وسط دعوات من الجمهوريين لفرض عقوبات أميركية على مسؤولي المحكمة اذ و قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يوم الثلاثاء إن الإدارة الأميركية مستعدة للعمل مع الكونغرس للرد على خطوة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، الذي طلب إصدار مذكرتي اعتقال بحق اثنين من قادة الكيان الصهيوني
من شأنه أن يعقد احتمالات التوصل إلى اتفاق لتحرير الرهائن ووقف إطلاق النار في الصراع الدائر بين إسرائيل وحركة (حماس). إذ ووصف بلينكن في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ هذا التحرك بأنه قرار “خاطئ للغاية”
وأكد المسؤول الأميركي على أنه “يسعدنا العمل مع الكونغرس، مع هذه اللجنة، للتوصل إلى رد مناسب” على تحرك المحكمة الجنائية الدولية.
واعتبر بلينكن أن اتفاق هدنة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة لا يزال “ممكنا”، لكن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات توقيف بحق قادة من اسرائيل “يعقد” هذه الجهود.
وأضاف: “أعتقد أننا كنا قريبين جدا لمرتين” مشيدا بـ”الجهود الكبيرة” التي بذلها الوسطاء القطريون.
وتابع: “نحن نعمل على ذلك كل يوم. أعتقد أنه لا يزال هناك إمكانية” لكنها “موضع شك. إن القرار المضلل للغاية الذي اتخذه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية – المساواة المخزية بين حماس وقادة إسرائيل – لن يؤدي سوى إلى تعقيد احتمالات التوصل إلى هذا الاتفاق”.
وأشار إلى أن عددا من الدول يمكن أن تلعب دورا مؤثرا “على الأقل على أساس مؤقت” إذا لزم الأمر للمساعدة في توفير الأمن لغزة ما بعد الحرب.
ووجه مدعي المحكمة الجنائية الدولية كريم خان تهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تشمل “التجويع” و”القتل العمد” و”الإبادة و/أو القتل”، ضد اثنين من كبار المسؤولين الإسرائيليين: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.
كما طلب خان إصدار مذكرات اعتقال بحق ثلاثة من كبار قادة حماس هم يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة، ومحمد دياب إبراهيم (ضيف)، قائد كتائب القسام الجناح العسكري للحركة، وإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، بتهم “الإبادة” و”الاغتصاب” و”العنف الجنسي” و”احتجاز رهائن”.
وتسعى إسرائيل للقضاء على حماس التي شن مقاتلوها هجوما مباغتا على جنوب إسرائيل يوم السابع من أكتوبر تسبب في مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة، وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.
وتقول السلطات الفلسطينية إن أكثر من 35 ألف شخص قُتلوا حتى الآن خلال الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، كثير منهم من النساء والأطفال.
وينتشر سوء التغذية على نطاق واسع، وأصبح الكثير من سكان القطاع الساحلي بلا مأوى مع تدمير جزء كبير من البنية التحتية للقطاع المحاصر.
زعماء مطلوبون للجنائية الدولية
طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، أمس الاثنين، إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت و3 من قادة حماس بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وإذا تمت الموافقة على الطلب، سينضم قادة إسرائيل وحماس إلى قائمة من المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب ولا يزالون بمنأى عن المحكمة في لاهاي.
وفيما يلي عرض لأبرز الأسماء المدرجة على القائمة:
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق بوتين في مارس 2023 متهمة إياه بارتكاب جريمة حرب متمثلة في ترحيل مئات الأطفال بشكل غير قانوني من أوكرانيا.
وقال الكرملين إن هذا التحرك لا قيمة له ونفى مرارا اتهامات بأن القوات الروسية ارتكبت فظائع أثناء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وبوتين هو ثالث رئيس دولة في السلطة تصدر المحكمة بحقه مذكرة اعتقال بعد الرئيس السوداني السابق عمر البشير والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي.
الرئيس السوداني السابق عمر البشير
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق البشير في عام 2009 متهمة إياه بالتدبير للإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في إقليم دارفور حيث قُتل ما يقدر بنحو 300 ألف شخص ونزح أكثر من مليوني شخص آخرين.
وسُجن البشير وبعض حلفائه في السودان بعد الانتفاضة الشعبية التي شهدتها البلاد في عام 2019 لكنهم لم يرسلوا إلى لاهاي.
وقال الجيش إن الدكتاتور السابق نُقل من السجن إلى مستشفى عسكري في أبريل من العام الماضي.
جوزيف كوني مؤسس جيش الرب للمقاومة في أوغندا
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق كوني، مؤسس وزعيم جيش الرب للمقاومة في أوغندا، في عام 2005.
واتخذ قضاة المحكمة قرارا غير مسبوق في وقت سابق من العام يسمح للمدعين العموم بعقد جلسة استماع غيابيا للنظر في التهم الموجهة إليه.
ويريد الادعاء توجيه 36 تهمة إلى كوني بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تشمل القتل والاغتصاب وتجنيد الأطفال والاستعباد الجنسي والإرغام على الزواج والحمل قسريا.
سيف الإسلام القذافي
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق سيف الإسلام القذافي ووالده الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي في عام 2011. وألقي القبض على الرئيس القذافي وقتل بالرصاص في أكتوبر من ذلك العام.
وألقى مقاتلون من الزنتان القبض على سيف الإسلام بعد أيام من مقتل والده وظل محتجزا في المدينة حتى أفرج عنه بموجب قانون عفو في عام 2017.
وحاول في السنوات القليلة الماضية الترشح للانتخابات الرئاسية التي تأجلت عام 2021 ولم تجر في ليبيا منذ ذلك الحين.
والغريب أن كريم خان المدعي العام الحالي للمحكمة كان هو محامي سيف الإسلام في المحكمة لما يزيد قليلا عن عام حتى انسحب في عام 2018. وأصبح خان المدعي العام الرئيسي للمحكمة في عام 2021.
كيف أثار طلب مدعي الجنائية انقساما غربيا ؟
أثار طلب مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار أوامر لاعتقال بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع يوآف غالانت، وثلاثة من زعماء حركة حماس، انقساما غربيا في التعاطي مع الخطوة التي سرعان ما أثارت تفاعلت دوليا.
وفي الوقت الذي عبرت فيه أغلب العواصم الغربية عن رفضها لطلب المدعي العام، وانتقادها لـ”المساواة بين الضحية والجلاد” في إشارة لدعم القادة الإسرائيليين، وذهبت إلى حد اعتبار القرار بأنه “غير مقبول”، جاء الموقف الفرنسي ليؤكد دعمه لاستقلالية المحكمة الجنائية الدولية “ومكافحة الإفلات من العقاب في جميع الحالات.”
ويعتقد محللون فرنسيون ومراقبون في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن موقف باريس يتفرد عن غيره من المواقف الأوروبية التي لطالما دعمت خطوات “الجنائية الدولية” في ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب، في الوقت الذي وصف خبير قانوني أمريكي الوضع الراهن بالمتناقض”.
من عارض قرار “الجنائية الدولية”؟
قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن طلب المدعي العام بإصدار أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين “أمر شائن”، موضحا أنه “لا يوجد أي تكافؤ على الإطلاق بين (موقفي) إسرائيل وحماس.
أعربت ألمانيا، عن أسفها لكون قرار المدعي العام يعطي “انطباعا خاطئا بمساواة” بين الطرفين، لكنها شددت في الوقت نفسه على احترام “استقلالية” المحكمة الجنائية الدولية.
أما إيطاليا، فاعتبرت أن المساواة بين الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس “غير مقبول”.
والمملكة المتحدة اعتبرت كذلك أن قرار المدعي العام للجنائية الدولية باعتقال نتنياهو “غير مفيد”، مشددة على أن هذا الإجراء لا يساعد في تحقيق وقف القتال أو إخراج الرهائن أو إدخال المساعدات الإنسانية.
أما في التشيك، فقد قال رئيس وزرائها بيتر فيالا إن اقتراح المدعي العام للجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق قادة إسرائيل “أمر مروع وغير مقبول على الإطلاق”.
كما قال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، إن “محاولة إظهار أن رئيس وزراء إسرائيل في نفس كفة زعيم حماس غير مقبول تماما”.
من دعم قرار الجنائية؟
في المقابل كان الموقف الفرنسي داعما للمحكمة الجنائية، إذ أعربت فرنسا عن دعمها لاستقلالية المحكمة الجنائية الدولية، كما أدانت “المجازر المعادية للسامية التي ارتكبتها حماس”، مؤكدة تحذيرها لإسرائيل “بضرورة الالتزام الصارم بالقانون الإنساني الدولي، وخاصة المستوى غير المقبول للضحايا المدنيين في قطاع غزة وعدم وصول المساعدات الإنسانية بشكل كاف”.
وذكر أيضا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن “الجنائية الدولية” مؤسسة دولية مستقلة وإنه على جميع الدول التي صدقت على النظام الأساسي للمحكمة الالتزام بتنفيذ قراراتها.
كما اعتبرت الخارجية البلجيكية، أن طلب المدعي العام “خطوة مهمة للتحقيق في الوضع”، مؤكدة أن “مكافحة الإفلات من العقاب أينما وقعت الجرائم هي أولوية بالنسبة لبلجيكا”.
كما رحبت رئاسة جنوب أفريقيا بطلب إصدار أوامر الاعتقال بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت وثلاثة من قياديي حركة حماس “فيما يتعلق بارتكاب جرائم حرب منسوبة إليهم”.
وأكد أيمن الصفدي وزير الخارجية الأردني،، أن على الجميع مواجهة العدالة واحترام ما تقرره المحكمة الجنائية الدولية، مشددا على أن “المحكمة الجنائية الدولية وجدت لتأخذ العدالة مجراها وعلى الجميع أن يحترم قراراتها”.
هل يثير الموضوع خلافا غربيا؟
من باريس، اعتبر الأكاديمي الفرنسي وأستاذ العلاقات الدولية، فرانك فارنيل، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن القرار الأخير للجنائية الدولية أثار “جدلاً وانقساماً كبيرين داخل المجتمع الدولي”.
وأوضح “فارنيل” أن “تأييد فرنسا القوي لقرار المحكمة يعكس التزامها الطويل الأمد بنظام العدالة الجنائية الدولي ورغبتها المنهجية في تقديم حل دبلوماسي مختلف”، لافتا إلى أن باريس لعبت دورا محوريا في إنشاء المحكمة الجنائية الدولية عام 1998 خلال مؤتمر روما ودأبت على دعم مهمتها.
ورغم ذلك، أشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن بيان الحكومة الفرنسية بشأن المحكمة الجنائية “أثار ارتباكا وسخطا كبيرين في جميع أنحاء أوروبا”.
وبين أنه يُنظر إلى الموقف الفرنسي أيضا على أنه “محاولة للمراوغة في الانتخابات الأوروبية المقبلة، حيث تتأثر الديناميكيات السياسية الداخلية بشكل كبير بالأحزاب ذات الآراء القوية حول معاداة السامية والسياسة الخارجية”.
وشدد “فارنيل” على أن الردود المتباينة من فرنسا والولايات المتحدة توضح الانقسامات الجيوسياسية الأوسع نطاقا والتحديات في تحقيق سياسة دولية متماسكة في مواجهة القرارات الخلافية.
وأكد أن “فرنسا إن كانت ترغب في أن يكون لها رأي في اتفاقيات ما بعد الحرب والاتفاقات الإقليمية، فعليها معالجة هذه التناقضات أو المخاطرة بالتهميش”.
“تناقض غربي”
ومن واشنطن، وصف أستاذ القانون الدولي في جامعة فيرلي ديكنسون الأميركية، غبريال صوما، في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، الموقف الغربي من طلب المدعي العام للجنائية الدولية بأنه “متناقض”، مؤكدا أنه طالما دعمت العواصم الأوروبية قرارات المحكمة بيد أنها تعارض أغلبها قراراتها الآن فيما يخص الموقف من إسرائيل.
وأضاف صوما، الذي يعد عضوا بالحملة الانتخابية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب: أن “الدول الغربية ساهمت في تأسيس المحكمة الجنائية بهدف أساسي يتمثل في محاكمة المسؤولين عن الجرائم في أفريقيا الذين لا توجد محاكم وطنية بإمكان أن تحاكمهم، حيث كانت أغلب قراراتها بحق زعماء وقادة سابقين داخل القارة الأفريقية”.
ووفق موقع الخارجية الفرنسية، رفعت إلى المحكمة 31 قضية بشأن 17 حالة قيد التحقيق في كل من جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى وأوغندا وكينيا والسودان وليبيا وكوت ديفوار ومالي وجورجيا وبوروندي وبنغلادش وبورما وأفغانستان وفلسطين والفلبين وفنزويلا وأوكرانيا.
وأشار صوما، إلى أن الولايات المتحدة من جانبها ترفض قرارات المحكمة فيما يخص إسرائيل، مرجعا ذلك إلى “تخوفها من أن تطال أحكامها المسؤولين الأمريكيين خارج الولايات المتحدة مثل الدبلوماسيين والقادة بالجيش الأمريكي وأفراده.
هل يعتقل نتنياهو و زعماء حماس | بعد مذكرة الجنائية الدولية ؟