي أول هطول للمطر طفحت كل مجاري الصرف الصحي الى الشوارع ودخلت بيوت الناس وهل يستقيم الحال و بغداد تسجل اكثر بيئة ملوثة بين اكثر من ١٥٠ عاصمة ؟ .
أعيدوا أيها السادة لبغداد ألقها ونظافتها وأحيوا تراثها الحضاري والانساني واجعلوا مجتمع بغداد مجتمعا مدنيا بعيدا عن الفصول والدكات والعطوات العشائرية فبغداد عبر تاريخها كانت مدينة السلام ودار المحبة ومنبع العلوم الشعر والشعراء .
فهل نرى في العام المقبل وجها أخر لبغدادنا غيرالذي شوهه الطارئون؟

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد