بدا اليمين المتطرف قوة لا يستهان بها في المشهد السياسي الفرنسي، وقد ينجح في الفوز بالانتخابات التشريعية التي تجري بدءا من، الأحد، على مرحلتين وتنتهي في السابع من يوليو المقبل.
مر اليمين بمحطات عدة قبل وصوله لهذه لمرحلة الحرجة في التاريخ السياسي الفرنسي وهذه أبرز ملامح تشكله:
1972
أسس الجندي السابق جان ماري لوبان الجبهة الوطنية، وهو حزب يميني متطرف يتألف من قدامى المحاربين الذين خاضوا حرب الجزائر والمتعاونين الفرنسيين من نظام فيشي (نظام الحكم في فرنسا بين عامي 1940 و1944).
1974
خاض لوبان الانتخابات الرئاسية لكنه حصل على أقل من 1 بالمئة من الأصوات، وبعد ذلك بعامين تعرض منزله في باريس لهجوم بقنبلة، ولم يتم تحديد الجناة. 1981
لم يستطع لوبان جمع العدد الكافي لتأييد ترشحه للانتخابات الرئاسية والتي فاز بها اليساري فرانسوا ميتران، وفي السنوات التالية، اجتذب لوبان تدريجيا مؤيدين جدد.
1986
فاز الحزب بأول مقاعده في البرلمان المعروف باسم الجمعية الوطنية.
1987
أدلى لوبان بتعليقات اعتبرت معادية للسامية، وهو ماعرضه في أحيان كثيرة لمشكلات قانونية لكنه ظل يحظى بدعم قطاع من الناخبين.
1988
حصل لوبان على 14.4 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، وفي العام التالي فاز حزب الجبهة الوطنية بأكثر من 10 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الأوروبية، كما بدأ الحزب في التركيز على الإسلام والمهاجرين المسلمين باعتبارهم أحد اهتماماته السياسية الرئيسية.
1995
فاز حزب الجبهة الوطنية بثلاثة مجالس بلدية في الجنوب، تولون وأورانج ومارينيان، مما يشير إلى تنامني شعبيته.
2002
ترشح لوبان للرئاسة وحصل على 16.86 بالمئة من الأصوات، وهو ماكان كفيلا بتأهيله لخوض جولة إعادة أمام جاك شيراك.
أحدث هذا الأداء القوي صدمة في جميع أنحاء فرنسا، وشاع الخوف من احتمال تحقيق هذا الحزب اليميني المتطرف لنتائج جيدة.
وتضامن سياسيون من اليمين واليسار معا لمنع لوبان من الفوز في الجولة الثانية، وفاز شيراك بأكثر من 80 بالمئة من الأصوات في جولة الإعادة.
2008
إذ و قضت محكمة بسجن لوبان 3 أشهر مع إيقاف التنفيذ وتغريمه عشرة آلاف يورو لقوله إن الاحتلال النازي لفرنسا “لم يكن غير إنساني إلى حد كبير”. 2011
أصبحت مارين لوبان، ابنة لوبان، الزعيمة الجديدة للجبهة الوطنية بعد فترة اتسم فيها أداء الحزب بالضعف في استطلاعات الرأي وواجه فيها ضغوطا مالية متزايدة. 2012
مارين لوبان تخوض أول انتخابات رئاسية وتنتهي مساعيها بالفشل.
2014
حقق حزب الجبهة الوطنية نتائج مميزة في انتخابات العام ليصبح له السيطرة على 11 مجلسا بلديا كما حصل على المركز الأول في انتخابات البرلمان الأوروبي. 2015
تم تعليق عضوية جان ماري لوبان في الحزب بعد وصف المحرقة بأنها”تفصيلة” من الحرب العالمية الثانية، وفي نفس العام فصلته ابنته من الحزب.
2017
ترشحت مارين لوبان للرئاسة مرة أخرى، لكنها خسرت أمام إيمانويل ماكرون، وبعد ذلك، كثفت جهودها لجعل الحزب أكثر قبولا لدى جمهورأوسع من الناخبين، سعيا إلى النأي به عن ماضيه الذي وصف بالعنصرية، وفي الوقت نفسه منح نوابه البرلمانيين مظهرا أكثر احترافية عبر تدريب إعلامي وحضور واضح على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي عام 2018، غيرت اسم الحزب إلى التجمع الوطني. 2022
تم اختيار جوردان بارديلا (28 عاما)، وهو أحد تلاميذ مارين لوبان، ليكون الرئيس الجديد لحزب التجمع الوطني.
2024
قاد بارديلا الحزب في انتخابات البرلمان الأوروبي وهزم حزب ماكرون، ودفع الرئيس إلى الدعوة إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، وأصبح بارديلا مرشح حزب التجمع الوطني لرئاسة الوزراء.
أهم الشخصيات الحزبية
اقترب اليمين المتطرف في فرنسا من فرصة تشكيل حكومة أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية، مع تقدم حزب التجمع الوطني المناهض للمهاجرين في استطلاعات الرأي قبيل الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية المبكرة التي انطلقت، الأحد.
وحل الرئيس إيمانويل ماكرون البرلمان ودعا إلى إجراء انتخابات مبكرة بعد أن سحق حزب التجمع الوطني ائتلاف ماكرون (معا) المنتمي لتيار الوسط في انتخابات البرلمان الأوروبي حسب التقرير الذي حصلت عليه صحيفة العراق الاثنين الموافق 1 يوليو .
وسيظل ماكرون رئيسا بعد الانتخابات البرلمانية، التي ستجرى الجولة الثانية منها في 7 يوليو.
لكن سيتعين عليه اختيار رئيس وزراء من الحزب أو التحالف الفائز بأكبر عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية بغض النظر عن مدى الاختلاف معه في السياسات.
وفيما يلي لمحة عن بعض الشخصيات الحزبية الأهم في الانتخابات:
جوردان بارديلا – حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف
بارديلا المعروف بأناقته (28 عاما) له أصول إيطالية.
ربته والدته في منطقة لذوي الدخل المحدود بالضواحي الشمالية لباريس لكنه التحق بمدرسة كاثوليكية شبه خاصة.
صار انتماؤه للطبقة العاملة ميزة يروج لها.
انضم بارديلا إلى الحزب اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان عندما كان عمره 16 عاما.
بعد ذلك بسبع سنوات، اختارته لوبان مرشحا لحزبها في الانتخابات الأوروبية عام 2019.
انتخبه الأعضاء رئيسا للحزب في نوفمبر 2022.
شكلت لوبان المتمرسة على المعارك السياسية وتلميذها الشاب حاد الذكاء بارديلا فريقا سياسيا رائعا.
استخدم بارديلا حسابه على تيكتوك الذي يتابعه 1.7 مليون شخص لجذب الناخبين الأصغر سنا.
يقدم بارديلا نفسه على أنه “رئيس وزراء محتمل لتعزيز القوة الشرائية”، متعهدا بخفض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة والوقود وإعفاء من تقل أعمارهم عن 30 عاما من ضريبة الدخل.
يقول معارضوه إنه يفتقر إلى الخبرة المهنية نظرا لدخوله عالم السياسة في سن مبكرة، وإن خططه الاقتصادية غير واقعية.
غابرييل أتال من ائتلاف “معا” المنتمي لتيار الوسط
صار غابرييل أتال (35 عاما) رئيس الوزراء الأصغر سنا في تاريخ فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية عندما عينه ماكرون في يناير.
يواجه أتال، الذي يطلق عليه أحيانا لقب “ماكرون الصغير”، مهمة شاقة تتمثل في إنقاذ رئاسة ماكرون وحركته السياسية.
يحول الناخبون الساخطون في أنحاء فرنسا دعمهم إلى اليمين المتطرف وتحالف يساري جديد بسبب الغضب إزاء سياسات ماكرون وشخصيته، حيث يُنظر إلى الرئيس في كثير من الأحيان على أنه متعجرف ومنفصل عن المصاعب اليومية.
كما أن أتال هو أول رئيس وزراء فرنسي قال علانية إنه مثلي.
وبزغ نجم أتال سريعا في عهد ماكرون.
وبعد انضمامه إلى الحزب الاشتراكي عندما كان عمره 17 عاما، أصبح اسما معروفا في المشهد السياسي بعد تعيينه متحدثا باسم الحكومة خلال جائحة كوفيد-19.
شخصيات يسارية
لا يوجد منافس واضح على منصب رئيس الوزراء من اليسار الذي شكلت مجموعة واسعة من أحزابه تحالفا يعرف باسم (الجبهة الشعبية الجديدة) في محاولة لتوحيد الصفوف في مواجهة حزب التجمع الوطني.
ولم يكشف التحالف عن مرشحه لرئاسة الوزراء، وفيما يلي بعض أشهر شخصياته:
جان لوك ميلونشون من حزب فرنسا الأبية
ظل ميلونشون (72 عاما) لاعبا أساسيا في اليسار الفرنسي لعقود وشغل مناصب وزارية في الحكومات السابقة عندما كان عضوا في الحزب الاشتراكي.
ترشح للرئاسة في انتخابات الرئاسة في 2012 و2017 و2022 وكانت نسبة الأصوات التي يحصل عليها تزيد في كل مرة.
وحل في المركز الثالث في انتخابات عام 2022 بعد زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان. وفاز ماكرون في تلك الانتخابات.
ويعد ميلونشون ذو التعليقات النارية من أكثر الشخصيات إثارة للانقسام في السياسة الفرنسية، إذ يثير حماسة وخوف الناخبين بمقترحاته الجامحة بشأن الضرائب والإنفاق وتعليقاته عن الصراع الطبقي ومواقفه المثيرة للجدل إزاء السياسة الخارجية خاصة فيما يتعلق بغزة.
ويتهمه منتقدوه بمعاداة السامية، وهو ما ينفيه.
رافاييل غلوكسمان من الحزب الاشتراكي
تصدر غلوكسمان (44 عاما) قائمة مرشحي الحزب الاشتراكي في الانتخابات الأوروبية هذا الشهر.
حصل الحزب على ما يقرب من 14بالمئة من الأصوات، خلف ائتلاف (معا) بقيادة ماكرون.
واعتُبر ذلك مؤشرا على انتعاش الحزب الذي حكم فرنسا في العقود الماضية لكنه سقط في الآونة الأخيرة في طي النسيان الانتخابي.
وتلقى غلوكسمان، الذي كان والده فيلسوفا، التعليم في مدارس مرموقة وعمل بالصحافة والإذاعة قبل أن يتجه إلى مجموعة متنوعة من المجالات من بينها العمل مستشارا لرئيس جورجيا السابق ميخائيل ساكاشفيلي.
لوران بيرغر السكرتير العام السابق لنقابة عمالية
شغل بيرغر (55 عاما) سابقا منصب السكرتير العام لنقابة (سي.إف.دي.تي) العمالية الفرنسية المعتدلة.
ولديه سجل حافل من المعارضة القوية لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف.
وقال بيرغر إنه لا يريد أن يصبح رئيسا للوزراء، لكن آخرين في اليسار طرحوا اسمه قائلين إنه يمكن أن يكون شخصية توافقية وبديلا أكثر شعبية لميلونشون.
موفف رئيس وزراء فرنسا
قال رئيس وزراء فرنسا جابرييل أتال إن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف يجب ألا يحصل على أي صوت في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية وذلك بعد أن بدا أن الحزب في طريقه للفوز بالجولة الأولى.
وقال بعد أن جاء معسكره هو والرئيس إيمانويل ماكرون في المركز الثالث، وبفارق كبير، في الجولة الأولى “يجب ألا يذهب ولا حتى صوت واحد للتجمع الوطني… يجب منعه من الحصول على تكون له الأغلبية المطلقة”.
وتصدر حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف وحلفاؤه نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا، التي أقيمت الأحد، حاصدا أكثر من 34 بالمئة من الاصوات، بحسب تقديرات أولى.
وتقدم اليمين المتطرف على تحالف اليسار أو “الجبهة الشعبية الوطنية” (ما بين 28.5 و29.1 بالمئة)، وكذلك على معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون (20.5 إلى 21.5 بالمئة)، وفق هذه التقديرات.
وقد ينال التجمع الوطني غالبية نسبية كبيرة في الجمعية الوطنية وربما غالبية مطلقة وفق توقعات 3 مراكز.
وقالت زعيمة حزب التجمع الوطني المنتمي لليمين المتطرف ماري لوبان، إن معسكر ماكرون “قُضي عليه تقريبا” خلال الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية.
وبعد أن ظل التجمع الوطني منبوذا لفترة طويلة، صار الآن أقرب إلى السلطة من أي وقت مضى.
وشهدت مراكز الاقتراع نسبة مشاركة عالية، مما يسلط الضوء على مدى تأثير الأزمة السياسية المتفاقمة في فرنسا على الناخبين.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسستا “إبسوس” و”إلاب”، للتلفزيون الفرنسي أن نسبة المشاركة النهائية في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية تراوحت بين 67.5 بالمئة و69.5 بالمئة.
وقال ماتيو غالارد مدير الأبحاث لدى “إبسوس” فرنسا إن التقديرات تشير إلى أن إقبال الناخبين الفرنسيين في الجولة الأولى من الانتخابات هو الأعلى منذ عام 1986.