تنطلق، اليوم الاثنين، في منطقة “إملشيل” المغربية بجبال الأطلس الكبير، فعاليات “موسم الخطوبة” الشهير ويجذب الحدث أنظار آلاف الزوار المحليين والأجانب، لحضور عقد قران جماعي بين أبناء وبنات المنطقة، وهي عادة قديمة يعود تاريخها حسب التقديرات إلى القرن الـ18 ميلادي.

وتنظم جمعية “أخيام”، بشراكة مع جماعتي “بوزمو” و”إملشيل”، النسخة الـ17 من موسم الخطوبة ومهرجان موسيقى الأعالي، تحت شعار “تراثنا اللامادي قاطرة التنمية المحلية”.

وحسب بلاغ للجمعية، تهدف هذه التظاهرة الثقافية إلى تسليط الضوء على التراث الموسيقي الوطني، وتسمح للجمهور بتقدير الفن الشعبي للأطلس الكبير، لافتا إلى أنها “فرصة فريدة للاحتفال بموسيقى الأعالي بجميع ألوانها وترسيخ ذكريات جديدة لدى الناشئة”.

وسيتخلل هذا اﻟﺤﺪث، اﻟﺬي سيستمر 3 أﻳﺎم، ﺣﻔﻞ ﻋﻘﺪ ﻘﺮان ﺠﻤﺎﻋﻲ ممزوج بالأغاني واﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻨﺎﺑﻀﺔ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة واﻟﺮﻗﺼﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻷزﻳﺎء اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﻤﻠﻮﻧﺔ، فيما ستتيح ﺳﺎﺣﺔ اﻟﻤﻮﺳﻢ ﻟﻠﺰوار اﺳﺘﻜﺸﺎف اﻟﻤﺴﺎﺣﺎت اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﺒﺎﺋﻌﻴﻦ، اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻮاﻓﺪون ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻤﻐﺮب، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﻪ إلى ﻣﻌﺮض ﻟﻠﻤﻨﺘﻮﺟﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﺎ ﻳﻘﺎرب 120 ﺗﻌﺎوﻧﻴﺔ بهدف خلق ﻧﺸﺎﻃ ﺗﺠﺎري مهم بالمنطقة.

 معركة الحداثة والهوية تشعلها “قبلة”

. جهود تشريعية وحقوقية للحد من زواج القاصرات
 

بعد عامين من التوقف بسبب قرارات الإغلاق جراء تداعيات جائحة كورونا، عاد “موسم الخطوبة” الذي يقام في منطقة إملشيل المغربية بجبال الأطلس، إلى الانتعاش من جديد، لكن أيضاً ليثير سجالاً في المغرب.

توج “موسم الخطوبة” الذي انتهت فعالياته، الأحد 25 سبتمبر (أيلول)، بإقامة حفل زفاف جماعي تقليدي للأزواج المنحدرين من قبائل مختلفة في المنطقة وتم توثيق عدد من حالات الزواج بحضور السلطات المعنية.

وانطلق نقاش في شأن مدى جدوى “موسم الخطوبة” في إملشيل وهل ما زال يحافظ على الهوية الثقافية المحلية للمنطقة أم أنه انحرف عن أهدافه بعد تردد اتهامات لهذا المهرجان بأنه صار بمثابة فضاء لـ”بيع الفتيات” ومناسبة لتزويج القاصرات من أجل التخلص من كلفة تربيتهن وإعالتهن، وهو ما يرد عليه نشطاء محليون بأنها مجرد اتهامات مجانبة للصواب، لأن عقود الزواج تتم تحت أعين السلطات المحلية.

أول الحكاية

تقول الحكاية التاريخية إن قصة حب نشأت بين شاب من قبيلة “آيت براهيم” وفتاة جميلة تنتسب إلى قبيلة “آيت يعزة” وهما قبيلتان في المنطقة عُرفتا بالخصومة والعداوة.

ولأن أسرتي الشاب والفتاة رفضتا تزويجهما بالنظر إلى العداوة القائمة بين القبيلتين فإنهما كانا يحرصان على اللقاء خلسةً ليبثا الأشواق ويذرفا الدموع إلى أن شكلت دموعهما نهرين هما “إيسلي” ويعني بالأمازيغية العريس و”تيسلت” ومعناه العروس.

ووفق القصة فإن القبيلتين بعد وفاة الشاب والفتاة أرادتا التكفير عن “ذنب عرقلة زواج العاشقين” فاهتدتا إلى تنظيم “موسم سنوي” يتم فيه تزويج العزاب عبر عقد الخطوبة بين الشباب والفتيات من أبناء المنطقة والجوار.

وبصرف النظر عن حقيقة هذه القصة التاريخية فإن الثابت أن “موسم الخطوبة” امتد عبر أعوام طويلة في منطقة إملشيل وسط جبال الأطلس الشهيرة بالمغرب ومن خلاله تم عقد قران عدد كبير من الشبان والفتيات.

لكن موسم الخطوبة بخلاف ما يعتقده كثيرون ليس مهرجاناً يتم فيه فقط عقد الخطوبة بين الشباب والفتيات الراغبات في الزواج، لكنه أيضاً يكون مليئاً بأنشطة وطقوس مختلفة تتضمن عادات وتقاليد هذه المنطقة.

يشكل هذا الموسم أيضاً فرصة لترويج البضائع والسلع التي تنتجها نساء قبائل المنطقة من جلابيب وزرابي صوفية وأزياء تقليدية، علاوةً على بيع المواشي للزبائن الذين يرتادون هذه السوق.

خطوبة وزواج

في “موسم الخطوبة” بإملشيل يهيمن نوعان من الأزياء التقليدية الأصيلة الخاصة بهذه المنطقة، الأول هو الجلباب الأبيض الذي يرتديه الشباب الراغب في الخطوبة والزواج والثاني لباس “الحايك” الذي يزين الفتاة الأمازيغية التي ترنو إلى تأسيس “عش الزوجية”.

ويقوم “موسم الخطوبة” على مبدأ التعرف بين شباب المنطقة، شباناً وفتيات، من أجل اختيار أزواج وزوجات المستقبل بحيث تتم الخطوبة المبدئية في هذا الموسم وبعد ذلك يكتمل الزواج في الموسم الذي يليه.

ويتبادل الشباب والفتيات نظرات الإعجاب ويتجاذبون أطراف الحديث بهدف إرساء جسور التعرف المبدئي بينهم ورسم معالم المستقبل الذي ينتظرهم بعد إتمام مراسيم عقد الزواج الشرعي بين الزوجين.

ولعل أكبر إشارة تدل على “تفاهم” الشاب مع الفتاة ليؤسسا “عش الزوجية” المرتقب هو تقبيل الشاب يد شريكته المستقبلية، واعداً إياها بحمايتها وصون عرضها والدفاع عنها في السراء والضراء، مما يؤشر إلى تلاحم القبائل المحلية عوض تناحرها وعداوتها، وفق ما تورده الروايات التاريخية.

ويتكفل منظمو هذا الموسم بمصاريف الخطوبة والزواج من خلال توفير هدايا للعروسين وهو ما حصل في النسخة الأخيرة من هذا الموسم بعد توثيق 35 عقد زواج في خيمة مخصصة لهذا الغرض بحضور مسؤولين محليين وإقليميين.

اتهامات وردود

هذه العادات والطقوس التي يشهدها “موسم الخطوبة” في المغرب لم تمر من دون أن تنالها سهام النقد والاتهامات في شأن مدى احترام هذا الطقس للثقافة والهوية والقيم المحلية، فتناسلت اتهامات حول كون الموسم يعرف نوعاً من “بيع الفتيات” وأخرى بتزويج القاصرات في أثنائه.

الناشط المحلي عبدالله حديدو يرد على هذه الاتهامات بالقول إن “لا أساس لها من الصحة ومن يريد التأكد من ذلك فما عليه سوى التوجه إلى مكان الموسم ليشاهد بأم عينيه مدى احترام الطقوس المحلية والتقاليد التراثية لقبائل المنطقة، بحيث تتم الخطوبة وعقود الزواج باحترام كامل للعادات المعروفة وعلى مرأى من السلطات المعنية”.

وشدد الناشط على أنه من المؤسف اختزال كثيرين لموسم كبير كان يُعقَد كل عام ويتم فيه ترويج المنتج السياحي لنساء وأفراد قبائل المنطقة من أجل إعالة أسرهم، إلى مجرد موسم لعقد الخطوبة فقط وهو ما جر على هذا الموعد السنوي تلك الاتهامات، وزاد حديدو أن “الجهل بالشيء يؤدي إلى معاداته” مبرزاً أن مراسيم الزواج تتم في وضح النهار وبموافقة الطرفين وأسرتيهما.

من جهته سجل الباحث في التراث الثقافي لحسن أيت الفقيه انتشار تصور خاطئ لدى عامة المغاربة مفاده بأن منطقة إملشيل سوق للزواج وطغى التحرش الجنسي على الموسم، الأمر الذي أضحى يضايق كل فتيات جبال الأطلس المترددات عليه.

ووفق الفقيه فإنه “أمام نهوض الشباب الواعي وانتشار الجمعيات التنموية تمت مواجهة كل سلوك يروم إذلال المنطقة، وعلى رغم ذلك يراد أن تظل المنطقة بؤرة لتسويق الفهم الخاطئ للعرف واستمرار المس بالهوية الثقافية”.

الزواج بدون مهر في المغرب يثير الجدل !

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد