على مدار أكثر من 10 أشهر من الصراع، لعبت الطائرات من دون طيار (المسيّرات) دور البطولة في التصعيد بين إسرائيل من جهة وحزب الله اللبناني ومن ورائه إيران من جهة أخرى.
جاء التقرير وسط مخاوف حقيقية من اتساع الصراع إلى حرب إقليمية، تزداد أهمية المسيّرات ودورها البارز في تحقيق الأهداف العسكرية، الأمر الذي قد يغير مفاهيم ومبادئ القتال السائدة.
ويستخدم حزب الله وإسرائيل هذا النوع من السلاح لتحقيق أهداف متعددة، بدءا من الاستطلاع والمراقبة، إلى الضربات وعمليات الاغتيال.
ومع التطور التقني الكبير واستخدام الذكاء الصناعي في توجيه المسيّرات، أصبحت “السلاح الأخطر في ميادين القتال”، وفق حديث خبراء معنيين بالشأن العسكري لموقع صحيفة العراق الذين اعتبروا أن الطائرات من دون طيار “تتحول إلى مصدر للرعب، حتى لأقوى جيوش العالم”.
فما حجم سلاح المسيّرات لدى حزب الله؟
قال رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة العميد المتقاعد هشام جابر: “نحن نعيش عصر المسيّرات المزدهر”، وأشار إلى أن “حزب الله يمتلك ترسانة متنوعة من هذه الأسلحة التكنولوجية، ولا شك أن إيران تلعب دورا محوريا في تطوير قدراته، حيث تعد رائدة في هذا المجال على مستوى المنطقة والعالم”.
وأضاف جابر في حديث خاص لصحيفة العراق : “يملك حزب الله عشرات آلاف المسيّرات، والدليل ما حدث الأربعاء، إذ انطلقت عشرات المسيّرات في الوقت نفسه على أهداف داخل الجولان وصولا إلى طبريا”.
وتابع: “عندما يطلق حزب الله عشرات المسيّرات يوميا، هذا يعني أنه يملك عشرات آلاف المسيّرات”.
واستطرد: “نشهد حربا للمسيّرات من قبل إسرائيل وحزب الله. المسيّرات التي تستخدمها إسرائيل هدفها تنفيذ الاغتيالات، أما مسألة التفوق العسكري فتختلف عن الاغتيالات”.
وقال جابر: “هناك انواع كثيرة من المسيّرات تختلف حسب نوعها ومداها وكلفتها، وثم مسيّرات كلفتها تصل إلى 10 آلاف دولار بينما أخرى إلى عشرات الملايين”.
وأضاف: “حزب الله حتما لا يملك المسيّرات المكلفة، إنما يملك نموذجا عن كل المسيّرات التي تملكها إيران والحوثيون”.
وأوضح جابر: “يتبع حزب الله استراتيجية الكشف التدريجي عن قدراته في مجال المسيّرات والدفاع الجوي، مما يثير تساؤلات حول ما يخفيه من إمكانيات، حيث تبذل إسرائيل جهودا مكثفة للكشف عن قدراته في مجال المسيّرات”.
وختم: “وفق معلوماتنا، في حال وقعت حرب شاملة يمكن لحزب الله الصمود لمدة تزيد عن السنة داخل الأنفاق ومن خلال المسيّرات”.
وفي السياق ذاته، قال النائب السابق في البرلمان اللبناني مصطفى علوش: “الواضح هو أن مسيّرات حزب الله ستتسبب بضرر كبير على إسرائيل في حال تم إطلاق أعداد كبيرة منها في وقت واحد، لأن جزءا منها سيتجاوز الدفاعات بمختلف أشكالها، كما أن الصواريخ المختلفة سيكون لها فعل مشابه في حال نشوب حرب مفتوحة”.
وتابع علوش لموقع “سكاي نيوز عربية”: “يعني ذلك أن إسرائيل ستكون في ورطة كبيرة قد تدفعها إلى استباق الأمور بضرب مخازن حزب الله، مع العلم أن الحزب قد استبق هذا الأمر بتوزيع إمكانياته وترسانته لتجنب استهدافها بشكل حاسم”.
وأضاف: “في حال حصول حرب مفتوحة سندخل في دوامة مدمرة سيدفع لبنان الثمن الأكبر فيها بحجم الخسائر البشرية والمادية”، لكن “قد يدفع توازن الرعب كلا الطرفين إلى عدم تجاوز الخطوط الحمر التي حكمت الخط الأزرق بين لبنان والأراضي المحتلة، إلا أن احتمال تدحرج الأمور يبقى واردا”.
هل سيهود السلاح الإستراتيجي للمقاومة الى الواجهة ؟
بعد نحو 12 عاما جاءت عملية تل أبيب أمس الأحد لتفتح الباب مجددا على احتمالية عودة العمليات الاستشهادية إلى الأراضي المحتلة عام 1948، وحدوث تغيرات إستراتيجية في مسار المواجهة مع الاحتلال خاصة في ظل الحرب المتواصلة على قطاع غزة منذ أكثر من 10 أشهر.
ومما زاد من أهمية استخدام المقاومة لـ”سلاحها الإستراتيجي” كما يقول المراقبون، من خلال عملية تل أبيب بعد نحو 5 أيام فقط من انفجار سيارة مفخخة في مدينة الخليل بالضفة الغربية كان يشتبه في أنها كانت معدة لتنفيذ هجوم على موقع مجاور.
ولم تعرف بعد أجهزة الأمن الإسرائيلية أو أجهزة أمن السلطة الفلسطينية المكان الذي كانت تلك السيارة المفخخة تعتزم استهدافه.
ووفقا لما يقوله المحللان الإسرائيليان إليشع بن كيمون ويوآف زيتون في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية فإن “الخوف الأكبر في المنظومة الأمنية إدخال عبوات ناسفة ذات متفجرات عادية إلى قلب المدن الكبرى في إسرائيل، الأمر الذي قد يسبب الكثير من الأضرار”.
ويرى المحللان أن موضوع المتفجرات اكتسب زخما في السنوات الأخيرة لدى الاحتلال، إذ يمكن “تحضيرها من المتفجرات غير القياسية والمرتجلة في مختبرات التصنيع في الضفة الغربية”.
ويرى الخبير العسكري والإستراتيجي حاتم كريم الفلاحي أن توقيت العملية يعطى دلالة “واضحة على قدرة المقاومة على الانتقال إلى أساليب أخرى، وهي قادرة على تنفيذها منذ فترة ولكن تم إيقافها بقرار سياسي من قبل فصائل المقاومة”.
فشل إسرائيلي عميق
ورغم أن العملية لم يكتب لها النجاح وانفجرت العبوة الناسفة التي كان يحملها الاستشهادي قبل وصوله للمكان المراد استهدافه، يرى الباحث والمحلل السياسي سعيد زياد أن “هذه العملية تمثل هزيمة لجهد عسكري وأمني إسرائيلي استمر لـ20 عاما، وتمثل نجاحا كبيرا للمقاومة على صعيد التوقيت والمكان وتجاوز المنظومة الأمنية المعقدة”.
ففي ظل الاستنفار والاحتياط الأمني المشدد الذي تتخذه إسرائيل استعدادا لهجوم من إيران وحزب الله ردا على عمليات الاغتيال جاءت عملية تل أبيب المشتركة بين كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
إذ تمكن مقاوم قادم من مدينة نابلس وسط الضفة الغربية من التسلل لمدينة تل أبيب ومعه عبوة ناسفة وتجول في شوارع المدينة بهدوء لتنفيذ علمية استشهادية.
وهو ما دللت عليه تصريحات قائد شرطة تل أبيب عندما كشف أنه لم تكن لديهم “معلومات بشأن أي خلفية جنائية أو قومية لمنفذ التفجير أمس” وأن المنفذ “وصل من الضفة الغربية وخطط لتنفيذ عملية كبيرة”.
مقتل قيادي بحزب الله في ضربة إسرائيلية في جنوب لبنان