أثارت تساؤلات كثيرة حول سر الاستهداف الدقيق لقيادات وشخصيات سواء كبيرة في حركة حماس او حزب الله وانتقد علي خامنئي، بشدة القيادة الإسرائيلية،
متهما إياها “بقصر النظر واتباع السياسة الحمقاء”، معتبرا أن “الإسرائيليين أضعف بكثير من أن يتمكنوا من إلحاق ضرر جوهري بالبنية القوية لحزب الله في لبنان”.
وقال العميد منير شحادة المنسق السابق للحكومة اللبنانية لدى قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، إنه “لا يمكن أن نتغافل عن قدرات وإمكانيات إسرائيل التقنية والتكنولوجية في مجال التجسس”، مشيرا الى ان “إسرائيل، لديها قدرات وتقنيات سرية عالية في هذا المجال، وتتحكم بالأقمار الصناعية للحصول على ما تحتاجه من معلومات”.
وأشار إلى “وجود تعاون أمني واستخباري كبير بين إسرائيل ودول العالم، هذا التعاون برز دوره، عام 2005، عندما دخلت جهات خارجية في التحقيق بحادثة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري”، بحسب تعبيره، موضحا ان “تلك الأطراف كان لها دور لاحقا في جمع كميات كبيرة من المعلومات حول عمل أنظمة الاتصالات والجامعات والمصارف وحتى المستشفيات، وهذه المعلومات وصلت بطريقة ما إلى اسرائيل”، وفقا له.
مشاركة عناصر حزب الله في القتال في سوريا، منذ عام 2011، كانت سببا آخر سّهل من عملية رصد تحركات حزب الله.
فجميع المشاركين في هذا القتال أصبحوا مكشوفين، بسبب استخدامهم أنظمة اتصال تقليدية قابلة للرصد مثل أجهزة الهواتف الذكية والراديو واللاسلكي.
واضاف شحادة إن “رصد هذه الأجهزة كان سهلا بالنسبة للإسرائيليين الذين حصلوا على معلومات مهمة حول عمل جميع كوادر وقيادات حزب الله في تلك الفترة”، موضحا ان “من لديه القدرة على الوصول لأجهزة “البيجر” واللاسلكي والتي نجم عن تفجيرها مقتل ما لا يقل عن 37 شخصا وإصابة أكثر من 3000 آخرين، لديه القدرة أيضا على القيام بما هو أكبر، على حد قوله.
وتفوّق إسرائيل عسكريا وتكنولوجيا لم يكن السبب الوحيد الذي ساهم في تنفيذ عملياتها الأخيرة، إذ يقول العميد منير شحادة، إن “حزب الله تعرض لخرق أمني بين صفوفه، وإن إسرائيل استفادت من عملاء يعيشون في مناطق تقيم فيها تلك القيادات للتجسس عليها والكشف عن أماكنها”.
فالخرق البشري هذا، بحسب شحادة، كان “أداة مهمة تضاف إلى التكنولوجيا المتطورة، والتي ساعدت إسرائيل على تحديد مواقع قيادات حزب الله واستهدافها بدقة عالية”، لافتا الى ان “الإعداد لعملية اغتيال نصر الله أخذ سنوات، وإسرائيل كانت تحاول اغتنام فرص عدة لتنفيذ هذه العملية منذ زمن بعيد”.
ويذكر أن “إسرائيل لم تكن تنجح في عملياتها الأخيرة بدون دعم أمني والحصول على معلومات استخبارية من دول غربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا”. كما يقول.
ونفت الولايات المتحدة مرارا علمها أو أي دور لها بمقتل نصر الله.
وأضاف ان “إسرائيل لديها أيضا نقاط ضعف كثيرة بدليل أنها وبعد مرور عام على الحرب في غزة لم تستطع، رغم القدرات العسكرية البارزة، الكشف عن أماكن تواجد الرهائن رغم صغر مساحة المنطقة”، لافتا الى ان “قيادات حماس عرفت نقاط الضعف وحاربت إسرائيل من خلال اعتماد أساليب قديمة لا تعتمد على التكنولوجيا المتطورة، بل عادت إلى استخدام أنظمة تقليدية مثل الرسائل الورقية أو الشفهية في التواصل بدلا من الهواتف الذكية أو الخليوية”.
وتابع ان “الاختراق البشري كان عنصرا أساسيا في عملية اغتيال السيد نصرالله، حيث ان اسرائيل احتاجت إلى هذا الاختراق الداخلي بسبب السرية التي كان يتمتع بها زعيم حزب الله في تنقلاته واتصالاته”.
داوود للحرة أن” نصرالله كان يرفض استخدام الهواتف الذكية وحتى الأرضية، واستعمل نظاما خاصا يطلق عليه عسكريا بالهاتف الحقلي وهو جهاز اتصال يربط عددا معينا فقط من الأشخاص بشبكة خاصة”.
وتابع ان “الاحتياطات الأمنية أجبرت نصرالله أيضا على الامتناع عن استخدام التلفاز خوفا من عمليات التجسس التكنولوجي، وكانت تُنقل له الأخبار عبر أشخاص مقربين جدا منه”.
قلة قليلة من الشخصيات تمكنت من اللقاء بنصرالله، حيث ان هذه اللقاءات كانت تتم بسرية تامة وتنقل هذه الشخصيات بسيارات مظللة تمنع هؤلاء الزائرين من تحديد مكان إقامة الأمين العام لحزب الله.
ويقول العميد الركن فادي داوود، إنه ” رغم كل هذه الاحتياطات، فان الغارة الإسرائيلية لم تحقق أهدافها دون وجود شخص ما على الأرض ساعدهم على تحديد مكان نصرالله”، موضحا ان “الخرق البشري ليس حديث العهد، فحزب الله أجرى سابقا تحقيقات مع المئات من عناصره بعد الغارات الإسرائيلية التي استهدفت قيادات أخرى في التنظيم في لبنان وسوريا”.
ومن الصعب تحديد طبيعة هذا الخرق البشري دون توفر معلومات أمنية دقيقة، لكن يقول داوود، إن “الاحتمالات المتوقعة تشير إلى إمكانية مشاركة أحد عناصر القوات الخاصة المسؤولة عن حماية نصرالله أو أن الخرق تم بمساعدة عناصر الموساد الذين اندسوا بين صفوف الحزب”.
العملية العسكرية الحالية التي استهدفت قيادات حماس وحزب الله والحرس الثوري الايراني، سبقتها حرب استخبارية للحصول على ما تحتاجه إسرائيل من معلومات تكشف عن مواقع تواجد هذه القيادات.
وبين اللواء الركن المتقاعد ماجد القيسي ان “عملية اغتيال حسن نصر الله لا تعني نهاية حزب الله”، لافتا الى ان “نصرالله هو الأمين العام لهذه الجماعة وهناك قيادات عسكرية وميدانية مهمة بين صفوف الحزب يمكن أن تكمل هذه المسيرة وتدير العمليات ضد إسرائيل في المستقبل”.
واضاف ان “هذه الحركات والتنظيمات لا يؤثر الاغتيال على عملها أو يقضي عليها”.
مقتل نصر الله هو خرق أمني داخلي بامتياز، بحسب مراقبين، أشاروا إلى أنه لم يكن يحدث لولا تواجد جهات بين صفوف حزب الله تعاونت مع إسرائيل وقدمت لها ما تحتاجه من معلومات لتنفيذ العملية.
ولا يستبعد الباحث المصري في الشأن الإقليمي، أحمد سلطان، “ضلوع أشخاص وحتى قيادات مقربة من نصرالله في نقل معلومات سرية عن مكانه إلى إسرائيل”.
هذا الخرق، يقول سلطان للحرة، ساهم أيضا في نشر شبكة كاملة من عملاء الموساد داخل جهاز حزب الله الأمني والعسكري..
اين سيدفن السيد نصر الله ومتى موعد تشييعه ؟