لم يكن يتوقع إسماعيل عبد السلام هنية (61 عاما)، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية، أن حضوره لمراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بيزشكيان الثلاثاء بطهران
و إنما سيكون بمثابة آخر عمل سياسي يقوم به باسم الحركة وآخر ظهور له بشكل علني برفقة مسؤولين إيرانيين بعدما عاش سنوات عديدة في المنفى ومتنقلا بين قطر وتركيا.
فالغارة الإسرائيلية التي استهدفته الأربعاء عند الساعة الثانية صباحا تحديدا وفق مصادر إعلامية إيرانية بمقر إقامته بطهران، أنهت مشواره السياسي الذي عرف خلاله السجون الإسرائيلية والاغتيالات التي أودت حتى ببعض أولاده وأحفاده.
كما عرف أيضا العديد من الصراعات السياسية سواء داخل حركة حماس نفسها أو مع السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس. ومثل أحمد ياسين مؤسس حركة حماس في الثمانينيات، طبع إسماعيل هنية الحركة الفلسطينية بفضل الأدوار السياسية التي لعبها ودوره السياسي الوازن.
سيرة ذاتية
ولد إسماعيل هنية في مخيم الشاطئ على ساحل غزة عام 1963 بعد أن لجأ والداه من مدينة عسقلان إثر النكبة عام 1948. تلقى تعليمه الدراسي في وكالات الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو: “موت هنية يجعل العالم أفضل قليلا”
كان مهتما بالشأن السياسي منذ الصغر. عندما أصبح شابا التحق بالجامعة الإسلامية بغزة في 1987 وحصل على شهادة في الأدب العربي. فيما اغتنم فرصة تواجده في هذه الجامعة وانخرط في النشاط السياسي من خلال “الكتلة الإسلامية”، الذراع الطلابي لجماعة “الإخوان المسلمون”، التي تطورت لاحقا إلى حركة حماس، حيث كان ينظم العديد من الحملات الإعلامية لتوعية الطلاب بأهداف الحركة وسبب تواجدها على الساحة السياسية الفلسطينية. وتولى رئاسة مجلس الطلبة في الجامعة الإسلامية بين عامي 1983 و1984.
وبعد مرور أربع سنوات، أي في 1992، عين إسماعيل هنية عميدا لجامعة غزة الإسلامية التي درس فيها قبل أن يلتحق فيما بعد بالمكتب السياسي لحماس في 1997 إذ تولى منصب رئيس هذا المكتب بعد أن أطلقت إسرائيل سراح أحمد ياسين، مؤسس الحركة.
لكن عميحاي إلياهو وزير التراث الإسرائيلي اعتبر أن “موت هنية يجعل العالم أفضل قليلا، ولا مزيد من اتفاقيات الاستسلام الوهمية ولا مزيد من الرحمة لهؤلاء المحكوم عليهم بالموت” مضيفا أن “هذه هي الطريقة الصحيحة لتطهير العالم”. من جهتها أعلنت وكالة رويترز، أن “المكتب الصحفي للحكومة الإسرائيلية نشر صورة لهنية على فيس بوك مع عبارة “تم التخلص منه”.
من سجن إلى آخر
انضم إسماعيل هنية إلى حركة حماس في بداية تأسيسها في الثمانينيات من القرن الماضي. لعب دورا بارزا في النشاط السياسي والدعوي لهذه الحركة. ما جعل السلطات الإسرائيلية تعتقله للمرة الأولى في 1987 ليقبع في السجن عدة أيام. وبعد مرور سنة، أي في 1988، اعتقل هنية مرة ثانية بسبب نشاطاته السياسية ومكث في السجون الإسرائيلية حوالي ستة أشهر.
في 1989، اعتقلته السلطات الإسرائيلية للمرة الثالثة بتهمة انتمائه إلى حركة حماس وبقي في السجن ثلاث سنوات قبل أن تنفيه إلى منطقة مرج الزهور جنوب لبنان حيث عاش هناك سنة كاملة. لكنه عاد إلى قطاع غزة على ضوء اتفاقية أوسلو التي وقعت بين الجانب الإسرائيلي والفلسطيني بالولايات المتحدة تحت إشراف الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.
واصل هنية نشاطه السياسي في القطاع وكان رئيسا لقائمة التغيير والإصلاح التي شاركت في أول انتخابات تشريعية حرة في الأراضي الفلسطينية في 2006. وخرجت حركة حماس منتصرة في القطاع وفازت بأغلبية المقاعد في المجلس التشريعي الفلسطيني. فيما أقدم محمود عباس الذي كان ولا يزال رئيس السلطة الفلسطينية على تعيينه في ذلك الوقت رئيسا للحكومة الفلسطينية في فبراير/شباط 2006.
ولم يمكث هنية وقتا طويلا على رأس الحكومة الفلسطينية، بل أقاله محمود عباس في يونيو/حزيران 2007 لأسباب “أمنية”. هنية الذي كان مدعوما من حركة حماس رفض هذا القرار في البداية لكن بعد مرور القليل من الوقت، تنازل عن رئاسة الحكومة حرصا منه للتوصل إلى “مصالحة وطنية مع السلطة الفلسطينية”.
إسماعيل هنية والثروة المالية الهائلة
في 2017، تم انتخاب إسماعيل هنية رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس خلفا لخالد مشعل الذي كان يعيش في المنفى بسوريا. وفي 2018 في أعقاب قرار اعتراف الولايات المتحدة بالقدس على أنها عاصمة إسرائيل، أدرجته الخارجية الأمريكية على قوائم “الإرهاب” وأصبح مطلوبا من قبل واشنطن.
تعرض هنية إلى عدة محاولات اغتيال فاشلة في السابق، لكن بعضها أودت بالعديد من أفراد عائلته. فلقد فقد ثلاثة من أولاده في غارة جوية وبعض أحفاده.
ساند إسماعيل هنية عملية “طوفان الأقصى” التي شملت هجوما بريا وبحريا وجويا ضد إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 والتي تسببت في مقتل أكثر من 1100 شخص معظمهم مدنيون. ومنذ ذلك الوقت، أصبح لا يظهر كثيرا خوفا من عملية اغتيال. لكنه لم يتوقع بأن سفره إلى إيران سيكون المرحلة الأخيرة من حياته السياسية.
وفي مقال خصصته له صحيفة “ذي تايمر”، حصلت صحيفة العراق على نسخة مترجمة عن الكشف بأن هنية رجل غني استطاع أن يجمع حوالي 4 مليارات دولار وذلك بفضل الدعم المالي الذي كانت تقدمه له إيران.
تلميح من الكيان الصهيوني حول إغتيال هنية